الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من بين الأنقاض المضرجة بالدماء تحلق الرواية الفلسطينية في الفضاءات –2

سعيد مضيه

2023 / 11 / 5
القضية الفلسطينية


المشروع بطبيعته لا ينفذ بدون استخدام القوة

حملت موجات المستوطنين الى فلسطين مشاعر التفوق العرقي والعداء لسكان البلاد الأصليين. قدموا من بلدان تشيع فيها مشاعر التحقير للعرب والمسلمين، إحدى ضرورات التوسع الامبريالي. كشف أشرتسفي غينزبرغ عام 1891نزعة "طغيان حين يصبح العبد ملكا" لدى المستوطنين اليهود، وذلك في مقالة انتقادية لمشاهداته لدى تجواله بفلسطين. كتب غينزبيرغ الذي بات يوقع كتاباته ب( احد هعام- واحد من العامة) كناية عن ابتعاده عن زعامة الحركة الصهيونية.. كتب عن مشاهداته لدى زيارة فلسطين" كانوا – المستوطنون- عبيدا في منافيهم وفجأة وجدوا انفسهم وسط برية غير محدودة الحرية، توجد في قطر مثل تركيا فقط، فتولد لديهم الطغيان ... يعاملون العرب بعداء وقسوة على أراضيهم بلا رحمة وبدون وجه حق ويتباهون بذلك" .
التوعية والتنوير سلاح المقاومة
استشعر المنورون الفلسطينيون خطر الاستيطان اليهودي بفلسطين/ كانوا أول من راقب بقلق الغزوة الصهيونية وحذر من عواقبها. المنور يوسف ضياء الدين الخالدي ، اول رئيس لبلدية القدس، وانتقل بعد ذلك الى الإدارة بالعاصمة، نشأ في بيت علم تراثي؛ بعد ان استوعب ما توفر لديه التحق بالمعاهد العلمية واكتسب تعليما عصريا واسعا وانتخب مندوبا عن القدس في البرلمان العثماني ( المبعوثان) وكان من انصار الدستور والحريات العامة والإصلاح ، حيث ارتبط بجمال الدين الأفغاني. تعرف على الأصول الثقافية للصهيونية، واطلع على اول مؤتمرين للحركة الصهيونية ، وأقلقه ما كتبه هيرتزل في مذكراته "يجب تنفيذ سياسات الاستيلاء على الأرض وتهجير الفقراء بتحفظ وحذر"؛ راح ينذر من المخاطر المتوقعة نتيجة تنفيذ المشروع الصهيوني. راسل هيرتزل مؤكدا ان تخطيط الصهيونية للاستيلاء على فلسطين سيكون ’حماقة صافية‘. رد عليه هيرتزل برسالة تحمل ما وعاه يوسف ضياء الدين من ان المشروع الصهيوني ينطوي على اختفاء السكان الأصليين بتهجيرهم الى مناطق الامبراطورية العثمانية . اغفل ما جاء في رسالة يوسف ضياء الدين حول وجود شعب لن يقبل انتزاع ارضه .
برز أيضا روحي الخالدي ابن شقيق يوسف، اتّبع نهج عمه نصيرا للتنوير والإصلاح، وتابع دراسة العلوم العصرية حتى جامعة السوربون. تخرج من السوربون ووضع كتابا في الأدب المقارن نشر على حلقات بمجلة الهلال المصرية، أبرز فيه دور الاستبداد في تخلف الأدب العربي عن الأداب الأوروبية. انتخب عضوا بمجلس المبعوثان ؛ وفي الدورة التالية انتخب نائبا لرئيس المجلس. أثناء عمله في البرلمان زار المستعمرات واطلع على ما يتزود به العاملون من معدات وخدمات . الف كتابه ،" مقدمة في مسألة الزيونيزم" ، برزفيه باحثا موضوعيا لم يستهن بقدرات الحركة الصهيونية والمساعدات المالية من جانب الأثرياء اليهود. توفي روحي الخالدي مبكرا عام 1913 بعد الانتهاء من تدوين الكتاب وقبل مراجعته وتنقيحه ودفعه للمطبعة؛ اختفت مخطوطة الكتاب، لتظهر في تسعينات القرن الماضي ؛ لم تتم الاستفادة من تحذيرات الكاتب ومن منهجيته العلمية في البحث والتقصي والاستناد الى الوقائع، بحيث انه شكل صورة واقعية عن الحركة الصهيونية.
حذر الخالدي من عواقب وخيمة لبقاء الحالة المزرية للفلاح الفلسطيني ولم تضيق الفجوة بين المزارع الفلسطيني وحياة المستعمرات الزراعية. شأن المنورين في زمانه راودته نظرة تقدير للغرب بسبب ديمقراطيته ؛ فلم تلفت نظره الاعتداءات على الجزائر والمغرب العربي وليبيا ومصر؛ خاطب الحكام والنخب ولم يتفاعل مباشرة من الجماهير المسحوقة من فلاحين وكسبة؛عول الخالدي ، شأن جميع المنورين في فلسطين والأقطار العربية، على نشر التعليم وإصدار الصحف والبحث في التراث العقلاني وسائل لتصفية التخلف والجهل في المجتمع.
وبرز أيضا المنور نجيب عازوري حمل على الإدارة العثمانية الفاسدة ، استقال من منصب مساعد متصرف القدس احتجاجا على تواطئه مع الاستيطان اليهودي ، وفي كتاب" يقظة العرب"عام 1904 ، فضح وقائع تواطؤ كبار الموظفين مع انتقال الأراضي العربية الى الصهاينة. فصل في الكتاب الأوضاع المزرية للفلاح الفلسطيني في ظل إدارة لا تعرف غير النهب وقسوة التعامل.
وطرح خليل السكاكيني قضية التربية المدرسية إحدى الوسائل الناجعة لتنشئة الأجيال من اجل المقاومة والتصدي للغزوة الصهيونية . كان مربيا مبدعا دعا الى احترام الطفل التلميذ ورفض التعليم التلقيني. والسكاكيني اول من دمج قضية التحرر القومي بالتحرر الاجتماعي من بين أوساط المثقفين.
شاركت مجلة " النفائس العصرية"لناشرها الأديب خليل بيدس في الحملة الوطنية . نشرت تحقيقا عنوانه "بعض مزارع يهود بفلسطينمن سنة 1860الى سنة 1900؛ جاء بمثابة صورة واقعية عن الاستيطان اليهودي. ولخليل بيدس علاقة قرابة وصداقة مع اسرة ادوارد سعيد تحدث عنها في كتابه "خارج المكان" . كان بيدس اديبا ترجم القصص والروايات عن الأدب الروسي.
المنورة كلثوم عودة تخرجت من المدرسة الأرثوذكسية بمدينة الناصرة وبيت جالا ، تزوجت من طبيب روسي قدم الى فلسطين وسافرت معه ، حيث نشطت في التاليف والترجمة. زارت فلسطين الانتدابية والتقت بزعماء وطنيين ؛ احتجت لدى ستالين على المشاركة في قرار التقسيم؛ اعتقلت لكن مكانتها الأدبية دفعت عددا من الكتاب والمثقفين السوفييت للعمل بنجاح على إطلاق سراحها.
وكذلك بندلي الجوزي درس الأدب والتاريخ العربي- الإسلامي ونال شهادة متقدمة أهلته للتدريس الجامعي . عاد الى فلسطين زائرا ينبه ويحذر من مخاطر الهجمة الاستيطانية. في الزيارة الأخرى جال في أنحاء فلسطين يخطب محذرا فقبض عليه وطرد من وطنه فلسطين.
في العام 1919 وجه الرئيس الأميركي ، ويلسون، بعثة كريغ –واين على اسمي المبعوثيْن؛ جالت بفلسطين وشاهدت مجتمعا بشريا ينتج ويتمسك بأرضه. رفعت تقريرها الى مؤتمر فرسايل في آب / أغسطس 1919 قالت فيه"لا يمكن تأسيس دولة يهودية بفلسطين والاحتفاظ بها دون استخدام القوة"
وأشيعت الدعوة لاستخدام القوة المفرطة بين المستوطنين
اما بين اليهود فقد برز بعد وفاة هيرتسل بازمة قلبية عام 1904، أدباء دعوا الى التعاون مع العرب والأخذ بأيدي المزارعين للنهوض بهم. تصدى لهم كلاوزنر ناقدا أدبيا متأثرا بدعوة الفكر الألماني لقومية ظلامية تبحث في الجذور . نشر دراسة هاجم الأعمال الأدبية الداعية للتعاون مع العرب والاندماج بهم. في مقالته أشار الى ان اليهود عاشوا ألفي عام وسط أقوام متحضرة ويتعذر عليهم الاندماج مع العرب ، "أشباه الوحوش" . انذر بان العلاقة مع الفلسطينيين يجب ان تكون عدائية ؛ فكان بذلك داعية لصهيونية صدامية. هاجر الى فلسطين ونشأت بينه وبين بنزيون نتنياهو(والد رئيس الوزراءفي إسرائيل) علاقة حميمة أثر لحد كبير في وعيه المتلقي آنذاك.
تعاون بنزيون نتنياهو مع زئيف جابوتينسكي مؤسس حركة حيروت وشاركه وضع كتاب "الجدار الحديدي"، تضمن الدعوة لإنشاء قوة مادية يستحيل الصمود بوجهها على أرض فلسطين يضطر الفلسطينييون حيالها للإذعان لمشيئة الصهيونية. من حيروت انبثقت حركتا إرغون وليهي اللتان اتبعتا أسلوب الإرهاب. في عام 1939 نشطت أعمال الإرهاب اليهودي في التصدي لجيش وشرطة الانتداب ولليهود المعارضين أو المتخلفين عن الدفع لتمويل مجهودهم وكذلك تدبيراغتيالات جماعية في الوسط العربي. اول مجزرة انزلها الصهاينة بالعرب كانت فيحيفا عام 1939 إثر صدور الكتاب الأبيض.
عارض بن غوريون نهج جابوتينسكي في الإعلان صراحة عن العداء للعرب وكسر مقاومتهم للمشروع الصهيوني بالعنف المسلح. ادعى بن غوريون السعي لوطن قومي؛ لكنه بمنهجيته المتضمنة "ملكية عبرية، عمل عبري، دفاع عبري" كان يؤسس للدولة ، سيما وقد منح حق تشكيل الوكالة اليهودية حكومة لليهود في ظل الانتداب تشرف على أمور التربية والإدارة الذاتية. تأجج سعار العداء للعرب بتفعيل مبدأ "العمل العبري" وذلك بحرمانهم من العمل بالمشاريع اليهودية. حدثت صدامات بين أنصار بن غوريون وبين الداعين للتعاون وضغطوا من أجل تشغيل العرب. الصدام الذي استمر عقدا من الزمن ينفي الأكذوبة الصهيونية الزاعمة ان الشعب الفلسطيني لم يتشكل إلا بعد "عودة" اليهود الى فلسطين، توسلوا أسباب المعيشة من المشاريع اليهودية .
شارك التنظيم المسلح الذي اسسه بن غوريون في مكافحة الثورة الفلسطينية . وضعت تحت إشراف كولونيل بريطاني(اصبح فيما بعد الجنرال وينغيت) متحمس للفكرة الصهيونية وأدخل في تكتيكها الحربي مبدأ نقل الاشتاك المسلح الى ارض العدو، وقاد فصائل التنظيم للمشاركة في قمع الثورة الفلسطينية.
نقل الصحفي روبرت فيسك عن مذكرات سير آرثر واتشوب، الذي تسلم منصبه مندوبا ساميا لبريطانيا بفلسطين عام ،1931 قوله " الموضوع الذي يشغل عقول الفلسطينيين اليوم هو ... الرعب من زمن قادم يغلبون فيه على امرهم ويكابدون بينما اليهود يهيمنون على كل مجالات الأرض والتجارة والحياة السياسية".
طالب بن غوريون والقادة الصهاينة الآخرون، في لقاءاتهم مع المسئوولين في الحكومة البريطانية ومع سلطة الانتداب، بترحيل الفلسطينيين ممن طردوا من الأراضي التي بيعت للصهاينة الى شرقي الأردن.
وكتب يوسف فايتس رئيس الصندوق القومي اليهودي- كيرنكايميت، في مذكراته عام 1941"اليس الآن هو الوقت الملائم للتخلص منهم ؟ لماذا نستمر في ترك هذه الأشواك السامة بيننا وهم خطر علينا؟" بعد صدور قرار التقسيم كلف فايتس بتشكيل "لجنة الترانسفير" تتولى طرد العرب من قراهم.
كتب بن غوريون في مذكراته" من الصعب تصورعملية ترحيل تامة بدون إكراه/ وإكراه وحشي من اجل ذلك". بالفعل وفي 18 كانون اول 1947، اي بعد عشرين يوما فقط من صدور قرار التقسيم ، هاجمت وحدة عسكرية يقودها ييغئال آلون قرية الخصاص ذات المركز الاستراتيجي ونسفوا البيوت على رؤوس سكانها النائمين.
مقتضيات المشروع الصهيوني
شارك بن غوريون في مؤتمر بلتيمور الصهيوني بنيويورك 1942، الذي أقر فكرة إقامة الدولة اليهودية على كامل الأرض الفلسطينية. منذ ذلك الحين توحدت منظمته العسكرية "هاغاناه" مع الحركتين الإرهابيتين ، ارغون وليهي، في تنظيم اعمال عدوانية مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وشكلت خلال حرب 1947- 1949 قوة تفوق عدة وتسليحا ومهارة قتالية جميع الجيوش العربية مجتمعة . الصدام المسلح الذي استفزته الصهيونية لغرض التطهير العرقي، تمخض عن المجازر وأفضى الى النكبة.
حتى 15 أيار 1948، والقوات البريطانية موجودة بفلسطين، تم ترحيل 30000 فلسطيني من ديارهم ، ومنهم سكان يافا ، الجزء من الدولة الفلسطينية حسب قرار التقسيم؛ وبعد رحيل الانتداب طرد 420000 آخرون. طرد سيتون الفا من حيفا ، و30 الفا من القدس الغربية ،و12 الفا من صفد، و6000 من بيسان و5500 من طبريا.
لم يفت بن غوريون ، والمذابح تدور رحاها في المجتمعات العربية ، توجيه نداء الى الراي العام العالمي يحذر من خطر محرقة ثانية تنزل باليهود. ارتدى ، وهو الجزار، ثوب الضحية.
رفض بن غوريون بعد تأسيس الدولة إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة ، خشية ان يعيقه ذلك عن إكمال جريمة التطهير العرقي؛ لم يخف نوايا استكمال طرد جميع الفلسطينيين من وطنهم حسب القناعة الصهيونية بانها "أرض إسرائيل". كانت هذه الدعاية إحدى مسلمات التاريخ الفلسطيني ودرست في المدارس الحكومية بفلسطين، بناء على ما ورد بالتوراة. لكن بينت الأبحاث العلمية في فلسطين ، عدم قيام دولة يهودية قديمة بفلسطين. قدم المؤرخ الاسكتلندي ، كيث وايتلام في كتابه "اختلاق إسرائيل القديمة " تقريرا مفصلا للأبحاث الأركيولوجية بفلسطين ، خاصة أبحاث توماس طومسون التي أكدت أن كل ما جاء بالتورة واعتمدت عليه سياسات الغرب مزيف.
رفض بن غوريون فكرة التفاهم مع الدول العربية وتوثيق العلاقات مع دول الغرب الامبرالية. آمن بن غوريون ان موقف عدم التهاون في استخدام القوة هو وحده الذي سيجبر الدول العربية على قبول السلام وفق شروط اسرائيل. أفكار جابوتينسكي الذي اتهمه بن غوريون مرارا بالفاشية.
نظمت مجازر عسكرية بالضفة (قرى قبية اكتوبر 1953حيث فجر 45 بيتا على رؤوس ساكنيها، وقتل 69 مدنيا؛ ومجزرة بقرية نحالين ثم مركز شرطة جنوبي الظاهرية حيث قتل جميع افراد المركز. خلال الفنرة 1953- 1974 اصدر مجلس الأمن الدولي23 قرار استنكار على الأقل لجرائم إسرائيل في قطاع غزة وفي سوريا والأردن ولبنان والضفة الغربية.
ونفذ بن غوريون إثر عودته الى رئاسة الحكومة عام 1955مجزرة في غزة اودت بأرواح العشرات، وفي اكتوبر 1956 ارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة أخرى دفعت عبد الناصر لطلب أسلحة من المعسكر الاشتراكي والشروع في تنمية العلاقات السياسية والاقتصادية معه. بعد احتلال غزة اثناء العدوان الثلاثي قتل 275رجلا في مذبحة اولى (3 نوفمبر 1956) في مخيم اللاجئين قرب خانيونس؛ وفي مذبحة ثانية (12 نوفمبر)قتل 111 رجلا في مخيم رفح ، واطلق الرصاص على 61 شخصىا في الفترة 1-12 نوفمبر.
انتقلت سياسات بن غوريون الى اتباعه مثل دايان ورابين وشارون، وسيطرت على أسلوب التعامل مع دول المحيط في ذلك الحين.
في حرب حزيران سعى الإسرائيليون أولا لأخذ موافقة الولايات المتحد كي لا تتكرر تجربة العدوان الثلاثي؛ وبالفعل استصدرت موافقة اميركية ، عملت خلالها إسرائيل راس الحربة بينما أميركا شكلت الغطاء السياسي وفي الأمم المتحدة.
اعلنت إسرائيل في سبعينات القرن الماضي الحرب على منظمة التحرير الفلسطينية، مواصلة من خلالها حرب الإبادة للجماهير الفلسطينية. الشعب الفلسطيني لم تسمح له إسرائيل بخوض نضال سياسي ومراكمة ثقافة سياسية تغذي المقاومة الشعبية السلمية. مارست إسرائيل الاغتيالات واستهلتها عام 1972باغتيال غسان كنفاني، الشخصية الأدبية والإعلامية؛ ولدى القضاء على مخيم تل الزعترعام 1976 قتل داخل المخيم حوالي الألفين من سكانه البالغين 20000؛ راحت تسلح عملاءها في لبنان وتدربهم.
الجيش الاسرائيلي انشغل بالتطهير العرقي للشعب الفلسطيني قبل تشكيل حماس؛ وفي أحداث نكبة 1948 ونكسة 1967 المثال. بصراحة قالت خبيرة الأمم المتحدة ، فرانسيسكا البانيز، نفذت إسرائيل تطهيرا عرقيا جماعيا للشعب الفلسطيني تحت ستار الحرب... من جديد باسم الدفاع عن النفس تسعى إسرائيل لتبرير ما يصل التطهير العرقي".
في تقرير صدر عن الأمم المتحدة اعتبر تصرف إسرائيل ’ سياسة العقوبات الجماعية‘ ، أسفرت عن " اقتصاد منهار بالكامل وبنى تحتية مدمرة ونظام خدمات اجتماعية لايكاد يعمل‘. بالنتيجة ما يزيد على 80 بالمائة من سكان غزة يعتمدون على المعونات الإنسانية.
يكتب رشيد الخالدي، المؤرخ والأكاديمي المرموق بالولايات المتحدة، في كتابه " حرب المائة عام على فلسطين"(طبعة أولى، يناير 2021)" قامت القوات اللبنانية بمذبحة تل الزعتر بدعم سري من إسرائيل، بعد ذلك بسنوات تمسك شارون، أثناء مواجهة هجوم عليه شنه زعماء حزب العمل في البرلمان، بالدفاع عما قام به في مذابح صبرا وشاتيلا الإجرامية في شهر سبتمبر من تلك السنة؛ أشار الى دعم الحكومة الإسرائيلية لحزب الكتائب اثناء مذبحة تل الزعترسنة 1976. وفي اجتماع سري للجنة الكنيست لشئون الدفاع والخارجية كشف شارون ان ضباط المخابرات العسكرية الإسرائيلية الذين تواجدوا في المكان حين حدثت مذبحة تل الزعتر قد ذكروا ان الكتائبيين كانوا يقتلون التاس بأسلحة قدمناها لهم وبالقوات التي ساعدناهم على إنشائها". واورد الخالدي في كتابه أيضا" شخصيات عسكرية ومخابراتية إسرائيلية رفيعة المستوى ذكرت تفاصيل بعض العمليات (الاغتيالات) في كتب كان عنوان فصله عن لبنان هو ’ زمرة الكلاب المسعورة‘.
يضيف الخالدي،" دعمت الولايات النتحدة الأميركية أهداف إسرائيل في ظل إدارات مختلفة مثل نيكسون وفورد وكيسنجر ثم كارتر وفانس وبريزينسكي". حدث عدوان إسرائيل على لبنان عام1982 بتحريض من إدارة ريغان الأميركية. وخلال العدوان أشرف شارون بنفسه على مذبحة صبرا وشاتيلا ، امر بإطلاق القنابل الضوئية كي تنير ظلام الليل بوجه القتلة صنائع إسرائيل.
إسرائيل في حرب مع الشعب الفلسطيني كافة وليس فقط مع منظمة التحرير او مع حماس؛ وعلى كل حال، فتحت مظهر الانتقام يميل الجيش الإسرائيلي الى إنزال خسائر بعشرين ضعفا لما أنزلته إسرائيل في 7 أكتوبر2023. وجاء في تقرير الأوتشا (لجنة الأمم المتحدة لمراقبة ما يجري بفلسطين)ما بين 2008و 2023 قتلت إسرائيل 6407 أفراد من الشعب الفلسطيني و308 أطفال قتلوا خلال الحقبة .
وفي تحقيقات لجنة كهانا حول مجزرة صبرا وشاتيلا ذكر أن شارون حرض بشير الجميل في اجتماع8 يوليو 1982، على "تطهير تام" للمخيمات من الإرهابيين؛ وادعى القتلة اتهم إنما يقومون بعملية تطهير "إرهابيين" تركهم عرفات بالمخيمات، علما ان " ان 15000 مسلحا فلسطينيا قد تم ترحيلهم " المخابرات العسكرية الإسرائيلية كانت تعرف ان ذلك العدد قد شمل جميع الوحدات المسلحة النظامية لمنظمة التحرير في بيروت" وذلك ما ذكره المؤرخ رشيد الخالدي في كتابه.
وفي لقاء آخر بين شارون وبشير الجميل وبيير الجميل، الأب،21 آب / اغسطس اتفق على إجراء "عدد كبير من (مذبحة) دير ياسين"، تعهد بشير بتنفيذها تباعا وفي وقت قريب.
في ملاحظة هامشية نقل الخالدي عن شاهد"العميد هارنوف امام لجنة كاهانا بان قادة القوات اللبنانية ذكروا ’ستصبح صبرا حديقة حيوانات وشاتيلا موقف سيارات لبيروت‘مشيرا الى انهم كانوا قد ارتكبوا مجازر سابقة للفلسطينيين في الحرب".
إذا أخذنا بالاعتبار تاريخ اقتراف أعمال القسوة والعنف ضد الشعب الفلسطيني ، الى جانب انتهاكاتها المستمرة لقرارات الأمم المتحدة عبر عقود عدة تتوفر قضية قوية لإدانة إسرائيل بإرهاب دولة . ما يدعو للأسف فان بيانات الأمم المتحدة المتعلقة بهذه القضية تبدو انها لا تزيد عن كلام ؛ لم تفرض أبدا عقوبات على إسرائيل ولم تعلق عضويتها بالأمم المتحدة .
اثناء عدوان 1982 قتل خلال الأسابيع العشر الأولى- حرب الأرض المحروقة –اكثرمن 11 الف فلسطيني ولبناني وجرح اكثر من 30 الفا. دمر العدوان مبنى يقيم فيه لا جئون من مخيمي صبرا وشاتيلا قتل قرابة المائة، معظمهم من النساء والأطفال. كان مراسل مجلة نيوزويك الأميركية، توني كليفتون، حاضرا قرب التفجير وصرح ان حصيلة الوفيات ربما بلغت 260 شخصا. تحدت عن اغتيالات بسيارات مفخخة.
ظلت الولايات المتحدة طوال العدوان متمسكة بتحقيق هدف إسرائيل الرئيس من الحرب ،" هزيمة منظمة التحرير الفلسطينية وطردها من بيروت". قدمت أميركا قبل العدوان عامي 1981,82 ما قيمته 1.4 مليار دولار من الأسلحة استخدمتها بالعدوان.
وخلف صمت الدول العربية على العدوان يكمن اتفاقات وبعثات امنية نفذتها السي آي إيه، تحت القلق من تأثير الثورة االخمينية بإيران، لتنظيم الهيئات امنية في البلدان العربية كافة باستثناء دولة ليبيا واليمن الجنوبي. تلك المهمة التي فصلها بوب وودوارد في كتابه " السياق ..حروب السي آي إيه" الصادر عام 1987، تغلغلت فيها اصابع المخابرات الأميركية في الهيئات الأمنية ، الجيش والشرطة والنخابرات وفي الهيئات الإدارية. باشرت فيها عام 1979 ويبدو انها انجزت بسرعة ، حيث اطمانت الأنظمة انها لنتحاسب على خذلان الشعب الفلسطيني وتأييدها إبعاد المقاومة الفلسطينية المسلحة عن حدود إسرائيل.
لموقف إميركا من عدوان إسرائيل نخصص الحلقة القادمة .
يتبع لطفا








.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام