الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوروبا - خُفُوت الصّوت المناهض للإمبريالية

الطاهر المعز

2023 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


نجحت الدّعاية الإمبريالية التي رافقت العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة في توجيه الرأي العام وخلق بيئة مناصرة للحروب الإمبريالية، كما حصل خلال العدوان على العراق وسوريا وليبيا، ونجحت في احتواء الحركةَ النّسويّةَ (ضمن العديد من الحركات الأخرى) وتحويلها إلى جزءٍ من آلة الدعاية للحرب الإمبريالية، وإلى سلاح ضد البلدان التي تقاوم الهيمنة الإمبريالية أو تلك التي تُعارض الأحادية القطبية ( مثل الصين وروسيا ومجموعة بريكس) السائدة منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، ولعب الإعلام الإمبريالي "الغربي" دورًا هامًّا في تبرير الإضطهاد والقهر والنهب الاقتصادي والحروب الإمبريالية.
استخدمت الإمبريالية غياب الحريات وحالة النساء والفتيات في بعض بلدان "الجنوب" التي تدعم الإمبريالية الأنظمة الحاكمة بها، لخلق صورة تُظْهِرُ الدّول الإمبريالية جَنَّةً للحضارة وحقوق الإنسان والديمقراطية، في مقابل الجحيم الذي تعاني منه النساء والأطفال والمُثليّين والأقليات الأثنية والدّينية في البلدان الأخرى التي يسكنها أغلبية مواطني العالم، وتقديم هذه البلدان في صورة غابة يغْمرها العنف ضد المرأة والفظائع والأصولية الدينية والاعتداءات على حقوق الإنسان، ما يُبَرِّرُ إطلاق الحُرُوب العدوانية ضدّها.
لم تتخلَّ الدّول الإمبريالية عن الخطاب الإستعماري الذي بَرَّرَ المجازر ضدّ السّكّان الأصليين لأمريكا (شمالها وجنوبها) وبرّر العبودية واستعمار البلدان ونهب ثرواتها، ولا يزال الإعلام الإمبريالي وقادة الدّول الإمبريالية يُبَرّرُون الحروب واستغلال الثروات ويُبَرِّرُون الإستعمار الإستيطاني في فلسطين والمجازر، ويُقدّمون ذرائع مختلفة توحي بأن الكيان الصهيوني جزء من المنظومة الإستعمارية التي يُديرها "البيض المتحضرون" لإضفاء الشرعية على الحروب العدوانية في مواجهة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية التي تنتمي إلى "عالم التّوَحُّش والبربرية والإرهاب وهضم حقوق المرأة..." وينسحب هذا التّصنيف على فقراء البلدان الإمبريالية وعلى كادحيها وعُمّالها الذي يُقاومون مظاهر التّوحُّش الرأسمالي، لتبرير قمعهم وسجنهم كما يحدث في الولايات المتحدة منذ تأسيسها وفي فرنسا، خصوصًا منذ حركة "السّترات الصّفراء" وفي جميع الدّول الإمبريالية...
أظهر العدوان الصّهيوني الأخير (منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023) مدى ارتباك الحركة التقدمية وحركات الطّلاّب والنّساء والشباب في أوروبا وأمريكا الشمالية، ونجحت الإمبريالية في اختزال المقاومة الفلسطينية في حركة حماس وتقديمها هي والجبهة الشعبية والجهاد كحركات إرهابية، ولم يخرج عن الإجماع الذي خلقته الحكومات ووسائل الإعلام، سوى بعض الأفراد – خصوصًا من الشّباب - والمجموعات التي عبرت عن التنديد بالإبادة الجماعية وعن التضامن الأُمَمِي مع الشعب الفلسطيني، في ظل صمت أحزاب ومنظمات "اليسار" ونقابات الأُجَراء والطّلاّب والحركة النّسوية، فيما أصدرت العديد من المجموعات بيانات تُساوي بين المُستَعْمِر والواقع تحت الإستعمار، بين المُعْتَدِي والمُعتَدَى عليه، بذريعة "نَبْذ العُنْف مهما كان مَصْدَرُهُ" أي التنديد بأشكال المُقاومة المُسلّحة – بواسطة أسلحة بدائية - ومُساواتها بقصف الطائرات والسّفن الحربية والصواريخ "الذّكيّة" التي يُمارسها العدو الصهيوني بدعم امبريالي أطلَسِي...
تضم الحركة النسوية تيارات مختلفة، لأن النساء (كما الرجال) تنْتَمِين إلى طبقات مختلفة ولهن مصالح مختلفة ومتناقضة أحيانًا، وبالمناسبة نشرت "كريستينا ألفاريز" يوم 18 تشرين الأول/اكتوبر 2023، عرضًا لكتاب بعنوان "النسوية الجديدة" لروث باثر يتعرض إلى وضع النساء بألمانيا، ضمن الوضع السياسي والإقتصادي العام، لأن لألمانيا وضع خاص منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يتمثل في الهيمنة الأمريكية من خلال القواعد العسكرية واندماج ألمانيا في منظومة الهيمنة الأمريكية ولعب دور وكيلها في أوروبا وفي الوطن العربي ومُشاركة ألمانيا بشكل بارز في أي عدوان عسكري أمريكي، سواء في أفغانستان أو العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن، وأظهرت دراسة أعدتها مؤسسة مادلين أولبرايت، وزيرة للخارجية الأمريكية خلال فترة رئاسة بيل كلينتون، أن ألمانيا "تحتل أحد أفضل المواقع من حيث وصول المرأة إلى المناصب الإدارية العليا في الاقتصاد"، لأن ألمانيا حلقة أساسية في المنظومة الإمبريالية، وتُطبّق الأوامر الأمريكية بما فيها التي تَضُرّ بالإقتصاد الألماني ( مثل مقاطعة روسيا ) ولذا وجب تقديمها كنموذج في كافة المجالات، بما فيها حقوق المرأة التي تم إخمادها منذ اغتيال رموزها، مثل روزا لكسمبورغ التي تم التمثيل بجثتها وإلقائها في النهر لأنها نسوية ثورية...
أصدرت نساء تقدّميات من إسبانيا بيانًا يُنَدّد بتواطؤ معظم جمعيات النساء مع "الإمبريالية التي تُطلق الحروب وتُبرّر الإبادة الجماعية للحفاظ على هيمنتها الأحادية القطبية" وتدعو إلى " وضع حد للهيمنة الغربية من أجل تحقيق السلام والمساواة بين الشعوب (من خلال) بناء حركة نسوية مناهضة للإمبريالية لا تسمح لنفسها بأن تتلاعب بها دعاية الحرب الإمبريالية أو أن تصبح متعاونة معها بأي شكل..."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال