الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية اليسار لم تنهار، لأنّها لم تُجرَّب

عكيفا إلدار

2023 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


حقاً، ينبغي على اليسار أيضاً إجراء مراجعة ذاتية وحساب للنفس، كما تقول رَﭬـيت هيخط ("هآرتس"، 27.10). لكن ليس على انهيار رؤيته، وإنما على أنه لم يفعل ما يكفي من أجل ترويجها ودفعها قُدُماً. مسار حل الدولتين لشعبين والتسوية المتفق عليها لمشكلة اللاجئين كان، ولا يزال، الحل الأصحّ للصراع الدامي بين إسرائيل والفلسطينيين. أية رؤية هي الأفضل منه؟ العيش على الحِراب مدى الحياة؟ الأبارتهايد؟ الدولة الثنائية القومية؟

تشدد هيخط على أنّه يجب دائماً محاولة التوصل إلى تسوية سياسية مع أي جهة معتدلة تُبدي إرادة وقدرة، لكنها تجزم بأن ليس ثمة جهة كهذه. إيهود "لا شريك" براك، مروراً بـ "ﭬـيلا وسط غابة"، لم يكن يستطيع قولها بصورة أفضل. بالرغم من أنّ هيخط تحذر من العنصرية ومن التعميمات الجماعية، إلا أنها تكتب أن حماس تحظى بتأييد راسخ في قطاع غزة. والدليل: "أن غزّيّين كثيرين شاركوا في الهجوم على إسرائيل ونفذوا أفظع الجرائم ضد الإنسانية". كم عدد هؤلاء الـ "غزّيّين كثيرين"؟

الدم يلطخ، بالأساس، أيدي منتخَبي الجمهور الذين عارضوا رؤية اليسار (بمن فيهم كاتب هذه السطور) التي حذرت من أن الجمود السياسي والضم الزاحف يصبّان في خدمة جبهة الرفض الفلسطينية لاتفاقيات أوسلو. استطلاعات الرأي العام التي أجريت في المناطق على مرّ السنوات أظهرت أن التأييد الجماهيري للتسوية السياسية، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، يزداد كلما لاح في الأفق أمل قريب لإنهاء الاحتلال، بينما تتراجع قوة حماس وشعبيتها. في المقابل، عندما لا يكون هنالك شريك إسرائيلي للتسوية السياسية، تحتفل حماس بانتصارها. الشعار الانتخابي الذي استخدمته حماس في انتخابات العام 2006 كان "ما لم تستطع فتح تحقيقه بالمسار السياسي (إرغام إسرائيل على الهروب من قطاع غزة) حققته حماس بالمقاومة (الإرهاب)".

حقاً، مطلوب من اليسار إجراء حساب للنفس. فهو لم يتصدّ بحزم لأعداء السلام في اليمين الاستيطاني؛ أخطا حين دعم الهروب من جانب واحد من قطاع غزة وسياسة الفصل؛ لم يطالب بنقل قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية بدلاً من وقوه ثمرة ناضجة في أيدي حماس.

رؤية حل الصراع مع الفلسطينيين في إطار مبادرة السلام العربية كانت، ولا تزال، أساساً للسلام الإقليمي. لكن مندوبي حزبيّ العمل وميرتس في حكومة التغيير قد تخلوا نها، لمزيد الأسف. وقد أثبتوا للشعب الفلسطيني إن التغيير في الخارطة السياسية ـ الحزبية في إسرائيل لا يحمل في طيّاته تغييراً جيوسياسيٍّ في المناطق المحتلة. منذ محاولة رئيس الحكومة إيهود أولمرت التقدم نحو تسوية، في العام 2008، التقدم الوحيد الذي حصل في الميدان هو توسيع البؤر الاستيطانية.

وكما كتبت هيخط، طالما أن إيران ووكلاءها للمهمات القذرة يراقبون إسرائيل وهي تتعثر أمام منظمة إرهابية بربرية مثل حماس، فمن المؤكد الافتراض بأن الكارثة التي ستنزل علينا من الشمال ستكون أكثر هولاً. صحيح أن إيران ومبعوثيها يتابعون باستمتاع إسرائيل المتعثرة في الساحة السياسية، تدفن موتاها وتختبئ في الملاجئ. حيوات الأطفال الفلسطينيين وحقوق الإنسان لا تعني جدة آيات الله. قتل الأبرياء في غزة والتهجير الصامت لسكان الضفة لا يقضّان مضجعهم ولا يحرمانهم النوم.

هي حرب على مجرد وجودنا، حقاً. وصحيح أنه في الحرب ضد الطوق الخانق الذي وضعته إيران حول رقبتنا، يجب على إسرائيل، إلزاماً، أن تقود وتنتصر. نحن مُحاطون بجيران يختنقون هم أيضاً من جرّاء هذا الطوق ويسعون إلى التحرر منه. التعاون مع هؤلاء الجيران مُحاصَرٌ بالطوق الخانق الإسرائيلي حول عنق الفلسطينيين.

رؤية اليسار لم تفشل، لأنها لم توضع موضع التنفيذ والاختبار، قَطّ. كارثة 7 تشرين الأول تدلّ على أن إسرائيل لا تمتلك رؤية أكثر أمناً وأكثر أخلاقية وديمقراطية. اليوم، أكثر من أي وقت آخر، مُلزَمون باعتمادها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يوسف القعيد.. آخر الحرافيش|#حديث_العرب


.. حفل افتتاح غير مسبوق للألعاب الأولمبية في نهر السين




.. نتنياهو في واشنطن.. وهاريس تشدد على ضرورة وقف الحرب|#غرفة_ال


.. نتنياهو يُعرّف بايدن بأنه -صهيوني أيرلندي أمريكي فخور- خلال




.. زيارة نتنياهو إلى أمريكا تتحول إلى مادة للتجاذبات الانتخابية