الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطهير العرقي: جريمة الصهيونية منذ 1948 حتى السيوف الحديدية

محمد محروس

2023 / 11 / 9
القضية الفلسطينية




في نهاية القرن التاسع عشر، كان اليهود يتعرضون للتمييز والاضطهاد والمجازر من قبل الأنظمة الرأسمالية والفاشية والنازية، التي استغلت الأحقاد الطبقية والعنصرية لتحويل اليهود إلى كبش فداء للأزمات المتكررة خاصة للنظام الرأسمالي.

كان كثيرا من اليهود يشكلون طبقة عاملة فقيرة ومنبوذة، لا تملك حقوقا مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، كانوا يبحثون عن مخرج من هذا الوضع المأساوي، ويأملون في الحصول على العدالة والمساواة والحرية.

في هذه الأجواء، ظهرت فكرة الصهيونية، أو الحركة الوطنية اليهودية، التي تدعو إلى إقامة وطن قومي لليهود فى فلسطين التي تعتبرها أرض الميعاد والتاريخ. وبدلا من أن تنخرط المجموعات اليهودية فى تنظيمات تدافع عن حقوقهم الطبقية وتدافع عن اليهود ضد التمييز الديني والعرقي، بدلا من ذلك وقفت النخب اليهودية وراء فكرة الصهيونية، بدعم من الإمبريالية الغربية، التي رأت في الحركة الصهيونية فرصة لتحقيق مصالحها الخاصة، على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، فالنخب اليهودية التي كانت تمتلك الثروة والنفوذ والسلطة، كانت تريد إنشاء دولة تمثلها وتحميها، وتعزز من هيمنتها وسيطرتها على المنطقة. أما الإمبريالية الغربية، التي كانت تسعى إلى توسيع نفوذها ومصالحها في الشرق الأوسط، كانت تريد إنشاء دولة تخدمها وتطيعها، وتساعدها على الاستيلاء على مصادر النفط والغاز والمياه والأسواق.

ولتحقيق هذا الهدف، استخدمت النخب اليهودية والإمبريالية الغربية العديد من الوسائل والأساليب، منها:
-الدعاية والتضليل: فقد حاولت النخب اليهودية والإمبريالية الغربية ترويج فكرة الصهيونية بين اليهود والعالم، وتقديمها على أنها حل عادل ومنطقي وإنساني لمشكلة اليهود، فاستخدمت وسائل الإعلام والثقافة والتعليم والدين لنشر هذه الفكرة، ولخلق صورة مشوهة عن العرب والفلسطينيين، ولتبرير الاستعمار والاحتلال والتهجير والتطهير العرقي، كما استخدمت الوعود والتهديدات والرشاوى والابتزاز لكسب تأييد وموافقة القوى السياسية والدينية في العالم.

-الهجرة والاستيطان: بدأت النخب اليهودية والإمبريالية الغربية في تنظيم وتمويل وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، التي كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وبعد ذلك من الانتداب البريطاني، وأنشأت الهجرة اليهودية مستوطنات ومزارع ومدن ومنظمات في فلسطين، واستولت على الأراضي والموارد من الفلسطينيين. كما شكلت الهجرة اليهودية جماعات مسلحة وإرهابية، مثل الهاجاناه والإرجون واللحيد، التي قامت بشن هجمات على الفلسطينيين والعرب.

-الاحتلال والحرب: استغلت النخب اليهودية والإمبريالية الغربية الفرصة التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلى تفكك الإمبراطورية العثمانية والانتداب البريطاني، وإلى تأسيس الأمم المتحدة، ودفعت هذه النخب بقوة لإصدار قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، واحدة يهودية وأخرى عربية، بالرغم من رفض الفلسطينيين والعرب لهذا القرار، وفي عام 1948، أعلنت النخب اليهودية إنشاء دولة إسرائيل، وشنت حربا على الفلسطينيين والعرب، بمساعدة الإمبريالية الغربية، ونتيجة لذلك تم طرد وقتل وتشريد ملايين الفلسطينيين من أرضهم ومنازلهم في ما يسمى بالنكبة. ومنذ ذلك الحين، يواصل الكيان الصهيوني انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي، وتوسيع حدوده على حساب الأراضي العربية، ويقمع الشعب الفلسطيني ويحاصره ويقصفه ويقتله.

واليوم، ومنذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، شهد العالم مشاهد مروعة من القتل والدمار والتشريد للفلسطينيين الذين يعيشون في حصار دائم منذ 2006، ورغم دعوات بعض الدول لوقف النار والحفاظ على حقوق الإنسان، فإن الدولة الصهيونية تواصل حربها الهمجية على غزة، بما يشكل جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي.

فمنذ بدء العدوان الأخير على غزة، ارتكب الاحتلال مئات المجازر، وكانت نتيجة ذلك، حتى اللحظة، رفع شهداء القطاع حتى كتابة هذه السطور إلى أكثر من 10000 شهيدا، فضلا عن تضرر أكثر من 200 ألف وحدة سكنية، و203 مدرسة، منها 37 مدرسة خرجت من الخدمة جراء القصف المتواصل، ومن بين إجمالي الشهداء، هناك 3826 طفلا و2405 إمرأة، وهم ضحايا للمجازر الوحشية التي استهدفت المناطق المأهولة بالسكان، وخاصة المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس والمنازل، كما أصيب 23516 شخصا بجروح مختلفة.

حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة نتيجة توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات الرئيسية في غزة، بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال دخول المساعدات الطبية إلى القطاع، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.

هذه هي الحقائق المؤلمة التي تظهر مدى وحشية الصهيونية كنظام عميل للإمبريالية كسابق عهدها منذ نشأتها، فالشعب الفلسطيني يتعرض لسياسة منهجية للتطهير العرقي من قبل الاحتلال منذ عام 1948، عندما طرد وقتل وشرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من أرضهم ومنازلهم في النكبة، ومنذ ذلك الحين، يواصل الكيان الصهيوني توسيع حدوده على حساب الأراضي الفلسطينية، ويقمع ويهجر ويقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وغزة والداخل المحتل والشتات.
ويستخدم الاحتلال الصهيوني العديد من الوسائل والأساليب لتنفيذ هذه السياسة، مثل الحروب والاستيطان والحصار والفصل العنصري والتغيير الديموغرافي والتاريخي والثقافي والديني.

الأدلة على هذه السلسلة من جرائم التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني كثيرة ومتنوعة.

وفقا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، قبل الحرب الاخيرة على غزة، فإن الاحتلال قتل أكثر من 100 ألف فلسطيني، وأصاب أكثر من مليون آخرين، ودمر أكثر من مليون منزل ومدرسة ومستشفى ومسجد وغيرها من البنية التحتية الحيوية، وشرد أكثر من خمسة ملايين فلسطيني، واستولى على أكثر من 85% من أراضي فلسطين التاريخية، كما فرض حصارا خانقا على غزة، واعتقل واعتدى على آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ومنع الفلسطينيين من حقهم في العودة والتنقل والتعليم والصحة والتنمية والحرية والكرامة، كما استهدف التراث الثقافي والتاريخي والديني للشعب الفلسطيني، وحاولت تغيير هويته وذاكرته ووجوده.

الدوافع والأهداف لهذه السلسلة من جرائم التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني واضحة ومعلنة، فالكيان الصهيوني يريد القضاء على الشعب الفلسطيني كشعب وكحق، والاستيلاء على أرضه وموارده ومقدساته، وإنشاء دولة يهودية بأغلبية يهودية وطابع يهودي، وإنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير والدولة.

يريد الكيان الصهيوني تأمين هيمنته الإقليمية والعالمية، وخدمة مصالح القوى الإمبريالية والرأسمالية، وخاصة الولايات المتحدة، التي تزوده بالدعم السياسي والعسكري والاقتصادي دون قيد أو شرط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها