الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخاسرون و الرابحون 2

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 11 / 1
القضية الفلسطينية


نواصل في هذا الفصل مقاربة ما يجري في قطاع غزة منذ 7 من نشرين .أكتوبر . 2023 ، بتوصيفه استنادا للمعطيات التي يمكننا استخلاصها ، مثل جميع الناس العاديين ، من وسائل الإعلام . فنقول أن صورة الحرب التي أعلنتها الدولة الإسرائيلية على قطاع غزة ، بما هي حرب على منظمة إرهابية أحكمت سيطرتها عليه ، ذهب بعض الغلاة على رأس السلطات في دول الغرب التابعين للولايات المتحدة الأميركية ، إلى حد المساواة بين داعش من جهة و بعض فصائل حركة التحرير الفلسطينية من جهة ثانية، لا تنطبق في الواقع على الوضع ، حيث تشن الدولة الإسرائيلية حربا على مجتمع فلسطيني يمثل وجودا وطنيا أصليا ، تحاول هذه الدولة الاستعمارية الاستيطانية ،محوه و إزالته عن أرضه . فما يثبت ذلك هي مميزات هذه الحرب و شمولها لجميع أماكن هذا الوجود و تعبيراته ، نذكر منها :
ـ الدمار الواسع الذي أطاح على الأرجح بآلاف الوحدات السكنية .
ـ قتل حوالي عشرة آلاف فلسطيني خلال ثلاثة أسابيع ، منهم 4500 طفلا ، بقي من هؤلاء الأطفال 1500 تحت الأنقاض
ـ وصف الفلسطينيين ، على لسان وزير دفاع الدولة الإسرائيلية ، بالحيوانات البشرية ، الذي أعلن أنه سيمنع عنهم " الماء و الغذاء و الكهرباء ، و المحروقات ". على مسمع حلفائه في الدول الغربية .
ـ ممارسة الضغوط ، قصفا بواسطة الطيران و أحدث القنابل التدميرية الأميركية ، و ترهيبا ، لإجبار الأحياء على الرحيل من شمال قطاع غزة (360 كلم ² ، عدد السكان يزيد عن مليوني نسمة ) إلى جنوبه ، نحو الحدود مع مصر .
ـ الكشف عن خطط معدة ، لإسكان أهل غزة في سيناء ، في مخيمات ، بانتظار بناء منازل دائمة لهم ، بمساعدة المجتمع الدولي ، تكرارا لتجربة الفلسطينيين الذين طردتهم المنظمات الصهيونية ، و مسحت قراهم في سنة 1948 .
ـ توازيا مع هذا كله ، تتواصل الاضطرابات في الضفة الغربية ، مداهمات الليلية ، اعتقالات "إدارية" كيفية ،اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين ، إتلافا لزرع و حرقا للمنازل أو إخراج أصحابها منها و احتلالها ، أو قتلا أو اغتيالا . سقط في الضفة الغربية مائة شهيد منذ اندلاع الحرب على غزة .
ـ لا بد من أن نلمّح هنا إلى الحروب المتكررة التي شنتها الدولة الإسرائيلية على لبنان لطمس تواجد اللاجئين الفلسطينيين فيها منذ سنة 1948 ، عن طريق دك و محو المخيمات التي أقيمت لهم آنذاك ، بمساعدة المجتمع الدولي ممثلا بوكالة غوث و تشغيل اللاجئين .
ـ لا ننسى أيضا التمييز العنصري الذي تمارسه السلطات الصهيونية ، على أساس المعتقد الديني . على الفلسطينيين سواء ، في دولة إسرائيل ، أو في الضفة الغربية أو في قطاع غزة الذي أعلنته في سنة 2005 ، كيانا معاد لها و فرضت على سكانه نظام الغيتو
لا شك في أن ما تقدم هو على النقيض من ادعاء السلطات الصهيونية بإنها تحارب في قطاع غزة " منظمة إرهابية " ، و ليس شعبا ، حيث أنه من المعلوم في هذا الصدد أن المستعمرين ينعتون دائما حركات التحرير الوطني " بالإرهابية " ، و أن الاستعمار الهادف إلى الحلول مكان الشعب الأصلي ، يمارس ضده جميع طرائق التضييق والترهيب و التنكيل ، لإجباره على الرحيل خوفا من الإبادة الكاملة .
إذن ما يتعرض له الناس في القطاع ليس سوى فصل من تاريخ الرجل الأبيض في منطقة شرق المتوسط منذ الحملات الصليبية وحتى عصرنا الراهن .فالمسألة اليهودية نشأت في أوروبا ، حيث كانت دوافع المجازر التي تعرض لها اليهود الأوروبيون ، و جلهم ينتمون إلى شعوب أوروبية أصلية ، هي الجهل و الظلامية حيث كان اليهودي في أوروبا كبش محرقة لدرء المخاطر و الأوبئة ، بالإضافة إلى العنصرية و العصبيات القومية التي أدت كما هو معروف إلى حروب طاحنة في أوروبا فيما بين دولها ، انتشرت نارها إلى جميع الأنحاء على كوكب الأرض التي كانت هذه الدول تتحارب من أجل السيطرة عليها .
يمكن أن نستخلص بناء على ما تقدم و بالنظر إلى الوقائع بعد مرور 26 يوما، أن هذه الحرب على قطاع غزة لن تسفر عن متغيرات جذرية ، فأغلب الظن أن الدمار الواسع و حمام الدم الإنتقامي ضد سكان القطاع ، ردا على الانتفاضة المسلحة التي بادرت إليها حركات المقاومة ضد جبروت و صلف سلطة الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية ، لن يمكنانها من بلوغ مبتغاها الذي يتلخص بترحيل الفلسطينيين إلى خارج فلسطين ، بكافة الوسائل و الأساليب المتوفرة لديها ، بالرغم من أنها كثيرة و عديدة .

و لكن الفشل و الخيبة و افتضاح الأمر ، كانوا أيضا من نصيب دول المعسكر الغربي التي سارعت لتغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، و تبريرها ، بهمجية المقاومين ، كما لو أن بعض المراقبين في إسرائيل نفسها ، لم يستنكروا على مدى السنوات الماضية ، سلوك سلطات الاحتلال في الضفة الغربية و القطاع ، و لم يحذروا مرارا و تكرارا من انفجار مجتمع المستعمرين القادم ، نتيجة الإهانة و الإذلال و القمع و الاعتقال و القتل . أما افتضاح هذه الدول أمام شعوبهم فإنه تمثل في " دعمها غير المشروط " و في إصرارها على " حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها " ، كأن الاحتلال ، و مصادرة الحقول و المنازل ، و الحصار ، و الاعتقال الإداري ، و العقاب الجماعي ، ليسوا اعتداءات يومية ، متواصلة ، الغاية النهائية منها الترحيل ، و محو الوجود ، أي التصفية العرقية .تجدر الملاحظة في هذا الصدد إلى أن دول المعسكر الغربي ، حركت اساطيلها الحربية ، دعما لإسرائيل في حربها التدميرية و الدموية في القطاع من جهة و لمنع تدخل أفرقاء صديقة إلى جانب المقاومة من جهة ثانية. مجمل القول أن الدول الغربية فرضت عمليا ، من جديد قانون " الشعب الأصلي " المشهور ، الذي يمنع و يجرم مقاومة المستعمر .
و أخيرا هناك فئة ثالثة من الخاسرين ، تمثلها نظم الحكم العربية ، أو ما تبقى منها بعد الحروب الأميركية ـ الأوروبية على البلدان العربية ، في السعودية و مصر ، فلقد لاذ ملوك النفط بالصمت أو أنهم تجاهلوا الحرب و الضحايا ، أما في مصر فإن السلطات تنتظر كما يبدو النازحين في سيناء و لكن الأخيرين لم يأتوا حتى الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن