الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطيعة فائزة أحمد مع عراقيتها!

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2023 / 10 / 30
الادب والفن


ما زلت أتذكر ذلك المساء الشتائي عندما اصطحبت مع الناقد عادل الهاشمي الموسيقار رضا علي، من أمام مبنى جريدة "الجمهورية" في الباب المعظم ببغداد إلى "قاعة نادية" للفنون التشكيلية في الكرادة.
لم تكن المسافة طويلة، وكان عليّ أن أستثمر أثناءها لعبتي الصحافية وأحصل على ما تَرفّع رضا علي عن الإدلاء به بشأن الفنانة السورية فائزة أحمد! وقبل الأمسية الموسيقية.
وبالفعل سألته ونحن في الطريق: إلى من تعزو تنكّر الفنانة فائزة لتجربتها العراقية في الغناء، بينما كانت ألحانك تؤرخ لتعبيرية باهرة في صوتها منذ خمسينات القرن الماضي؟
ولأن رضا علي فنان مخلص لقيمه الشخصية مثلما يرى في الموسيقى أداة للتعبير عن سمو روحي بقي مؤمنا به، كان يترفع عن الرد في كل ما أثير عن القطيعة التي تعمدتها فائزة أحمد مع "عراقيتها" الموسيقية، ورفضت الإشارة إليها ولو بوصفها جزءا من حقيقة تاريخها الشخصي والفني!
كان الموسيقار العراقي يعزو ذلك النكران إلى غرور الشهرة لا أكثر! لكن من سوء حظ فائزة أحمد، وهي تمسح سيرتها اللحنية العراقية على ما يُقارب عقدا كاملا، أن إذاعة بغداد لم تتوقف عن بث أغانيها العراقية، وبقيت تشكل مزاجا تاريخيا لم تستطع كل مساعي النكران أن تلغيه، بل إنها لم تزر العراق بعد ذلك حتى رحيلها. وكل ما ذكرته عن سنواتها في العراق حادث سيارة حصل لها كررته في أكثر من حوار تلفزيوني وإذاعي! ولا شيء آخر عن تلك الأغاني الجميلة.
مهما يكن من أمر فألحان رضا علي (رحل عام 2005) لصوت فائزة أحمد (رحلت عام 1983) تكاد تعبر عن ذائقة فنية رفيعة، ركز فيها على نصوص العتاب والتساؤل في مقامي النهاوند واللامي، وهي من الأهمية بدرجة رفيعة في تاريخ الموسيقى العراقية، ما يجعلها موضع احتفاء تحليلي دائم.
ليس معروفا عدد الأغاني التي قدمتها فائزة أحمد إبان سنواتها العراقية، لكن ما بقي منها في الأرشيف الإذاعي خمس أغان جميعها من ألحان رضا علي، يقدمها لنا السيد العظيم "يوتيوب" بكرم مبالغ فيه لأنه مازال يجد ملايين العراقيين والسوريين والخليجيين يرون في تلك الأغاني معبّرا رائعا عنهم.
ثلاث من تلك الأغاني كتبها الشاعر سيف الدين ولائي الذي رحل موجوعا في دمشق عام 1984 ولم يجد من يسأل عنه، وعندما سألت ابنه الروائي الراحل جاسم ولائي الذي زارنا في لندن عام 2000 عما إذا كانت فائزة أحمد تفقدت شاعرها المفضل إبان إقامته في دمشق، رد عليّ متهكما "هي لم تسأل عن رضا علي مكتشفها الحقيقي، فكيف تسأل عن شاعرها"!
من يستمع اليوم لأغنية "ما يكفي دمع العين يابوية/ نار بدليلي نار" يدرك ما معنى أن يصنع رضا علي من مقام النهاوند أرواحا عراقية هائمة في صوت الفنانة السورية فائزة أحمد.
وفي أغنية "شبيك يا قلبي دقاتك سريعة" يعود إلى النهاوند لندرك الصناعة اللحنية لجيل الوصول الصعب الذي مثله رضا علي، فهناك سحرية موسيقية في هذا اللحن نجح صوت فائزة أحمد في التحليق بها.
كان لا بد من مقام اللامي العراقي بامتياز فكانت أغنية "جيرانكم يا أهل الدار/ والجار حقه على الجار/ طفوا لي من قلبي النار".
وعندما كتب عبدالجبار الدراجي "خي لا تسد الباب"، فإن هذه الأغنية كانت التعريف الأمثل بطبقات صوت فائزة أحمد، "خي جيتك بأي حال/ خي من حكي العذال".
أما عبدالكريم العلاف فكتب لها واحدة من أروع الأغاني "الله وياك روح تمهل بحبك" إلى حد انبهرت بها فيما بعد سميرة توفيق وأعادت أداءها ببراعة لا تغادر الروح والذاكرة معا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟