الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل قرار مجلس الامن 2703 بشأن نزاع الصحراء الغربية .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تمخض الجبل فولد فـأرا . اصدر مجلس الامن الدولي قراره رقم 2703 ، بشأن نزاع الصحراء الغربية في 30 أكتوبر 2023 . القرار صوت عليه ثلاثة عشر عضو ( 13 ) بالإيجاب ، وامتناع عضوين عن التصويت ، هما الموزنبيق وما ادراك بالموزنبيق ، وروسيا الاتحادية .. القرار ، وبالشكل ، والموضوع الذي جاء بهما ، لم يكن متوقعا ، لان ما كان العديد من المحللين والمهتمين بالنزاع ينتظرونه ، جاء عكسه ، لان لا فرق بين هذا القرار 2703 ، وباقي القرارات التي سبق لمجلس الامن ان خرج بها منذ سنة 1975 . فالمنتظر الذي كان الجميع ينتظره من القرار ، ان يكون في حلة جديدة ، تغير مواقع الأطراف المتصارعة ، او موقف احد الأطراف ، لتسهيل الوصول الى الحل العادل كما نص القرار في اخره " .. يسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي " ..
القرار وبالصيغة التي جاء بها ، لأنه لم يأت بجديد ، كان ضربة لجبهة البوليساريو ، التي كانت تنتظر أشياء جديدة تتعدى ، وتكون مخالفة للقرارات السابقة المنسوخة ، وخيب أمل النظام الجزائري ، الذي اتعبته هذه القرارات التي تزكي الستاتيكو ، المضر بمصالح " قصر المرادية " ، والجيش الجزائري ، لكنه بالنسبة للجهة المقابلة ، كان قرارا مفرحا للنظام المخزني ، الذي افلت من حبل المشنقة ، لو ان القرار مثلا تضمن توسيع صلاحيات " المينورسو " لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الأراضي المتنازع عليها . او لو ذهب القرار بعيدا في تعامله مع النزاع ، بان نصص صراحة بالاستفتاء وتقرير المصير ، وليس التنصيص كما ورد في آخر القرار " .. يؤدي الى تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره " . وهذه العبارة ترد دائما بشيء من الخجل ، وكأن عند إضافتها في آخر القرار ، يريد مجلس الامن طمأنة جبهة البوليساريو ، واطفاء غضبها ، لان قرارات مجلس الامن بشان نزاع الصحراء ، كانت تحيل فهما يختلف باختلاف مصالح اطراف النزاع المتناقضة ، بحيث ان كل طرف يعتقد ان القرار جاء لتأكيد مشروعية مطالبه ، في حين ان القرار في صلبه ومضمونه ، لا ينصف أحدا ، ما دام ظَل الصراع معلقا ، ولم يفضي الى نتيجة ، تحقق فعلا الانتصار الذي يحتفل به الطرف المنتصر .
ان تمديد مدة صلاحية " المينورسو " الى أكتوبر 2024 ، ليس بالجديد الذي ركزت عليه بعض الاخبار ، وحتى بعض التحليلات ، لان قرارات مجلس الامن السابقة كلها كانت تمدد لل " مينورسو " ، التي تم دفنها مع اتفاق 1991 ، خاصة شلل البند 690 .. فما الفائدة من بقاء " المينورسو " التي انبثقت عن تفاق 1991 ، الذي مات ، لأنه لم يدخل حيز التنفد مباشرة خلال السنتين او ثلاث سنوات التالية من توقيع اتفاق 1991 وانتظر سبعة وثلاثين سنة ، كانت سنوات عجافا . بل كيف لل " مينورسو " المشلولة ان يتم التمديد لها ، وهي من انتاج اتفاق 1991 الميت ، في الوقت التي هي مجرد فرع من الأصل الذي هو اتفاق 1991 ، الذي ظل معلقا الى 13 نونبر 2020 ، حين عادت الجبهة وبشيء من الخجل ، لما سمته بحرب " التحرير الثانية " . ف " المينورسو " فشلت في الشق السياسي بسبب فشل اتفاق 1991 الذي ظل حبرا على ورق . والسؤال هنا . كيف يحصل التمسك بالفرع " المينورسو " ، والاصل الذي هو اتفاق 1991 تم تقبيره ( قبر ) لمدة ناهزت اكثر من الثلاثين سنة ؟ . فالتمديد لل " مينورسو " في القرار 2703 ، هو ضحك على جبهة البوليساريو ، وضحك على النظام الجزائري الذي خيب القرار الأخير لمجلس الامن ، امله في التغيير الذي كان ينتظره من القرار ، الذي صاحبه وقبل إصداره ، لغط صحفي قل نظيره . لان الأكثرية كانت تنتظر قرارا ، يختلف عن سابقه من القرارات السابقة لمجلس الامن ..
ان القرار 2703 ، الغير منتظر ، بقدر ما خدم مصالح النظام المخزني ، بقدر ما خيب امل وتطلعات النظام الجزائري ، بقدر ما وضع الجبهة في مكانها الحقيقي .
فالربط بين تنزيل القرار ، وشروط التنزيل ، أصبحت معلقة ، لأنه وبتنصيص مجلس الامن في القرار ، بان أي حل لنزاع الصحراء الغربية ، لا يمكن تنزيله او تطبيقه ، الا اذا تحقق شرطان واقفان هما : شرط القبول ، وشرط الموافقة . وما دام ان هذين الشرطين لم يتحققا ، فان أي حل للنزاع ، لن يكون مقبولا خارج الشرطين اللذين حددهما مجلس الامن في قراره الأخير ، القرار 2703 .
وحتى نفسر اكثر ، للتناقض الذي تضمنه القرار ، خاصة بالنسبة للشرطين ، شرط القبول وشرط الموافقة . هل من السهل تصور قبول النظام المخزني ، وموافقته بالحل الذي يدعو اليه النظام الجزائري ، وتنتظره جبهة البوليساريو منذ سبعة وأربعين سنة مضت ..
كذلك . هل من السهولة ان يقبل النظام الجزائري ومعه الجبهة ، بأطروحة النظام المخزني التي لا تتعدى حل الحكم الذاتي الذي أصدره في ابريل 2007 ، ويوافق عليه .
ان النظام المخزني لن يوافق ، ولن يقبل بالاستفتاء وتقرير المصير ، حتى يرضي النظام الجزائري ، لان في غياب الشرطين المعلقين ، شرط القبول وشرط الموافقة ، يبقى أي حل خارج نص قرار مجلس الامن نشازا ، ومن ثم يعتبر مرفوضا ، لعدم اخذه بعين الاعتبار أطروحة الطرف الثاني في الصراع المحتدم منذ سنة 1975 .. ونفس الشيء يسري على النظام الجزائري ومعه الجبهة ، فأي حل خارج الشرطين المعلقين بقرار مجلس الامن ، يعتبر مرفوضا ، اذا لم يوافق عليه ، ويقبل به الطرف الثاني في الصراع ..
ان موافقة أي من النظامين الجزائري العسكري والمغربي البوليسي المخزني ، على حل من الحلول ، دون تحقيق الشرطين السالفين ، شرط القبول وشرط الموافقة ، يبقى مرفوضا .
-- وبما ان النظام الجزائري والجبهة لن يوافقوا ، ولن يقبلوا بأطروحة النظام المغربي ..
-- وبما ان النظام المخزني المغربي لن يوافق ، ولن يقبل بأطروحة النظام الجزائري ، ومعه جبهة البوليساريو ..
فأكيد ان مجلس الامن يهدف من وراء هذه القيود ، تعميم الستاتيكو ، ودوام مواصلة المشكل الذي اصبح بمرور سبعة وأربعين سنة مضت ، بالإشكالية المغاربية العالقة ، وستبقى كذلك عالقة ، لان مجلس الامن من أراد ذلك ، لان الكبار أصحاب الفيتو ، في نظرهم ان الصراع والنزاع ، لا زال لم يختمر بعد ، وان توقيته كفاكهة للجني لم تصل بعد درجة التعفن ، ومن ثم فلا اشكال ما دام الصراع يستنزف موارد النظامين المغربي والجزائري ، وما دام ان قرارات مجلس الامن ، ومنها القرار الأخير 2703 ، مثل القرارات السابقة ، لم تخدم صراحة مصالح اطراف النزاع المتصارعة ..
وهنا ، فان في عدم تحقق الشرطين المعلقين ، شرط القبول ، وشرط الموافقة ، يستحيل تبني أي خيار خارج تحقق الشرطين المعلقين .. وهذا ليس له من تفسير ، غير ان المسؤول عن دوام وضع الستاتيكو ، ليس اطراف النزاع ، بل ان المسؤول الأول والأخير يكون مجلس الامن ، ما دام يصدر قراراته تحت البند السادس من الميثاق الاممي ، وليس تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة . وطبعا هناك فرق شاسع بين البندين ، بين ان تكون قرارات مجلس الامن ، مثل قرارات محكمة العدل الدولية ، وقرارات محكمة العدل الاوربية استشارية غير ملزمة ، ولا ترتب مسؤولية قانونية على الطرف الذي يرفض الامتثال لها ، وبين ان يصدر قرار مجلس الامن تحت البند السابع ، الذي يعني استعمال القوة القاهرة ضد الطرف الذي يرفض ، او يحاول التملص من الانضباط لقرارات مجلس الامن كسلطة آمرة ..
فعلى جبهة البوليساريو والنظام الجزائري ، انتظار سنة أخرى ، وبعدها سنة أخرى ، الى ان يصبح النزاع في نظر الكبار بمجلس الامن ، كفاكهة نضجت ، وحان وقت جنيها ..
وهنا فالمستهدف بالأساس ، ليس موضوع النزاع ، هل الصحراء مغربية او ليست مغربية ، بل ان المستهدف هو المنطقة المغاربية برمتها ، التي تنتظرها سنوات عجاف ، إنْ لم تفتح اعينها امام الخطر الذي يحوم بالجميع ، واساسه ضرب الوحدة ، سواء وحدة الأرض ، او وحدة الشعوب ، والبتر والبلقنة يهدد الجميع ، لكن تعطى الأولوية للمشاريع الجاهزة ، ولتأتي بعدها المشاريع اللاحقة . ان الغرب ومن دون استثناء ، خاصة فرنسا ، وسويسرة ، وكندا ، وألمانيا ... يدعمون جمهورية القبائل الجزائرية ، ويشجعون أي مشروع لتقزيم الجزائر بعد تقزيم المغرب .. فالمخطط واضح ولا يحتاج الى عناء تفسير او فهم مغاير .. وهنا لنذكر بالموقف الإسرائيلي الذي اعترف بمغربية الصحراء ، فانه لم يتردد في استعمل الصحراء موضوع تهديد للنظام المخزني ، أي مواصلة الابتزاز السياسي ، بالتهديد العلني والمباشر .. الم يضع رئيس حكومة إسرائيل مؤخرا في مكتبه ، خريطة المغرب من دون الصحراء ؟ . ماذا كان يهدف رئيس الحكومة الإسرائيلية ، Ben Jamin Netanyahou ، من هذا العرض لخريطة المغرب من دون الصحراء ؟ . ومثل اعتراف Trump بغربية الصحراء ، الذي كان مقلبا ، كذلك فان اعتراف Netanyahou بمغربية الصحراء ، كان مقلبا من نفس الوثيرة . والمعنى المستخلص من هكذا اعتراف ، ان إسرائيل لن ولا تعترف ابدا بمغربية الصحراء ، لان هذا الاعتراف يشكل خطرا بالنسبة اليها ، هو اعتبارها سطلة احتلال لأراضي 1967 ، وما يتسنى الصحراء الغربية ، نفسه يتسنى " يهودا والسامرة " ، " الضفة الغربية وقطاع غزة " ..
هناك تناقض صارخ عبر عنه القرار 2703 ، هو دعوة المعنيين بالصراع ، وبالضبط النظام المخزني المغربي ، والنظام الجزائري ، وجبهة البوليساريو ، وموريتانية ، الى التعاون مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد Stafan De Mistura . ان هذه الدعوة الملغومة التي تستصغر كل اطراف النزاع ، هي دعوة في غير محلها . فمن جهة تتناقض مع الموقف المتخذ من قبل النظام الجزائري والنظام الموريتاني ، وهما اعترفا بالجمهورية الصحراوية . ومن ثم فان الاتصال بهما يعني تكرار الأشواط من اجل اجترار الوقت واجترار الزمن ( الضائع ) ، ومن ثم فما سيكررانه على مسامع الممثل الشخصي للآمين العام ، هو نفس اللغة التي تستعملها الجبهة . وسيكون تواجدها مضيعة للوقت . بل للتسلية ، وملئ الوقت الفارغ .. ومن جهة . كيف يدعو القرار اطراف النزاع للتعاون مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد Stafan De Mistura ، وهذا يفتقر الى سلطة الضبط والجبر التي تجعل منه حقا محاورا باسم الأمين العام Antonio Guêtres . مع العلم انه يفتقر لسلطة التوجيه والاقتراحات ، وحتى لفرض مستوى معين اثناء النقاش . فالمبعوث الشخصي للأمين العام يحتفظ فقط بتقنية جمع الأطراف ، وبتقنية الطاولة المستديرة ، او غيرها .. ففرق بين ان يكون مبعوث وممثل الأمين العام للأمم المتحدة ، عنصرا رئيسيا فاعلا في الحوار ومؤثرا ، وبين ان يكون دوره مجرد دور تقني ، لا سلطة له على اطراف النزاع ، كما كان حال المبعوثين للأمناء العامين للآمين العام ، اثناء البحث عن "أسلحة الدمار الشامل " في العراق ، او قيادة المفاوضات بين المعارضة السورية وبين النظام السوري ..
القرار 2703 ، صوتت لفائدته ثلاثة عشر دولة ، وامتنعت عن التصويت ، او قاطعت التصويت دولتان . واحدة دولة ضعيفة هي دولة الموزنبيق ، والثانية التي تورطت في الحرب الأوكرانية ، روسيا الاتحادية . فما معنى ان تمتنع روسيا صاحبة حق الفيتو من التصويت لفائدة القرار ، وتمتنع عن التصويت لمجرد معارضته ، لأنها ترى انه غير متوازن ، وهو نفس التحجج تستعمله الولايات المتحدة الامريكية عندما تعارض صدور قرار من قرارات مجلس الامن " القرار غير متوازن " ..
اذا اعتبرت روسيا الاتحادية القرار غير متوازن ، وامتنعت عن التصويت ، لماذا لم تستعمل سلاح الفيتو لمنع صدور القرار .. ؟
واذا اضفنا الموقف الروسي الانتهازي ، وكان ضحكا وتهكما على النظام الجزائري ، فكيف يفهم الموقف الروسي ، مع الموقف الفرنسي الذي لم يتغير في شيء ، عن موقف فرنسا عند التصويت على قرارات مجلس الامن السابقة ، وعند التصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
القرار 2703 ، كان هزيمة للجبهة ، وهزيمة للنظام الجزائري ، وانْ كان بالقرار الملغوم لم يشر الى حل الحكم الذاتي ، فهو لم يخيب امل وانتظارات النظام المخزني المغربي ، لان القرار 2703 نسخة منسوخة عن قرارات مجلس الامن السابقة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ساهمت تركيا في العثور على مروحية الرئيس الإيراني المحطمة


.. كأس الاتحاد الأفريقي: نادي الزمالك يحرز لقبه الثاني على حساب




.. مانشستر سيتي يتوج بطلا لإنكلترا ويدخل التاريخ بإحرازه اللقب


.. دول شاركت في البحث عن حطام مروحية الرئيس الإيراني.. من هي؟




.. ما المرتقب خلال الساعات المقبلة حول حادثة تحطم طائرة الرئيس