الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واشنطن والكيان الصهيوني.. نحو هندسة مستقبل غزة!!

سليم يونس الزريعي

2023 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


منذ بدء محرقة غزة يوم 7 أكتوبر بعد عملية طوفان الأقصى والولايات المتحدة والكيان الصهيوني مشغولون باليوم التالي لانتهاء العمليات العسكرية في القطاع، الذين يعتقدون أنها ستنهي حكم حماس في غزة الممتد منذ يونيو 2007 بعد انقلاب مسلح ضد سلطة حركة فتح كسلطة باسم منظمة التحرير ، وهم عندما يبحثون مستقبل غزة فهم ينطلقون من تصور إرادوي يعكس أماني لا يمكن التسليم بتحققها، ليس لأن حماس قوة عظمى ولكن لأنها جزء من نسيج أهل غزة، وليست كالقاعدة أو داعش مع أنهم يشتركون في نفس المصدر الأيديولوجي.
وحتى الآن لا يوجد تصور واضح متفق عليه لمستقبل القطاع، بين أطراف الحرب على غزة سواء في جانبها العسكري أو السياسي ، أي واشنطن و"تل أبيب" وأوروبا، حتى ظهر أن موضوع إدارة غزة بعد انتهاء الحرب عليها، هو شأن صهيوني أمريكي غربي استعماري وليس فلسطينيا عربيا، وكأن غزة باتت تحت وصاية هذه القوى المعادية للشعب الفلسطيني تتحكم في مصير القطاع وأهله وتقرر من يدير شؤونه في غياب فلسطيني وعربي وإسلامي فاعل ومستقل.
ومع أن الكيان كان يقول إنه سينأى بنفسه عن البقاء في غزة بعد انتهاء مهمة قواته في القطاع بتحقيق هدفها، على الأقل بإضعاف حماس وإبعادها عن السلطة التي هي حتى الآن مجرد أمنيات، فقد فاجأ رئيس وزراء الكيان الصهيوني الجميع بموقف جديد حول استمرار السيطرة الأمنية على غزة بعد انتهاء العملية العسكرية، فأعلن أن كيان الاحتلال سيتولى لفترة غير محددة "المسؤولية الأمنية الشاملة" في قطاع غزة بعد الحرب التي يخوضها حاليا جيش الاحتلال ضد حركة حماس.
وقد برر نتنياهو موقف الكيان الجديد من أنه "عندما لا نتولى هذه المسؤولية الأمنية، فإن ما سنواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخيله". والتوصيف القانوني لقرار الكيان بتولي "المسؤولية الأمنية الشاملة" يعني عودة الاحتلال المباشر للقطاع عوض الاحتلال غير المباشر بالسيطرة والتحكم في منافذ القطاع البرية والجوبة والبحرية سابقا، بل والتحكم في من يدخل ومن يخرج من القطاع من الأفراد.
ليكون السؤال كيف سيكون مصير إدارة الشؤون المدنية لغزة في ظل الاحتلال؟ وبالطبع لن يكون هناك أي نشاط سياسي علني لأي قوة سياسية فلسطينية تناهضه سواء كانت تتبنى الكفاح المسلح أو حتى النضال السلمي في ظل الاحتلال ، وهي إشكالية كانت محل جدل خلال الأسابيع التي رافقت الحرب على غزة، انطلاقا من أنه لن يكون لحماس وجود سلطوي في غزة وهو موقف صهيوني أمريكي وأوروبي معلن، يؤكد أنه لا عودة لحماس لحكم قطاع عزة، وربما هناك مواقف عربية غير معلنة تتبني الموقف الأمريكي الصهيوني، لكن إشكالية هذه الأطراف هي في إيجاد طرف فلسطيني يقبل أن يكون "أنطوان لحد" فلسطيني، وهو الدور الذي رفضته سلطة رام الله دون إيجاد حل سياسي للضفة الغربية" لأن العودة لحكم قطاع غزة دون ذلك، ستبدو كما قال رئيس الوزراء، كمن يدخل "القطاع على متن طائرة إف 16 أو دبابة إسرائيلية!».
فيما حاولت حماس في أول نوفمبر عبر رئيس مكتبها السياسي أن تقدم أوراق اعتماد سياسية لهذه الأطراف بعرضها تصورا شاملا لمسار سياسي هدفه إقامة دولة فلسطينية في الضفة وعزة، بما يعنيه ذلك من أنها منفتحة على الحل السياسي ضمن دولة على بعض فلسطين، بعيدا عن صورتها التي عكستها تصريحات هنية نفسه بعد عملية طوفان الأقصى عن بدء مرحلة التحرير والعودة التي باتت قريبة، وهذا التقديم يعني أن حماس يجب أن تكون جزءا من الحالة السياسية التي ستعمل واشنطن على هندستها في غزة.. وفيما يبدو أنه رد على مقترح حماس السياسي، قال البيت الأبيض وفي اليوم نفسه إن "الولايات المتحدة لا تعتقد بأن حركة حماس يمكنها المشاركة في حكم قطاع غزة في المستقبل بعد نهاية الحرب مع إسرائيل".
وقد أعاد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بـ البيت الأبيض جون كيربي الثلاثاء 7 نوفمبر، التأكيد على أن حماس لا يمكن أن تكون جزءا من المستقبل في غزة والمشاورات جارية بشأن شكل الحكم هناك.
ومن جانب آخر اعتبرت سلطة رام الله أن مبادرة إسماعيل هنية السياسية ، محاولة للالتفاف على الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير لكل الفلسطينيين ديمغرافيا وجغرافيا، لذلك أكد الرئيس الفلسطيني لوزير الخارجية الأمريكية أن "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملةً في إطار حل سياسيٍ شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة".
وأكد "على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي صاحبة القرار حول كل ما يخص الشعب الفلسطيني".
هذه المواقف من أمريكا وغيرها التي شيطنت حماس وتبحث في إدارة شؤون غزة بعيدا عن مشاركتها، أثارت غضب الحركة فقال أسامة حمدان، أحد قادة حماس للصحفيين، إن "الحركة تدين التعليقات الأميركية بشأن مستقبل غزة بدون حماس متهما واشنطن بالتدخل ومحاولة تطوير قيادة فلسطينية وفقا لمعاييرها الخاصة".
ومع أنه من المبكر تصور قدرة تلك الأطراف على هندسة وضع غزة قبل أن تنتهي العمليات العسكرية، ودون حساب ردود الفعل ليس من قبل حركة حماس فقط وإنما من كل فصائل المقاومة، بما فيها حركة فتح ، في حين أن الولايات المتحدة لا تخفي عملها على شطب القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وهو ما كشف عنه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن،أثناء زيارته للعراق من أنه: يجب أن "نتفق جميعا أنه ينبغي أن تكون الأصوات الفلسطينية في قلب المستقبل وفي قلب صقل هذا المستقبل ورسمه لغزة والضفة الغربية ولدولة فلسطينية في نهاية المطاف. والأصوات الفلسطينية هي حسب وزير الخارجية الأمريكي تتمثل في السلطة الفلسطينية، بأن أكد على أن" هذه الأصوات، من المهم بمكان أن تلعب دورا رائدا".
لكن ينسى هؤلاء أن المقاومة ستتعامل مع أي طرف فلسطيني طبيعي أو معنوي يكون جزءا من مشروع الاحتلال في غزة بأنه اختار أن يكون في خندق الأعداء، وأنه يجب تحييده ماديا ومعنويا، وتجربة الثورة الفلسطينية ثرية في تصديها لكل محاولات القوى المعادية اختراق الجبهة الداخلية.
وأخيرا إنه من المحزن أن يبحث بلينكن عن فلسطينيين على شاكلة السلطة ممن يعتبرون الكفاح المسلح والعنف بأشكاله المختلفة فعلا مدانا وغير مشروع، بل والمساواة بين عنف المقاومة وعنف الاحتلال، ليكون السؤال هل سينجحون ؟ ومع أننا نثق في أن غزة التي تمنى إسحاق رابين رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأـسبق أن يصحو ليجد البحر وقد ابتلعها، لكنه هو الذي ذهب ، وبقيت غزة عصية ومنيعة ومقتدرة بأهلها مهما كانت وحشية الحرب التي تستهدفها.
ويبقى أن نقول ليس مهما من يحكم غزة من الفلسطينيين، وإنما المهم أن يكون نتاج إرادة فلسطينية حرة في سياق اختيار شعبي، بعيدا عما يعيب هذه الإرادة من إكراه مادي أو معنوي مباشر أو غير مباشر من الكيان الصهيوني والعدو الأمريكي والعرب الصهاينة أو أي طرف لا يتبنى الرواية الفلسطينية في أن فلسطين هي حق حصري فلسطيني وأنه من حق الفلسطينيين انتزاع حقوقهم في التحرير والعودة بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال


.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في




.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما


.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا




.. الحوثيون يُعلنون بدءَ تنفيذ المرحلةِ الرابعة من التصعيد ضد إ