الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقدم الالي والتخلف النمطي المجتمعي/3

عبدالامير الركابي

2023 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يقدم المفهوم الابتدائي الالي الاله على المجتمع، معتبرا اياها الاساس، والعنصر الحاسم، فلا يفكر في دلالات او احتمالات انبجاس الاله في مجتمع بعينه دون غيره، بينما يعتبر الحاصل بداهة، مقارنة بينه وبين احتمالية ظهورها في افريقيا كمثال، في حين تصبح الالة من لحظتها حالة " تقدم" مسبق غير مفسر،وجدت في المجتمعية الاكثر اهلية لاستقبالها ولوجودها، هذا من دون التلبث بناء عليه، عند صدقية ودقة الفرضية القائلة بان الاله منذ وجدت، غدت حكما على المعمورة، مفروض على المجتمعات كلها الانخراط في تيارها، والرضوخ لحكمها، بما هي، وكما هي متحققة بحسب الصيغة الاوربية تحديدا.
والافتراض السالف الراسخ، يضعنا امام تساؤل مفاده: هل الاله اوجدت المجتمعية، ام العكس؟ مامن شانه تغيير قاعدة الحكم على المتغير النوعي الحاصل، انبثاقا وافاقا، بحيث لايستبعد من الاعتبار ان يكون ثمه انتقال آلي افريقي، او امريكي لاتيني، يتفاعل وقتها مع آليات مجتمعات اللادولة، هذا مع العلم ان الشواهد، او الادلة على ماننوه اليه، ليست منعدمه، ورافقت ابتداء الانقلاب الالي البرجوازي، كما حصل في مكان طرفي من اوربا باتجاه اسيا، ومع ضعف الطبقة البرجوازية كما الحال الروسي، وقد اعتبر فجأه "اشتراكية" مع انها ادنى كمالا برجوازيا، وليست نوع "آلية" مختلفة مجتمعيا، ارتكازا لوسائل تناسب اشتراطات المكان الموضوعيه، بما في ذلك الاطار المفهومي الايديلوجي، وتحوراته الشرقوية الاستبدادية ممثلة بالحزبية اللينينيه، وماتبعها صينيا، مع قوة الافتراض المتقدم على الصيغة البرجوازية الكلاسيكيه الاوربية، نوعا مستمدا من مابعد راسمالية، كامنه في قلب موضع انبجاس الالة، كمستقبل.
والمثال السابق من شانه القاء الضوء على حجم التوهمية التي يولدها اعتماد الاسبقية الالية على المجتمعية، مع افتراض التلازمية الطبقية بدل المجتمعية، اي اعتبار الالة ملازمه للتحول البرجوازي، مايعني اجبار المجتمعات على الصدوع لنمط بذاته، وصيغة مجتمعية واحده، هي الانشطارية الطبقية الاوربية، والاهم والاخطر في اجمالي الحدث مدار الملاحظة، مواكبته لنوع من الطاقة الاستثنائية على فرض حضوره نموذجيا، واقعا واكراها، استنادا الى ضخامة واهمية مايرافق، ويتولد عن الانقلاب الالي من منجز ضخم وشامل، مقترن بالوسائل وتطورها غير العادي، ليوجد حاله من الغلبه الهيمنيه الغربيه على مستوى المعمورة، تزيد في تكريس الايهامية الاليه بطبعتها المصاغة من قبل الغرب الاوربي .
ومن بين مايحرص عليه الغرب لهذه الجهه، توطيدالمروية الالية كما هي مصاغة ابتداء، بما يضع العالم امام وضع اشبه، لابل هو اقوى حضورا من المروية البدئية الاصل والاساس، تلك التي واكبت ابتداء تبلور ظاهرة المجتمعية، تلقي بظلها عليها، لابل وتسعى لالحاقها بها، فالغرب الحديث لايمكن ان يكون مجرد "حاضر"، من دون شمولية واطلالة استعادية، تراجع الماضي بمنظور الراهن الحاضر، بذات منطق السطو والاكراهية، بلا افساح في المجال للاحتمالات الاخرى، كان تحضر او توجد، او حتى تظل محتفظة بشيء مما يبرر استقلاليتها.
وهنا ينطوي جانب من الاختلال السردي البدئي الايهامي الاشمل، والاخطر، ياخذ في الممارسة منحى قصورا يكرس ظاهرة تاريخيه، يعجز الغرب الراهن عن تجاوزها، فالعقل البشري محكوم بالاصل بالقصور ازاء الظاهرة المجتمعية، يظل على مر تاريخه عاجزا عن فك رموزها ومنطوياتها، وكشف النقاب عن الحقيقة المضمرة الكامنه في بنيتها، وهو ماكان يرتجى من النهضة العقلية الغربية المواكبه للاله، ان تفلح في عبوره، وتحقيق المطلوب واللازم المنتظر الفاصل على مستوى الادراكيه الوجودية بمواجهته، الامر الذي لم نعرف منه سوى مقدمات برانيه باسم "اخر العلوم"، عجزت عن ملامسة الجوهر، والجانب الاساس في الظاهرة المجتمعية وبنيتها، وقوانين سيرورتها ومنتهاها.
وبدل ان نتعرف اليوم على الحقيقة المتعلقة بانقسام المجتمعات الى "لاارضوية"، و"ارضوية"، ومن ثم الى الاحادية والازدواج الناظم لتفاعليتها المتفقة مع مسارها، والقانون الناظم لحركتها، جرت عملية تكريس للمفهوم الاحادي الارضوي، مع ذروة تلمسية لشكل من الازدواج الارضوي، ممثلا في الطبقية واصطراعيتها التابيدية الارضوية، مقابل ماكان وماينبغي ان يصير حاضرا اليوم، مكرسا السردية اللاارضوية الازدواجية الاصل، وهو مايبدل السردية الغالبة القاصرة عن الانقلاب الالي ودلالاته، وموقعه ضمن التفاعلية التاريخيه المجتمعية، كليا.
هنا تتغير المروية الاليه، وتاخذ اللحظة الاوربية ضمنها موقع المحطة الابتداء، الموكولة لغلبة الاعقالية الارضوية، حيث تنبثق الاله، وان هي انبجست بين ظهراني موضع هو الاعلى ديناميات ضمن صنفه كمجتمعية ارضوية، بناء على انشطاريته الازدواجية الطبقية، الامر الذي ليس بدون ضرورة ولزوم، تحتاجه السردية الكبرى الاعلى والاشمل، تلك التي تقول بان المجتمعية كظاهرة تنشا بالاصل لاارضوية، محكومة لشروط الطرد البيئي، والعيش انتاجويا على حافة الفناء، تحت وطاة النهرين المدمرين العاتيين، والحدود المفتوحة لانصباب السلالات والاقوام من الشرق والغرب، من الجبال الجرداء والصحارى باتجاه ارض الخصب، ارض سومر البدئية، السماوية جموحا وكينونة، مع تعذر، لابل الاكراهية المسلطة ارضويا، وهو ماينطوي على الحقيقة المرافقه للظاهرة المجتمعية باعتبارها مبتدأ التحولية الانتقالية الى مابعد مجتمعية، والى المجتمع العقلي المغادر للمحطة الكوكبية الارضية، مكان الجسدي الحاجاتي الارضوي المؤقت، تضطر ابتداء ـ ولعدم توفر اللازم من الاسباب الانتقالية التحولية ادراكا وماديا على مستوى وسيلة الانتاج ـ الى التعبير الحدسي النبوي عن ذاتها، وهي تعبر تاريخها المحتدم الازدواجي الامبراطوري التعبيري الاكواني، دورات وانقطاعات، اولى سومرية بابلية ابراهيمة، وثانيه عباسية قرمطية انتظارية، وثالثة راهنه تبدا مع القرن السادس عشر مع التبلور المجتمعي اللاارضوي القبلي "اتحاد قبائل المنتفك "، في ذات ارض سومر الاولى، المتجدده بعد انقطاع استمر، من سقوط بغداد وانتهاء الدورة الثانيه، في 1258.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة