الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخرجات الحرب الدائرة في غزة

طلال بركات

2023 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تريثت كثيراً قبل الكتابة عن الاحداث المتسارعة في غزة بسبب الترقب بما سينجلي علية الموقف، ولكن قررت الكتابة بشيء من الاسهاب والتفصيل بعد خطاب نصر الله وقبل ذلك مشاهدتي لأحدى الفديوات اليومية التي ينشرها عبد الباري عطوان عن خفايا الصراع الدائر في غزة والمعلومة الخطيرة التي لا يعلمها الا الراسخون في الخيانة، حيث ادعى عطوان بأن امريكا واسرائيل قررتا ضرب ايران يوم الخميس المصادف 10/12 بينما ايران استبقت الامر واوعزت الى حماس ضرب اسرائيل يوم السبت 10/7 لارباك المخطط الامريكي الاسرائيلي قبل حلول يوم الخميس، وبذلك اراد ان يؤكد ان حماس قامت بضرب اسرائيل بايعاز ايراني ولمصلحة ايران دون مبالاة لرد الفعل الاسرائيلي، في الوقت ان حسن نصر الله اكد في خطابة الاخير ان المعركة فلسطينية بالكامل ولا علاقة لايران وحزب الله في ذلك، ولا نعلم من نصدق .. بمعنى ان صحت رواية عبد الباري عطوان فأن ايران نجحت في ابعاد الحرب عن اراضيها وجعلت حماس تقدّم غزة قربان لاجل عيون ملالي طهران .. وعند تحليل موقف الحرب بشكل موضوعي بغض النظر عن مدى صدق هذة المعلومة من عدمها فأن ميزان الربح والخسارة يجب ان يكون حاضراً لتقييم ما حصل من تصعيد بين حماس واسرائيل سواء على الصعيد السياسي او العسكري .. فأما على الصعيد السياسي فأن إسرائيل لاقت دعم سياسي دولي رسمي ( رسمي ) غير مسبوق ولولا الضغط الشعبي لشاركت بعض الدول في الحرب بجانب اسرائيل، في الوقت الذي تغافل المجتمع الدولي عن مأساة الشعب الفلسطيني على مدى 75 عام .. اما على الصعيد العسكري لا احد ينكر ان الاختراق الامني في العملية التي قامت بها حماس ادت الى انهاء فكرة الجيش الذي لا يقهر وبشهادة أحد المستوطنين الناجين عندما قال نحن لم نعد نثق في قدرات جيش الدفاع. ولكن وفق المفهوم الاستراتيجي ان اي طرف من الناحية العسكرية عندما يريد ان يقوم بهجوم مباغت عليه ان يضع في حساباته مدى قوة رد الفعل وكيفية مواجهتها بقوة ردع تماثل قوة الطرف المقابل .. بينما الوقائع على الارض في غزة ظهرت غير ذلك حيث لم يسجل التاريخ حرب ابادة وعقاب جماعي لمدينة يبلغ نفوسها 2 مليون نسمة بجريرة حماس التي لم يتجاوز عددهم 5% من سكان غزة لذلك ليس من العدل والانصاف ان تدمر مدينة بهذا الشكل الوحشي وابنائها من الاطفال والنساء يقتلون ويقبرون تحت الانقاض بلا عدل ولا رحمة، لذلك هناك كثير من رجال السياسة والاعلام يقولون ان حماس لم تقدّر العواقب بعد حجم الدمار الذي حل في غزة وما تبعها من كوارث إنسانية خطيرة وسط صمت دولي رهيب، وكوارث ستراتيجية أخطر على صعيد الوطن العربي بعد جعل امريكا وبوارجها في قلب المواجهة مع العرب، في الوقت ان ايران رائدة الممانعة والمقاومة انزوت عن الاضواء وتبرأ الخامنئي عن ما قامت به حماس، وايضاً ما ورد على لسان مندوب ايران في الامم المتحدة بأن "ايران سوف لن تتدخل الا في حالة تعرضها الى هجوم مباشر" ونفس الكلام رددته اسرائيل بأنها لن تهاجم ايران الا اذا تعرضت لهجوم مباشر من قوات ايرانية شرط ان تكون من داخل ايران بالاضافة الى ما ردده مسؤولين ومقربين من ايران ان اسرائيل ليست الهدف وانما السعودية .. بمعنى هناك توافق على عدم المواجهة والاكثر من ذلك ان الرئيس بايدن ووزير خارجيته قدما تبريرات لايران بعدم وجود دليل على ضلوعها في الهجوم على غزة، بعدما كانت ايران تتبجح على الملأ على مدى عقود بأنها الداعمة والراعية الاولى لفصائل محور المقاومة الذين بدورهم صدعوا رؤوس العالم بالاشادة في الدعم الايراني السخي من اموال وسلاح وعتاد وصواريخ .. وفي النهاية زاغت الافعى عن الابصار وورطت حماس في مواجهة منفردة بعدما تعهدت هي واتباعها خصوصاً حسن نصرالله بفتح خمسة جبهات حرب بدءً من ايران وسوريا والعراق ولبنان واليمن عند الهجوم البري على غزة الا إنه لم يتحقق من ذلك غير سيل من المزايدات والاكاذيب حصيلتها مكاسب لايران في الوطن العربي تحت غطاء الدفاع عن القدس وفلسطين، ولكن بعد الهجوم على غزة تراجع خطاب محور المقاومة بعدم دخول الحرب الا اذا تعرضت حماس للانهيار بينما كان الحديث في السابق يدور عن الرد الخماسي ووحدة الساحات باعتبار ان المقاومة يد واحدة في مواجهة اي عدوان اسرائيلي كما كان يروج، والسؤال لو انهارت حماس ماذا ينفع تدخلكم، هل يمكن للدواء احياء الميت .. يتبين من ذلك ان ايران قد حسمت موقفها بالابتعاد عن دائرة الصراع حتى بات واضحاً ان مهمتها الاستمرار في لعب دور مخادع لتأزيم المواقف لزيادة التوترات في المنطقة خصوصاً بعدما تم دفع الميليشيات المواليه لها باطلاق رشقات صاروخية على القواعد الامريكية في سوريا والعراق وقيام حزب الله بمناوشات محدودة متفق عليها على الحدود اللبنانية بطريقة فعل ورد فعل ضمن رقعة جغرافية محدودة في اطار ما يسمى الالتزام بقواعد الاشتباك، ليس للمشاغلة من اجل التخفيف عن القصف المفرط على قطاع غزة كما ادعى نصر الله، وانما لتجنب فقدان الثقة بملالي طهران من قبل اتباعهم العرب، مع ترويج فكرة ان ايران لم تغدر بحماس بل وفت بوعودها بدليل ان حزب الله يتبادل القصف مع اسرائيل في قرى محيطة بمزارع شبعا المحتلة من قبل 46 عاماً، فأن الذي لم يحرر قرية لبنانية لا يمكنه تحرير القدس، لهذا بات من المؤكد ان دور ايران الحقيقي هو توسيع دائرة الصراع وتهيئة اجواء تبرر لتدخلات قوى خارجية تمكّن لاسرائيل احتلال غزة وتهجير ابنائها ومن ثم ضم اراضيها لانها مدينة سنية لا تعني شيء لحزب الله ولا لايران التي دائماً ما تصعّد في الخطاب الناري والشحن الطائفي ونشر التطرف واللعب على ورقة العاطفة والعنتريات الفارغة التي لا تقدم ولا تؤخر ثم تنأى بنفسها عن ما يفعل اتباعها من تصعيد عسكري لان المعروف عن الفرس اصحاب غدر وخداع ولا عهد لهم، وهذا ما قاموا به بتوريط حماس بعدما اختلفوا معها بشأن سوريا وقد نوه عن ذلك خالد مشعل في احد مقابلاته التلفزيونية بان هناك خلاف كان بين ايران وحماس حول سوريا بعد رفضهم المشاركة في ضرب ادلب والاعتراض على تدمير حلب، مما اوقفت ايران مساعداتها لحماس حسب قوله، واليوم يبدو قد حان وقت عقابها وبترها من جسد محور المقاومة التي اريد لهذا المحور ان يكون من مكون مذهبي واحد يدين بالولاء المطلق لولي الفقيه لكي ينفذ ما تريده ايران دون اعتراض، وهذا ما دفعها بغدر حماس وزجها في فخ فارسي خبيث للانتقام من هويتها العربية بالرغم من الرداء الاسلامي الذي تتوشح به، لذلك آن الاوان لحماس ان تكشف المخفي والمستخبي عن عملية الغدر التي حلت بها، كما كشفت الايام الكثير من ما كان مخفى طوال السنين التي مضت من تعاون بات مكشوف ما بين امريكا واسرائيل وايران، وما القرار الدولي المفاجئ برفع العقوبات عن ايران في هذا التوقيت والاقرار بأن انشطة ايران النووية للاغراض السلمية، ورفع القيود على برنامج الصواريخ الباليستية، فضلاً عن تسريح المليارات من الاموال المجمدة ليس الا دليل على ان ايران قبضت ثمن سياستها التدميرية في المنطقة .. وبذلك يتبين من مخرجات الحرب الدائرة في غزة الحقائق التالية :-
اولاً : الحرب كشفت اكذوبة ما يسمى محور المقاومة الذي أنشأته ايران لتنفيذ اجنداتها في المنطقة وقد تأكد بشكل جلي ان هذا المحور لا علاقة له بالدفاع عن فلسطين ولا القدس ولا سوريا الصامته ولا لبنان المكلوم ولا صنعاء الاسيرة ولا غير ذلك من ابواق محور الممانعة والمقاومة وانما تنسيق وتعاون لم يعد خفي على تنفيذ مخططات ترمي الى تقاسم النفوذ بعد شرذمة الدول السنية المستهدفة في المنطقة .
ثانياً : الحرب ادت الى تحريك القضية الفلسطينية بعدما جمدت في ثلاجات التسويف طيلة السنين التي مضت، وقد عاد الحديث عن مشروع حل الدولتين ولكن ما يدور في الاروقة السياسية من مخططات خلاف ذلك والامر لا يعدو سوى تخدير للمشاعر العربية الملتهبة من جراء ما يحصل من مآسي وسط انحياز امريكي واضح لاسرائيل .
ثالثاً : ثبت تقصير العرب وهزالة مواقفهم وغياب التضامن العربي المشترك في مواجهة التحديات المصيرية التي تهدد الامن القومي ورمي ثقلهم على خيار التسويات السياسية الهزيلة التي يرسمها الحلفاء بالرغم من اختبار غدرهم في كثير من المواقف. ولكن الغريب كثير من الناس انصب رد فعلهم بالشتائم على الدول العربية وخصوصاً مصر والسعودية بالرغم من ان حماس لم تستشر احد منهم عندما قررت ضرب اسرائيل، بينما لم يتطرق هؤلاء المزايدين الى بشار الاسد وايران التي صدعت رؤوس العالم بأنها رائدة المقاومة الاسلامية.
رابعا : فشل مشاريع التطبيع وقد تأكد انها مجرد التفاف لتسويف القضية الفلسطينية وايضاً كشفت مدى الهوة بين الحكومات المطبعة وشعوبها.
خامساً واخيراً : ظهور مخاوف من توسيع رقعة الحرب نظراً للتواجد العسكري الهائل في المنطقة بالشكل الذي لا يتناسب مع حجم الصراع بين حماس واسرائيل والذي يوحي الى سايس بيكو جديدة لتغيير خرائط المنطقة كما نوه نتنياهو عن ذلك، وهذا لم يأتي من فراغ وانما ثمرة نتائج الاتفاقات المبطنة مع ايران لتقاسم دول المنطقة الى مناطق نفوذ لا يحمد عقباها .. وايضاً ما يؤكد ان ايران متواطئة في تدمير البلاد العربية النابع من حقدها التاريخي على العرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة