الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا ينتظر المنطقة المغاربية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ضربة مدينة سمارة ، انفجر الحقل الإعلامي ، ووسائل الاعلام المختلفة ، وبدأوا ينظرون ويجتهدون في رسم مستقبل المنطقة العسكري ، حيث كل الاتجاهات وبطريقة تسويقية ، أجمعت على ان طبول الحرب تُدقّ في الصحراء ..
أولا . من هي الجهة التي تقف وراء قنبلة ، او فجرت احياء المدنيين بمدينة سمارة ، فكانت الضحايا من المدنيين ، ولم يكونوا من الجيش ، او من القوات الرديفة ، كالقوات المساعدة ، او البوليس المرابط بالمدينة ؟
ثانيا . هل بالفعل صَعُب تحديد الجهة التي تقف وراء هذه الضربة ، التي كان ضحيتها مدنيون مسالمون ، لا علاقة لهم بما يُطبخ ويُحضر له من مخططات ، ستهز المنطقة هزة ، يليها مباشرة السقوط الحر La chute libre للجميع ، وليس لفريق دون غيره . ؟
ثالثا . ما الغرض المراد تحقيقه من ضرب مدينة سمارة القريبة من تندوف ، مع العلم ان الضربة ، لا ولن تؤثر في الوضع العام الذي يحكم جميع فرقاء الصراع ، وأيا كانت التبريرات المقدمة ، لشرعنة الضربة ..
رابعا . هل من المعقول والمؤكد ، ان جبهة البوليساريو ، كما ذهب الكثيرون من الاعلام التسويقي ، هي من تقف وراء ضربة مدينة سمارة ، مع العلم ان الضربة هذه المرة كان ضحيتها المدنيون وليس الجيش ؟
خامسا . واذا لم تكن الجبهة هي من تقف وراء الصّليات التي هطلت على المدينة ، فمن هي الجهة الواقفة وراء الضربة ؟ . هل متسربون من داخل الجبهة غير منضبطين للتنظيم ، خاصة للأوامر العسكرية . هل منشقون على جبهة البوليساريو . هل المخابرات المغربية لتوريط الجبهة في تهمة الإرهاب . هل حقا ان من يقف وراء الضربة هي النظام الجزائري وايران ، وحزب الله اللبناني .... فمن يقف وراء ضربة مدينة سمارة بالضبط ؟
أولا ان الضربة وانْ حصل العشرات منها ، وبتلك الطريقة التي يعرف بها المبتدأون ، او المنشقون ، لا ولن تؤثر في قوة جيش النظام المخزني ، لان الضربة لا ترقى حتى الى مستوى حادثة سير خلفت ضحية وبعض المجروحين .. فالوضع مسيطر عليه بالتمام والكمال من قبل الجيش المغربي ، وتبقى الشكوك مثارة في مثل هذا الوضع ، عن الجهة الواقفة وراء ضرب المدينة ، ومن داخل الأراضي التي لا تخضع لأراضي سنة 1975 ، او حتى من أراضي 1975 ، مادام ان ما حصل يدخل في حرب التحرير لتحرير المناطق المتنازع عليها ، وعجز مجلس الامن في حلها منذ سبعة وأربعين سنة مضت ..
واذا كانت جبهة البوليساريو هي من تقف وراء ضرب المدينة ، لماذا لم تخرج في ذلك ببيان عسكري واضح ، كما تفعل عند كل هجوم تقوم به ، حيث ان وزارة دفاعها ، تصدر البيانات الصريحة باسم وزارة الدفاع الصحراوية ، وترقمها من واحد الى آخر بيان ، هو بيان 901 الأخير ، بعد ضربة سمارة .. فما منع جبهة البوليساريو التي نسبوا اليها الضربة ، وحملوها مسؤوليتها ، من ان تصدر بيانا عسكريا مثل البيان الأخير 901 . وهذا الحال يثير الشك حول الجهة التي تقف وراء الضربة ، التي لا علاقة لها بجبهة البوليساريو التي لزمت الصمت .
وانّ ما يثير الشكوك ، ويوسع من الاطروحات ، والافتراضات ، انْ يغيب او يُغيّب الجيش المغربي ، لان ما حصل عمل عسكري ، ويتوجب على الجيش وحده اصدار بيان في النازلة ، في حين تم تكليف بالتحقيق الجهاز البوليسي ، من البوليس السياسي ، الى الوكيل العام للملك بمحكمة استئناف العيون ، الى السلطة المحلية ممثلة في العامل .
فهنا نطرح السؤال . كيف للجهاز البوليسي ان يحل نفسه محل الجيش ، للتقصي في عمل عسكري ويدخل في اختصاص العسكر . فما علاقة الوكيل العام للملك ، والبوليس السياسي ، والسلطة المحلية ، لينوبوا عن الجيش في التحقيق فيما حصل ؟ . على الأقل كان من الواجب ومن المحتم ، ان تسند مهمة البحث والتحقيق ، الى الدرك الملكي الذي ينتمي الى نفس الجيش ، ويملك من الاختصاصات التقنية ما يجعله يصل الى فك اللغز في رمشة عين .. فهل اصبح البوليس السياسي هو الحاكم الحقيقي ، وانّ الجيش في خدمة البوليس ، وفي خدمة السلطة ، وفي خدمة الوكيل العام للملك ، الذين من المفروض ان لا علاقة له ، أي الجيش والدرك ، بالأجهزة البوليسية . فما حصل بمدينة سمارة كان عملا عسكريا ، فكان أولى ان يباشر الجيش التحقيق العسكري ، بما له من سلطات الاختصاص في ذلك . والى الآن لا زال فريق البوليس ، البوليس السياسي ، السلطة المحلية ممثلة في العامل ، والوكيل العام للملك ، لم تصل الى تحديد الجهة التي تقف وراء ضرب مدينة سمارة .. وهنا سنكون امام عيب الاختصاص ، وهو عمل خطير ، سيزيد من تصنيف النظام المخزني السلطاني ، كنظام بوليسي يسيطر وحده على الدولة ، طبعا في غياب الملك الذي سلم كل شيء لهذا الجهاز ، حتى اصبح يتطفل حتى على اختصاصات الجيش ، الوحيد المسؤول بمواجهتها ، وشرحها للرعايا التي لم ترد ان ترتقي الى مستوى شعب ..
فلمعرفة الجهة التي تقف وراء عملية قصف مدينة السمارة . نطرح السؤال . من له المصلحة في ذلك ؟
-- هل جبهة البوليساريو ، وهنا ستكون قد ارتكبت عملا خطيرا ، او تكون قد سقطت في الفخ الذي تم نصبه لها ، خاصة وقد صنفها تقرير وزارة الخارجية الامريكية ، كحركة تحرير شعبية ، وحركة كفاح مسلح . وهو نفس تصنيف واعتبار البرلمان الأوربي ، والاتحاد الأوربي . ويصبح السؤال . هل تكون حركة تم وصفها بالمحررة ، بالحركة الإرهابية ، تقتل المدنيين عنما ترخي بمقدوفاتها وسط المدينة ، وتتفادى تمركزات الجيش ، والقوات الرديفة ، كالدرك ، وكالقوات المساعدة ؟
لا اظن ان جبهة البوليساريو التي حظيت بدعم عالمي ، وباعتراف كبريات الدول ، خاصة دول الفيتو بمجلس الامن ، ستسقط في هذا الفخ الذي سيقلب كل ما حظيت به من سند ، رأسا على عقب .. والسؤال . إنْ كانت الجبهة هي من يقف وراء هذه العملية التي تعتبر جريمة ، لماذا لم تصدر بيانا واضحا ومرقم بالتتابع ، كما جرت تفعله منذ رجوعها الى ما اسمته بحرب التحرير الثانية في 13 نونبر 2020 ؟ . فما المانع الذي منعها من ذلك ؟ . وبالأمس أصدرت البيان 901 تلته باسم وزارة دفاعها ، امام الرأي العام الدولي ..
-- واذا لم تكن قيادة الجبهة وراء ضربة مدينة سمارة ، لان هذه الضربة رغم عدم أهميتها عند النظام المخزني ، فإنها لا ولن تؤثر عليه ، في بسط يد الجيش على كل المنطقة ، بل لا يعتبرها تهديدا للمنطقة ، طالما انها محدودة ، وكانت من اجل التسويق ، ومن اجل اسقاط العدو في الفخ خاصة جهوزية تهمة الإرهاب ...
فمن يقف اذن وراء ضرب سمارة ؟ . هل جماعة " صحراويو السلام " التي عجز البوليس السياسي في فرضها عوض جبهة البوليساريو ، رغم اللقاءات كآخر لقاء في جزر الكناري الاسبانية . وهنا رغم توظيف رئيس الحكومة الاسبانية السابق Jose Luis Zapatero عميل البوليس السياسي المخزني ، فقد فشل " صحراويو السلام " في فرض نفسهم كبديل عن تمثيلية جبهة البوليساريو للشعب الصحراوي ، الذي وصفته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراراها 34 / 37 سنة 1979 ، بالممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي .
او ان بعض جهات ، او بعض العناصر من جماعة " خط الشهيد " المناهضة لقيادة الجبهة ، وتناضل من جل فك الارتباط مع النظام الجزائري ، هي من يقف وراء الضربة .. او ان أشخاصا غير منتمين وغير منظمين ، ويتحركون حسب الطلب وحسب نوع الهدف ، قد يكون تم توظيفهم من قبل المخابرات المغربية ، لإحداث الشرخ الكبيروسط الجبهة ، ومن ثم توريطها في تهمة الإرهاب ، التي رفض المجتمع الدولي سماعها ، خاصة وان مصدرها سيكون جهة البوليس السياسي ، سواء أكان DGST ، أو كان DGED ، وخاصة وانّ الضربة كانت قبل صدور قرارا مجلس الامن 2703 ، وقد تكون وراء طريقة صدور القرار شكلا وموضوعا ..
-- واذا لم تكن جبهة البوليساريو هي من يقف وراء ضرب مدينة سمارة ، فلماذا لم تنخرط في النقاش الدائر حول الضربة ، مفضلة انتظار اصدار مجلس الامن لقراره ، الذي وضع جبهة البوليساريو في مكانها الذي تستحقه ، والمثل المغربي يقول " عاش من عرف قدره " ، وخيب أمل النظام الجزائري الذي كان ينتظر قرارا في حلة جديدة ، ترهق النظام المخزني المغربي ، الذي يربط وجوده من عدمه ، ببقاء الصحراء تحت سيادته ..
تبقى جميع السناريوهات ، والاحتمالات ممكن حصولها ، لان النزاع في صلبه هو صراع وجود ، قبل ان يكون مجرد صراع حدود ، لان الطرف الذي سيحسم صراع الوجود ، أكيد سيحسم صراع الحدود .. والطرف الذي سيخسر المعركة ، سيكون مصيره السقوط .. اذن فهي حرب تدور ، وتستعمل فيها جميع الأسلحة ، خاصة أسلحة الاعلام المؤثر وحده على الرأي العام ، وعلى الساحة الدولية ..
وليبقى السؤال الكبير . هل ما حصل بضربة مدينة سمارة ، هو حقيقة قرع لطبول الحرب بالمنطقة ، خاصة نشوب حرب بين جيشي النظام المخزني البوليسي السلطاني ، ونظام الجنرالات الجزائري ؟ .
ان النفخ إعلاميا ، باحتمالية نشوب الحرب بين النظام المغربي ، وبين النظام الجزائري ، لن يفيد المعنى المطلوب ، لأنه مجرد نفخ وتسويق وتخيل لا يعكس حقيقة الصراع الذي وانْ اشتد ، ومهما بلغت درجة الشدة ، فلن يصل ابدا الى درجة الحرب الفعلية ، أي مواجهة الجيشين رأسا لرأس .. والمسؤولون في كلا الدولتين ، مقتنعين بهذه الحقيقة التي هي سيادة وضعية اللاّحرب العسكرية . لكن الحرب تدور على اشدها في مجالات وميادين أخرى ، كالحرب الدبلوماسية بالاتحاد الأوربي ، وبمجلس الامن ، وبالأمم المتحدة ، وبالقضاء الدولي ،والقضاء القاري ، كالقضاء الأوربي والافريقي وفي اللقاءات الدولية . فالجميع مقتنع ان حربا اذا اندلعت بين الجيشين ، ستكون من جهة جريمة في حق الإنسانية ، وفي حق الشعوب المفقرة ، ورغم بلوغها الشدة ، فالجميع سيخرج منها منهزما ، ومن ربحها سيكون اول من خسرها ، لان مخلفاتها قد تستغرق العمر كله ، وليس فقط جيلين او ثلاثة أجيال .. فحرب الرمال سنة 1963 ، لا تزال تحفر في عقول الأنظمة التي تحكم قصر المرادية ، وتلهم الاندفاعات للعديد من الشباب الذي سيكون اول ضحية الحرب اذا قدر الله واندلعت .
لهذا ونظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر منها المغرب وتمر منها الجزائر ، يجعل الدخول في حرب مباشرة ، من قبيل المستحيلات .. لكن لا يعني هذا عدم الحذر وعدم الاحتياط ، وعدم ترقب أي رد فعل قد يسقط فجأة .. فالصراع الذي يدور اليوم بين النظامين الجزائري والنظام المغربي ، تفعل فيه قوى اجنبية ودول ، خاصة تلك التي تمتلك حق الفيتو . فمرة ترى صدور قرارات تظن انها تقرع النظام المغربي ، ومرة تصدر قرارات ومن نفس الجهات ، تظن انها تقرع النظام الجزائري .. وهكذا ما دام سلاح الاستنزاف يعطي اكله على جميع الأصعدة ..
ويكفي الرجوع الى مواقف الدول الكبرى التي تتبدل في كل دقيقة وثانية ، ومن دون خجل ، ولا حشمة ، او تأنيب ضمير ، لان في السياسة تنعدم الاخلاق .. وتستمر البلادة بين الأطراف المتصارعة المغرب والجزائر ، دون الاستشعار بالخطر الذي يحدق بالجميع . وهنا . بما ان روسيا هي مع الاستفتاء وتقريرالمصير ، ويثلج هذا الموقف صدر النظام الجزائري ، لماذا امتنعت روسيا عن التصويت لصالح قرار مجلس الامن 2703 ، متذرعة بحجة واهية هي " القرار غير متوازن " . فإذا كان القرار حقا غير متوازن ، لماذا لم تستعمل روسيا حق الفيتو ضد القرار ، لإبطال صدوره بالمرة ، والضغط للعمل على قرار آخر يكون في نظرها " متوازنا ؟ .. ان في امتناع روسيا عن التصويت ، وفي عدم استعمالها لسلاح النقض الفيتو ، يكون الموقف الروسي يوجه ضربة واهانة لوجه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، ويكون بذلك قد وضع جبهة البوليساريو في مكانها الطبيعي الذي تستحق . اما وان التقرير قد تم صناعته في واشنطن ، قبل التصويت عليه ، ليصبح قرارا ، فتلك قرينة دامغة على انّ الموقف الروسي كان ضحكا وتهكما على القيادة الجزائرية . وكان أولى ان يتناول كل الأعضاء الدائمون مناقشة التقرير ، وان يشاركوا مجتمعين في صياغته ، لان هذه هي المسطرة الوحيدة التي تعطي للتقرير قبل ان يصبح قرارا ، حجية الامر المقضي به .. لكن للأسف يستمر التلاعب بمجلس الامن ، ويستمر التهكم على دول الصغار الذين يصفونهم بالأقزام .. وهنا إضافة الى الموقف الروسي الخبيث ، نتفاجأ بالموقف الفرنسي الذي اجمع الجميع على دوره الاستثنائي عند مناقشة التقرير ، ليوافق عليه المندوب الفرنسي كاملا ، ومن دون ملاحظات مسجلة ، وكأن الموقف الفرنسي الذي حرص بالظهور بجلابة جديدة ، كان في الحقيقة لا يخدم شخص محمد السادس ، ويخدم نظامه ، لان فرنسا ومنها دول الفيتو بمجلس الامن ، تعتبر نظام محمد السادس قد انتهى ، مع مرض الملك الخطير . وان انتظار ملك جديد بنظام جديد ، هو اكبر عربون على موافقة الغرب باستمرار بقاء الدولة العلوية ، بنظام آخر اصبح قريب المنال . ففرنسا عندما صوتت على قرار مجلس الامن 2703 ، تكون قد صوتت لمصالحها الحيوية بالمغرب ، التي ستضرر حتما بإسقاط الدولة ، وليس فقط بأسقاط النظام .
ان القرار 2703 ، خاصة الموقف الروسي ، والموقف الفرنسي ، كان تهكما على رئيس الجزائر عبد المجيد تبون ، وكان مكيافليا بالنسبة لمحمد السادس . ففرق بين ان تصوت فرنسا لشخص محمد السادس ، وان تصوت لمصالحها التي ستضرر الضرر الكبير .
ومرة أخرى من يقف وراء ضربة مدينة سمارة ، وتعد ضربة تصف الواقف وراءها ، وأيا كان عنوانه ، بالإرهابي على طريقة " داعيش " التي تقتل بالجملة في الأسواق وفي الأماكن العمومية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال