الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة اولى ضحايا المشروع الاميركي: طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا

جورج حداد

2023 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


إعداد: جورج حداد*

ان اجهزة وابواق آلة البروباغندا الغربية القذرة والمنحطة تتخم العالم المعاصر بالحديث عن الدمقراطية والحضارة و"ثقافة الحياة" المغايرة لـ""ثقافة الموت" (كما يصف المقاومة الساقط كريم مروة) وحقوق الامم والشعوب والاتنيات وحقوق الانسان وحتى حقوق المثليين، الى آخر المعزوفة التي تنطبق عليها مقولة "العاهرة التي تحاضر في العفة".
وتنبئنا الاوراق الصفراء للتاريخ البشري بحدوث سلسلة طويلة من المجازر والجرائم الكبرى ضد الانسانية: من تدمير الرومان لقرطاجة وابادة اهاليها، ثم قطعهم رأس البشير يوحنا المعمدان وصلبهم للسيد المسيح (حسب الرواية المسيحية) وابادتهم لملايين المسيحيين الشرقيين الاوائل الذين كانوا ينتظرون مجيء المسيح المخلص قبل ميلاده، الى مجازر المسيحيين المزيفين الغربيين ــ الصليبيين ضد العرب والمسلمين واليهود في القدس وغيرها من بلاد المشرق، وضد المسيحيين الشرقيين في القسطنطينية، الى المذابح ضد العرب والمسلمين على ايدي المغول الذين كانوا متحالفين مع الصليبيين المحتلين في الشرق ومع البابوية في روما، الى مذابح الاكراد الايوبيين ضد الفاطميين والعرب المصريين والنوبيين والسودانيين، الى الابادة الجماعية لعشرات الملايين من الهنود الحمر والاستيلاء على ارضهم التاريخية وتأسيس ما سمي "الولايات المتحدة الاميركية" فوق جماجمهم، الى الابادة الجماعية للمسيحيين الشرقيين في القسطنطينية التي تم غزوها وعثمنتها في منتصف القرن 15 بتحريض ودعم وتمويل من قبل البابوية في روما والقيادة اليهودية العالمية، الى مذبحة البابوية ومسيحييها الغربيين المزيفين ضد العرب واليهود وطردهم الجماعي من الاندلس في نهاية ذلك القرن، الى مذبحة الابادة الجماعية التركية ــ الكردية ضد الارمن والاشوريين والسريان واليونانيين في 1915 ــ 1922، الى مذبحة النازيين الالمان ضد الشعب الروسي خصوصا والشيوعيين الاوروبيين اليهود وغير اليهود عموما عشية وخلال الحرب العالمية الثانية.
و"المفتونون"، والاصح القول: المنبطحون امام الغرب الامبريالي، يتباهون انه بوجود "الدمقراطية الغربية"، بما تملك من نفوذ سياسي وقدرات اقتصادية وقوى عسكرية نووية وكلاسيكية هائلة، فإن مثل تلك المجازر لم يعد من الممكن ان تتكرر.
ولكن ما يجري اليوم في غزة، في نهاية الربع الاخير من القرن 21، هو مجزرة ضد الانسانية يندى لها جبين أوحش وحوش الارض. وتجري هذه المجزرة الرهيبة ليس فقط تحت سمع وبصر اميركا وحلف الناتو والاتحاد الاوروبي، بل بتحريض ودعم ومشاركة غير محدودة من قبلهم، وبصمت مريب (والسكوت علامة الرضا) من جانب انظمة التطبيع مع اسرائيل، لمن يدّعون العروبة والاسلام.
ولتبرير هذه الجريمة الكبرى ضد الانسانية فإن قادة الكيان الصهيوني يتهموننا، كفلسطينيين ولبنانيين وعرب مسلمين ومسيحيين، بأننا "حيوانات"، حسب تعبير ما يسمى وزير الدفاع الاسرائيلي. وانه يتم التعامل معنا على هذا الاساس، اليوم في غزة وغدا في اي ارض عربية او اسلامية اخرى اذا استطاعوا الى ذلك سبيلا.
واذا ــ وبالمعيار "الحضاري" ذاته ــ قلنا ان اليهود، الصهاينة "العلمانيين" و"القوميين" والتوراتيين والتلموديين، ومعهم بايدن وسوناك وماكرون وشولتس واضرابهم من القادة الغربيين اللبيرياليين و"الدمقراطيين" و"الاشتراكيين"، واذنابهم من "عربان التطبيع"، هم "الحيوانات" بامتياز، فستستاء منا الحيوانات ذاتها وترفض تشبيه "هكذا بشر" بها.
ولكن اذا تجردنا جدلا عن الجانب الاخلاقي والانساني لهذه المجزرة الفظيعة ضد الاطفال خصوصا والشعب المظلوم في غزة وفلسطين عموما، فعلينا ان نعترف ان العنف، المبرر او غير المبرر، المشروع او غير المشروع، لا يكون هو بحد ذاته غاية او هدفا، بل هو وسيلة للوصول الى هدف او غاية.
فالعملية البطولية الرائعة التي اذهلت العالم، والتي قامت بها المقاومة الفلسطينية بتاريخ 7 تشرين الاول 2023 كانت تعبيرا عن حتمية مقاومة الشعب العربي الفلسطيني للاحتلال اليهودي ــ الامبريالي لفلسطين، وتهدف الى تحرير فلسطين العربية ارضا وشعبا.
وقد زعزعت هذه العملية اسس الكيان الصهيوني وكشفت عجز الاعداء امام المقاومة الفلسطينية الباسلة مما افقدهم صوابهم، فشنوا حربهم الابادية الهتلرية الجديدة ضد الاطفال والامهات والمدنيين الفلسطينيين.
فما هي اهدافهم من هذه المجزرة الرهيبة؟
0 ـــ اول ما يلفت النظر في هذه الـ غرنيكا الجديدة لبيكاسو، هو تراكض القادة الغربيين، وعلى رأسهم قادة الولايات المتحدة الاميركية، للوقوف الى جانب الجزارين اليهود وشد أزرهم وتقديم كل اشكال الدعم لهم، بما في ذلك توجيه الاساطيل الحربية وحاملات الطائرات والقلا الطائرة النووية الى شرقي المتوسط. وفي الوقت نفسه بدأ ارسال الجنود و"المستشارين" العسكريين الاميركيين الى الكيان الصهيوني للمشاركة الميدانية مع الجيش الاسرائيلي. وهو ما لم تفعله اميركا والناتو في الحرب الاوكرانية ضد روسيا.
فهل الاطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين هم اخطر عسكريا على اميركا والناتو والاتحاد الاوروبي من روسيا العظمى النووية، فزاعة الكتلة الغربية بأسرها؟
طبعا لا!
اذاً ما هو تفسير هذا الهلع والجنون لقادة اميركا والغرب والكيان الصهيوني؟
لا حاجة لنا للتأكيد ان من يقود الجوقة الامبريالية الغربية واليهودية العالمية هي اميركا. ولذا، فلكي نفهم ما يجري ينبغي اولا النظر في ماذا تريد اميركا؟
وفيما يلي نحاول مقاربة الجواب على هذا السؤال الاساسي من خلال الوقائع ذاتها:
1 ـــ في 2 ايار 1945 رفع الجنود السوفيات (الروس) العلم الاحمر فوق قبة الرايخستاغ النازي في برلين. وفي اللحظة التي كان فيها الجنرالات النازيين الالمان يوقعون صك الاستسلام امام الروس، ادرك القادة الاميركيون ان الجيش الروسي الذي هزم المانيا النازية، قاهرة الغرب "الدمقراطي"، يمكنه، اذا قرر ذلك، الانتشار في كل اوروبا بـ"قفزة نمر سيبيري" واحدة. فقاموا في 6 اب 1945، اي بعد 3 اشهر و4 ايام من رفع العلم الاحمر الروسي فوق الرايخستاغ، بالقاء قنبلتهم النووية ضد مدينة هيروشيما اليابانية ثم قنبلة نووية اخرى ضد مدينة ناكازاكي، وذلك بدون اي ضرورة عسكرية.
وقد فسر جميع المراقبين الموضوعيين والمنصفين هذا التصرف الاميركي الوحشي والارعن ضد المدنيين اليابانيين، بأن الهدف الجيوستراتيجي منه هو ارهاب روسيا (العمود الفقري للاتحاد السوفياتي السابق)، ولجم احتمال اندفاعها نحو كامل المساحة الاوروبية. ولكن جميع القادة السياسيين والعسطريين الامبرياليين الاميركيين والاوروبيين ظلوا متأكيد ان الجيش الروسي سيبقى قادرا على اجتياح كل اوروبا، حتى لو ضربت مؤخرته بالقنبلة النووية، ولذا ظلت فرائص اولئك الفادة ترتعد امام مجرد ذكر اسم روسيا، وصارت عبارة "الروس قادمون" (The Russians are coming) شعارا للتخويف، كما كان شعارالتخويف "هنيبعل على الابواب" (Hannibal ad portas) في روما القديمة.
2 ـــ وفي 1970 قال الداهية هنري كيسينغر (مستشار الامن القومي الاميركي حينذاك) ان اكبر خطر يهدد اميركا و"زعامتها" العالمية هو احتمال قيام تحالف بين روسيا والصين. وفي تلك الايام قام كيسينغر برحلة سرية الى بكين ورتب زيارة الرئيس الاميركي حينذاك (نيكسون) الى الصين لفتح صفحة تعاون بينها وبين اميركا، بهدف ابعاد الصين عن روسيا. وعملا بخطة كيسينغر وظفت اميركا عشرات مليارات الدولارات في الاقتصاد الصيني. ونجحت خطة كيسينغر مرحليا، خصوصا في عهد الرئيس الصيني الاسبق دينغ هسياو بينغ. ولكن فيما بعد تبين ان الصينيين "اكلوا الطعم الاميركي" و"عملوها" على صنارة كيسينغر. فلا شك ان الصين استفادت نسبيا ومرحليا من العلاقات الاقتصادية مع اميركا. ولكن القيادة الشيوعية الصينية، التي هي وطنية بامتياز، سرعان ما اكتشفت وتأكدت ان الاميركيين يريدون ابعاد الصين عن روسيا، تمهيدا للاستفراد بها (اي الصين) والانقضاض عليها واعادة استعمارها باشكال جديدة لا سيما اقتصادية؛ وادرك قادة الصين ان المصلحة الوجودية لبلدهم وشعبهم تكمن في التحالف اولا واساسا مع روسيا، التي وان وجدت اي خلافات معها فهي ليس لها اي مطامع استعمارية تجاه الصين او اي بلد آخر.
3 ـــ وفي عهد دينغ هسياو بينغ وما بعده فإن الصين ــ مع الاستفادة جزئيا من التوظيفات الاميركية والغربية الاخرى ــ حققت نهضة اقتصادية كبرى، اسست في السنوات الاخيرة لان تحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة الاميركية من حيث حجم الاقتصاد الوطني؛ وهي تتقدم بثبات لكي تحتل المركز الاول في الاقتصاد العالمي في غضون العقدين القادمين. وهذا اخشى ما تخشاه الولايات المتحدة الاميركية التي تقوم زعامتها الدولية اولا واساسا على التفوق الاقتصادي على جميع دول العالم.
4 ـــ وبعد فشل الولايات المتحدة الاميركية في انجاح ما سمي "الربيع العربي" المشؤوم، وخصوصا بعد سقوط مشروع "دولة داعش" في سوريا والعراق و"دولة خوّان المسلمين" في مصر وتونس، وجدت الولايات المتحدة الاميركية نفسها مضطرة للانسحاب بالتدريج من افغاستان والعراق وسوريا والشرق الاوسط، واخذت تحشد اساطيلها وقواتها العسكرية في الشرق الاقصى في البحور والمحيطات المحيطة بالصين، تحضيرا لشن حرب اقليمية ضدها، الهدف الاساسي منها استنزاف الصين اقتصاديا لمنعها من تجاوز الاقتصاد الاميركي.
وفي الوقت ذاته كانت القيادة الاميركية تخطط لشن حرب ناتوية خاطفة ضد روسيا، انطلاقا من الاراضي الاوكرانية، بهدف حد ادنى هو إلهاؤها وهدف حد اعلى هو محاولة اعادة السيطرة عليها ونهب خيراتها. وفي كل الحالات كان ولا يزال العدف الملح بالنسبة لاميركا هو الوقوف اقتصاديا بوجه الاقتصاد الصيني متسارع النمو ومنع تقدمه على الاقتصاد الاميركي. ولكن القيادة الوطنية الروسية كانت متيقظة تماما لما يدبر ضد روسيا، فوجهت ضربتها الاستباقية لاميركا والناتو في شباط 2022، وبدأت هي حرب استنزاف عسكرية واقتصادية ضد اميركا والناتو والاتحاد الاوروبي. فاضطرت اميركا من جديد للعودة نحو مخطط اشعال حرب اقليمية ضد الصين في الشرق الاقصى، لاجل استنزافها اقتصاديا، والحؤول دون تقدمها الاقتصادي المتواصل، خصوصا بعد النجاحات التي حققتها الصين في مشروع "الحزام والطريق" لانشاء شبكة مواصلات وتجارة عالمية تمتد من الصين الى اوروبا عبر الشرق الاوسط، وتتفرع الى جميع انحاء العالم. ولكن الصين سارعت الى عقد اتفاقات تعاون اقتصادي شامل طويلة الامد (40 سنة و25 سنة مع روسيا وايران). وشرعت الدول الشرقية الثلاث في اجراء مناورات عسكرية مشتركة بحرية وجوية وبرية، استعدادا للرد، حتى بالسلاح النووي، ضد اي عدوان امبريالي غربي على اي منها. فأسقط تماما في يد اميركا على المستوى العسكري ايضا.
5 ـــ ولكن القيادة الامبريالية الاميركية لم تستسلم طبعا، فطرحت مؤخرا خلال "قمة العشرين" التي عقدت في الهند في ايلول 2023 مشروع "طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا"، لمواجهة المشروع الصيني "طريق الصين ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" المدعوم من قبل روسيا وايران. وكانت الدوائر الاميركية المختصة قد حضّرت لهذا المشروع منذ اشهر. وقد اتفق الرئيسان الاميركي والهندي (وهو هندوسي متعصب) وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على تحقيق المشروع الاميركي. ووعد بايدن شريكيه بتقديم الدراسات اللازمة عن المشروع خلال 60 يوما.
6 ـــ وفي رأينا المتواضع ان المعطيات الاساسية التي تنطلق منها القيادة الاميركية في هذا المشروع، والاهداف الرئيسية التي تسعى للتوصل اليها، يمكن تلخيصها في ما يلي:
أ ـــ ان اميركا لا تمتلك القدرة على الاستفراد بالصين والانتصار عليها عسكريا (مع انها اضعف من اميركا بكثير عسكريا) لانه الى جانب الصين يقف العملاق النووي الروسي ومحور المقاومة العربية ــ الاسلامية بقيادة النمر الايراني الثوري المتوثب.
ب ـــ كما ولا تمتلك اميركا القدرة على منافسة الصين تجاريا واقتصاديا، بسبب الدين العام الكبير على الدولة الاميركية، والتضخم الهائل، وارتفاع كلفة المعيشة والسعر الاسمي والفعلي لليد العاملة الاميركية، والتفكك العنصري والديني والاتني والنزاعات الداخلية المتفاقمة في اميركا. في حين ان الصين تمتلك اقتصادا مركزيا مبرمجا وموجها، والدولة هي التي تمتلك فائض القيمة المنتجة، ومع تأمين مستوى معيشة لائق لجميع المواطنين ونظام وطني شامل للسكن والخدمات والضمانات الصحية والتعليمية والامومة والشيخوخة، فإن السعر الاسمي والفعلي لليد العاملة الصينية هو ادنى بكثير مما في اميركا، مما يتيح للصين انتاج السلع الارخص التي تكتسح بها اسواق العالم بما فيها السوق الاميركية، وغير ذلك كثير من الميزات التي يتفوق فيها النظام الاقتصادي ــ الاجتماعي ــ السياسي الصيني على النظام الاميركي.
ج ـــ ان الهند هي ايضا بلد كبير سكانيا (اكثر من مليار و300 مليون نسمة)، اي انها تمتلك جيشا ضخما من اليد العاملة ذات السعر الاسمي والفعلي الادنى بكثير مما لاميركا، وهو ما يساعد على انتاج سلع رخيصة بنفس الجودة العالمية وقادرة على منافسة السلع الصينية في الاسواق العالمية، وهو ما لا تستطيعه اميركا.
د ــ يوجد في اميركا عشرات الوف الادمغة (علماء وخبراء واختصاصيين) من الهنود الذين يعملون في اميركا لانهم يتلقون اجورا اعلى مما في وطنهم الاصلي الهند. ويمكن توجيه هؤلاء الادمغة الهنود ــ الاميركيين للعمل في الهند في شركات اميركية او اميركية ــ هندية ــ اوروبية ــ عالمية مختلطة جديدة يتم انشاؤها في الهند، مع الاحتفاظ بمعدل اجورهم ذاتها التي يحصلون عليها الان في اميركا او حتى اعلى منها.
هـ ــ ان محور روسيا والصين وايران وحلفاءه يعملون على استبعاد الدولار من النظام المالي العالمي، وهو ما سيؤدي في نهابة المطاف الى السقوط المريع لنظام بريتون وودز المالي اي سقوط الدولار كعملة دولية مهيمنة. وقبل حلول هذه الكارثة القادمة كالقدر المحتوم على اميركا، عاجلا او آجلا، يمكن ــ حتى الان وقبل فوات الاوان ــ للحزبين الامبرياليين الاميركيين (الجمهوري والدمقراطي) والكتل المالية الامبريالية العالمية الكبرى: اليهودية ـ البروتستانتية ــ الكاثوليكية ــ الاسلامية (السعودية وزعانفها)، ولمؤسستي الرئاسة والكونغرس الاميركيتين، ان يتفقوا على زيادة كبرى في الدين العام للدولة الاميركية، وطباعة كمية هائلة جديدة من الدولارات الورقية الاميركية، بهدف ضخ رساميل بمئات والوف مليارات الدولارات وتوظيفها في الهند، و"نفخ" اقتصادها اضعافا مضاعفة عما هو الان، وتحويل الهند الى عملاق اقتصادي ــ سياسي ــ عسكري جديد، موالٍ للامبريالية الاميركية واليهودية العالمية والاسلاموية (السعودية وزعانفها)، كي يقوم هذا العملاق المصطنع بمنافسة الصين خصوصا والمحور الشرقي الروسي ــ الصيني ــ الايراني وحلفائه عموما. ومشروع "طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" هو الخطوة الاولى الكبرى في هذا الاتجاه.
و ـــ ان استخراج وتصنيع وتسويق النفط والغاز في شرق المتوسط سيغير جذريا وجه النظام الاقتصادي والمالي والتجاري والجيوسياسي والجيوستراتيجي العالمي. ومشروعا "طريق الصين ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" و"طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا"، "يحتويان" حكما، كلا من جانبه، استخراج وتصنيع النفط والغاز في شرق المتوسط وتسويقه عالميا.
ز ــ ان محور الجيوسياسة والجيوستراتيجيا، ومحور النظام الاقتصادي والمالي والتجاري، العالمي، سيدوران، في العقود القادمة، على التنافس بين مشروعي "طريق الصين ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" و"طريق الهند ـ الشرق الاوسط ــ اوروبا". والحرب الراهنة لابادة الفلسطينيين وطرجهم من غزة هي بداية.
ح ـــ ان هذه المنافسة الدولية الكبرى، التي بدأت للتو، سيقتضي مجراها اعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للعالم، بدءا من اعادة رسم الخريطة الجيوسياسية لـ"الشرق الاوسط الكبير" كما سمته غونداليزا رايس، ومعه كل الجغرافيا السياسية الاسيوية غربي الهند.
7 ـــ ان مشروع "طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" يقتضي دعم وتقوية وتضخيم الهند وتكوين "هند عظمى" واستمالتها المتزايدة من قبل التركيبة الامبريالية الاميركية ــ الغربية ــ اليهودية ــ البترو-اسلاموية. وسقتضي في الوقت ذاته العمل لتفكيك جميع الدول الاخرى غربي وجنوب غربي هذه "الهند العظمى". واللائحة في هذا السياق هي طويلة جدا، ونحاول ان نلخصها فيما يلي:
*** الدفع باتجاه حل النزاع الهندي ــ الباكستاني حول كشمير، وتبني وتدعيم المنظمات والتيارات الارهابية ــ الاسلاموية المتجلببة زورا بالطائفية المذهبية السنية في باكستان وافغانستان، وسحق التيارات الشيعية المعادية للامبريالية الغربية واسرائيل والصهيونية في هذه البلدان.
*** العمل على ايجاد صيغ توحيدية (فيديرالية، كونفيديرالية او غيرها) بين الهند وباكستان وبنغلادش وافغانستان وغيرها من دول شرقي اسيا.
*** العمل على تفكيك جميع دول الشرق الاوسط الكبير العربية وايران وتركيا.
*** إنكار وجود الشعب الفلسطيني، وفرض "الحل النهائي" للقضية الفلسطينية بالابادة الجماعية لهذا الشعب، بواسطة المجازر والحصار والتجويع، وطرد الفلسطينيين من اراضيهم التاريخية وتشتيت من يتبقى منهم حيا في كافة ارجاء المعمورة ومنعهم من تنظيم انفسهم وتطوير اوضاعهم الانسانية وابراز هويتهم الفلسطينية ــ العربية حتى في الشتات، والزعم ان الفلسطينيين هم "عرب غزاة" دخلاء على فلسطين، اغتصبوا الارض التي وهبها الله لبني اسرائيل!
*** تفكيك لبنان وسوريا والاردن والعراق واليمن وسحق المقاومة والبيئة الشعبية الحاضنة لها في هذه البلدان.
*** ضرب وتمزيق والعمل لحرف المؤسسة الدينية الشيعية، اينما وجدت، التي قادتها الجدلية التاريخية الى التماهي مع المقاومة، والثورة على الظلم، والتبني المتسامي للمبادئ السامية العامة، للحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، الوطنية والانسانية، وهي المبادئ التي ــ بفعل جدلية الصراع القائم ــ اخذت المؤسسة الدينية الشيعية تحمّل بها خطابها الديني، الخاص.
*** سحق الجماهير الشعبية للطائفة الشيعية في البلدان العربية وايران وافغانستان وباكستان، وطرد من يتبقى منهم احياء وتشتيتهم في كل ارجاء المعمورة.
*** شق الكنيسة الاورثوذوكسية في اليونان واوكرانيا واوروبا الشرقية والمشرق العربي ومصر واثيوبيا، وفصل العلاقات بينها وبين الكنيسة الاورثوذوكسية الروسية، وافتعال نزاع مصطنع بين الدولتين اليونانية والروسية.
*** تجديد النزاع التركي اليوناني، انطلاقا من قبرص، واللعب على الطرفين لاستمرار استمالتهما الى حلف الناتو، وقطع الطريق على التقارب الروسي ــ التركي والايراني ــ التركي والايراني ــ السعودي والتركي ــ السوري والتركي ــ المصري والروسي ــ اليوناني.
*** بعث ودعم مشروع انشاء "دولة اسرائيل الكبرى". ونزع الجنسية الاسرائيلية ممن يسمون "عرب اسرائيل" وطردهم مع جميع الفلسطينيين من جميع الاراضي الفلسطينية.
*** دفن دولة لبنان الحالية، القائمة على التوافق او التعايش الطائفي الكاذب، عن طريق التحضير خصوصا لفتنة كبرى سنية ــ شيعية، يُستدرج اليها حزب الله ويستخدم فيها "الجيش الداعشي الضخم النائم" الذي أدخل الى لبنان تحت ستار "النازحين" من سوريا.
*** بعث مشروع انشاء "وطن قومي مسيحي" في "طبعة جديدة اميركية" لـ"دولة لبنان كبير" جديدة، موالية للامبريالية الغربية واسرائيل، وتشمل "الاراضي المسيحية" في جبل لبنان، وبيروت (بعد سحق والاحياء الشيعية فيها مع الضاحية الجنوبية)، وجزءا كبيرا من الاراضي والسواحل السورية حتى الحدود التركية. وتكون هذه "الدولة المسيحية الصليبية" تابعة للفاتيكان "روحيا"، ومعادية لروسيا الاورثوذوكسية وللعرب والمسلمين، وخاصة للفلسطينيين، وتضطلع بدور قاعدة عسكرية رئيسية للناتو، ومرتكزا اساسيا لـ"طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا"، ولمشاريع استخراج النفط والغاز في شرق المتوسط والتصنيع والنقل والتسويق عالميا، كتفا الى كتف مع دولة "اسرائيل كبرى" جديدة، ودولة "كردستان كبرى" جديدة، والدولة اليونانية المعادية لروسيا والموالية للناتو والامبريالية الغربية واسرائيل.
*** تأسيس "وطن قومي كردي" وانشاء "دولة كردية كبرى" معادية خصوصا للعرب وايران و"حليفة" لاميركا واسرائيل، وتشمل اراضيها شرق وشمالي شرق سوريا وشمالي العراق (بما في هاتين المنطقتين من حقول للنفط والغاز) وقسما كبيرا من اراضي الدولة التركية الحالية (ما كان يسمى آسيا الصغرى، التي كانت تاريخيا اراضٍ يونانية)، وطرد القبائل العربية من هذه الدولة، ثم سحق وطرد من تبقى من الاشوريين والسريان والمسيحيين فيها، وتوطين قسم منهم في "دولة لبنان الكبير" الجديدة، وتشتيت الباقين. و"بفضل" الخيانة الوطنية المكشوفة، لشعبها الحاص ولجميع شعوب المنطقة، من فبل القيادات الشوفينية الكردية، و"ثقة" القيادات الامبريالية الغربية واليهودية العالمية بها، فمن المرجح ان تصبح هذه الدولة قاعدة عسكرية متقدمة للامبريالية الاميركية والغربية في الشرق الاوسط، اكبر واضخم واقوى من اسرائيل ذاتها. وستغدق عليها "المساعدات" المالية واللوجستية والتسليحية اكثر مما اغدق ويغدق الى الان على اسرائيل. وسيتم دفعها وتشجيعها لتحريك الصراع مع ايران الثورة وحتى شن حرب اقليمية "تحت السيطرة" ضدها، بحجة "النضال المشروع!"، المدعوم من قبل كتلة الدول الغربية وحلفائها بزعامة اميركا، تحت شعار "حق تقرير المصير للشعب الكردي" و"حق النضال المشروع!" لاجل "تحرير!" المنطقة الكردية "المحتلة!" من قبل ايران.
*** بعث مشروع تأسيس دولة درزية موالية لاسرائيل، تشمل جبل الدروز في سوريا، والجولان المحتل، والجليل في فلسطين المحتلة، ومنطقة حاصبيا وراشيا والعرقوب والمتن الجنوبي والشوف في لبنان، وطرد المسيحيين من هذه المناطق، وتوطينهم في "دولة لبنان الكبير"" الجديدة.
*** فرز جيب على الشاطئ السوري، في بطن "دولة لبنان الكبير" الجديدة، لتأسيس دولة علوية ضعيفة وفقيرة ومعزولة، وتوطين العلويين الاتراك (الكوزلباش) فيها بعد طردهم من "تركيا العثمانية الجديدة"، الى جانب العلويين السوريين، وابعاد المسيحيين من هذه الدولة وتوطينهم في "دولة لبنان الكبير" الجديدة.
*** تأسيس ميني سلطنة او خلافة عثمانية جديدة، موالية للامبريالية الغربية واسرائيل، على جزء من ارض الدولة التركية الحالية، وطرد المسيحيين والعلويين الاتراك (الكوزلباش) منها. ودفع وتشجيع هذه الدولة العثمانية الجديدة لتحريك النزعات الاسلاموية والعنصرية لدى الشعوب ذات الاصول الطورانية في الجمهوريات الاسلامية السوفياتية السابقة، وتوجيهها ضد الروس والارمن والمسيحيين، تحت شعار تحقيق "الوحدة التركية" واقامة "دولة تركية كبرى" مرتبطة بالامبريالية الغربية واليهودية العالمية.
*** تفكيك الدولة الايرانية الحالية على قاعدة تحريك وتسعير النزعة الشوفينية الفارسية، وسحق المؤسسة الدينية الشيعية فيها، وانشاء ميني دولة شاهنشاهية فارسية شوفينية جديدة موالية للامبريالية الغربية واسرائيل، وطرد المسيحيين منها.
*** تفكيك مصر العربية، وانشاء دولتبين مصريتين: ــ الاولى ــ "دولة قطرية مصرية انعزالية" معادية للعروبة، ومرتبطة بالامبريالية الغربية واليهودية العالمية؛ ــ والثانية ــ "دولة قبطية مسيحية"، معادية للعروبة وللاسلام، تابعة للفاتيكان "روحيا"، ومرتبطة هي الاخرى بالامبريالية الغربية واليهودية العالمية.
*** تفكيك دول المغرب العربي الكبير وانشاء "دولة امازيغية كبرى"، معادية للعروبة، ومرتبطة بالامبريالية الغربية واليهودية العالمية.
*** زرع المنطقة العربية من المحيط الى الخليج، بسلسلة فسيفسائية طويلة (بصورة: مشيخة، امارة، مملكة، وحتى خلافة داعشية) من الدول ــ المدن القزمة، الاسلاموية ــ السنية، تتبعثر من المحيط الى الخليج، تتنافس وتتنازع فيما بينها (على طريقة نزاع "داعش" و"النصرة" واخواتهما في سوريا)، وتتناحر مع الدول المسيحية والكردية والعلوية والدرزية والتركية العثمانية والفارسية الشاهنشاهية، وتخضع كلها للسيد الاميركي والسعودية وزعانفها واسرائيل. وتتقاسم النفوذ في جميع تلك الدول المصطنعة الولايات المتحدة الاميركية واليهودية العالمية والبابوية ومختلف الدول الامبريالية الاوروبية.
*** واخيرا لا آخرا استقدام بضعة ملايين من الهنود والباكستانيين والبنغلاديشيين وغيرهم الى السعودية ودول الخليج وتجنيسهم. ثم تفكيك هذه الدول وإبعاد غالبية سكانها الاصليين العرب الى الصحراء، وحصرهم في معازل او "محميات طبيعية" واجبارهم على العودة الى حياة البداوة من جديد.
*** انشاء عدة دول ــ مدن خيالية (كمدينة "نيوم" لصاحبها الامير المعظم محمد بن سلمان!) فوق مختلف حقول النفط والغاز في الخليج وشبه الجزيرة العربية ("دولة ــ مدينة"، عليها ملك، او امير، او شيخ، او "خليفة"، لكل حقل). ويقوم على خدمة هذه "الدول ــ المدن" المصطنعة المجنسون من الهنود والباكستانيين الخ. ويعيش في كل من هذه "الدول ــ المدن" "اصحابها" من الملوك والامراء والشيوخ و"الخلفاء" وعائلاتهم ومحظياتهم وابناء عشائرهم، ويكون "شغلهم" الوحيد قبض عائدات النفط والغاز وبدلات الاجار الخيالية للعقارات الفضائية العائدة لهم، والتي يسكنها كبار رجال المافيات العالمية واصحاب المليارات الاجانب، ويقضي هؤلاء الملوك والامراء والشيوخ و"الخلفاء"، وحواشيهم وعشائرهم، و"اصدقاؤهم" المافياويون والمليارديرية الاجانب كل اوقاتهم "الثمينة جدا!" في البذخ والترفيه والتسلية والعربدة في الحانات والبارات والمراقص الخلاعية ونوادي القمار ونوادي العراة والمثليين وصالات عرض الافلام الاباحية ذات المستوى الفني التحفوي الرفيع، واللهو والمتعة في الصالونات الفارهة الخاصة بـ"الدعارة الراقية"، ثم تمضية "اوقات الفراغ" في التسلية بالتفرج على العاب الطيران البهلواني والمناطيد الملونة، والمباريات العالمية، وسباقات اليخوت والطائرت الصغيرة الخاصة، والسيارت من آخر طراز، وطبعا سباقات الخيول العربية الاصيلة، والجمال، والحمير، والكلاب، وكل "المنجزات" الاخرى من احط اشكال "الحضارة" الغربية والتقليدية العربية المزعومة.
8 ـــ ان الهدف الجيوسياسي والجيوستراتيجي الاكبر للامبريالية الاميركية ــ الغربية ــ اليهودية هو اولا: تمزيق وتحطيم الامة العربية والقضاء على وجودها كمكوّن حضاري تاريخي للمجتمع الانساني، والاستيلاء على اراضي العالم العربي ــ الاسلامي ونهبها بوحشية، وتحويل شعوبه الى "قطعان شبه بشرية" همجية الجوهر عصرية المظهر، تستخدم كقوة معادية ومحاربة ضد النهضة الحضارية الجديدة للعالم التي يقودها "المحور الشرقي الجديد" الروسي ــ الصيني ــ الايراني.
9 ـــ وهذا النهج والمخطط التفكيكي ــ التقسيمي ــ التدميري ــ الاجرامي ــ اللاانساني، للامبريالية الغربية واليهودية العالمية، تقوده "روحيا" القيادات العالمية للمؤسسات الدينية اليهودية والبروتستانتية والداعشية والمدَعْوشة، والقيادات العليا السياسية والعسكرية والمخابراتية، وما يتبعها من مؤسسات علمية و"ثقافية" واعلامية مأجورة في جميع الدول الامبريالية الغربية وحلفائها.
10 ـــ وعلى الضد تماما من هذا النهج، الهادف الى شق الطريق على مراحل امام مشروع "طريق الهند ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا"، فإن مشروع "طريق الصين ــ الشرق الاوسط ــ اوروبا" الذي بادرت لاطلاقه القيادة الصينية في 2012 تحت اسم "طريق واحد ــ حزام واحد"، وتدعمه روسيا وايران وحلفاؤهما، فإنه يقتضي العمل الحثيث لتحقيق التقارب والتعاون والتحالف وحتى الاتحاد بين مختلف الدول العربية خاصة، ودول الشرق الاوسط الكبير عامة. وهذا ما ظهر بجلاء في الجهود الروسية والصينية والايرانية لازالة او تجميد الخلافات وفتح صفحات جديدة للتعاون بين ايران والسعودية وتركيا وسوريا ومصر، والعمل لاحلال السلام ووقف العدوان ضد الشعب اليمني المظلوم، والسعي لرفع الحصار الظالم عن سوريا، ولمساعدة لبنان على الخروج من ازمته الوجودية الحالية، وتقديم الدعم للمقاومة الاسلامية والوطنية الفلسطينية واللبنانية والعربية. وتلقي روسيا والصين، الى جانب ايران، بكل وزنها لحل "القضية الفلسطينية" على قاعدة مساعدة الشعب الفلسطيني المظلوم على التحرر من الاحتلال الاسرائيلي وتحرير كل الارض الفلسطينية. واستنادا الى ان الهدف الاسمى للمقاومة هو التحرير وليس الانتقام الشوفيني والديني، فإن المقاومة الاسلامية والوطنية الفلسطينية والعربية، المناضلة لاجل تحرير فلسطين، هي مدعوة تاريخيا، بعد التحرير، الى ايجاد حل سلمي انساني عادل لـ"المسألة اليهودية" ذاتها الموروثة تاريخيا وعالميا، لمساعدة اليهود على الاندماج الايجابي في البلدان التي يولدون فيها، ومن ضمن ذلك امكانية وجود وعيش مواطنين يهود رافضين للصهيونية، في فلسطين العربية وغيرها من البلدان العربية.
000
واذا كانت الامبريالية الاميركية وحلفاؤها الاوروبيون الغربيون وهتلريو العصر "اليهود الصهاينة والتوراتيون والتلموديون"، يعتقدون ان حاملات الطائرات والاساطيل الحربية والطيران الاميركي الحديث الاجرامي والقنابل من وزن طن التي تلقى على منازل الفلسطينيين الفقراء وتمزق اجساد اطفالهم، والقنابل الفوسفورية الحارقة، والقنابل النووية التي يرفعها اليوم بايدن "الدمقراطي" فوق رؤوس المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعربية وايران، يمكن ان تفرض المشاريع الامبريالية العالمية على الشعب الفلسطيني وشعوب الامة العربية العريقة، المناضلة والباسلة، والشعب الايراني العظيم ذي الحضارة الالفية، فهم يخطئون الحساب تماما، ولا يقرأون التاريخ او يقرأونه بالمقلوب. وينبغي تذكيرهم ان الشمس تشرق من الشرق، شرقنا، وتغيب في الغرب، غربهم، ومهما اشتدت ظلامية الهمجية الغربية ــ اليهودية فإنها لن تستطيع ان تطفئ نور الشمس.
وان اطفال غزة الجياع والعطشى، الذين تمزق الان اجسادهم النحيلة الصواريخ المجنحة لطائرات الـF-35، الاميركية، انما يمثلون الوجه المشرق للحضارة الانسانية، وهم يقفون في الخط الامامي في هذه المواجهة التاريخية الفاصلة ضد الهمجية الامبريالية الاميركية والغربية واليهودية العالمية، ويقدمون ارواحهم البريئة من الانحطاط اللاانساني اليهودي ــ الغربي، دفاعا عن ارضهم وشعبهم وعن شعوب الامة العربية جمعاء والانسانية قاطبة. وهذه الروحية الطفولية الروحانية الطاهرة ستنتصر حتما على الظلامية الهمجية والحيوانية!
وليس عبئا ان بوتين شبّه حصار غزة بحصار لينينغراد، (بتروغراد حاليا)، المدينة الروسية البطلة التي ولد ونشأ هو فيها، والتي صمدت 900 يوم امام الحصار النازي، واستشهد نصف اهلها الـ3 ملايين، نتيجة القصف والجوع والمرض، خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنها لم تستسلم، الى ان سقطت النازية تحت اقدام الجنود الابطال للجيش الاحمر المجيد، وذهبت الهتلرية الى مزبلة التاريخ.
والاجساد الممزقة لاطفال غزة حتى الرضع، والنساء والشيوخ والمدنيين، ودموع ودماء الامهات والاباء الفلسطينيين، وتضحيات الشهداء والجرحى الابرار وبطولات المقاومين الاماجد، في غزة وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وكل الارض العربية، المطهرة والمقدسة بدماء الشهداء، وارادة جميع الشعوب الاسلامية والجماهير الشعبية المناضلة في العالم اجمع، التي تقف الى جانب القضية العادلة للشعب الفلسطيني الجبار، هي التي ستنتصر على الامبريالية والصهيونية والصليبية الجديدة والداعشية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -