الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخاسرون و الرابحون 1

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 11 / 1
القضية الفلسطينية


الخاسرون و الرابحون ! (1)
من الصعب على المراقب ألا يتوقف أمام معطى أساسي أظهرته الحرب التي أعلنتها في السابع من تشرين أول ، أكتوبر، الجاري ، الدولة الصهيونية على " قطاع غزة" في ظاهر الأمر، لا سيما أن الضفة الغربية تشهد " مجازر " )بوغروم ) يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون الذين وزع عليهم السلاح ، ضد السكان الأصليين ، هذا كله توازيا مع توتر متصاعد على الحدود اللبنانية ، يعكس في أغلب الظن ، أن ساحة الحرب المعلنة أوسع من القطاع .حيث لم يخف القادة الإسرائيليون نيتهم بإسكان أهله في سيناء و بإنهم أعدوا مسبقا ، العدة و الخطة ، لبناء مدن و مرافق عيش لهم في منفاهم الجديد .
إذن ، و في هذا السياق ، من المحتمل ألا تبقى هذه الحرب محصورة في قطاع غزة ، استنادا إلى أن مسببات انفجارها متوافرة من وجهة نظرنا في الضفة الغربية ، و ربما تكون متوافرة أيضا في لبنان و سوريا و العراق ، أي في كل المدى الساخن بين العراق و مصر عموما . فمن المعروف أن الدولة الصهيونية تواجه مشكلة سكانية تتجسد بتساوي عدد السكان اليهود مع عدد السكان الفلسطينيين غير اليهود ، فصار التستر عن عن التمييز العنصري الذي تطبقه هذه الدولة على الذين يرزحون تحت وطأة سلطاتها منذ سنة1948 صعبا . نجم عنه أن تقسيم فلسطين إلى كيانين ، فلسطيني و إسرائيلي كما كان مرسوما في القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة في سنة 1947 ، والتي أخذ بها بعد تعديلها في اتفاقية أوسلو سنة 1993 ، لم يعد ممكنا نتيجة أنتشار المستوطنات الإسرائيلية بكثافة في الضفة الغربية ، حيث لم يبق الفلسطينيون إلا على بقع متناثرة ، تفصل فيما بينها مستعمرات المستوطنين، و شبكة مواصلات برية مخصصة حصريا لتنقل الأخيرين بحرية تامة في كل أنحاء فلسطين ، بسلاحهم ، تحت حماية الجيش الإسرائيلي . تحسن الملاحظة هنا ، أن فئة من الإسرائيليين اليهود ترفض نظام التمييز العنصري الصهيوني . يقابلها مشكلة مشابهة في الجانب الفلسطيني ـ العربي ، لا بد من التوقف عندها بجدية و عقلانية و صراحة، هي أن الكثيرين من سكان فلسطين من الفلسطينيين الأصليين ، يرفضون ، نطقا ، حق الإسرائيليين اليهود في العيش في فلسطين ، علما أن أجداد هؤلاء اليهود هاجروا إلى فلسطين ، في الفترة ما بين الحربين العالميتين ، الأولى و الثانية و في ما بعدها بقليل ، أي انهم من أبناء الجيل الثالث بعد الهجرة . نشير هنا إلى أن الفلسطينيين و غيرهم من الشعوب في معظم الدول العربية كانوا يضمون ، قبل تدخل المستعمرين الأوروبيين ، و قبل نشوء المسألة اليهودية في أوروبا ، طائفة يهودية بين طوائفهم ، حيث يمكننا القول و القطع بان النزاعات فيما الطوائف لم تبلغ في بلدان العرب درجة الإبادة التي تعرض لها اليهود في بلاد مثل ألمانية و فرنسا و بولونيا ، فظاعة.
و لكن إذا كان حل " الدولتين " مستحيلا ، فلا يبقى إلا حل الدول الواحدة ، و هذه تكون وطنية ،مؤسّسة على المواطنة الكاملة ، دون أخذ المعتقد و العقيدة و العرق و الرأي بالحسبان ، بالمناسبة هذا ما اقترحه في أيار 1930 ، ممثلو الفلسطينيين ، أعضاء الوفد الذي حمل إلى السلطات البريطانية اقتراحات من أجل الخروج من الأزمة بعد المواجهات الدموية التي و قعت بين العرب و اليهود في سنتي 1928 و 1929 ، في القدس والخليل حول حقوق كل جماعة في الأماكن المقدسة (انتخاب جمعية وطنية من قبل جميع السكان ، دون تمييز بينهم على أساس العرق او الديانة ) و لكن هذه السلطات رفضتها ، التزاما منها بوعد بلفور . ينبني عليه أن المطروح هو " دولة للأمة اليهودية " كما تريدها الحركة الصهيونية ،ومن ورائها الدول الاستعمارية في الغرب ، و كل دولة استعمارية هي بالقطع عنصرية ، أو" دولة الأمة الفلسطينية الغربية " التي ما تزال موعودة ،بحسب الخطاب الغوغائي الفلسطيني و العربي المعروف الذي لم يمنع أصحابه من قمع الحركات الوطنية التقدمية من جهة و من الدخول في مساومات مع الحركة الصهيونية من جهة ثانية، اثمرت تطبيع العلاقات الديبلوماسية و التواطؤ معها ضد الانتفاضات الجماهيرية رفضا الاحتلال .
ينبني عليه أن دولة " الأمة اليهودية " الصهيونية و دولة " الامة الفلسطينية " الرجعية الظلامية ، تمثلان مفهومية غير واقعية للدولة العصرية . فلا نغالي بالقول أن تحقيق " دولة الامة اليهودية " بحسب مفهوم الصهيونية ، يتطلب إبادة الفلسطينيين ، أو استعبادهم لخدمة من هم "أرقى منهم " في الترتب العرقي ، او إفراغ فلسطين منهم . أما دولة " الأمة الفلسطينية " الرجعية الظلامية فإن الكلام عنها لا يعدو الهراء ، فالتجارب تفيدنا بأن الخطر منه هو على الفلسطينيين و الشعوب العربية و ليس إطلاقا على المشروع الصهيوني الاستعماري الذي يتولى تنفيذه ، كما لا يخفى معسكر الدول الغربية التابعة للولايات المتحدة الأميركية . فهذا كله صار مقروءا اليوم ،بسهولة في قطاع غزة ، و في منظر أساطيل المعسكر المذكور في شرق المتوسط .
يبقى أن نذكر في الختام ، بأن الشعب المصري لا يتنازل عن ترابه الوطني ، فلقد أسترجح شبه جزيرة سيناء بعد احتلالها في حرب السويس ، ثم بعد احتلالها مرة ثانية في حرب حزيران 1967 . و بان الدولة الفرنسية لم تتمكن من تحقيق مشروعها الاستيطاني " الجزائر الفرنسية " و أن مرد فشلها يعود من و جهة نظرنا ، لعدم قبولها إشراك الجزائريين في مشروع حضاري تقدمي واحد ، مع الفرنسيين ، و هو فشل كبير ما يزال الفرنسيون والجزائريون يتحملون تكاليفه العالية إلى الآن .
من البديهي أنه ليس بمقدورنا أن نتنبأ متى ستنتهي الحرب على قطاع غزة و لا أين ستنتهي . و لكن يمكننا القول أن البيئة التي تشكلت في ظل الوضع المفروض على سكانها أنبتت مقاومة ذات شوكة ، هرعت الجيوش الكبيرة في الدول الغربية للتصدي لها إلى جانب الجيش الإسرائيلي الذي نسمع بأنه من أقوى جيوش العالم ( يتبع )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟