الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة إبراهيم - الجزء الأول

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2023 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


إلى يائير لابيد ،،
تدفعنا المذبحة الدائرة الآن فى غزة إلى التفكير فى ذلك السؤال الحائر المعلق منذ مئات السنين ، لماذا نحن هكذا ، لقد حاولنا بالطبع الإجابة على ذلك من مداخل كثيرة وقلنا مرة ثقافة الصحراء ومرة ثقافة الفلاح ومرة إحترنا فى الإجابة لكن لعنة الديانة الإبراهيمية تفرض نفسها علينا اليوم بكل تأكيد ، إن التحرر الكبير فى تاريخ الشرق الأوسط ، هو التحرر الكبير من لعنة إبراهيم وصراع إسحاق وإسماعيل ، الذى لم يعد أسطورة ، بل لعنة حقيقية تتاورثها الأجيال، جيل بعد جيل ، حقيقة مؤسفة حان وقت الإعتراف بها ،،،
إبراهيم وأبنائه قصة مأساوية فى تاريخ الشرق الأوسط ، حيث نشأوا وعاشوا وتصارعوا وكان لهم التأثير السلبى الأكبر، إبراهيم رجل أسطورى قديم من مدينة أور الكلدان ، مكانها اليوم موقع أور كاديم ، تل المقيار ، بالقرب من الناصرية جنوب العراق ، هاجر شمالاً حوالى القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، لأسباب دينية أو إقتصادية بحثاً عن الرزق ، تقول الأسطورة أن التوحيد بالله هو الذى دفعه إلى الهرب من قومه الوثنين ، كان تاجراً وراعى غنم ، حمل معه عائلته وزوجته وصعد شمالاً إلى سوريا ومنها إلى فلسطين ، حيث طاب له المقام وتعاهد مع الله من خلال الختان ، ولم يدفعه إلى النزوح إلى مصر طلباً للحبوب ، سوى الجفاف الذى ضرب منطقة شرق المتوسط خلال القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، وقد صورت مقابر بنى حسن من الدولة الوسطى المصرية رجل بدوى تاجر كحل دخل مصر فى تلك الفترة يدعى أباشا يعتقد كثير من الأثريين أنه هو نفسه إبراهيم أبو العبرانيين ، وتقول الأسطورة أنه فى تلك الرحلة أهداه الفرعون ، جارية مصرية إسمها هاجر، أخذها معه إلى فلسطين حيث تزوجها بعد ذلك حيث كانت زوجته العبرية الأثيرة سارة عاقر لاتنجب ، ومن هاجر أنجب إبراهيم إبنه الأول إسماعيل ، مما أوقد نارالغيرة فى قلب سارة ، والتى وبعد أن أنجبت إبنها إسحاق فى عمر متقدم طلبت من زوجها إبراهيم أن يرمى بالجارية المصرية وإبنها فى أى داهية ، وبالفعل أخذهما إبراهيم إلى صحراء فاران ، التى هى صحراء الحجاز اليوم ، وأسكنهما حول الكعبة مع بعض حلفائه من قبائل العرب ، حيث نشأ إسماعيل بينهم وتزوج منهم ، ومن نسله جاء نبايوت وقيذار، ومن نبايوت جاء الأنباط الذى قضى عليهم الرومان حوالى القرن الأول الميلادى، ومن قيذار جاءت قريش التى خرج منها إبن العم محمد فى القرن السابع الميلادى ، ليثأر لجده إسماعيل الطريد ، وهكذا تأسست لعنة إبراهيم منذ بواكير التاريخ ،،،
توفى إبراهيم ودفن فى كهف المكفيلة، أو كهف البطاركة ، الواقع أسفل المسجد الإبراهيمى اليوم وورثه إبنه إسحاق حتى توفى ودفن مع أبيه ، وورثه إبنه يعقوب الذى عرف بإسم إسرائيل بعد ذلك وأخذ شعبه فى مغامرة إستعمارية إلى مصر الهكسوس خلال القرن السادس عشر ، حيث إستعمروا شمالها مع قبائل بدوية أخرى لفترة طويلة إستغرقت حوالى وأربعمائة عام ثم هربوا من مصر مع زعيم أسطورى آخر يدعى موسى وحد قبائل إسرائيل المتناثرة فى مصر وهرب بها إلى سيناء خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد فى عصر الفرعون مرنبتاح ، ووضع لها الشريعة التى عرفت بإسم الوصايا العشر والتى إدعى كتاب التوراى بعد ذلك أنه تلقاها من الإله نفسه الذى نزل للحديث مع موسى على جبل سيناء ، ومن سيناء رحل موسى بشعبه إلى فلسطين حيث مات على مشارفها وعهد بخلافته لرجل من مساعديه يدعى يوشع بن ذى النون وأوصاه بإستعمار فلسطين وإبادة سكانها تحقيقاً لوعد الله لجدهم إبرهيم ، بأن يملكهم وحدهم فلسطين وماحولها من الفرات إلى العريش ، دخل يوشع فلسطين ودمر أريحا ، و أخذ فى أباد الكنعانيين سكانها الأوائل ، ودخل فى حروب طاحنة مع الفلسطيين، وهم الإغريق سكان كريت الذبن هاجروا إلى فلسطين حوالى نفس الوقت الذى هرب فيه موسى بشعبه من مصر ،والذين أخذت منهم أرض كنعان إسمها التاريخى فلسطين ، وهم الذين عرفوا فى المصادر المصرية بشعوب البحر، ومثلوا العقبة الكؤود أمام إستيلاء بنى إسرائيل على فلسطين،،،
لم يخلف يوشع حاكم بعده على اليهود ومات بعد عمر مديد وبعد أن حقق ماإستطاع من وصايا موسى ، وخلفه قضاة حكموا قبائل إسرائيل الإثنى عشر لنحو مائتى عام عرف عصرهم بعص القضاة ، كان منهم البطل الأسطورى شمسون الجبار، وعلى مشارف القرن العاشر قبل الميلاد إشتاقت قبائل إسرائيل لملك يحكمها مثل تلك الشعوب التى حاربتها فى فلسطين ، فإختار لهم الكاهن الأكبر وآخر القضاة صموئيل ، ملكهم الأول شاؤول من قبيلة بنيامين ، والذى حارب بهم الفلسطينين وحقق بعض الإنتصارات لكنه هزم فى النهاية وإنتهت حياته نهاية مأساوية بمصرعه مع إبنيه فى معركة جبل جلبوع ضد الفلسطينين ، وذلك بعد ظهور منافس قوى فى شخص داوود الذى تولى قتال الفلسطينين وإنتصر عليهم إنتصاراً نهائياً وإستعمر معظم فلسطين وإتخذ من أورشليم عاصمة، وأصبح الملك المحارب والرمز الكبير لعظمة إسرائيل وإليه نسبت المزامير والتى هى فى الواقع ليست سوى أناشيد من تلك التى سجلها اليهود فى العهد القديم ،،،
خلف سليمان إبن بتشابع ، زوجة أوريا الحيثى المغدور ، الذى أرسله داوود إلى ميادين القتال الخطرة ليموت هناك ، أبيه على ملك إسرائيل ، وتميز عصره بالإستقرار وهو الذى بنى الهيكل الأول فى منطقة جبل موريا الحالية التى بنى عليها عبدالملك بن مروان قبة الصخرة بعد قرون ، وهو أيضاً الذى نسبت إليه كثير من حكمة إسرائيل ، ولكن بعد عهده الطويل إنقسمت مملكة إسرائيل قصيرة العمر إلى مملكة إسرائيل الشمالية ومملكة يهودا الجنوبية وتفجرت لعنة إبراهيم هذه المرة بين أبناء إسحاق أنفسهم ، ودخل أبناء إسحاق فى صراع مرير مع بعضهم البعض حتى قضى الآشوريون على إسرائيل حوالى سنة 720 ق م ورحلوا أهلها إلى عاصمتهم نينوى ، وبعد حوالى قرن ونصف 586 ق م، قضى نبوخذ نصر على مملكة يهودا ورحل أهلها إلى عاصمته بابل ،،،،
عاش اليهود فترة قصيرة فى بابل حيث أستعادوا ذكريات تراثهم العراقى القديم ، موطن جدهم إبراهيم ، وسرعان ماحررهم قورش الثانى الفارسى ، بعد أن أسقط مملكة بابل الأخيرة سنة539 ق م ، وفى العام التالى أعاد اليهود إلى أورشليم بقيادة عيزرا الكاهن الذى أعاد بناء الهيكل (الهيكل الثانى ) وكتب التوراة ، أسفار موسى الخمسة الأولى التى أكملتها الأجيال فيما عرف بعد ذلك بالعهد القديم ،،،
تمتع اليهود بالحرية فى ظل الإمبراطورية الفارسية وإتخذ منهم الفرس حلفاء و أسكنهم قورش الفنتين جنوب مصر فى موقع أسوان الحالية وإتخذ منهم حامية لحماية حدود مصر الجنوبية ، إستمرت الحقبة الفارسية لنحو قرنين من الزمان حتى قضى عليها الإسكندر الأكبر فى موقعة إفسوس سنة 333 ق م ، ونقل كثير من اليهود من فلسطين الى مدينة الإسكندرية المصرية التى بناها بعدغزو مصر حيث أصبحوا أهم جالية فيها بعد الإغريق أنفسهم ، وهناك تمت الترجمة السبعينية الشهيرة فى عهد بطليموس الثانى الذى حكم مصر بعد أبيه بطليموس الأول الذى آل إليه حكم مصر بعد الوفاة المفاجئة للإسكندر فى بابل سنة 323 ق م ، أما فلسطين نفسها فقد كانت من نصيب السلوقيون ولم تكن أحوال اليهود فيها على مايرام وعادوا إلى ثوراتهم القديمة حتى حصلوا على إستقلال ذاتى فى ظل ملوكهم الكهنة المكابيين حوالى سنة 146 ق م ، الذين ظلوا يحكمونهم حتى بدايات العصر العصر الرومانى حين ولى الرومان عليهم هيرود الأدومى وأبنائه ثم أخضعوهم للحكم المباشر بعد ذلك ،،،
وفى عهد الرومان عادت ثورات اليهود وظهرت فرق السيكارى ضاربى الخناجر ، كما ظهرت حركة الغيوريين الثوريين بزعامة يهودا الجاليلى وأبنائه الذين أعدمهم الرومان فى بدايات القرن الأول الميلادى ، وبعدهم ظهر يوحنا المعمدان ويسوع الناصرى الذى إشتهر بإسم المسيح ملك اليهود ، والذى غزى إعدامه المأساوى ثورات اليهود وأدى إلى إشتعال ثورتهم الكبرى سنة 66م ، والتى كانت بدورها السبب الرئيسى فى تدمير الرومان لأورشليم سنة 70م وهى السنة الحاسمة فى تاريخ إسرائيل ، والتى إندثر بعدها تقريبا الفرع الإسحاقى من أبناء إبراهيم ، وبقيت قلة قليلة منهم فقط فى فلسطين ، حيث ذاب كثير منهم فى حركة المسيح يسوع الناصرى، التى طورها بولس الرسول إلى المسيحية الهيلينية التى سادت بعد ذلك كل العالم اليونانى الرومانى ، بينما هاجرت الجماعات الباقية إلى جميع أنحاء البحر المتوسط والإمبراطورية الرومانية حيث عاشوا فى عزلة وخوف ، وإلى الحجاز حيث عاشوا فى سلام مع أبناء عمومتهم العرب الإسماعيلين ، حتى أوائل القرن السابع حيث ظهر محمد فى قريش ، أبناء قيذار الإسماعيلين ، ونادى بالتوحيد بين العرب واليهود على دين الجد المشترك إبراهيم ، قل هدانى ربى ديناً قيماً ، ملة إبراهيم حنيفاً وماكان من المشركين ، لكن اليهود فى المدينة رفضوا الإعتراف به كزعيم لكل أبناء إبراهيم ، وبينما وافقوا على الحلف السياسى والتجارى معه هو وأصحابه القرشيين ضد مكة ، فقد رفضوا زعامته الدينية ، كما رفضوا إغراء دعوته إلى التحالف المشترك ضد الرومان إنتقاماُ بما فعلوه بأبناء العام فى فلسطين سنة 70م ،،،
وهكذا تعمق الثأر التاريخى القديم بين أبناء سارة الإسحاقيين وأبناء هاجرالإسماعيليين ، وإنقلب عليهم محمد بحجة ماسببوه لموسى من مضايقات وخذلان ، مثله الأعلى الذى إمتلأ القرآن بحكاياته ، فقام بطردهم على دفعات إلى شمال الحجاز، ثم أوقع بهم مذبحة بنى قريظة والتى تعتبر من أكبر ماإرتكبه من مذابح فى بدايات دعوته الإسلامية ، ولكن الغريب أن يهود فلسطين قد رحبوا بحركة الغزوات العربية وإعتدائها الكبيرعلى العالم اليونانى الرومانى بعد ذلك ، وقدموا لأبناء العم كثيراً من الخدمات ودخلوا فى خدمتهم ككتبة وأطباء ومحاسبين وتراجمة فى كل مكان وصلت إليه غزواتهم ، خاصة فى الأندلس حيث مثلوا ظهيراً كبيراً للحكم الإسلامى هناك ، وإستمر ذلك خلال العصور الوسطى وعصر الحروب الصليبية ، حيث كانوا أكثر ميلاً لأبناء عمومتهم العرب الساميين من الأوربيين أحفاد الإغريق والرومان الهيلينيين ، أصحاب يسوع وبولس المنشقين عن شريعة موسى وختان إبراهيم ، حتى إعتبرهم الصليبيون شيئاً واحداً ، وكانوا يقتلونهم كما يقتلون المسلمين تماماً ، وكذلك إعتبر ملوك وبابوات أوربا الكاثوليك ، أبناء العم الساميين عدواً واحداً ، وأنشأ الملك الأسبانى فرناندو الثانى والملكة إيزابيلا الأولى وبتشجيع من البابا سيكستوس الرابع محاكم التفتيش الأسبانية سنة 1478م لمتابعة تحويل المسلمين واليهود إلى الكاثوليكية وإختبار عقيدتهم ، لكن الأمر إختلف مع العصور الحديثة ، حيث إنفصل أبناء العم مرة أخرى ، فمع ثورة الأفكار الأوربية الكبرى فى القرنين السابع عشر والثامن عشر ، وسيادة الأفكار القومية محل الأفكار الدينية ، خرج أبناء سارة من الجيتو اليهودى وسيطروا على جزء كبير من أوربا الحديثة ، فى جميع المجالات تقريباً ، وليس الإقتصادية فقط ، وللمصادفة الغريبة خرج منهم أكبر الأسماء فى مجال الفكر أيضاً ، سبينوزا وماركس وداروين وفرويد ، بينما ظل أبناء هاجر المسلمون ، يرزحون تحت نير الإستعمار الأوربى جنوباً ،،،
أدت سيطرة اليهود على كثير من مناحى الحياة فى أوربا الحديثة ، إلى ظهور تيار العداء للسامية ، والذى كان فى الواقع إمتداد لتيار عداء أوربا المسيحية لليهود قتلة المسيح فى العصور القديمة ، وكان أول من إستعمل الإصطلاح هو الصحفى الألمانى وليام مار أول سنة 1879 ، حيث كان نفوذ اليهود فى صعود ملحوظ فى ألمانيا ، وفى شرق أوربا بشكل عام ، وإزداد الأمر سوءً بفضيحة الضابط الفرنسى اليهودى دريفوس سنة 1894 ، الذى إتهم بخيانة وطنه فرنسا محررة اليهود وتسليم معلومات خطيرة إلى العدو الألمانى ، مما ساهم فى إمتداد تيار العداء لليهود إلى غرب أوربا أيضاً ،،،
وفى موازاة صعود تيار معاداة السامية ، كان هناك صعود لتيار مصالحة اليهود وإنشاء وطن قومى لهم فى فلسطين والإستفادة من إمكانياتهم وإتخاذهم حلفاءً فى الشرق الإسلامى بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية المتوقع ، كان هناك تيار صليبى حديث لتوظيف لعنة إبراهيم، بالمصالحة بين التراثين اليهودى والمسيحى ، لضرب أبناء إسماعيل بالتحالف مع أبناء إسحاق ، وقد رحب هذا التيار بالإعلان الذى قام به الصحفى اليهودى النمساوى تيودور هرتزل عن مشروع الدولة اليهودية فى كتابه الدولة اليهودية الذى صدر سنة 1896 وهو الكتاب الذى لاقى إستحسان كبير فى الأوساط اليهودية ، مما شجع هرتزل إلى دعوة لمؤتمر يهودى عالمى فى بازل بسويسرا فى السنة التالية مباشرة لمناقشة ماجاء فى الكتاب تفصيلاً ، حيث تم الإتفاق على تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية ،،،
وبعد وفاة هرتزل سنة 1904م ، خلفه الصناعى اليهودى البريطانى حاييم ويزمان وقام بنقل مقر المنظمة الصهيونية من فيينا إلى لندن ، حيث كانت مصالح اليهود أكبر وتيار العداء للسامية أقل ، وبالفعل تمكن من الحصول على دعم كثير من الساسة البريطانيين للفكرة الصهيونية بإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين يكون ممثلاً لمصالح الغرب وحضارته ، وذلك أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) ، وكان الوزير البريطانى اليهودى صموئيل هربرت هو أول من أعلن عن تأييده للفكرة سنة 1915م ، وإكتسبت الفكرة دعماً أكبر فى وزارة ديفيد لويد جورج ووزير خارجيته آرثر بلفور فى السنة التالية مباشرة ، وقام بلفور بإصدار خطابه الشهير الذى عرف بوعد بلفور، إلى رجل المال البريطانى اليهودى اللورد روتشيلد وزميله حاييم ويزمان ، الذى أصبح رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية بعد هرتزل ، وقد صدر التصريح على نحو معقد بحيث لايتعارض مع الوعود التى قطعها البريطانيون لحليفهم الشريف حسين شريف مكة فى تنصيبه ملكاً على كل البلاد العربية الخاضعة للأتراك بعد تحريرها منهم ، تلك الوعود التى كانوا قد خانوها بالفعل فى إتفاقيات سايكس بيكو السرية التى عقدوها مع حليفيهم الفرنسى والروسى وكشف عنها الثوار البلاشفة بعد قضائهم على أسرة رومانوف وخروجهم من الحرب العالمية ، والتى إستثنت فلسطين من تلك الإتفاقيات السرية وتركت تحت إشراف بريطانيا بشكل مبهم على أنها لاتمثل جزءً من البلاد العربية الخاضعة للأتراك ، وقد جاء فى وعد بلفور ( إن حكومة جلالة الملكة تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين ، بما لايضر بمصالح الجماعات الأخرى هناك ولا بأوضاع اليهود فى البلاد التى يعيشون فيها اليوم ) وعندما إعترض الشريف حسين على ذلك وعلى ماجاء فى معاهدات سايكس بيكو السرية ، تمكن الإنجليز من إقناعه مؤقتاً بأن ذلك لن يضر بمصالحه وبما إتفق عليه معه ،،،
وبمجرد أن سقطت أورشليم فى يد الحلفاء قبيل نهاية الحرب العالمية ورحل عنها الأتراك سافر ويزمان إلى أورشليم وأنشأ مكتباً للمنظمة الصهيونية ، وبدأ فى رعاية الهجرات اليهودية المنظمة إلى هناك ، تلك الهجرات التى كانت قد بدأت بالفعل بمبادرات شخصية خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر ، خاصة من أوربا الشرقية ، وتصاعدت مع الإعلان الرسمى عن مشروع هرتزل فى العودة إلى جبل صهيون وتأسيس الدولة اليهودية ، وبدأ السكان العرب الذين كانوا يشكلون الأغلبية الكاسحة من السكان ، يستشعرون بالقلق من تدفق أبناء العم الجدد ، نصف الأوربيين ، على فلسطين ، خاصة بعد إقرار عصبة الأمم لنظام الإنتداب البريطانى على فلسطين سنة 1922م ، وبدأوا فى الإستعداد لمقاومة هذا الواقع المفاجىء الجديد ،،،
كان السير صموئيل هربرت أول مندوب سامى فى فلسطين فى الفترة مابين 1920-1925 ، يهودياً وهو أول من إقترح فكرة فلسطين اليهودية على مجلس الوزراء البريطانى سنة 1914 ، كما سبق ذكره ، وقد عمل على إنشاء مجلس تشريعى من العرب واليهود لإدارة البلاد ، كما إقترح إنشاء وكالة عربية لحفظ التوازن مع الوكالة اليهودية للهجرة ، ولكن العرب رفضوا إقتراحه وتمسكوا بوعد الحكومة الوطنية الذى منح للشريف حسين أثناء الحرب ، وقد بدأوا يستشعرون الخطر من الهجرات اليهودية وإندفعوا فى أعمال شغب عنيفة أقلقت السلطات البريطانية فأصدرت الورقة البيضاء الأولى سنة 1922 ، ورقة تشرشل ، أعلنت فيها عن نيتها فى حفز التوازن بين الجماعات العربية والجماعات اليهودية ،،،
ونتيجة للورقة البيضاء الأولى إنخفضت وتيرة الهجرة اليهودية إلى فلسطين مؤقتاً ، ولكن فى سنة 1929 وافقت بريطانيا على تأسيس وكالة يهودية موسعة يكون نصف أعضائها من المتعاطفين مع الحركة الصهيونية من خارج فلسطين ، مما أكسب اليهود إحساساً جديداً بالقوة فإستأنفوا تيار الهجروا وبدأوا فى شراء مزيد من الأراضى ، لكن الأمور لم تمر سلمياً فقد أدى نزاع بسبب الممارسات اليهودية حول حائط المبكى إلى إنفجار طائفى كبير سقط بسببه كثير من الضحايا من الجانبين ، مما إضطر حكومة العمال البريطانية إلى إصدار ورقة بيضاء ثانية سنة 1930م (ورقة باسفيلد) تقرر فيها تقييد الهجرة اليهودية ومنع شراء اليهود للأرض، لكن النفوذ اليهودى فى بريطانيا تمكن من إالغاء الورقة وبدأ العرب بدورهم يبحثون عن التأييد الدولى ،،،
وفى ديسمبر 1931م دعى إلى مؤتمر إسلامى فى القدس حضره ممثلو إثنين وعشرين دولة إسلامية من أجل مواجهة الخطر الصهيونى الزاحف على فلسطين العربية ، لكن المؤتمر لم يستطع تقديم الكثير لعرب فلسطين فى الواقع ، وكانت الدعوة إلى مقاطعة البضائع البريطانية عديمة الجدوى ، وظلت الهجرة اليهودية فى إرتفاع فوصلت من أربعة آلاف سنة 1930م إلى ثلاثين ألف سنة 1933م إلى إثنين وستين ألفاً سنة 1935م،،،
وفى سنة 1935م طالبت الأحزاب العربية بوقف تيار الهجرة اليهودية وبمنع شراء الأراضى وبإقامة مؤسسات ديموقراطية ، وبناء على ذلك إقترح البريطانيون مجلساً تشريعياً من ثمانية وعشرين عضواً ، أربعة عشرة للعرب ، وثمانية لليهود وستة للبريطانيين ، لكن العرب رفضوا الإقتراح لإنه كان أقل تمثيلاً لأغلبيتهم العددية ، كما رفضه اليهود خوفاً من تحكم العرب ، وكان اليهود قد بدأوا فى التخطيط للسيطرة على كل فلسطين فى المستقبل ،،،
وعلى أثر ذلك إشتعلت الثورة العربية الكبرى بعد تسرب أنباء عن بداية تهريب اليهود للسلاح إلى فلسطين، وفى إبريل 1936 شكلت اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسينى - الذى كان قد أنتخب إلى منصب مفتى القدس فى عهد صموئيل هربرت وأصبح زعيماً شعبياً لعرب فلسطين - ودعت إلى إضراب عام لمدة ستة أشهر ، وبدأت إنتفاضة وطنية شاملة ولجأ الثوار والمتطوعين العرب إلى التلال ، مما دفع بريطانيا بإرسال لجنة تقصى حقائق برئاسة اللورد بيل سنة 1937م ، والتى خلصت إلى أن إلتزامات بريطانيا تجاه العرب واليهود متناقضة، وأنه لايمكن تنفيذ الإنتداب ولاوعد بلفور ، ومن ثم إقترحت للمرة الأولى تقسيم فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية ، على أن تبقى أورشليم وحيفا تحت الإنتداب البريطانى ، وتحددت الهجرة اليهودية السنوية بإثنى عشر ألفاً لمدة الخمس سنوات المقبلة ، وعلى أن تضم الدولة العربية إلى مملكة الأردن حديثة الوجود ، والمستثناة من مشروع الوطن القومى لليهود فى فلسطين ، لكن الإقتراح لم يعجب اليهود بسبب إستثناء أورشليم من دولتهم وبسبب تحديد الهجرة اليهودية ، وكذلك فقد رفضها معظم العرب بإستثاء الملك عبدالله ، إبن الشريف حسين ، وملك الأردن حديثة المولد ،،

إشتدت ثورة العرب ونفى الحاج أمين الحسينى إلى سيشل لكنه هرب إلى بغداد وإستمر فى قيادة الثورة من هناك ، ونتيجة لذلك دعت الحكومة البريطانية إلى مؤتمر مائدة مستديرة فى لندن بين فبراير ومارس سنة 1939 ، كما عقدت مؤتمرين منفصلين مع العرب واليهود بعد ذلك ، حضره كثير من المنظمات اليهودية وممثلى الدول العربية من خارج فلسطين ، لكن كل من هذه المؤتمرات لم تؤدى إلى إتفاق ولم تسفر عن شىئ ،،،
ومع إقتراب شبح الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا بدأت بريطانيا فى محاولة كسب ود العرب حيث كانوا مازالوا يمثلون الأغلبية من سكان فلسطين ، وتقريباً كما حدث فى الحرب الأولى فى محاولة لإسترضائهم ضد تركيا ، فقد أصدرت ورقة بيضاء ثالثة فى مايو 1939م ، ورقة مكدونالد ، تنص على تحديد خمسة وسبعين ألف فقط من المهاجرين اليهود لفلسطين للخمسة سنوات التالية ، وعلى أن تخضع أى هجرات أخرى لموافقة العرب ، على أن يكون هناك هدف بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة خلال العشرة سنوات القادمة يعيش فيها العرب واليهود معاً ، لكن حزب الحاج أمين الحسينى قرر أنه لايمكن الوثوق بإنجلترا ، وفى نفس الوقت شعر اليهود بخيانة وعد بلفور وبدأوا فى تأسيس دولتهم المستقلة بأنفسهم وذلك من خلال مجلس تشريعى منتخب لإدارةشئونهم ، بمعاونة الإتحادات التجارية اليهودية التى عرفت بإسم الهستادروت ،،،
وقبل أن تشتعل نيران الحرب العالمية الثانية ، كانت المستوطنات اليهودية فى فلسطين قد إزدادت من سبعة وأربعين إلى مائتين وتضاعفت ملكية الأرض اليهودية إلى أكثر من الضعف ، كما أسست الجامعة العبرية فى القدس سنة 1925م كمركز لتخريج الكوادر الثقافية والسياسية اليهودية ، كما تم تأسيس الهجانة ، الجيش شبه السرى الذى ساهم فى حماية المستوطنات ، وقمع الثورات العربية ، وأصبح اليهود قوة كبيرة فى فلسطين ، فى إنتظار اللحظة المناسبة للإعلان عن دولتهم،،،
وبرغم ذلك فقد إستمر تأييد اليهود لبريطانية فى الحرب وسجل حوالى 27000 يهودى فلسطينى أنفسهم فى القوات البريطانية أثناء الحرب وذلك فى نفس الوقت الذى إحتفظوا فيه بجيش الهجانة ، كما بدأوا فى سياسة التصنيع الحربى الخاص بهم ، ومولوا بريطانيا ببعض منها ممازاد من مركزهم ، وقد تجاهل بن جوريون الزعيم الصهيونى الذى خلف حاييم وايزمان ماجاء فى الورقة البيضاء وحاول الإستمرار فى سياسة صداقة ودعم بريطانيا ، لكن بريطانيا رفضت الفكرة التى طرحها الصهاينة فى ذلك الوقت بتكوين جيش يهودى مستقل يرفع العلم اليهودى ليقاتل بجانب الحلفاء ، كما أعادت المهاجرين اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين فى ذلك الوقت ، لذا فقد إعتبرها الصهاينة مسؤولة عن المصير الذى لاقاه اليهود فى أوربا خلال سنوات الحرب بسبب مذابح هتلر، وعبر اليهود عن غضبهم من سياسة بريطانيا التى إنحازت مؤقتاً إلى العرب بسبب ظروف الحرب الثانية ، بإغتيال اللورد ميون وزير الدولة البريطانى فى القاهرة فى نوفمبر 1944 على يد عصابة شترن المتطرفة المنشقة عن جيش الهجانة ، وكان اللورد ميون معروفاً بموقفه السلبى من فكرة إقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين ، كما كان الإغتيال يهدف أيضاً إلى الوقيعة بين مصر وبريطانيا ،،،
لكن أهم التطورات التى حدثت فى سنوات الحرب الثانية كان هو الإنتقال النهائى لمقر الصهيونية العالمية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، وقد تم ذلك بترتيب الزعيم الجديد بن جوريون ، الذى أهمل موقف ويزمان بإتخاذ بريطانيا مركزاً للحركة الصهيونية ، فقد كان الزمن قد تغير ، وأصبحت الولايات المتحدة هى القوة الكبرى فى العالم نتيجة لظروف الحرب الكبرى الثانية ، وهكذا ففى مؤتمر عقد فى فندق بلتيمور فى نيويورك فى مايو 1944 ، تم الإتفاق على برنامج هجرة غير مقيدة إلى فلسطين ، وبجعل فلسطين جمهورية يهودية ضمن بناء العالم الديموقراطى الجديد ، وعلى الجانب الآخر ظل الفلسطينيون هادئين أثناء الحرب ، وإنضم منهم حوالى 12000 إلى القوات البريطانية ، وهرب الحاج أمين الحسينى من بغداد بعد سقوط حكومة رشيد عالى الكيلانى الموالية للمحور، وذهب إلى المانيا ، حيث حاول من هناك تعبئة الرأى العام الإسلامى لصف المحور ،،،
ومع وصول حكومة عمال إلى الحكم فى بريطانيا عام 1945م تجددت الآمال الصهيونية لإن حزب العمال كان قد عارض الورقة البيضاء لعام 1939م ، كما كان قد أجاز قراراً فى مؤتمر للحزب عام 1944م يقترح بضرورة ترحيل العرب عن فلسطين وإحلال اليهود مكانهم ، لكن تلك التطورات لم يكن لها أهمية فى الواقع ، لإن بريطانيا كانت قد بدأت تفقد مركزها كالقوة العظمى الأولى فى العالم لصالح الولايات المتحدة ،،،
كان إقتراح الورقة البيضاء لعام 1939م بفلسطين دولة مستقلة ذات قوميتين قد ضعف تلقائياً بسبب مذابح هتلر لليهود أثناء سنوات الحرب ، فبعد إنتهاء الحرب إزداد الضغعط الأمريكى والصهيونى من أجل هجرة يهودية جماعية إلى فلسطين، وطلب الرئيس ترومان من الحكومة البريطانية الدخول الفورى لمائة ألف يهودى إلى فلسطين ، كما طالب الكونجرس بهجرة غير محددة لليهود ، وتم الإتفاق على تكوين لجنة تقصى حقائق أمريكية إنجليزية لدراسة الموقف فى فلسطين ، وقد تبنت قرارات اللجنة العودة إلى سياسات سنة 1922 بإستمرار الإنتداب وبدولة واحدة متحدة وبإلغاء القيود على بيع الأراضى والسماح الفورى لمائة ألف يهودى بالسفر إلى فلسطين ، لكن اللجنة أوصت أيضاً بحل القوات اليهودية السرية التى قدرت بنحو 65000 ، كما أوصت بوقف الهجرة اليهودية غير الشرعية، ولم يعجب ذلك الجماعات الصهيونية فقامت بتفجير فندق الملك داوود فى أورشليم فى يوليو 1946م ، والذى كان يضم المكاتب العسكرية والمدنية البريطانية، وفى المقابل أعاد تأكيد إجتماع قيادات دول الجامعة العربية حديثة التكوين فى مصر فى مايو 1946م على الهوية العربية لفلسطين وأقر إجتماع آخر فى سوريا فى يونيو من نفس العام قراراً سرياً بتهديد المصالح البريطانية والأمريكية فى الشرق الأوسط ،،،
واجهت الحكومة البريطانية معضلة كبرى فى التوفيق بين مصالح العرب واليهود ، لكن بريطانيا كانت تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة من أجل السماح بهجرة يهودية غير محددة إلى فلسطين ، وبعد محاولة عقيمة من أجل الحصول على موافقة العرب واليهود على خطة مشتركة سلمت المشكلة إلى الأمم المتحدة فى فبراير 1947 ، وفى أغسطس أوصى تقرير بأغلبية للجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ، وتدويل القدس وضواحيها ، وبموافقة 33 عضواًورفض 13 عضواً وإمتناع عشرة أعضاء عن التصويت ، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذه التوصيات فى قرارها رقم 181 الصادر فى نوفمبر 1947م بسبب تأييد القوى الكبرى الجديدة ، أمريكا والإتحاد السوفيتى ، ورحب اليهود بالقرار حيث كان يمنحهم حوالى 55% من أرض فلسطين ، بينما رفض العرب القرار ، داخل فلسطين وخارجها ، ولكن فشلت جميع محاولاتهم لتعطيله ،،،
وفى إبريل 1948 أنهت بريطانيا إنتدابها على فلسطين بدون خطة لإدارة البلاد ، وبشكل فوضوى يشبه المؤامرة ، مما أدى إلى إقتتال طائفى تحول إلى حرب أهلية شاملة ، وإزاء هذه التطورات تراجعت الولايات المتحدة وأعلنت معارضتها للتقسيم الإجبارى ودعت إلى هدنة وإلى مزيد من تدارس الأمر فى الأمم المتحدة ، لكن اليهود الذين كانوا قد جهزوا أنفسهم للحرب ، رفضوا الإقتراح وحاولوا والسيطرة على معظم فلسطين بقوة السلاح ، وقامت جماعة أرجون المتطرفة وعصابة شتيرن وجيش الهجانة بوضع خطة للسيطرة على معظم فلسطين وأخذت فى شن العمليات العسكرية ، وإحداث مذابح فى القرى العربية فى يافا وحيفا وطبرية واللد والرملة وحول القدس مثل فى بعضها بالجثث مثل مذبحة دير ياسين التى قامت بها جماعة الأرجون فى إبريل 1948م فى سلوك وحشى يذكرنا بالدخول الأول للقبائل العبرية إلى فلسطين بقيادة يوشع بن ذى النون قبل نحو ثلاثة آلاف عام ،،،
وفى نفس الوقت تدخل جيش عربى من نحو ثلاثة آلاف متطوع جاءوا من خارج فلسطين ، لكن القوات اليهودية كانت أكثر تنظيماً ووحشية فإنهارت المعنويات العربية وسيطر الصهاينة على طبرية وحيفا وعكا ويافا ومعظم القدس العربية وفر أكثر من نصف مليون لاجىء إلى البلاد العربية المجاورة ،،،
وفى 14 مايو غادر آخر مندوب سامى بريطانى فلسطين وإنتهى الإنتداب رسمياً وعلى الفور أعلن اليهود قيام دولة إسرائيل ، بشكل يشبه الإتفاق المسبق مع سلطات الإنتداب ، وفوراً أعترفت بها الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى ، وفى اليوم التالى مباشرة ، عبرت القوات المسلحة النظامية من سوريا والأردن والعراق ومصر إلى فلسطين بقرار من الجامعة العربية على أمل إنقاذ الموقف ، لكن اليهود كانوا أكثر تنظيماً وتسليحاً، بينما كانت مواقف الدول العربية متعارضة ، كما لم تكن مصالحهم واحدة ، وقد كان عبدالله ملك الأردن يفاوض اليهود منفرداً،،،
وفى سبتمبر 1948 قامت العصابات الصهيونية بإغتيال وسيط الأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت فى القدس لمطلبه بعودة اللاجئين العرب إلى قراهم التى طردتهم منها العصابات الصهيونية ، والذى ترتب عليه إستصدار قرار الأمم المتحدة رقم 194 فى ديسمبر 1948 الذى ينص على ضرورة عودة اللاجئين إلى قراهم مع إمكانية تعويض من يرغب منهم فى التعويض ،
وفى نفس الشهر ديسمبر من عام 1948م عينت الأمم المتحدة لجنة توفيق من ثلاثة أعضاء ، فرنسا وتركيا والولايات المتحدة ، من أجل التوصل إلى تسوية نهائية وترتيب نظام دولى لأورشليم وتنفيذ القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين ، لكنها فشلت بسبب إصرار الدول العربية على عودة اللاجئين دون قيد أو شرط ، ورفض إسرائيل لذلك وتفضيلها لإقتراح عودة عدد محدود فقط ، وتعويض معظم اللأجئين مادياً ،،،
لم تحسن فترات الهدنة التى دعت إاليها الأمم المتحدة من الموقف العربى ، فبعد كل هدنة كان اليهود يستولون على مزيد من الأراضى وعندما إنتهى القتال فى النهاية فى يناير 1949 بهزيمة الجيوش العربية ، ظل 21% فقط من أراضى فلسطين فى يد العرب بعد أن كان 45% بموجب قرار التقسيم ، وبين فبراير ويوليو 1949 إستطاع وسيط الأمم المتحدة الأمريكى رالف بونش ، الذى خلف برنادوت ، فى إنجاز إتفاقيات هدنة عسكرية منفصلة بين إسرائيل والدول العربية الحدودية التى شاركت فى الحرب ، إستمرت حتى حرب يونيو 1967 ، ومع مصرتم رسم خط الهدنة على طول الحدود الدولية بين مصر وفلسطين الإنتدابية على أن يظل قطاع غزة تحت الإدارة المصرية ، ومع الأردن قسمت القدس إلى قسم غربى يهودى وشرقى عربى تحت سيطرة الأردن مع الضفة الغربية ، و مع لبنان تم رسم خط أخضر وهمى بين لبنان وفلسطين الإنتدابية، وأخيراً منطقة منزوعة السلاح بين سوريا وفلسطين الإنتدابية ،،،
وفى مايو 1949 قبلت إسرائيل رسمياً كعضو فى الأمم المتحدة ،،،
أهم المراجع
1-الكتاب المقدس - مؤسسة الجدوين - سنغافورة – نسخة إنجليزية
2-القرآن ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
3- تاريخ اليهود – يوسيفيوس- دار صادر – بيروت
4-بنو إسرائيل – محمد بيومى مهرن – دار المعرفة الجامعية - الإسكندرية
5-الحركة الصليبية – سعيد عبدالفتاح عاشور – مكتبة الأنجلو المصرية – بيروت
6-اليهود فى الدولة العربية الإسلامية فى الأندلس – خالد يونس عبدالعزيز- مكتبة دار الأرقم-فلسطين - غزة
7-تاريخ الشرق الأوسط – بيتر منسفيلد - ترجمة عبدالجواد سيد - مطبعة الفتح – الإسكندرية
8-الشرق الأوسط، ألفى سنة من التاريخ – برنار لويس- لندن – نسخة إنجليزية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة