الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجذور البريطانية للنزاع الدائر بفلسطين

سعيد مضيه

2023 / 11 / 7
القضية الفلسطينية


حكومة بريطانيا رفعت أعلام إسرائيل على مؤسساتها تضامنا مع عدوانها على غزة. اثار التضامن الامبريالي مع العدوان الهمجي ذكريات الكاتب الهندي ، ساوراف ساركاز، فرجع الى جذور المأساة الفلسطينية :

اعلام إسرائيل ترفرف على بنايات الحكومة جميعها في المملكة المتحدة ؛ ولكن ليست هي المرة الأولى تضع الدولة الامبريالية المهيمنة سابقا ثقلها خلف الصهيونية؛ في العام 1917 أصدرت حكومة بريطانيا وعد بلفور المشهور.
كانت هذه الوثيقة القصيرة -67 كلمة- نقطة تحول في تاريخ فلسطين الحديث ؛ فقد ألتزمت بريطانيا العظمى بإنشاء "وطن قومي" للشعب اليهودي بفلسطين.( الصياغة الأولية وعدت ب " دولة يهودية" لكن جرى تغييرها فيما بعد. ) حوى إعلان بلفور لغة قصد منها حماية الفلسطينيين ، لكننا رأينا كيف تطورت الأمور خلال القرن .
من الحرب العالمية الاولى حتى 1948حكم البريطانيون فلسطين، في ذلك الحين أصدرت عصبة الأمم قرار انتداب بريطانيا على فلسطين.ازداد عدد المستوطنين بفلسطين خلال العقود التالية من الانتداب – خاصة في عقد الثلاثينات – حيث دعمت حكومة بريطانيا هجرتهم؛ في العام 1922 لم يكن بفلسطين سوى 11 بالمائة من اليهود بين سكانها ؛ وقفز الرقم الى حوالي 17 بالمائة في عام 1932 ، وفي العام 1939 بلغت النسبة 30 بالمائة.

في ذلك الحين سعت حكومة بريطانيا للحد من أي توسع إضافي للسكان اليهود ، وذلك لكي تضمن الاستقرار بالمنطقة ؛ لكن ذلك جاء متأخرا جدا – فقد تغيرت الوقائع على الأ{ض؛ ما كان منطقة 90بالمائة من سكانها فلسطينيون، غدت منطقة نزاع بين جماعتين متعددة ديمغرافيا. علاوة على ذلك صادر البريطانيون أراض من الفلسطينيين قدموها لليهود، وانخرطوا في اضطهاد عنيف للقومية الفلسطينية، الأولية بالبلاد. في عقد الثلاثينات اوصت لجنة شكلتها الحكومة البريطانية بان تقسم فلسطين ، فأرست بذلك الأساس "لحل الدولتين" الفاشل.
بتعبير آخر، فالنزاع حصيلة سياسات امبريالية خاصة مورست خلال النصف الأول من القرن العشرين. الامبراطورية البريطانية صنعت للفلسطينيين مشكلة صهيونية من " المسألة اليهودية "، اللاسامية طويلة الأمد في اوروبا التي عجزت عن وضع حد لها . كان احد الخواص المفتاحية للحكم البريطاني ضرب الجماعات المختلفة ببعضها البعض؛ تمثل أحد الأساليب المفتاحية التي اتخذها عبر قرون وبين مجموعات كونية من المقاطعات هو دراسة التاريخ الاجتماعي للشعوب الخاضعة كي تضع السياسات وتضرب الجماعات المختلفة بعضها ببعض.
ولّد الدعم البريطاني للهجرة اليهودية غضبا و تعبئة بين الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين، ما أدى في نهاية المطاف الى اندلاع الثورة العظمى 1936-39، الثورة التي اشتملت على إضراب عام وانتفاضة فلاحين، وقمعت بالعنف على يد الحكومة البريطانية بالتعاون مع ميليشيات صهيونية .على كل حال ، شرع البريطانيون بعد إخماد الثورة يحدون من الهجرة اللاحقة لليهود الى فلسطين، فتحولوا بذلك لمعارضة الجماعات التي ساندوها من قبل حمايةً لمصالحهم الامبريالية. أدى هذا الى حدوث هجمات عنيفة ضد الصهاينة بفلسطين .
ليست فلسطين وحيدة في هذا المصير؛ فقد استخدمت بريطانيا في منطقة تلو أخرى استراتيجية "فرق تسد"، كي تحرض شعبا ضد آخر لمنفعة الامبراطورية ؛ في الهند البريطانية دفع البريطانيون الانقسام بين المسلمين والهتود، تارة تفضل جمهورا لتعود وتقرب الجمهور المعادي. في قبرص تقربوا من اليونانيين ضد الأتراك ؛ في سري لانكا وضعوا التاميل ضد السينهاليين؛ في إيرلاندا كان الكاثوليك ضد البروتستانت ؛ والقائمة تطول .
في جميع هذه البلدان استمرت سياسات الصراع " االقديمة" المفترضة فيما بين الجماعات المختلفة بعد أن غابت الشمس عن الامبراطورية البريطانية؛ حصلت انشقاقات إقليميةعلى قاعدة عرقية و/ أو دينية ؛ اصبحت الهند البريطانية الهند وباكستان ؛ ثم انقسمت باكيتان لتظهر دولة بنغالاديش . إيرلندا انقسمت بين جمهورية إيرلندا وإيرلتدة الشمالية التابعة لبريطانيا. قبرص مقسمة بين أتراك ويونانيين ، وابتليت سري لانكا بحرب أهلية استمرت 30 عاما لإقامة جمهورية التاميل، التي انتهت عام 2009 الى ما نشهده حاليا في غزة . وفي العام 1948 قسمت فلسطين ، حيث أقيمت دولة صهيونية وأخرى قصد ان تكون دولة للفلسطينيين، بمباركة الحكام البريطانيين السابقين الذين أشرفوا على النكبة الأولى.
جميع الأقطار التي خضعت لحكم بريطانيا ابتليت بصراعات عنيفة قائمة على كراهية " قديمة " يمكن ان نتتبع بداياتها في القرن الماضي وربما في القرنين الماضيين . هذا التماثل في طبيعة النزاعات هو الذي يشير بالتأكيد الى أن سياسات الامبراطورية البريطانية تشكل السبب الجذري للعنف في هذه المناطق؛ هناك ببساطة العديد من السمات لهذه النزاعات بعد تقصي أثارها الى الامبراطورية كي نتخيل مصادفة التزامن وعوامل الانقسام.
إذ تقبع بجلاء الأسباب المباشرة والضرورية لما يسكن إسرائيل من أبارتهايد واحتلال وإبادة الجنس في أقدام إسرائيل وحماتها ، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإنها تتحمل مسئولية خاصة لتصحيح الخطايا التاريخية في فلسطين –وفي كل مكان . والخطوة الأولى كحد أدنى يجب أن تكون العمل لأيقاف إبادة الجنس الراهنة بدل التلويح بعلم إسرائيل. غير ان - التقويمات وحدها – لايبدو انها موضوعة على طاولة المفاوضات.

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا