الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية أمريكا ،،،، رومانسية الأحزاب

حيدر علي

2003 / 6 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


                                                                
  
لا زالت التصريحات الأمريكية عن بناء نظام ديمقراطي بالعراق تشكل مبرر لكل التنظيمات الحزبية المؤيدة لأمريكا كي تصرخ أنهم مع الحرب التي حدثت ، مع الوجود الأمريكي، ومع إقامة النموذج المتخيل للنظام الشرق أوسطي القادم والذي بشرت به أمريكا قبل الحرب، والذي أعلنه باول في حينه على اعتباره الجنة الموعودة للمؤمنين بالقدرة الأمريكية على جلب الديمقراطية بطرفة عين، إلى منطقة لم تشهد وعبر امتداد تاريخي طويل أي أسلوب للحكم غير الديكتاتوريات  التي تتوارث من جيل إلى آخر ، فالديمقراطية الغربية أن صح القول ( وان كانت لا تحتاج إلى هوية غربية أو شرقية فهي عملية تاريخية لها محدداتها )قامت على أسس تطور خلالها المجتمع الغربي باعتباره نموذج عنها حتى وصل إلى ما وصل أليه من تطور وتمدن وعلمانية تحقق خلالها فصل الدين عن الدولة( وللمتتبع أن يراجع تاريخ أوربا في القرون الوسطي وكيف تم قصقصت أجنحة الكنيسة والى الحروب الدينية التي حدثت ) وهو شيء أساسي،، والتطور الاقتصادي الذي شهده الغرب منذ الثورة الصناعية  يرافقه التطور الهائل في القوى الإنتاجية مع تصاعد وتيرة نضال الطبقة العمالية في أوربا والغرب عموما  فحركة التاريخ في أوربا والغرب نستطيع إيجازه بكلمة ديمقراطية، فهي حصيلة هامة لهذا التطور التاريخي وحصيلة هامة لنضال الطبقة العاملة في صراعها المرير مع البرجوازيات الحاكمة ، وتتويج لما قدمته من تضحيات عبر تاريخها ولم تأتي إلى أوربا بجرة قلم من السيد باول أو الأستاذ الطالباني، ولم تكن نتيجة حلم ليلة صيف للسيد البرازاني أو الحكيم ،  فأرسطو مثلا تكلم عن الديمقراطية وكذلك أفلاطون ومنذ أيامهم يدور الحديث عن الديمقراطية في أوربا ولكن ديمقراطية أفلاطون  التي تعني في نهايتها القصوى ديمقراطية سادة أثينا الأحرار في الضد من حرية العبيد أو الاقنان الذين كانوا يشكلون أساس  حياة أثينا فهي ديمقراطية ملاك العبيد، وتخفي في طياتها أبشع أنواع الاستغلال للإنسان في ذلك الوقت وأفلاطون نفسه تكلم عنها باعتبارها مرحلة تتبع  سقوط الطاغية وتبشر بظهور طاغية آخر .
والآن سقط الديكتاتور أو المستبد والحديث يدور عن الديمقراطية وما تعنيه من مفاهيم ولكن هل هناك ديمقراطية مقبلة في العراق؟؟!!! ،، لا نريد أن نستبق الأحداث بقدر ما نريد تحليل بعض عينات الديمقراطية العراقية على الطريقة الأمريكية ، قاول العينات هي انتخاب محافظ الموصل هذه العملية التي شهدها الجميع لم تخرج عن أطار النموذج الأفغاني والمسمى لويا جركا ، ففي هذه العملية تم انتخاب البصو وهو من عائلة واشدد على عائلة معروفة  في الموصل أي انه يمتلك ارتباطات عشائرية قوية أولا  وثانيا إن الذي قام بالانتخاب هم مندوبين عن العشائر التي تسكن الموصل أو ما يجاورها  ، ومعروف إن مندوب العشيرة إما أن يكون شيخها أو احد المقربين إليه وهو ما يثير الكثير من الأسئلة حول هذه العملية ومحتواها الديمقراطي، إذا  أخذنا في نظر الاعتبار التحالفات القبلية التي تقوم في أي مجتمع عشائري بالضرورة يترافق مع هذا أن السيد البصو كان ظابطا كبيرا في الجيش السابق، أي انه رجل حرب أكثر من كونه رجل يتمتع بالمواصفات التي يتطلبها المنصب لذا ليس من المستغرب أن يتم انتخابه محافظ مع عدم وجود برنامج يوضح ما سيقوم به البصو، وكلنا يعلم أهمية البرنامج السياسي لأي عملية انتخابية أو أي عملية ديمقراطية ، فعملية انتخاب البصو تشكل في النهاية استبدال محافظ سابق بآخر لاحق  ، ليس لها أي صلة بالديمقراطية ومفاهيمها التي ترددها أمريكا كمشروع مستقبلي لحكم العراق , فأمريكا أبرزت عملية انتخاب المحافظ على اعتباره انه صورة سيتم تكرارها في المستقبل وسيتم تداولها عن تكوين الحكومة القادمة وتربطها بصورة كردستان الديمقراطية جدا على الرغم من كل التشوهات الواضحة للعيان، والتي بدورها تشير  إلى ألغام موقوتة تنفجر كلما اقتربنا من عملية إنهاء الوجود الأمريكي في العراق، هذه الألغام تنو جد من إهمال كبير للحقائق الأساسية لقيام نظام ديمقراطي، ففصل الدين مثلا عن الدولة أن لم يتم سيؤدي في النهاية إلى فجوة يصعب على أي مشرع علماني تجاوزها، فالقول بأساسية الشريعة الإسلامية مثلا هو ربط الدولة وقوانينها بالدين الذي يعمل على كبح أي عملية ديمقراطية ، وكذلك التركيز على عوامل الانقسام القومي والطائفي بالعراق يزيد من تشوهات الديمقراطية الموعودة، وهو ما حصل في عملية انتخاب محافظ لكركوك ,, أما مثال كردستان الديمقراطية، وما تطبل له أمريكا  كونها نموذج رائد للديمقراطية في العراق والمنطقة يكفي أن نعرف النسب التي توزعت فيها الأصوات في برلمان كردستان وان ننظر إلى سلطة مام جلال ، والبر زاني كي نصفق لها ونهتف تكبيرا  وتهليلا يالها من ديمقراطية تعمي الأبصار يجبر خلالها الإنسان على كتابة اسم ما جلال على الورقة في السليمانية، واسم مسعود في دهوك أما الفلاح البأس  أو العامل المسكين، فعليه أن ينتظر المهدي المنتظر الأمريكي أن يلتفت له لتحقيق أحلامه سواء سقط تحت خط الفقر أو إلى مادونه ليس مهم المهم أن هناك صندوق انتخابات يفتح دوريا كل أربع سنوات يلقي فيه احد الاسمين كما كان يعمل صدام من قبل في الانتخابات البلدية ومجلسه الوطني ، فنموذج كردستان صورة مكررة لنموذج المجلس الوطني ألبعثي وهو جل طموح أمريكا لبناء الديمقراطية في العراق ، فديمقراطية شيوخ العشائر وكبار العائلات وأثرياء المدن تتوج بالنهاية بديكتاتور يستطيع  أن يضع حد للفوضى التي رافقت هذه الديمقراطية ، وهو ما عناه أرسطو بقوله أن الديمقراطية مرحلة انتقالية بين ديكتاتوريتين ،  فسقوط الديكتاتورية منذ ذلك الوقت يتبعه الفوضى  التي تنتهي بإقامة الديكتاتورية واقرب مثلا ما حدث بعد الثورة الفرنسية ، وكيف سيطر روبسبير وكيف انتهى إلى قيام نابليون   ، وما حدث بعد ثورة 58 في العراق وكيف انتهى النظام في بغداد إلى قيام صدام فالوضع يشير إلى ديكتاتورية وهو ما ستجد أمريكا نفسها بإزاءه وهو ما ترغبه حقيقة فكونها عالمة بضعف التنظيمات الموالية لهل يجعلها تخوص أكثر في الشأن العراقي، وتتورط أكثر فانسب الحلول لها كي تخرج من المستنقع الذي دخلته بإرادتها هو قيام ديكتاتور قوي في بغداد ينفذ سياستها وما تريده خصوصا مع تزايد حدت الرفض لوجودها ، وفشل سياستها في المنطقة هذه السياسة التي قامت على أساس رد فعل لما حدث في  سبتمبر من عام إلفين .
 وهذا الحل هو مكمن الخطورة على الأحزاب التي تسير بالركب الأمريكي خصوصا بعدما بلعت أمريكا وعودها لهذه الأحزاب قبل الحرب ، وما وعدتهم به من تكوين حكومة اتلافية وما شابه من الوعود التي أصبحت في خبر كان،،ن وكيف تحولت الحكومة الاتلافية إلى مجموعة من الاستشاريين،، أو المعاونين لبر يمر!!!!! لا يعدو وجودهم تسجيل الحضور والانصراف راشدين إلى دورهم وفي آخر الشهر يقبضون مكافآتهم كونهم الواجهة التي يتصرف من خلالها الحاكم الفعلي ،، ويلوكون حمدا وتسبيحا بالديمقراطية الموعودة التي ستأتي مع أحلامهم التي ذرتها أوامر البنتاغون  والبيت الأبيض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: مقتل 7 فلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية في


.. زيلينسكي يطمئن الأوكرانيين ويعيد التأكيد على الحاجة الماسة ل




.. الأطفال في لبنان يدفعون غاليا ثمن التصعيد في الجنوب بين -حزب


.. ردود فعل غاضبة في إسرائيل على طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتن




.. جيل شباب أكثر تشدداً قد يكون لهم دور في المرحلة المقبلة في إ