الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الجلد الذي أعيش فيه 2011(بيدرو ألمودفار): المشترك بين الذكر والانثى أقل من المختلف بكثير
بلال سمير الصدّر
2023 / 11 / 2الادب والفن
طبيب مختص بعمليات التجميل والهندسة الوراثية وزراعة الجلد:
وجدنا هنا ما يميزنا بالنسبة لضحايا الحروق انقاذ حياتهم ليس أمرا كافيا،انهم يريدون الحصول على وجه حتى وان كان من جثة ...الطبيب روبرتو أو انتونيو باندرياس بطل المودفار الأثير
القصة في تفاصيلها تبدو غاية في الاشكالية وتطرح العديد من التساؤلات ومن عدة وجهات نظر
يعيش الطبيب مع امه-التي من المحتمل انه لايعرف بانها امه بل عاشت معه طوال حياته على افتراض بأنها مربيته-ولكن هناك فيرا السجينة في احد الغرف والتي ينظر اليها روبرتو دائما من خلال شاشة كبيرة موجودة في غرفته وهي تحاول الانتحار مع بداية الفيلم...
يسير الفيلم لفترة طويلة من دون ان نعرف ما هو السر الذي يختفي خلف فيرا،ولكن الحبكة ستسير بوضوح لتكشف عن كل شيء...
في ذات مرة وقعت غال-زوجة روبرتو-ضحية حادث سيارة اصابها بحروق شديدة بالكاد نجت منها،فيقرر الطبيب اختراع (جلد) يسميه غال تيمنا بزوجته،ولكن غال لن تصبر على هذا الاختراع لأنها عندما ترى وجهها في المرآة تنتحر برمي نفسها من النافذة وهو الأمر الذي يصيب نورما الابنة بصدمة عصبية شديدة.
لاحقا وفي حادث عرضي في احد الاحتفالات تتعرف نورما على شاب يدعى فينستر،يحاول هذا الشاب مواقعتها ولكنها ترفض تحت تأثير الكم الهائل من المخدرات والعقاقير التي تسري في دمها ويسقط مغشيا عليها،ومن ثم،تصاب بصدمة عصبية وحالة من الجنون تختصر بالرهاب الاجتماعي ولن تلبث سوى ان تنتحر هي الاخرى...ولكننا نلاحظ ان الرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه متعلق بوالدها اولا واخيرا.
يقرر روبرتو الانتقام من فينستر فيقوم بخطفه وتحويله الى فيرا التي هي صورة عن زوجته وليس عن ابنته،وتبدأ الثقة الفعلية بين فيرا وروبرتو بعد ان تتعرض فير الى اغتصاب من اخيه الملقب زيكا-والذي ربما لايعرف بانه اخيه أصلا-فيقوم بقتله...
في الردهة هناك لوحة تعرفنا عليها من خلال قراءتنا السابقة لرواية امتداح الخالة-ماريو فارغاس يوسا-:
تيزيانو فيسيلو(فينوس مع آمور والموسيقى):يقول يوسا في معرض تعريفه للوحة:
انها فينوس الايطالية ابنة جوبيتر واخت افروديت الاغريقية،عازف الارغن يعطيها درسا في الموسيقى،وانا أدعى آمور.أنني صغير،طري،وردي،ومجنح. عمري الف سنة وانا متعفف مثل يعسوب. الغزال والطاووس والأيل التي تبدو من النافذة هي حية تماما مثل العاشقين المتلاصقين الذين يتمشيان في ظل اشجار الممر.أما ساتور النافورة الذي يتدفق من رأسه ماء بلوري من جفتة مرمرية،فهو غير حي،انه قطعة رخامية توسكانية نحتها فنان ماهر آت من جنوب فرنسا.
ونتابع الاقتباس من يوسا:الاستاذ الشاب وأنا لسنا موجودين هنا للاستمتاع وانما للعمل،ومع ان كل عمل،وهذا صحيح،ينجز بفعالية وقناعة يتحول الى لذة،ومهمتنا تتلخص في ايقاظ السعادة الجسدية في السيدة،باحياء رماد كل حاسة من حواسها الخمس حتى تتحول الى لهيب.
هذه اللوحة ورواية يوسا امتداح الخالة،هي منتجات ديونوسية،والديونسية تعني-بعيدا عن اشتقاقاتها من ديونيس-المتعة غير المحظورة...المتعة غير المرتبطة بالعقاب سواء كان الديني أو النفسي أو الجسدي...
ولكن الفيلم،وان بدا الجنس واضحا فيه،ولكنه ايضا يحلق حول اسرار المشاعر واسرار الجسد...انه حالة ديونيسية للمحرم من هندسة الجينات والتحول الجنسي القسري.
ستخدم المودفار لفظ (الجلد-skin) الجلد الذي نعيش فيه ولا يستخدم لفظ الجسد(Body)، ولايستخدم ايضا لفظ النفس -.او الروح((Soul).
ومن ناحية لغوية الاكثر تكرارا يخطر على بال المشاهد هذا السؤال:
لماذا يستخدم المودفار لفظ الجلد،اليس الجسد لفظ أعم واشمل من الجلد،وبعطي انطباعا أكثر شمولا وأكثر تفخيما...؟!
الجلد هو وعاء الجسد،الشكل الخارجي الرقيق الشفاف للجسد،وبالتالي فالجلد هو مظهر الجسد،واي جسد،والجسد يحمل الصفات مشتركة بين الذكر والأنثى...وهذه الفكرة تقول كل المحظور.
ان كان روبرتو قد وقع في غرام فيرا،وهي في الاساس فينستر الذي يرفض تحولاته،فهذا يعني ان مفهوم الاختلاف بين الذكرية والانثوية قد تضاءل الى حد بعيد،والجلد هو الشكل الخارجي للجسد المحمل بالمشاعر،فالشذوذ الجنسي لايمكن ان يشكل اي محظور لأنه واقع في غرام انثى أصلها البيولوجي ذكر،ثم عندما يتحقق الانتقام ولكن بالعكس،ففيرا تقتل الطبيب،فهل الطبيب وثق بأنثى أم بذكر...؟!
ثم،بعد هذه الحبكة،هل عمليات التحول الجنسي لها أي داعي من اساسه...فالمشترك بين الذكر والانثى أقل من المختلف بكثير...
هذه مجرد أسئلة طارئة قد تخطر على بال المشاهد،أي مشاهد،وليس من الضروري ان تكون منطقية صحيحة،وليس من الضروري أيضا ان تكون خاطئة.
ما اردت قوله،ان قصة الفيلم تجعلك تحلق في اسئلة عميقة لها علاقة بالفلسفة والحكاية البشرية ككل ومنذ فجر التاريخ،ولكن كل تلك الاسئلة تعلق وحتى لايمكن النظر اليها إذا نظرنا القصة كقصة حب وجريمة وانتقام مع كثير من توابل الجنس والتحول وهندسة الجينات المحظورة.
ان كان روبرتو على وشك ان يلاحق من قبل المجتمع الطبي نتيجة تطبيقه للهندسة الوراثية على الانسان،فهو يعيش في ذهنية العقلية الديونيسية الخالية من المحظور...في الحقيقة روبرتو طبيب ولكن بعقلية مجرم مجنون حقيقي،فما هو المحرك الحقيقي لهذه القصة...هل هو الجنون ام الابداع...؟!
يبدو أن كل ماحدث مغلف فقط برغبة روبرتو بتحقيق الابداع....تطبيق الهندسة على الانسان
فيرا او فينستر،غال،أو نورما، كانت مجرد حجج مقنعة لتغييب مفهوم الاخلاق لذهن لايؤمن أصلا بالمحظور الأخلاقي أبدا...
الأنانية كما قال نيتشة:هي سر العظمة البشرية(اقتباس مع تصرف).
24/06/2023
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. السينمات تستقبل فيلم -لأول مرة- لـ تارا عماد وعمر الشناوي 29
.. فيلم الدشاش يقترب من 50 مليون جنيه خلال 45 يوم عرض بالسينمات
.. لميس: المشهد الرهيب في معرض الكتاب يفرحني ويضع عبئا على الحك
.. الشاعر جمال بخيت: معرض القاهرة الدولي للكتاب موعد عشق سنوي ن
.. الكاتب والسيناريست باسم شرف: معرض القاهرة الدولي للكتاب أهم