الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة تحليلية حول محاولة إحداث تغيير سياسي داخلي إسرائيلى ما له و ما عليه.

عبير سويكت

2023 / 11 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


عبير المجمر (سويكت)

فى ظل تصاعد وتيرة الأحداث بين إسرائيل و فلسطين، شهدت الساحة على الصعيد الإقليمي و الدولى تراجعًا دبلوماسيا سلبيًا، فمنذ ان أعلنت بعض الدول الغير عربية قطع علاقاتها مع إسرائيل او استدعاء سفراءها مثل (بوليفيا، كولومبيا، هندوراس، تشيلي…إلخ)، تسبب ذلك فى ممارسة ضغط شعبي عربي على الحكومات العربية فى ان تحذوا حذو تلك الدول التى تقول انها تناصر القضية الفلسطينية فجاء استدعاء الاردن لسفيرها من إسرائيل و طالبتها بعدم إعادة سفيرها، كذلك البحرين الموقعة على الاتفاقية الإبراهيمية صرح مجلس نوابها بأن السفير الاسرائيلي غادر المملكة مقابل عودة سفيرها من إسرائيل، إضافة إلي وقف العلاقات الاقتصادية.
فى الوقت الذى شرح فيه مجلس النواب البحريني أن "استمرار الحرب والعمليات العسكرية، والتصعيد الإسرائيلي المتواصل في ظل عدم احترام القانون الإنساني الدولي، يدفعان المجلس إلى المطالبة بالمزيد من القرارات والإجراءات التي تحفظ حياة وأرواح الأبرياء والمدنيين في غزة وكافة المناطق الفلسطينية". بينما وضحت وزارة الخارجية الأردنية، جاء أن القرار يأتي "تعبيرا عن موقف الأردن الرافض والمدين للحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة، والتي تقتل الأبرياء، وتسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتحمل احتمالات خطرة لتوسعها، مما سيهدد أمن المنطقة كلها والأمن والسلم الدوليين".
و اشار البيان إلى أن "عودة السفراء ستكون مرتبطة بوقف إسرائيل حربها على غز،ة ووقف الكارثة الإنسانية التي تسببها، وكل إجراءاتها التي تحرم الفلسطينيين حقهم في الغذاء والماء والدواء وحقهم في العيش الآمن والمستقر على ترابهم الوطني".

و بعد التقدم الملحوظ فى الملف السعودى الاسرائيلى إلا ان بعد أحداث غزة قامت السعودية بتعليق محادثات التطبيع مع إسرائيل رضوخًا لضغوطات الشوارع العربية الثائرة التى شهدت العديد من المظاهرات و التدافعات تجاه السفارات الاسرائيلية.

و بالرغم من التنديد العربي بالموقف الإماراتى و وصفه بالمنحاز لإسرائيل و المدافع عنها فى مجلس الأمن إلا ان العلاقات مع الإمارات ظلت ثابتة و لم تتأثر بالأحداث المتصاعدة.

فى الوقت الذي كانت الانظار العربية و الإسلامية تتوجه نحو المغرب الذى ينظر الى تطبيع علاقته مع إسرائيل مبنية على إتفاقيات أستراتيجية و تحقيق مصالح و مكاسب اقتصادية و مستقبلية بعيدة المدى للمملكة المغربية التى كشفت عن رفضها لما وصفته بالتصعيد العسكري والاستهداف المُمنهج للمدنيين محمّلة المجتمع الدولي مسؤولية تقاعسه وعجز مجلس الأمن الدولي في وقف الحرب التي تهدد الاستقرار العالمي على حد وصفهم ، و تأكيدهم على ان ما أسموه بالعدوان الإسرائيلي هو انتهاك لكل القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي الإنساني”. مع العلم بان المغرب بلد متنوع و التواجد اليهودي فيه متجذر و تاريخي و ذلك يتطلب من المغرب المرونة فى قرارتها أخذًا بعين الاعتبار مواطنيها المغاربة من أصول يهودية حتى لا تخلق مواقفها حساسية داخلية أو فتنة تفتك بنسيجها المجتمعي.

أما السودان فقد تباينت فيه المواقف يمينًا و يسارًا حيث إتهم الحزب الشيوعى السودانى القائد الاعلى للجيش السودانى عبدالفتاح البرهان فى ندوة حول الراهن السياسي بانه و عصابته على حد وصفهم يقومون بالتودد للكيان الصهيونى مضيفين انه ان لم يكن للبرهان جرائم فيكفيه جريمة مقابلته لنتنياهو من وراء ظهر شعبهم ، مستنكرين كيف لعاصمة اللاءات الثلاث السودانية ان تنحدر و تسقط هذا السقوط المدوى، معلنين سابقًا عن دعمهم لمن وصفوهم بحركات المقاومة الفلسطينية الثورية الشعبية فى تحدى آلية الحرب الفاشية الصهيونية و المشاريع الإمبريالية على حد تعبيرهم، مؤكدين على أنهم و الفلسطينيين فى خندق واحد و العدو فى فلسطين و السودان واحد ، بينما ظل موقف الحزب اليميني السودانى هادئا تدور حوله بعض التساؤلات.

فى ذات السياق كانت قد أعلنت تركيا السبت عن استدعاء سفيرها فى إسرائيل للتشاور على خليفة رفض إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق النار فى غزة، بإلاضافة إلى تصريح رجب طيب اردوغان بان نتنياهو لم يعد شخصًا يمكن التحدث معه.
و كانت تركيا سابقًا قد طرحت عرض مبادرة بين الطرفين قوبلت بالرفض من الطرف الاسرائيلى الذى أشار الى ان تركيا بها مكاتب لاعضاء حماس الارهابية على حد وصفهم ، فى الوقت الذى رفضت فيه تركيا ان تصف حماس بالجماعات الارهابية و وصفهم الشارع التركى بفصائل المقاومة الثورية لتحرير فلسطين.

و السؤال الذى يطرح نفسه و بقوة حول وصف رجب طيب اردوغان نتنياهو بإنه لم يعد شخصًا يمكن التحدث معه هل هو صدفة ؟ ام انه تصريح مدروس استراتيجيًا بعد ما نشرته الصحف الامريكيه عن ان بايدن ومساعدوه يعتقدون بشكل متزايد أن نتنياهو قد لا يستمر، و انه قد تمت كتابة النعي السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي من قبل. لكن المسؤولين الأميركيين يعكفون بالفعل على تقييم الخلفاء المحتملين. و جو بايدن قد ناقش وكبار مساعديه احتمال أن تكون أيام بنيامين نتنياهو السياسية معدودة – وقد نقل الرئيس هذه المشاعر إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في محادثة حديثة. و انه قد تم طرح موضوع الحياة السياسية القصيرة لنتنياهو في اجتماعات البيت الأبيض الأخيرة التي شارك فيها بايدن، وفقًا لاثنين من كبار المسؤولين في الإدارة. وشمل ذلك المناقشات التي جرت منذ رحلة بايدن إلى إسرائيل، حيث التقى بنتنياهو. و يؤكدون على ذلك بان بايدن ذهب إلى حد ان أقترح على نتنياهو أنه يجب عليه التفكير في الدروس التي سيتقاسمها مع خليفته النهائي، و حديث المسؤولين الامريكان عن نتانياهو لم يتبق له سواء وقت محدود في منصبه. و انه سيستمر على الأرجح في منصبه لعدة أشهر، أو على الأقل حتى تنتهي مرحلة القتال المبكرة للحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
فهل يا ترى كان حديث اردوغان صدفة عن ان نتنياهو لم يعد شخصًا يمكن التحدث معه؟فالمعلوم انه قد جمع لقاءًا تاريخياً نتنياهو بأردوغان فى نيويورك عند أنعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة فى البيت التركى بامريكا و كان نتنياهو مقدرا لذلك اللقاء الذى ناقش قضايا إقليمية و دولية وتبادل فيها الطرفان الدعاوى لزيارة البلدين مع الإتفاق على ان يتم التنسيق لهذه الزيارات قريبًا. فما الذى جرى و جعل اردوغان يصرح بان نتنياهو لم يعد شخصًا يمكن التحدث معه؟ فمن المفهوم ان الشعب التركى و الراي العام التركى هائج و غاضب من أحداث غزة، ولكن العنف لا يولد إلا عنفًا، و إسكات صوت البندقية يكون عبر التفاوض و الحوار، و قطع العلاقات الدبلوماسية العربية و الإسلامية لن يساعد فى التقدم نحو عملية سياسية، يمكن ان يتركون للشعوب حرية التعبير فى الشوراع و لكن ردود الفعل السياسية تكون دائمًا أكثر مرونة و حكمة و هذا لا يعنى التنازل عن المطالب الشرعية للخروج من مرحلة ما اسماها الشارع العربى رفضه لطئ صفحة القضية الفلسطينية عمدًا و تجاوز حل الدولتين بعمليات التخدير على حد وصفهم، فالحكمة السياسية لا تعنى التنازل عن الحقوق و لكن التعامل بحكمة و عقلانية فقطع العلاقات الدبلوماسية هو بمثابة الرجوع للوراء و كان الاجدر الاحتفاظ بشعرة معاوية، أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضَك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما.
ثم انه يبدو من حيث القراءة التحليلية للمشهد ان هناك خفايا و خبايا وراء هذا الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ، و ان كان ظاهر الآمر استرداد الحقوق الفلسطينية المهضومه و لكن هناك أيادى تلعب فى الخفاء و بالنسبة لها مناصرة القضية الفلسطينية مجرد ذريعة و هدفها الرئيس هو إحداث تغيير فى المشهد السياسي الداخلي الاسرائيلي بإسقاط حكومة نتنياهو لحسابات مختلفة. فعقب اندلاع الحرب راج خطابًا إعلاميا مفاده ان هجوم حماس سببه فشل حكومة نتنياهو أمنيًا و استخباراتيًا ، و عملت الميديا إقليميًا و دوليًا على الترويج لذلك، ثم ذهب الموضوع لأبعد من ذلك و سربت اخبار عن ان مصر أخطرت حكومة نتنياهو بان هناك مخطط من جهة حماس و أن حكومة نتنياهو لم تهتم بالآمر هى و جهاز الامن و المخابرات و تكرر هذا الحديث فى التاكيد فى ذات الوقت على ان حكومة نتنياهو فاشلة، ثم بدأ نوع من التحريض على حكومة نتنياهو باستخدام موضوع الرهائن ككرت ضغط و من ثم الترويج لمعارضة شعبية شرسة لنتنياهو ، ثم تتابع الاحداث و نسمع بمظاهرات تحاول ان تجتاح منزل نتنياهو. فاصبح السؤال المطروح هل هى حرب بين إسرائيل و حماس ؟ ام هى حرب أيادى خفية لاقتلاع حكومة نتنياهو من جذورها؟ فهناك توجهات أيديولوجية و سياسية ترى فى إبعاد اليمين الاسرائيلي من المشهد السياسي و التنفيذى امراً لأبد منه، مبررين ذلك بان من يغذي الصراع الاسرائيلي هو اليمين القومي الاسرائيلي و الدينى المتطرف ، و ان العلاقة بين الدين و الدولة فى إسرائيل لا يمكن النظر لها كأبعاد " داخلية"، لآن لها " تأثيرات خارجية" تنعكس فى تفاقم الصراع العربي الاسرائيلي كلما تمددت التركيبة اليمينية الثنائية(اليمين القومى+اليمين الديني المتطرف) على حد وصفهم، هم ذاتهم من يشيرون الى ان التمدد اليمين الدينى المتطرف على حد وصفهم و اليمين القومى اجتماعيًا و فكريًا و سياسيًا فى إسرائيل خطرًا على إدارة ما يسمى بالصراع العربي الاسرائيل، و هى نفس الدوائر الدولية التى ترى ان التيارات اليمينية الاسرائيلية نجحت في ان تفرغ المشروع الصهيونى من مضمونه العلماني اليسارى و تحويله لحركة دينية يمينية لتسخيره لتنفيذ مشروع الخلاص.
و هى ذاتها نفس الأيديولوجية التي تصف الثنائية اليمينية المتمثلة في التقاء اليمين القومى مع اليمين الديني المتطرف على حد وصفهم بأنها عبارة عن "خلطة مولوتوف" لتأجيج الصراع و إشعاله، بعد ان اججت المشاعر بالصحوة الدينية العارمة، و العودة للتوبة ، و العودة لأحضان اليهودية ، و انه بعد إنهيار اليسار الاسرائيلى سياسيًا أشتدت حالة التدين و تأهب البعض لقيام المسيح و الخلاص ، إلا ان توجه إسرائيل نحو "التدين بوتيرة جنونية" على حد وصفهم ساعد فى تمدد اليمين الديني و القومى مما أثر سلبيًا فى تفاقم الصراع بين إسرائيل و فلسطين و طريقة إدارة الصراع . و هى ذات الأصوات التى تعالت فى المحافل الدولية مستنكرة على إسرائيل أنها تأتى فى المحافل الدولية كالأمم المتحدة تحاول إثبات ملكيتها للأرض عبر " حجج دينية " على حد قولهم، و ان ليس لديها حجج قانونية تستند عليها.
و الحديث يطول فى هذا الشأن و لكن يبدو ان هذه الحرب لم تنطلق عفويا و لم تأتى صدفة، و ان أمدها سيطول و ظاهرها الظفر للحقوق الفلسطينية المهضومه و باطنها مشروع أكبر يسعى لإحداث تغيير فى المشهد السياسي الاسرائيلى الداخلي، علمًا بان حكومة نتنياهو منتخبة ديموقراطيًا و عبر إرادة شعبية أتفقنا او اختلفنا معها سياسيًا، و اى محاولة تغيير المشهد الاسرائيلى الداخلي بعيدا عن صناديق الاقتراع يصبح عبارة عن فرض الآمر الواقع على الشعب الاسرائيلي و اختزال للارادة الشعبية الاسرائيلية.

نتابع للحديث بقية












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك