الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى استقالة حكومة - سعد الحريري -، ٢٠١٩!

نزار فجر بعريني

2023 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


حصلت استقالة مفاجئة "لحكومة العهد" ، رغم التحذيرات والتهديدات التي أطلقها السيّد الحريري ، مرارا ، منذ تفجّر ثورة الغضب الجماهيري في وجه العهد العوني ، ت١، ٢٠١٩، بجميع أركانه، وأحزابه، وعرابيه . أعتقد انّه من المفيد إعادة قراءة الحدث ، كما أتت في منظور تلك الإيام الثورية، علّنا نستفيد من الدروس !
بدأت الدراسة بطرح التساؤلات الاهمّ :
في اي سياق يأتي الحدث ، وما هي النتائج المستقبلية ، الراهنة ، التي سيتركها على صيرورة الأحداث، سواء على صعيد الخندق الحكومي ، وأقطابه ، أو على صعيد الثورة ، وجمهورها وأهدافها؟

بادىء ذي بدء ، اوّد التأكيد على حقيقة أنّه من الصعب التصديق ، او المراهنة على إنحياز وطني ، حقيقي ، لأيّ من أقطاب السلطة ، وزعمائها، إلى صفوف ومطالب الثورة ، خاصّة ، السيّد الحريري. ليس فقط في كونه أحد أهم رموز الفساد والنهب والتطييف ، بل أيضا، لأنه في هذا العهد بالذات ، الذي وصل فيه الجنرال عون إلى كرسي بعبدا ، عبر صفقة سياسية ، قد فقد أهم أوراق قوّته في السعودية، والخليج ، وبين جمهوره الطائفي .انّه الآن أضعف من أن يواجه إرادة المرشد الاعلى ، او يتخذ خطوات تغضبه !

يؤكّد هذا المنحى " التشاؤمي " في التفكير طبيعة الهدف الاستراتيجي لثورة السابع عشر من أكتوبر الجاري - التي نجح في سياقها اللبنانيون ؛ المشاركون بمئات الآلاف، في أوسع تمرّد سياسي شعبي ، في تاريخ لبنان ، من جميع الطوائف والشرائح الاجتماعية ؛ في إسقاط الحدود والخطوط الطائفية، التي تشكّل جوهر النظام السياسي اللبناني ، الذي رسمته المصالح الإقليمية والدولية، ومصالح أمراء الحرب، منذ اتفاق الطائف ١٩٨٩ ،- كما كثّفه الشعار المركزي للثورة ، " كلن....يعني كلن "، والذي يتمحور حول اسقاط الشكل الطائفي للنظام السياسي اللبناني، ورموزه السياسية( وفي مقدمتهم " الحريري ) ، وإزالة آثار ، ونتائج ما خلّفه نهجه من تدمير اقتصادي ، وتفتيت طائفي ، داخل المجتمع اللبناني ، دون إستثناء !!
ضمن هذا الإطار ، ثمّة شبه إستحالة أن تكون خطوة الحريري بداية صيرورة تحقيق اهداف الثورة ، التي تجمع مصادر وطنية ، ديمقراطية مختلفة داخل الانتفاضة ، وعلى امتداد الساحة السياسية، وجوب أن يَعقُب ْ " استقالة " الحكومة ، مباشرة ، تشكيل حكومة وطنية انتقالية، "من خارج منظومة الحكم الحالية، تتولى تنفيذ المهمات الأساسية ، كاإجراء انتخابات نيابية مبكرة، خارج القيد الطائفي و إتخاذ إجراءات فورية، تبدأ باستعادة المال العام المنهوب، ووضع نظام ضريبي عادل يطال بالدرجة الأولى الأرباح الرأسمالية والفوائد والريوع والثروة.
من جهة أولى ،
على الرغم مما تشكّله استقالة الحكومة من نجاح سياسي هام ، لقوى الثورة ، في كونها خطوة أولى ، على الطريق الثوري ، النضالي الطويل ، لإنجاز الإصلاحات الثورية المطلوبة في شكل نظام الحكم ، ونهجه ، وأدواته؛ فإنّها ، من جهة ثانية ، تأتي بالمزيد من العقبات والأخطار ، التي تواجه الثورة ، منذ انطلاقتها المباركة في ١٧ الشهر ، وعلى اكثر من صعيد .
اولا ،
في ظل عدم ظهور ما يغيّر ما أكّد عليه الحزب ، في الخطاب الأوّل والثاني ، على الرفض المطلق لاستقالة الحكومة ، او الدعوة الى انتخابات برلمانية جديدة ، او اي تغيير في اركان العهد ، قد تكون " الإستقالة " خطوة مُنسّقة بين الجميع ،لتحقيق عدّة أهداف، تصب في مصلحة النظام ، وتسعى لإجهاض الثورة.
يُخشى أن تكون هذه الإستقالة الشكليّة ( سيبقى "السعد " يسيّر أعمال الحكومة ، إلى ما شاء الله ، دون السماح بتتالي تحقق مطالب الثورة التالية ؛ وهذا لن يغيّر شيئاً على صعيد الواقع السياسي والاقتصادي للبنان ) خطوة لإزالة عقبة مهمّة في وجه استخدام العنف ، عبر ادواته المختلفة ، التي أطلّت برأسها في ساحة "رياض الصلح " ، او عبر الجيش ، الذي حاول استخدام العنف أكثر من مرّة ، في مواجهة المتظاهرين ، من اجل فتح الطرقات المغلقة، وما ستؤدّي إليه هذه الخطوة من العودة التدريجية لجميع مظاهر الحياة العادية، وبما يُعطي إنطباع بنهاية الحركات الإحتجاجية الشعبية .
هي ، إذن ، بمثابة اعطاء الضوء الأخضر للقوى المتربّصة بالثورة ، وجمهورها ؛ طالما أنّه لم يكن من مصلحة رئيس الحكومة ،بما يتناقض مع مواقف الشركاء الآخرين، لأسباب سياسية عديدة، أن يدعم ، أو يسمح بإستخدام العنف من قبل الجيش لفض الاحتجاجات .
يؤكّد هذه الرؤية تسارع خطوات الجيش لفتح الطراقات ، كخطوة اساسية في اتجاه تشتيت المتظاهرين .
ثانيا ،
نقطّة جدّا مهمّة ، في هذا السياق ، ومن أجل خلق شروخ طائفية داخل جمهور الثورة . عندما يستقيل رئيس الحكومة ،بما يمثّله المنصب من رمزيّته وانتمائه الطائفي ، قد يدفع باتجاه التقسيم العمودي ، بين مسلمين ، مؤيدين للثورة ،التي يدعمها الحريري ، ومسيحيين وشيعه، يرفضون محاولات الحريري ركوب قطار الثورة، ( في تعليقه على قرار الإستقالة ، قال الحريري إن هذا القرار تم اتخاذه استجابة لمطالب المحتجين الذين تظاهروا في العاصمة بيروت ومناطق متفرقة من البلاد مطالبين باستقالة الحكومة وحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة وإلغاء نظام المحاصصة الطائفية في السياسة!!) .
أي أنه، في محاولته لركوب موجة الأحتجاجات، سيجّر الحريري خلفه شريحة واسعة من جمهور الثورة ؛ بما يؤدّي الى تفتيتها ؛ وإضعافها .
ثالثا ،
إذا أخذنا بعين الإعتبار العوامل السابقة، التي تؤشر على حجم الأخطار التي تهدد المنتفضين ، و أهدافهم، وثورتهم ، على صعيد موازين قوى الداخل اللبناني ، وحقيقة الدعم ، مختلف الاشكال الذي يتلقاه العهد ، بكامل اركانه ، اقليميا ودوليا، دون استثناء ، ندرك جدّيّة الأخطار ، وراهنيتها.

السلام والأمن للشعب اللبناني، والنصر لأهداف ثورته المجيدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة متفاقمة للفلسطينيين وتعثر التهدئة بسبب مواقف نتنياهو 


.. مصرع المئات بعد فيضانات مدمرة في أفغانستان ?




.. مشاهد لنسف الجيش الإسرائيلي بقايا مطار ياسر عرفات الدولي شرق


.. حزب الله: هاجمنا 3 أهداف إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة وثك




.. يوم ملتهب في غزة.. قصف إسرائيلي شمالا وجنوبا والهجمات تصل إل