الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المغرب: أحزاب سياسية مريضة يسيرها زعماء لا ديمقراطيون
عبداللطيف هسوف
2006 / 11 / 17اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
هذه الأحزاب التي شاخت وهرمت ولم تبقى صالحة إلا للتهريج والتدجيل والضحك على ذقون المغاربة. هذه الأحزاب التي أبانت عن خيانتها للشعب المغربي ولتاريخ أسلافها الوطنيين المناضلين بحق. هذه الأحزاب التي ارتدت، والردة يجوز في صاحبها القتل بالمفهوم الديني، لكن بالمفهوم السياسي تسمى خيانة، وأقل شيء يجوز في أصحابها هو محاكمة الشعب لزعمائها خلال انتخابات 2007 المقبلة والرمي بهم في مزبلة التاريخ. هذه الأحزاب التي انبطحت تبحث عن مصالحها الضيقة ولا ترى في المغاربة سوى عبيدا يخدمونها. هذه الأحزاب التي سخرت أقلام صحفييها الكذابين المنافقين لتغطية فسادها وغبائها.
إن الأحزاب السياسية المغربية التي تدعي أنها تمثل الشعب المغربي ليست سوى مجموعات يسيطر عليها أغبياء لا كفاءة لديهم، أغبياء لا وطنية تحكم فسادهم وإفسادهم. إن الأحزاب المغربية لا تدافع بتاتا على مصلحة الشعب بقدر ما تسعى لنيل الكراسي داخل الغرفتين أو داخل الحكومة. الأحزاب السياسية المغربية أصبحت عبارة عن جماعات مصالح، هدفها الأساسي إعادة إنتاج التردي والتخلف الذي عرفه المغرب على مر نصف قرن من الزمان (في عهد حكومات الإدارة وعهد حكومة التناوب، لا فرق). هذه الأحزاب ليست ديمقراطية كما تدعي، فالمشكلة الأساسية كانت ولازالت عند الأحزاب المغربية هي التوتاليتارية والشمولية التي عرف بها زعماؤها. إن الديمقراطية التي يتشدقون بها هي نقيض الديكتاتورية والشمولية التي يتمسكون بها. الديمقراطية ثقافة، أكثر مما هي كلام تعج به خطابات الحزبيين في كل مناسبة، وحتى من غير مناسبة. والواقع الذي لا يرتفع هو أن لا شيء يحد من سلطة الزعيم الحزبي في المغرب: لا القانون، ولا الأخلاق، ولا الضمير.
إن الأحزاب المغربية تساهم في تبديد المال العام مقابل تعيين رجالاتها الأغبياء في مناصب هامة (حكومية، وبرلمانية وإدارية). هؤلاء الكسالى يكلفون المغاربة أموالا طائلة، ولا يقومون بأي شيء يذكر ولا يقدمون للمغرب شيئا ينتفع به. غزل للكلام التافه في الملتقيات الخطابية وعلى الصحف وفي البرلمان، ولا نتيجة يمكن الحديث عنها بالأرقام الملموسة. لماذا لا يجمد العمل الحزبي في المغرب لمدة خمس سنوات، وتربح خزينة الدولة رواتب البرلمانيين والوزراء الذين يعينون بدواوينهم معتوهين متخلفين عقليا، لا لشيئ سوى لأنهم من شلتهم ينتمون إلى أحزابهم. لو فكرنا قليلا، وكونا في المغرب حكومة من الدكاترة المعطلين المعتصمين أمام قبة البرلمان، أقسم لكم بأن العمل التنفيذي وقبله العمل التشريعي سيصب في مصلحة المغاربة قاطبة. ثم إن رواتب هؤلاء المعطلين بعد أن يصبحوا وزراء ستكون زهيدة، وستربح خزينة الدولة ملايين، إن لم نقل ملايير الدراهم.
هذه الأحزاب المعوقة أصبحت عبأ على المغرب لا يعرف كيف يتخلص منها. زعماء الأحزاب أصبحوا سماسرة فتحوا مقراتهم لبيع التزكيات لأصحاب المال الحرام الراغبين في دخول الانتخابات المقبلة، الراغبين في السلطة لكسب غطاء يعفيهم من المتابعة بعد أن كدسوا الثروات بطرق غير شرعية.
لنا أن نتساءل، هل فعلا مثل هذه الأحزاب لها من الغيرة الوطنية ما سيدفعها إلى تقديم حلول حقيقية لمشاكل المغاربة خلال انتخابات 2007؟
نشك في ذلك. لماذا؟ لأن هذه الأحزاب أبانت في حكومة التناوب بأنها عاجزة عن كل شيء، اللهم نجاحها في إنتاج فئة انتهازية قامت ببيع المؤسسات العامة المغربية للخواص ولم تحقق للمغاربة بتلك الأموال أي تقدم يذكر، إذ ما زالوا يتخبطون في كل الآفات: الجهل، الأمية، الفقر، تفشي الرشوة والمحسوبية... إلخ.
نشك في ذلك. لماذا؟ لأن هذه الأحزاب تحمي نصابين يحتمون بالحصانة البرلمانية التي يوفرها لهم القانون المغربي لإصدار شيكات من غير رصيد، بالإضافة إلى تحويل أموال الدولة إلى حساباتهم البنكية. أصبحت الأحزاب المغربية تدافع على مستعملي المال الحرام، في حين تتفرج على الدكاترة يجرون أمام قبة البرلمان، يضربون بالعصي، ولا تحرك ساكنا.
ثقافة الأحزاب المغربية اليوم هي ثقافة المنفعة لا ثقافة المواطنة. هذا هو الخط الغالب على ممارسات الأحزاب المنخرطة في حكومة التناوب، أما أحزاب الأمس الإدارية فهي تتفرج في انتظار أن يعاد لها المشعل وتلعب دورها المعهود في السطو مجددا على المال العام. ثقافة الأحزاب السياسية إجمالا هي ثقافة الولاء للزعماء الذين أصبحوا خارج التاريخ، لأنهم، وبكل بساطة، لا يجسدون في برامجهم ما يصبو إليه المغاربة. ثقافة الأحزاب السياسية عموما هي ثقافة الانتهاز والاسترزاق، ثقافة التسلط والهيمنة من قبل شلة لا تؤمن بشيء اسمه الديمقراطية.
والحق يقال إن خريطة المغرب السياسية اليوم لا تتكون من أحزاب، بل إنها وكالات لإنتاج فاسدين سياسيين جدد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كلمات سودانية: مشروع من أجل تعزيز الصحافة المحلّية في السودا
.. فراس العشّي: كاتب مهاجر من الجيل المطرود
.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا
.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟
.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن