الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه إلى أصدقائه الإسرائيليون: لهذا السبب أنا ادعم الفلسطينيين

إيلان بابيه

2023 / 11 / 9
القضية الفلسطينية


بقلم إيلان بابيه ترجمة علي أحمد

ليس من السهل دائما أن تتمسك ببوصلتك الأخلاقية، ولكن إذا كانت تشير إلى الشمال ــ نحو إنهاء الاستعمار والتحرير ــ فمن المرجح أن ترشدك عبر ضباب الدعاية السامة.

إنه لأمر صعب أن يحافظ المرء على بوصلته الأخلاقية عندما يتخذ المجتمع الذي تنتمي إليه – القادة ووسائل الإعلام على حد سواء – الأرضية الأخلاقية العالية ويتوقع منك أن تشاركهم نفس الغضب المحق الذي تفاعلوا به مع أحداث السبت الماضي، السابع من أكتوبر.

هناك طريقة واحدة فقط لمقاومة إغراء الانضمام إليهم: إذا فهمت، في مرحلة ما من حياتك – حتى كمواطن يهودي في إسرائيل – الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للصهيونية، وشعرت بالرعب من سياساتها ضد سكان فلسطين الأصليين.

إذا كان لديكم هذا الإدراك فلن تترددوا، حتى لو كانت الرسائل المسمومة تصور الفلسطينيين كحيوانات، أو “حيوانات بشرية”. فنفس هؤلاء يصرون على وصف ما حدث يوم السبت الماضي بـ “الهولوكوست”، وبالتالي يسيئون الى ذاكرة مأساة كبرى. هذه المشاعر يتم نقلها ليلا ونهارا من قبل وسائل الإعلام والسياسيين الإسرائيليين.

هذه البوصلة الأخلاقية هي التي قادتني، وآخرين في مجتمعنا، إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بكل الطرق الممكنة؛ وهذا يتيح لنا، في الوقت نفسه، الإعجاب بشجاعة المقاتلين الفلسطينيين الذين استولوا على أكثر من دستة قواعد عسكرية، وتغلبوا على أقوى جيش في الشرق الأوسط.

وأمثالي أيضاً لا يمكنهم إلا أن يثيروا تساؤلات حول القيمة الأخلاقية أو الاستراتيجية لبعض الأعمال التي رافقت هذه العملية.

ولأننا دعمنا دائماً إنهاء الاستعمار في فلسطين، فقد كنا نعلم أنه كلما طال أمد القمع الإسرائيلي، قل احتمال أن يكون النضال من أجل التحرير “عقيماً” – كما كان الحال في كل نضال عادل من أجل التحرير في الماضي، وفي أي مكان في العالم.

وهذا لا يعني أنه لا ينبغي لنا أن ننظر بعين واحدة على الصورة الأكبر، ولا حتى لدقيقة واحدة. والصورة هي صورة شعب مستعمَر يناضل من أجل البقاء، في وقت انتخب فيه مضطهديه حكومة عازمة على تسريع عملية التدمير، وفي الواقع القضاء على الشعب الفلسطيني – أو حتى محو هويته.

كان على حماس أن تتحرك، وبسرعة.

من الصعب تقديم هذه الحجج المضادة لأن وسائل الإعلام والسياسيين الغربيين انخرطوا في الخطاب الإسرائيلي والسرد الإسرائيلي، مهما كان إشكاليا.
وأتساءل كم من أولئك الذين قرروا تزيين مبنى البرلمان في لندن وبرج إيفل في باريس بألوان العلم الإسرائيلي يفهمون حقاً كيف يتم استقبال هذه البادرة الرمزية في إسرائيل.

وحتى الصهاينة الليبراليون، بقدر قليل من اللياقة، قرأوا هذا العمل باعتباره غفراناً تاماً لجميع الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948؛ وبالتالي، كتفويض مطلق لمواصلة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل الآن ضد شعب غزة.

ولحسن الحظ، كانت هناك أيضاً ردود فعل مختلفة على الأحداث التي وقعت في الأيام القليلة الماضية.

وكما كان الحال في الماضي، فإن قطاعات كبيرة من المجتمعات المدنية في الغرب لا يمكن خداعها بسهولة بهذا النفاق، الذي أصبح واضحاً بالكامل بفعل حالة أوكرانيا.

الكثير من الناس يعرف أنه منذ يونيو 1967، تم سجن مليون فلسطيني مرة واحدة على الأقل في حياتهم. ومع السجن تأتي الانتهاكات والتعذيب والاعتقال الدائم دون محاكمة.

ويدرك هؤلاء الأشخاص أيضاً الواقع المروع الذي خلقته إسرائيل في قطاع غزة عندما أغلقت المنطقة، وفرضت حصاراً محكماً، بدءاً من عام 2007، مصحوباً بقتل الأطفال بلا هوادة في الضفة الغربية المحتلة. وهذا العنف ليس ظاهرة جديدة، فهو الوجه الدائم للصهيونية منذ قيام إسرائيل عام 1948.

وبسبب هذا المجتمع المدني بالذات، أيها الأصدقاء الإسرائيليون الأعزاء، سيتبين في نهاية المطاف أن حكومتكم ووسائل إعلامكم مخطئة، لأنها لن تكون قادرة على ادعاء دور الضحية، وتلقي الدعم غير المشروط، والإفلات بجرائمها في نفس الوقت.

ففي نهاية المطاف، سوف تظهر الصورة الكبيرة، على الرغم من وسائل الإعلام الغربية المتحيزة بطبيعتها.

لكن يبقى السؤال الاهم هو: هل ستتمكنون، يا أصدقائي الإسرائيليين، من رؤية هذه الصورة الكبيرة بوضوح أيضاً؟ رغم سنوات من التلقين والهندسة الاجتماعية؟
ولا يقل أهمية عن ذلك، هل ستتمكنون من تعلم الدرس المهم الآخر ــ الدرس الذي يمكن استخلاصه من الأحداث الأخيرة ــ وهو أن القوة المطلقة وحدها غير قادرة على إيجاد التوازن بين النظام العادل من ناحية والمشروع السياسي غير الأخلاقي من ناحية أخرى؟

ولكن هناك بديل. وكان هناك دائماً شيء واحد في الواقع:
فلسطين منزوعة الصهيونية ومحررة وديمقراطية من النهر إلى البحر؛ فلسطين ترحب بعودة اللاجئين وتبني مجتمعاً لا يميز على أساس الثقافة أو الدين أو العرق.
ستعمل هذه الدولة الجديدة على تصحيح شرور الماضي، قدر الإمكان، من حيث عدم المساواة الاقتصادية، وسرقة الممتلكات، وإنكار الحقوق. وهذا يمكن أن يبشر بفجر جديد للشرق الأوسط بأكمله.

ليس من السهل دائماً التمسك ببوصلتك الأخلاقية، ولكن إذا كانت تشير الى الشمال – نحو إنهاء الاستعمار والتحرير – فمن المرجح أن ترشدك عبر ضباب الدعاية السامة والسياسات المنافقة واللاإنسانية، والتي غالباً ما تُرتكب باسم “قيمنا الغربية المشتركة”.

كتبها إيلان بابيه لمجلة كرونيكل فلسطين في 10 أكتوبر 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل