الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق النقض الفسطيني ولعبة المحاور

عديد نصار

2023 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بداية اود أن أنوه أن هذه المادة كتبت بتاريخ ١١/١٠/٢٠٢٣ لإحدى الصحف العربية التي لم تنشرها لأسبابها:
ورد في خطاب رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في انعقادها الأخير وبتاريخ 22 أيلول/سبتمر ما حرفيته ما:
" إن إسرائيل على "عتبة" إقامة علاقات مع السعودية... لقد سعيتُ طويلا للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، ولكنني أؤمن أيضا بأنه يجب علينا ألا نعطي الفلسطينيين حق النقض (الفيتو) على اتفاقيات سلام جديدة مع دول عربية." وهو حين يعلن ذلك من على أعلى منبر دولي يؤكد إصرار حكومته على اعبار القضية الفلسطينية برمتها شأنا إسرائيليا داخليا لا علاقة للمحيط العربي به وبالتالي فهو منفصل تماما عن مسألة علاقات اسرائيل بالدول الأخرى. وهذا يعني أنّ حلّ هذه القضية هو شأن اسرائيلي بعيدا عن التدخلات الخارجية وعليه يمكن للحكومة الاسرائيلية شطب أي حضور سياسي للشعب الفلسطيني.
وحيث أنّ ما ارتكبته ولا زالت ترتكبه حكومته الحالية الأكثر تطرفا، بحق الفلسطينيين من تنكيل وقتل ومجازر متنقلة في أرجاء الضفة الغربية وفي القدس، وما ارتكبته الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة قبل ذلك في الضفة وفي قطاع غزة لم يجد من يحاسِب عليه أو يواجهه، بل بالعكس تماما، جرى ذلك مترافقا مع انفتاح أنظمة عربية متزايدة في عملية تطبيع متدحرجة منذ أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مبادرته "الإبراهيمية" ليصل عدد الأنظمة المطبعة منذ ذاك التاريخ الى اليوم الى خمسة، والباقي يقف على عتبة الانتظار لما سيكون عليه الموقف النهائي للمملكة العربية السعودية.
وبما أن مشروع "الممر الاقتصادي" الاستراتيجي الذي أقرته قمة العشرين التي انعقدت مؤخرا في نيودلهي في الهند بناء على اقتراح أمريكي جعل من ميناء حيفا درة التاج في هذا المشروع الذي يصل الهند وجنوب شرق آسيا بأوروبة عبر خط بحري يمتد من الهند الى الإمارات العربية المتحدة وعبر سكة حديد تصل الى ميناء حيفا عبر السعودية والأردن وفلسطين المحتلة ومنها بحرا الى اليونان وسائر أوروبة، هذا الممر الذي يشتمل على جملة مشاريع بنى تحتية من كابلات اتصالات وأنابيب، والمراد منه مواجهة مشروع "الحزام والطريق" الذي باشرته الصين يتطلب حالة من الاستقرار المستدام في المنطقة، وبالتالي فإن لإسرائيل أن تؤسس لعلاقات طبيعية مع
2 / 4
محيطها العربي وخصوصا مع المملكة العربية السعودية، وأن عليها أن تفرض سلما مستداما في فلسطين المحتلة بغض النظر عن حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، ما يعزز دور دولة الاحتلال في منظومة المصالح الدولية وتحديدا الامبريالية،
لذلك رأينا بنيامين نتنياهو مرتاحا بل منتشيا في إطلاق حكمه على فلسطين وشعبها حين رفع بيده أمام الجمعية العامة خارطة فلسطين كاملة على أنها إسرائيل مدّعيا أنها ستكون محور المشروع الجديد للشرق الأوسط ومحيطه الأبعد.
ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الضخم ومردوديته المتوقعة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وخصوصا في إطار الصراع الامبريالي بين الولايات المتحدة والصين، فإن دولة الاحتلال تجد نفسها مرتاحة لتسوية الصراع مع الفلسطينيين على طريقتها التي تنسجم مع مشروع الحركة الصهيونية الأساسي في اقتلاع ومحو وجود الشعب الفلسطيني وبالتالي محو فلسطين تماما من خارطة المنطقة. وهي مطمئنة الى أن أحدا لن يقف في وجهها.
لقد تلاقت مصالح كل من نتانياهو في البقاء في السلطة مع مصالح اليمين الصهيوني المتطرف الذي يعمل على اقتلاع الوجود الفلسطيني تماما وكذلك مع مصالح القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة برئاسة جو بايدن الذي لم يتورع في إعلان صهيونيته، والذي يتهيأ لخوض المعركة الرئاسية القادمة، من هنا شهدنا الحماسة غير المسبوقة في المبادرة الى اعلان دعمه المطلق والفوري وتقديم المساعدات العسكرية الفورية لدولة الاحتلال بمجرد تبلغه بعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/أوكتوبر الجاري فبادر الى تقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي لدولة الاحتلال ومبادرا الى ارسال حاملة طائرات استراتيجية الى المنطقة والأمر لا يستدعي ذلك على الإطلاق! ليجر خلفه مواقف أوروبية مشابهة. هذا التلاقي للمصالح الشخصية والسياسية والامبريالية وبهذا الشكل العميق كان لا بد من رؤيته وفهمه جيدا قبل الاقدام على أي عمل بخطورة عملية "طوفان الأقصى".
هذه العملية التي اتسمت بالجرأة والبطولة في نقل الصراع العسكري من داخل غزة الى داخل أراضي الـ48 وأسفرت عن احتلال المقاومين لمواقع عسكرية ضخمة ومحصنة وعشرات المستوطنات وعن هذا العدد غير المسبوق للخسائر البشرية وهذا الكم الكبير من الخسائر في القيادات العسكرية وفي العناصر والعتاد إضافة الى أسر أكثر من مئة عسكري ومستوطن صهيوني مثلت بحق "حق النقض" الفلسطيني في
3 / 4
وجه نتانياهو وحكومته وجيشه وكيانه وفي وجه مسيرة التطبيع الموعودة والسلام الاسرائلي المزعوم الذي لا يقوم الا على أجداث الشعب الفلسطيني وفلسطين. "طوفان الأقصى" الذي كبد الكيان المحتل ما لم يخطر في باله وفي بال قادته وأجهزته العسكرية والأمنية من خسائر مثّل بالفعل "حق النقض" الفلسطيني الذي يعمل رئيس حكومة الاحتلال الأكثر تطرفا على مسحه من خارطة المشاريع الكبرى الموعودة للمنطقة.
غير أن ما يسيء الى كل هذه البطولات والتضحيات حقيقةٌ لا بد من الاعتراف بها وقد اعتدنا على إضاعة اللحظات التاريخية نحن العرب. فهل يجد هذا "الفيتو" الصاعق من يتقن توظيفه سياسيا لمصلحة الشعب الفلسطيني ولإحقاق حقوقه؟ وهل يعوّل على محور دمر سورية وفتك بشعبها وهجره كما دمر اليمن والعراق وأدى بلبنان الى هاوية غير مسبوقة أن يستثمر في هذه البطولات المدوية وأن يوظف ذلك لمصلحة الشعب القلسطيني؟
ما لا يختلف عليه اثنان أن حكومة العدو الصهيوني وكبار مسؤوليه العسكريين والأمنيين سيخضعون للمحاسبة حين تضع الحرب أوزارها. جميعهم سيخضعون لمحاكمات تحملهم مسؤولية هزيمة السابع من تشرين أول/أوكتوبر التي مرّغت هيبة الكيان وجيشه وأجهزته الأمنية والاستخبارية بالوحل. هذا حصل في أعقاب حرب تموز/يوليو 2006 على لبنان ولم تكن نتائجها بهذه الكارثية على العدو وكيانه ودولنه. ستكون محاسبة ومحاكمات وقد يدخل كبارٌ من المسؤولين الصهاية السجن وكثر سينتهي مستقبلهم السياسي تماما.
هل هذا ما سيحصل لدى الفلسطينيين ولدى الفصائل الفلسطينية وخصوصا حركة حماس حين تضع الحرب أوزارها؟ هل سيصار الى إجراء تحقيقات في أوجه التقصير والفشل وخصوصا لجهة حماية الشعب الفلسطيني المحاصر في عزة تحديدا؟ ألا تدرك حماس أنه، وفي ظل الظروف الدولية القائمة، ما من منظومة دولية أو إقليمية ولا من دولة كبرى يمكن أن تقف في وجه العدو وتمنعه من ارتكاب أوسع المذابح بحق الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة وكذلك خارج غزة بما في ذلك تعمّد طرد الفلسطينيين من ديارهم بعد التنكيل بهم؟ ولم يمض على تهجير أرمن ناغورنو كاراباخ بضعة أسابيع من دون أن يعترض على ذلك أحد...
4 / 4
إلى أبسط الأمور: هل أمّنت حركة حماس مخزونا احتياطيا كافيا من الأدوية والمعدات الطبية ومن مادة السولار لتشغيل المستشفيات التي ستكتض، وقد اكتضت بمئات وألوف المصابين وهي تعلم أن الكهرباء تأتي من الداخل الفلسطيني المحتل؟ هل أمّنت ولو شيئا بسيطا من دفاعات جوية قادرة على الأقل أن تربك سلاح الجو المعادي؟ هل أمّنت ملاجئ كافية وسبل استمرار الحياة للفلسطينيين؟ ألا تدرك حركة حماس أن الوحش الجريح سيكون أكثر شراسة وسيمارس ما لم يمارسه من قبل لاستعادة هيبته ولتعويض خسارته؟
وهل كانت عملية "طوفان الأقصى" معركة على طريق استعادة حقوق الشعب الفلسطيني أم كانت جزءا من لعبة المحاور التي وقودها دماء الشعوب ومستقبلها؟
من سيحاسب من؟ وهل من يجرؤ أساسا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية