الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقدم الالي والتخلف النمطي المجتمعي/2

عبدالامير الركابي

2023 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


وتواجهنا بهذه المناسبة فرضية مايمكن تسميته العلموية الختامية، تلك التي تغلق الباب على احتمالية عدم الاحاطة بظواهر الحياة والمجتمعية والكون، وهو ماكرسته الظاهرة الغربية الالية الحديثة موصدة الباب على اية احتمالات عقلية مستقبلية، ماقد يوضع بباب الجهل المطلق، اذا ما اعتمدنا مسارات التطور والتقدم الادراكي على مدار التاريخ البشري، بالعموم والاجمال، وعلى مستوى التفاصيل، فالغرب الحالي حقق بلاشك قفزات كبرى في المجالات المختلفة، وقلب تماما نظرة الكائن البشري لنفسه وللوجود، الا ان ذلك لايجوز وضعه بخانة المطلق والنهائي، او الختام الكلي.
ويتوقف الغرب مقصرا امام واحده من القضايا الاساسية الاكثر حساسية، مثل المسالة او الظاهرة المجتمعية، وهو، ومع انه يذهب الى محاولة مقاربة هذا الجانب من جوانب المعرفة الاساس، يظل بالاحرى قاصرا، ويقف خارج الظاهرة مدار البحث، واهم مايميزها، ويكشف من ثم عن آلياتها، ووجهة مساراتها، وما يترتب عليها، وبالذات في جانب النوع المجتمعي، واذا كان واحدا، او غير ذلك، فاماطة اللثام عن "الازدواج" المجتمعي، وعن المجتمعية بما هي " لاارضوية"، و "ارضوية"، ظلت بالاحرى متعذرة على العقل البشري اليوم، الامر الذي وضع المقاربة البشرية لهذه الجهه، عند حدود ماقبل الادراكية، والقصورية التي استمرت تلازم علاقة العقل البشري بالظاهرة المجتمعية على مر التاريخ.
وليس هذا الجانب من علاقة الكائن البشري وعيا، باشتراطات وجوده ثانويا، او ممايمكن تجاوزه،اذا اريد الحكم على مستوى كمال الاحاطة البشرية باجمالي شؤون الحياة، وهو ماقد ميز النهوض الغربي الحديث ليضعه فعليا وعمليا، ليس عند نقطة عدم الاحاطة، او القصورية المجرده، بل ابعد من ذلك، عند نقطة اخطر تتجلى في الحصيلة بصيغة وقوف ضد المسارات التصيرية التفاعلية التاريخيه، وبتعاكس معها، الامر الذي يعززة في الواقع كون الظاهرة الغربية متشكلة من الاساس، باعتبارها "مشروعا" عالميا شاملا، وذاهبا بكل طاقته الى شمول العالم بغية "نقله" الى الطور الالي، فنحن ومنذ الظاهرة الحداثية الغربية، في غمرة انتقال من نوعه على مستوى المعمورة، معدود كمرحله تاريخيه بشرية مستجدة، ليس مفترضا باي شكل ولم يسبق، ان خطر على البال، ان تكون توهمية، او تضليلية في العمق، ومن حيث الاسس والمنطلقات الجوهرية، المتعلقة باليات ومرتكزات وجودها كظاهرة استثناء.
هذا ومما يعطي الظاهرة الحداثية الغربيه امتيازها غير العادي، كونها تمتعت مع لحظة انبثاقها وامتازت، بنوع من الاحادية والتفرد غير المنافس، تأتت من نوع العامل الاساس الذي يقف خلفها كظاهرة، مع خصوصيتة المكا نيه، فالالة المنبجسة في اوربا، وضعت العالم خارجها، واوجدت كوكبيا حالة من اللاتعادل الفريد من نوعه مجتمعيا، بين "آلي"، و لا"آلي" وهذا وضع كان من شانه ان جعل العالم خارج اوربا، في حال ادنى، وابعد عن المركزية العصرية ( الافي حالات بدت وقتها مقتدمه من زوايا اخرى، مبعثها الغرب نفسه وماواكبه من ظواهر، مثل الماركسية التي ولدت "اللينينية" والاشتراكية، كخطوة اعلى مقارنه بالالية الكلاسيكية البرجوازية الاوربية) حيث المجابهة قائمه على اساس النوع، وليس الظاهرة بجملتها.
والعامل المساعد الهام في تعزيز وحدانية وغلبة الغرب وظاهرته، كون العالم حتى حينه غير ناطق، ولم تتوفر له بعد، اسباب العبور على التفارقية النكوصية التي يعاني منها العقل بعلاقته بالظاهرة المجتمعية ابتداء، وهنا تتعزز بناء عليه الظاهرة الالية ودينامياتها الغامرة، من دون مايمكن ان يواكبها من ادراكية ان وجدت، او كانت متضمنه كافتراض في الظاهرة الاجتماعية، مايضعنا امام احتمالية ان نكون وقتها امام حالة انعطاف آلي، بمنظور مواكب ادنى، من مقتضياته ومستوى الادراكية، ومن ثم التفاعلية الضرورية العقلية والعملية الضرورية واللازمه لاماطة اللثام عن مكنونه في حينه.
وماتقدم يتمخض عنه، ويترتب عليه واقع وحال، يظل غير منظور، ولا مدرك، يجعل الامر الالي ووقوعه، مجرد حالة "تحول آلي"، تقابلها وتتوازى معها، حالة غير منظورة، تصح تسميتها، او تعيين نوعها المقابل كحالة "تحول مجتمعي"، والتفريق المذكور يحتاج بالطبع الى توضيح لابد منه، مع التداخلية التركيبية للحالة مدار الاهتمام، وغلبة التبسيطات، واشكال التناول الابتدائية، الارضوية، وبمقدمها الالية.
والحال المقصود يقتضي بالتناظر، التفريق بين انتقال آلي "ارضوي"، واخر "لاارضوي" لاحق، هو اكتمال عضوي ولزوم للعملية الجارية، هذا في حال خرجنا كما هو مفترض، من سطوة وغلبة المنظور الارضوي الكاسح والراسخ، الامر البديهي في حال كان البدء الانتقالي الالي "لاارضوي" كما هو حاصل واقعا، حيث تكون اللحظة الاولى الاستهلال من الانقلاب الالي، ضرورة ولزوما ضمن عملية ابعد واشمل من تلك التي تكون عند البداية، ويتم تكريسها توهما على انها المطلوب والمنتهى، قصورا وتوهما، يكتنفه العجزعن ادراك الحقيقة التحولية الابعد والاشمل.
ضمن هذا السياق المختلف ان لم يكن الانقلابي، في النظر الى الانقلاب الالي، ودلالاته الابتدائية، يلعب الغرب، كونه النقطة، والمحل الذي تنطلق عنده، وبين جنباته الالة، دورا لازما وضروريا، لافقط في مجال ايقاظ وتسريع الاليات المجتمعية الاوربيه ـ وهو مايحصل ابتداء ـ انما والاهم الفاصل، في ايقاظ الاسباب والمحركات المفضية الى تحفيز النطقية اللاارضوية، بما هي، وباعتبارها بالاحرى، ضرورة ولزوم اكتمال للانقلاب الالي، لاتحقق له الابها.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا