الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رزمانات كمال الجزولي الاخيرة

ايليا أرومي كوكو

2023 / 11 / 6
الادب والفن


كمال الجزولي صاحب الرزنامة الاسبوعي الشفيف الانيق وداعاً
كمال الجزولي صاحب الرزنامة الاسبوعي الشفيف الانيق وداعاً
في وداع كمال الجزولي القانوني الضليع الاديب المبدع الخلاق
صاحب الكلمة الجزلة و الاحرف السهلة السلسلة الجريئة الحرة
الرزنامة تنساب في الوجدان تسر الخواطر تدهش الافئدة تثلجها
كمال الجزولي يرحل تاركاً وطناً أحبه حباً جماً يرزح في اتون
وطن الجزولي يمضي الي المصير المجهول و الخرطوم دمرت
موت الاوطان حرق الارض و الانسان لا يحتمله البعض فيرحل
لا غربة ان يرحل الجزولي في الوقت العصيب و الافق المسدود
القانون صنو الادب و الاخلاق في مظهره العام و الادب جوهره
ليس في الامر عجب ان تجتمع في كمال الجزولي هتان الخصلتان
قرأت زرماناته الاسبوعية مبكراً في صحيفتي الايام و الصحافة
و اخر رزمانة قرأته له كانت قراصة للطيب سيخة !
لكمال الجزولي الرحمة و المغفرة ولأهله و ذوية و قرائه و السودان العزاء و السلوان
قُرَّاصَةٌ لِلطَّيِّب سِيخَة !
الأحد
في أمسية أحد الأيَّام الأولى للنِّظام المباد، وكان منع التَّجوُّل قد أزف موعده، طرق طارق باب بيت المرحوم محجوب شريف، فحسبوه، أوَّل الأمر، صديقاً أو قريباً تعذَّر عليه بلوغ مسكنه قبل ميقات المنع، لكنهم، عندما فتحوا الباب، وجدوا أمامهم الطيِّب سيخة بلحمه وشحمه، بينما الشَّارع خالٍ إلا من مجموعة جنود مدجَّـجـين بالسِّلاح، ملء مجروس على مقربة! خطر بذهن محجوب أنهم جاءوا لاعتقاله، لكنه تعجَّب من كون ذلك يستلزم كتيبة مسلَّحة بقيادة وزير أمني!
ردَّ محجوب تحيَّة الطَّيِّب بأحسن منها. ثمَّ، عندما لاحظ أن بعض البيوت، في ذلك الحيِّ الشَّعبيِّ الوادع، أزعجها هدير ماكينة الشَّاحنة العالي، ففتحت أبوابها تستطلع الأمر، طلب من الطَّيِّب إبعادها قليلاً، فاعتقاله لا يحتاج لكلِّ تلك القوَّة! لكن الطَّيِّب فاجأه بأنه ما جاء لاعتقاله، وإنَّما، فقط، لتسجيل زيارة اجتماعيَّة له! فتمسَّك محجوب بإبعاد الشَّاحنة، ثمَّ دعا "ضيف الهُجوع" لـ "التَّفضُّل" بالدُّخول!
ما أن توهَّط الطَّيِّب في العنقريب الهبَّابي وسط الحوش، حتَّى التمس من محجوب شيئين، كلاً منهما أغرب من الآخر: "قُُرَّاصة" بلبن وسكَّر، وشريطاً ببعض قصائده، لأنه، كما قال، من أشدِّ المعجبين بشعره!
كانت الزِّيارة ثقيلة على نفوس أميرة ومريم ومي، لكنهنَّ، كعادتهنَّ، قدَّرن عالياً أسلوب استقبال محجوب لزائره، فصنعن له القُّرَّاصة، وأحضر محجوب جهاز تسجيل، وشريط قام بتسجيل بعض قصائده عليه، وأهداه إلى الطَّيِّب سيخة، وكانت أوَّل قصيدة فيه: "يَابْ دِقْناً تحت الكاب/ والسِّبْحَة ربَاطْ البُوتْ/ بين السُّنكِي وحَدْ النَّابْ/ فلتَحْكُم بالنَّبُّوت/ ولتَهْنَأ يَا نصَّابْ/ بالصَّايعْ والهَلفُوتْ/ لكِنَّك يَا مُحْتَالْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ/ تِرِرِمْ تِرِرِمْ تِرِرِمْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ"!
[email protected]


في وداع كمال الجزولي القانوني الضليع الاديب المبدع الخلاق
صاحب الكلمة الجزلة و الاحرف السهلة السلسلة الجريئة الحرة
الرزنامة تنساب في الوجدان تسر الخواطر تدهش الافئدة تثلجها
كمال الجزولي يرحل تاركاً وطناً أحبه حباً جماً يرزح في اتون
وطن الجزولي يمضي الي المصير المجهول و الخرطوم دمرت
موت الاوطان حرق الارض و الانسان لا يحتمله البعض فيرحل
لا غربة ان يرحل الجزولي في الوقت العصيب و الافق المسدود
القانون صنو الادب الاخلاق في مظهره العام و الادب جوهره
ليس في الامر عجب ان تجتمع في كمال الجزولي هتان الخصلتان
قرأت زرماناته الاسبوعية مبكراً في صحيفتي الايام و الصحافة
و اخر رزمانة قرأته له كانت قراصة للطيب سيخة !
لكمال الجزولي الرحمة و المغفرة ولأهله و ذوية و قرائه و السودان العزاء و السلوان
قُرَّاصَةٌ لِلطَّيِّب سِيخَة !
الأحد
في أمسية أحد الأيَّام الأولى للنِّظام المباد، وكان منع التَّجوُّل قد أزف موعده، طرق طارق باب بيت المرحوم محجوب شريف، فحسبوه، أوَّل الأمر، صديقاً أو قريباً تعذَّر عليه بلوغ مسكنه قبل ميقات المنع، لكنهم، عندما فتحوا الباب، وجدوا أمامهم الطيِّب سيخة بلحمه وشحمه، بينما الشَّارع خالٍ إلا من مجموعة جنود مدجَّـجـين بالسِّلاح، ملء مجروس على مقربة! خطر بذهن محجوب أنهم جاءوا لاعتقاله، لكنه تعجَّب من كون ذلك يستلزم كتيبة مسلَّحة بقيادة وزير أمني!
ردَّ محجوب تحيَّة الطَّيِّب بأحسن منها. ثمَّ، عندما لاحظ أن بعض البيوت، في ذلك الحيِّ الشَّعبيِّ الوادع، أزعجها هدير ماكينة الشَّاحنة العالي، ففتحت أبوابها تستطلع الأمر، طلب من الطَّيِّب إبعادها قليلاً، فاعتقاله لا يحتاج لكلِّ تلك القوَّة! لكن الطَّيِّب فاجأه بأنه ما جاء لاعتقاله، وإنَّما، فقط، لتسجيل زيارة اجتماعيَّة له! فتمسَّك محجوب بإبعاد الشَّاحنة، ثمَّ دعا "ضيف الهُجوع" لـ "التَّفضُّل" بالدُّخول!
ما أن توهَّط الطَّيِّب في العنقريب الهبَّابي وسط الحوش، حتَّى التمس من محجوب شيئين، كلاً منهما أغرب من الآخر: "قُُرَّاصة" بلبن وسكَّر، وشريطاً ببعض قصائده، لأنه، كما قال، من أشدِّ المعجبين بشعره!
كانت الزِّيارة ثقيلة على نفوس أميرة ومريم ومي، لكنهنَّ، كعادتهنَّ، قدَّرن عالياً أسلوب استقبال محجوب لزائره، فصنعن له القُّرَّاصة، وأحضر محجوب جهاز تسجيل، وشريط قام بتسجيل بعض قصائده عليه، وأهداه إلى الطَّيِّب سيخة، وكانت أوَّل قصيدة فيه: "يَابْ دِقْناً تحت الكاب/ والسِّبْحَة ربَاطْ البُوتْ/ بين السُّنكِي وحَدْ النَّابْ/ فلتَحْكُم بالنَّبُّوت/ ولتَهْنَأ يَا نصَّابْ/ بالصَّايعْ والهَلفُوتْ/ لكِنَّك يَا مُحْتَالْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ/ تِرِرِمْ تِرِرِمْ تِرِرِمْ/ مَا بتدِّي النَّاس القُوتْ"!
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي