الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بماذا أجبتُ (طبيبي) عن العراق ؟

عزيز الخزرجي

2023 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


بماذا أجبتُ (طبيبيّ) عن العراق؟

سألني البروفسور (واينستين) أثناء لقائنا المعتاد بإنتظام للعلاج الطبي :
ماذا حدث في العـراق؟ و هل الوضع فيه الآن أفضل من بعد السـقوط أم العكس؟

تحيّرت في البدء .. بماذا أجيبه, و فضّلت السّكوت و عدم الجواب علّه ينسى أو يُبدل رأيه أو يُغيير تفكيره .. لكنهُ توقف عن العمل و بقي صامتاً و كأنه ينتظر جوابي !

أجبته أخيراً بعد ما تباطئت لأقل من دقيقة .. و أنا حاني الرأس مشدوهاً .. حتى خطرت على بالي مقولة صديقي الراحل (على حسين بابي) مدرس التأريخ و الجغرافيا رحمه الله, و الذي ودّع هذه الدّنيا قبل أكثر من عامين, حيث أختصر الواقع العراقي القائم بجملة واحدة حكيمة قالها عشية سقوط الصّنم العراقي ألجاهل صدام قائلاً :

[لقد رحل التلميذ (صدام) و جاء الأستاذ (أ.م.ر.ي.ك.ا) نفسه ليحكم آلعراق بالمتحاصصين العملاء مباشرة و من قرب] !!؟

و السؤآل الذي يطرح نفسه :

لماذا يلهثــون لحكم الناس و يتوسلون بكل ممكن و وسيلة!؟
ما الأهداف والأسباب لتحاصص و إتحاد الأحزاب و الأقوام!؟

بإختصار أيضاً أَقول :
إنّ الهدف في المحصلة النهائية للحكومات بكل ألوانها و مسمّياتها - أية حكومة في الأرض - و كما شهدناها و عايشناها على أرض الواقع اليوم ؛
هي بكلّ إختصار وبلاغة وحكمة وأمانة لأجل سرقة الناس و التمتع بأموالهم و بأساليب شتى, منها نصرة القومية ؛ نصرة الدين؛ نصرة القيم ؛ نصرة الحقّ ؛ نصرة الشهداء ؛ نصرة المظلومين ووووووو غيرها من المدعيات !

و في العراق الذي يُعدّ من أقدم أو هي حقاً آلأقدم دولة في العالم منذ بدء الخليقة ؛ فأنّ الحكومات التي حكمت فيها و الحكومة التي تحكم الآن و قبلها حكومة صدام لغاية 2003م قد حكمت بمدّعيات عجيبة و غريبة .. أقلها تحقيق الوحدة و الحرية و الإشتراكية - إنّما حكمت كما تحكم الأحزاب المتحاصصة الآن لسرقة الأموال و الأراضي و الدور و الدراهم بالتسلط و التكبر فَــ:

- صدام الملـعون ؛ كان يسرق أموال الناس بآلأمس بقوّة الحديد و النار و الأجهزة القمعية .
- و المُتحاصص العميل؛ يسرق أموال الناس أليوم بقوّة الحديد و بإسم الله و الدّعوة والولاية .

و إنّ أكبر نجاحات الشيطان تتحقّق حين يظهر و كلمة الله على شفتيه ..

و هكذا تعدّدت الوجوه و أختلفت الأدوار و الهدف واحد هو (سرقة المخصصات و ضرب الرواتب المليونية من حقوق الناس, و غيرها من تلك الأساليب التي تسبّبت في تعميق الفوارق الطبقية و الحقوقية التي هي علّة العلل في شيوع الظلم و الأرهاب و الفقر و الفساد في المجتمع .. و كما نشهدها الآن في العراق و غيرها من البلاد !!

و هؤلاء الأغبياء القصيري النظر إنّما فعلوا ذلك لــ [يفرحوا في الحياة الدّنيا و ما الحياة الدّنيا في آلآخرة إلّا متاع] (الرعد/26).

أمّا السّبب و علّة العلل في تعاقب مثل تلك الحكومات و الأحزاب على سدّة الحكم فلها علّة و سبب واحد تتفرع منه المصائب و المحن كلها و هي :

فشل (ألأعلام) و (المسجد) و (النظام التربوي و التعليمي) الذي أهمل أهمّ محور و نهج لإستقامة الأنسان, حيث لم يُوضّح و لا يُبيّن للطلاب و الشباب الهدف من الحياة و سبب وجودنا و مفهوم العدالة و كيفية تطبيقها, و الغاية من حكم الناس أو الأنتماء للأحزاب بكل عناوينها و مسمياتها؛ دينية كانت؛ أو وطنية؛ قومية؛ إشتراكية؛ علمانية, و غيرها, بل أفهموا الناس عملياً و بآلممارسة الحية أمامهم بشكل أو بآخر ؛ بأنّ السّياسة أفضل و أقصر طريق للغنى و التسلط و الوصول و الأنتهازية .. بينما (الفلسفة الكونيّة العزيزيّة) التي تعكس نظر الكون كله تقول بوضوح :
[لا يغتني من وراء السياسة إلّا فاسـد] !!؟

أمّا سبب إستمرار تلك الحكومات و الأحزاب في الحكم لأدامة الفساد و النهب بلا حياء و ضمير .. فهو و كما بيّن السّبب معشوقنا الأزلي بقوله في القرآن و هو أصدق القائلين :

[إنّ الله لا يُغييّر ما بقوم حتى يُغييروا ما بأنفسهم و إذا أراد الله بقوم سوء فلا مردّ له و ما لهم من دونه من وال] (الرعد/ 19) .

طبعاً لا يريد الله تعالى - حاشاه - أيّ سوء لأيّ كائن أو أمة أو قوم أو مخلوق و ليس الأنسان فقط الذي أكرمه و نعَّمه .. إلّا حين يزداد الفساد والطغيان في أوساطهم بسبب (الفروق الطبقية) و (الفواصل الحقوقية) (الرواتب) والدرجات, و بآلتالي حين تُزال الرحمة من قلوبهم و يموت الوجدان و كما هو آلشائع و المتبع في العراق و معظم بلدان العالم !

لذلك لا مستقبل و لا قرار و لا إستقرار و لا عدالة و لا وجدان ولا سعادة في بلادنا المنهوبة من الأزل و كما بلاد العالم للأسف بفوارق نسبية .

فآلناس - كلّ الناس تقريباً - و بسبب أدلجة الأديان و سقوط الأخلاق و القيم و الأسس التربوية و التعليمية الخاطئة التي نشؤوا عليها؛ باتوا لا يُفرّقون بين آلحقّ و الباطل, و يبغون بشكل طبيعي تحقيق هدف واحد هو جمع المال بأيّة وسيلة كانت و كنز الذهب والفضة و الدّور و الحور ..

لذلك عَمّ الفساد في الأرض بشكلٍ طبيعي خصوصاً عندما ثبت فساد الأحزاب التي تدعي الدين و نهج الشهداء و العلماء أمثال الأمام الراحل و الصدر .. و لا يتعلق الأمر بهذا الحزب أو ذاك التيار .. الكل سواسي و مشتركون في أمر حبّ الدّنيا و الأنتصار للنفس و تعاظم الطمع في وجودهم, هذا من جانب ..

و من آلجانب الآخر و كنتيجة للفساد و للقمة الحرام؛
لم يبقى وجدان ولا رحمة ولا إنصاف ولا حتى معرفة بآلحبّ والولاية رغم الأدّعاآت و اللافتات العديدة بذلك .. ليصبح جميع المتحزبيين منافقين من الطراز الأوّل, بحيث رأيت بعضهم يُكذّب عليك بكل قباحة و ينظر بعينيك و ينافق بكل وجه و إنشراح ولا يستحي لا من نفسه و لا من الله و لا من المؤمنين, لأنه بكل بساطة باتت مخلوقاً ممسوخاً !

و فوق كل ذلك لا يريدون أن يعرفوا أو يعترفوا بآلحقيقة ..
و إنّ الله لا يُحب المفسدين الذين لا يُريدوا أن يعلموا بأنّ الله تعالى قد أهلك من قبلهم من القرون مَنْ هو أشدّ منهم قوّة و أكثر جمعاً ..

و إنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.

ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول