الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الاقتصادية والإنسانية في مناطق نفوذ النظام السوري

سلمان بارودو

2023 / 10 / 30
الادارة و الاقتصاد


منذ بداية الأزمة السورية وحتى اللحظة لا تزال أبواق النظام تعزف معزوفتها التي أصبحت معروفة لدى القاصي والداني بأن هناك خطر داهم ومؤامرة كونية كبيرة تحاك ضد الوطن وخاصة عندما يتم التطرق للواقع المعيشي والخدمي الذي يعانيه السوريون، ولسان حالهم يقول بأن السوريين لم يكونوا على هذا الوضع عشية انفجار الأزمة السورية، متجاهلين بكل صفاقة تدعو للاستغراب مئات الدراسات والأبحاث الاقتصادية الصادرة عن خبراء اقتصاديين سوريين يعملون في مؤسسات وجامعات الدولة، وعن إدارات مؤسسات اقتصادية حكومية، حيث أن جميع هذه الابحاث والدراسات كانت تحذر من كارثة اقتصادية سوف تحل بالبلد، وجميع تلك الدراسات لم تعطي أي أهمية لها ويتم الإبقاء على معادلة النهب والقمع والإفساد.
حيث ترافق الفساد المستشري ونهب واردات الدولة والمجتمع مع تعزيز القمع والقبضة الأمنية على أي حراك يدعو إلى مكافحة الفساد واطلاق الحريات العامة، وبالتالي فإن ما نشهده اليوم من انهيار الدولة والاقتصاد لم يكن بسبب الصراع الذي فجرته أزمة آذار 2011م فقط كما يدعي النظام، بل كان أساساً بسبب عقود طويلة ومتراكمة من النهب والفساد وقمع الحريات العامة، أضيف لها اختيار النظام للقمع الوحشي كخيار وحيد في إدارة الصراع الذي ولدته هذه الأزمة لتكتمل المقدمات اللازمة لكي تنهار الدولة والمجتمع بشكل كامل.
وكانت تلك السياسات التي مارسها النظام هو دخول الاقتصاد السوري بشكل مبكر نطاق الأزمة مع خروج العديد من المناطق عن سيطرة النظام لتصبح تحت سيطرة مليشيات وتشكيلات إرهابية تمارس القتل والاغتيال وتدمير الاقتصاد وتخريب المنشآت وحرق المزروعات وغيرها، وبدأ النظام توجيه موارد البلد ومقدراته لخدمة آلته العسكرية ومحاولاته استعادة المناطق التي خرجت عن سيطرته، فأصبحت النفقات العسكرية المكون الأكبر للإنفاق العام على حساب الجانب التنموي والمعيشي، وبالتالي تحول الاقتصاد رويداً رويداً إلى اقتصاد حرب، فتم تدمير موارد البلاد وتحويل المقوّمات الاقتصادية إلى مصادر لاستدامة العنف وقمع الحريات، وانهيار سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ونزوح الملايين عن منازلهم وهجر ملايين أخرى خارج البلاد، وفقدان آلاف الأشخاص وظائفهم وأعمالهم، وكانت النتيجة انتشار الفوضى وأعمال العنف والسلب.
لقد تسببت هذه السياسات ونهج النظام الأمني وتعامله مع الملفات السياسية والاقتصادية الفاشلة في خسائر كبيرة في معظم القطاعات، وأعادت عجلة التنمية عشرات السنوات إلى الوراء، وانعدمت قدرات البلد الإنتاجية في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة، مما أدى إلى شلل بمختلف مناحي الحياة، حيث شملت الخسائر الكبيرة في قطاع الزراعي كون سوريا بلد زراعي بامتياز حيث يعتاش أكثر من 70% من السكان على هذا القطاع الاستراتيجي المهم لارتباطه بالأمن الغذائي، تعكس هذه الإجراءات صعوبة الوضع الاقتصادي وشح موارد الدولة، تزامناً مع انهيار الأوضاع المعيشية التي يعانيها المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث الفقر الشديد وارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية لدى الشريحة الأكبر من السكان.
إلا أن هذه الأزمة خلقت واقعا جديداً يتمثل هذا الواقع بهجرة أصحاب رؤوس الأموال وانقسام البلد إلى مناطق سيطرة ونفوذ، وبروز تداعيات الأزمة على كثير من الجوانب مثل تجارة المخدرات والأسلحة وتهريب الآثار وعمليات القتل والخطف لطلب الفديات وتهريب مواد مختلفة بحكم عقوبات قانون قيصر ومنع الاستيراد وغيرها.
بالرغم من مساعي القوى المختلفة المسيطرة على الجغرافيا السورية في مناطق سيطرة النظام كروسيا وإيران لضبط الأمن وتحسين الوضع الاقتصادي، تصطدم بنفوذ مافيات الحرب والعصابات التي باتت منتشرة في مناطق سيطرة النظام يحول دون ذلك، أمام هذه المعطيات وهذا التعامل مع هكذا واقع جعل النظام عاجز عن تقديم وتأمين الاحتياجات الأساسية من كهرباء ومحروقات وأمن غذائي للموطنين في مناطق سيطرته.
وأيضاً هناك عدة عوامل ساعدت نسبياً تماسك النظام، بالرغم ما تعرض الاقتصاد من انهيارات عديدة، وتتمثل هذه العوامل خاصة الدعم الروسي والإيراني، والمساعدات الإنسانية عن طريق الأمم المتحدة ومنظمات دولية تعمل في سوريا، وأيضاً الحوالات المالية التي تأتي من السوريين مقيمين في الخارج وهي تدعم للاقتصاد كونها توفر العملات الأجنبية، وكشفت تقارير لـ b.b.c عن تورط النظام تصنيع مخدر كبتاغون تستقدم مادته الأولية من آسيا وتصنع في سوريا، ثم تصدر إلى دول عدة منها الأردن والسعودية وهذه العملية تعد مصدر دخل مباشر للنظام ويفيد الاقتصاد كونها تصرف بالعملة الصعبة.
لذلك سوف تستمر هذه الأزمة كون النظام عاجز عن التوصل إلى أي حل سياسي أو اقتصادي ينهي هذه المرحلة، سوف نشاهد المزيد من الاحتجاجات والمظاهرات ليس فقط بسبب الوضع الاقتصادي وإنما بسبب غياب أي أمل في المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد: ندعم مصر فيما تتخذه من إجراءات


.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - رئيس الوزراء يلتقي كريستالينا جور




.. رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي: الوضع في غزة على رأس جدول أع


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 ببداية ال




.. كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنتدى الاقتصادي العالم