الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قنبلة الوزير

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 11 / 7
القضية الفلسطينية


علينا في مداورة حيثيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أن نتذكر أن مساحة هذا الأخير لا تتجاوز 360 كلم² و أن عدد سكانه يتعدى مليوني نسمة ، و بالتالي فإن الكثافة السكانية فيه هي الأعلى في العالم ، و علينا أيضا أن نأخذ بالحسبان أن السكان في فلسطين التاريخية يتوزعون كما يلي ، 7.3 مليونا من الأصليين غير اليهود و 6.9 مليونا من اليهود على اختلاف أصولهم . ينبني عليه أن السلطة الصهيونية تواجه مسألة سكانية أساسية بانتهاج سياسة التمييز العنصري كوسيلة لهيمنة الأقلية على الأكثرية . بالإضافة إلى هذا كله فأن ما يتداوله الخبراء يفيد بأن المياه الإقليمية للبلدان السورية الساحلية ، فلسطين ، لبنان ، سورية ، تغمر جيَزا من النفط و الغاز ، تطمع بها القوى القادرة على استخراجها .
لا نجازف بالكلام أن ما تقدّم يمثل ثلاثة ألغام كبيرة أو قنابل تحتوي كل منها على أطنان من المتفجرات . فما نحن بصدده هنا هو محاولة تبيين أسباب " هذه الحرب " المعلنة على قطاع غزة ، ذي المساحة المحدودة ، المسيَّج منذ سنة 2005 ، بحصار شديد ، ليس فقط من جانب إسرائيل ، و لكن عمليا من جانب دول المعسكر الغربي ، التابع للولايات المتحدة الأميركية أيضا . تحسن الإشارة بالمناسبة إلى أن هذا المعسكر هاجم العراق و خرب دولته مثلما هاجم سورية و لبنان و مصر و ليبيا . لن نطيل في موضوع الخسائر و الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة بعد حوالي الشهر من القصف المتواصل . نكتفي بالقول أن ما يجري هو من و جهة نظرنا ، حرب إبادة جماعية حقيقية ، إلغاء للوجود ، بواسطة القتل أو التهجير ، تجري امام أعين و تواطؤ ،الولايات المتحدة الأميركية و الدول الأوروبية ،و بدعم منها . حيث بتنا على يقين ، استنادا لمتابعتنا لمأساة الشعب الفلسطيني ، أن موقف هذه الدول متطابق إلى درجة ما ، مع موقفها خلال الحرب العالمية الثانية تجاه المسألة اليهودية . لا فرق في موقفها ، تجاه الفلسطيني اليوم و اليهودي بالأمس سوى الظروف و المكان !
اللافت للنظر هنا أن الحرب على قطاع غزة ، و غيرها من الحروب التي أوقدتها الدول الغربية منذ أن انهار الإتحاد السوفياتي ، أن الميول للاستعمار و لإلغاء وجود الشعوب طمعا بارضها ، تحت ذرائع ترشح كراهية عنصرية و عصبية و غرائز بهيمية ما تزال كامنة في ثنايا فلسفة الحكم في هذه الدول .
لسنا في معرض التدليل على فورات البربرية الاستعمارية في الغرب ، فتاريخ حركات التحرر الوطني في إفريقيا و في أميركا اللاتينية و آسيا غنية بالأمثلة على ذلك ، نذكر منها على وجه الخصوص التجربة الجزائرية ، لا سيما أن الحركة الصهيونية استفادت منها كثيرا . و لكن هذا بحث آخر ,
لننتقل من بعد إلى اقتراح الوزير الإسرائيلي باستخدام القنبلة ذرية من أجل القضاء على الإنسان الفلسطيني فيها ،بواسطة الأشعة الذرية ،"كحل نهائي للمسألة الفلسطينية ". نشير في هذا الصدد إلى أن الكونغرس الأميركي وافق في سنة 2004 على جواز استخدام السلاح النووي على مسرح العمليات في الشرق الأوسط و في اسيا الوسطى . إن هذا كله يقوي الاعتقاد لدينا بأنه لا شك في أن المشروع الغربي القاضي بتوطين أكبر عدد من اليهود في فلسطين ، تحت قيادة الحركة الصهيونية ، مكان الفلسطينيين الأصليين ، بات يبطن أخطارا كبيرة على الجميع . فإذا كان الاستعمار الأوروبي في أميركا ابتداء من القرن الخامس عشر و في أستراليا في القرن الثامن عشر ، قد تمكن من بلوغ مآربه ، يمكننا القول أنه فشل في الجزائر و في جنوب إفريقيا ، و ها هو يراوح مكانه في فلسطين ، غارقا حتى أذنيه في دماء الفلسطينيين الأصليين ، تهددنا لوثة حاكم من حكامه أو قائد من قادة جيوشه في فلسطين نفسها أو على حاملات الطائرات أو في غواصاتها النووية.
ينبني عليه أنه صار ضروريا و ملحا ، أن نعترف بعدم كفاءة هؤلاء الحكم و القادة هذا من جهة و بعدم صلاحية النظام الليبرالي المهيمن الذي أطلق السيرورة التي أوصلتهم إلى مواقع القرار من جهة ثانية .بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، إن القضية الفلسطينية تتطلب حلا سلميا ، حضاريا ، و ليس قنبلة ذرية بيد وزير أفقده الحقد العنصري عقله . فحق الدفاع عن النفس ، هجوما أو دفاعا ، ليس حكرا على المعتدي فقط ، كما يريد المعسكر الغربي فرضه فرضا في سياق طموحه لإرساء حوكمته على العالم ، و ممنوعا على المعتدى عليه ، ما يعني ضمنيا أن العدوان حق شرعي " للإنسان ألأبيض " الجميل ، باستثناء " الحيوانات الآدمية " كما يقول وزير إسرائيلي آخر .
الرأي عندنا أن هذا الحل السلمي العادل الحضاري هو اليوم ضرورة للإسرائيلي اليهودي و للفلسطيني الأصلي غير اليهودي ، و لكن التوصل إليه يستلزم على الأرجح تفكيك النظام الصهيوني من جهة و تفكيك نظام الوكالة الاستعمارية في بلدان العرب ، ضمنا نظام السلطة الفلسطينية في رام الله من جهة ثانية ، كشرط أساس ضروري لانطلاق سيرورة شعبية تقود الناس المتساويين في الحقوق و الواجبات ، دون تمييز بحسب الجنس و الدين و العقيدة ، الراغبين في العيش في فلسطين ، لبناء و طن من خلال التشاور و الحوار وصولا إلى التقرير بأسلوب ديمقراطي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟