الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في رواية -أحزان حزيران- سليمان فياض

رائد الحواري

2023 / 11 / 10
الادب والفن


الحرب في رواية
"أحزان حزيران"
سليمان فياض
أجزم أن الأدب العربي كان أكثر جراءة وبقاء من البيان السياسي، لهذا تحدث عن هزيمة وتخاذل وعقم النظام الرسمي العربي، ودوره فيما آلت إليه أحوال الأمة وفلسطين، وما حجم الممنوعات الأدبية التي وضعت على القائمة السوداء إلا دليلا لأهمية الأدب وفاعليته في كشف وتعرية النظام الرسمي العربي، وما تناولنا لما كتب عن معركة بيروت واجتياح لبنان عام 1982 إلا تأكيدا لأهمية ومكانة وفاعلية الأدب رغم مرور الزمن، فما كتب عن بيروت ينطبق تماما مع ما يجري في غزة الآن، حتى أن المتلقي الذي لا يعرف "مديح الظل العالي، يمكنه أخذها إلى غزة وما يجري فيها، فالتدمير والقتل والحصار يتماثل بينهما.
زمن ومكان الأحداث
عنوان الرواية "أحزان حزيران" له علاقة بأحداثها التي تجري مباشرة بعد الهزيمة، وهذا تم تأكيده في الرواية من خلال تحديد زمن الأحداث: "ونزع الورقة من تنيجة الحائط، 5يونبو (حزيران)1968اللعنة ليتنا نفعلها غداة نفس اليوم، نفس الساعة، بذلك وحده تصبح يا الخامس من حزيران يوما عاديا كسائر الأيام" ص81و82، وبما أن هناك عمل فدائي، وهذا يعني أنه تم قبل احتلال غزة 1967، وبعد احتلالها، بعد أن استعاد العرب شيئا من توازنهم النفسي، وأصبحوا قادرين على العمل والفعل بعيدا عن وقع الهزيمة وأثرها المهول عليهم.
بالنسبة لمكان الأحداث التي تجري في قطاع غزة وسيناء: "كان القطار غاصا بالجنود العائدين من إجازتهم إلى رفح وغزة، لم يكن قد بقي معي سوى ربع جنيه، وليس في جيبي تذكرة سفر عبر سيناء إلى غزة" ص19،
الفدائي
رواية "أحزان حزيران" تتحدث عن الفدائي العربي وكيف استبسل في المقاومة، فهو يمثل نقيض للجندي العربي الرسمي الذي يلتزم بالتعليمات مهما كانت، بينما الفدائي يتصرف ويعمل حسب قناعاته وما يميله عليه ضميره، السارد يقدم هذا التناقض من خلال هذا المشهد: "ـ من خان وطنه بتسليح الجيش بالأسلحة الفاسدة، يقبل الخيانة مرة أخرى.
...
ـ الفدائي لا يوقف عملياته" ص22، من هنا لجأ النظام الرسمي العربي إلى الفدائيين ليقوم بما لا يستطع الجيش القيام به، يحدثنا عن الضابط المصري "أحمد عبد العزيز" دوره في تأسيس العمل الفدائي في فلسطين والمنطقة العربية من خلال: "كان عنتر قد جاء إلى المعسكر قبلي بيوم، بعد أن تشتت وحدته التي كان يقودها الضابط الفدائي الثائر أحمد عبد العزيز عقب مصرعه الذي ما زال يثير الكثير من الشكوك" ص24، وهذا يؤكد أن العمل الفدائي مهم جدا في الصراع مع الأعداء، وما وجود المقاومة الشعبية في كافة الدول التي خضعت للاحتلال إلا تأكيد لأهمية الدور الذي يقوم به، وللحيوية التي يتمتع بها، ولقدرته على اتخاذ قرار المواجهة أسرع وأدق مما هو رسمي.
وكما قلنا عن إيجابية ونبل وصدق الفدائي في "رواية الشمس تولد من الجبل" ها هي رواية "أحزان حزيران" تؤكد هذه الصفات الأخلاقية: "ـ من اطلق رصاصة في الليل؟ الفدائي لا يكذب.
تقدمت نحوه خطوة، قائلا:
ـ أنا" ص27، وهذا ما يجعل الفدائي أكثر من مجرد مقاتل شجاع ومقدام، فهو يتميز بأخلاقه وصديقه مما يجعله متفوقا على الجندي الذي تعود وتعلم الطاعة العمياء دون أن يستخدم (إنسانيته).
هناك العديد من البطولات التي قام بها الفدائيون، منها: " كانوا قد عادوا لتوهم من هجمة موفقة، للمرة الثانية على مستعمرة للعدو، أبيد كل من فيها من المحاربين، في المرة الأولى رفعوا العلم فوق المستعمرة، ... الصبي الفدائي الذي رفضوا أن يأخذوه معهم، في إحدى العمليات الساخنة، فركب خلسة في فجوة مكشوفة بمقدمة المدرعة، وبرغم الاشتباك العنيف الذي حدث، لم يصب برصاصة، بل قفز ومعه قنبلة يدوية، وزحف حتى فجرها تحت عربة مصفحة للعدو، كانت تقطع الطريق على رجالنا" ص28و29، كل هذا يؤكد أن الفدائي يحقق إنجازات من خلال ضرب العدو وجعله في حالة ارتباك وخوف، كما أن ضرباته تكون موجعة أكثر من الجيش النظامي، وذلك سرعتها ودقتها وقلة تكلفتها ماديا وبشريا.
الرسمي والشعبي العربي
هناك تناقض بين ما هو شعبي/معارض وبين ما هو رسمي عربي، وهذا يشير إلى حجم الهوة التي تفصل الشعب عن الحاكم، فالأول وجد ليكون متنفذا يحصل على (أجرة) نظير عمله، والثاني يقدم ويعطي ويدفع من جيبه، من هنا نجد نتيجة العطاء هائلة بينهما، أحدهما يهدم ويخرب ويخون والآخر ماله وروحه ووقته لوطنه، لشعبه ولا يريد شيئا سوى أن يشعر انه يعيش بكرامة، بحرية بعيدا عن الإذلال والتخلف والفقر، يقدم لنا السارد صورة عن هذه الهوة: "ـ لماذا وافقنا على الهدنة؟ كنا قريبين من تل أبيب.
أجابني وعيناه على الطريق:
ـ الخيانة؟" ص21، العجز، عدم الإخلاص، عدم وجود مهنية/معرفة في المهام المطلوبة، عدم التخطيط، كلها تتبع نهج الرسمي العربي، يحدثنا "صلاح" عن واقع الجنود في غزة قبيل الحرب بقولة: "في طابور الجمع، قليت أوامر عديدة، وبعد الطابور بدأ الرجال في النتفيذ، كل شيء يترك هنا، لكنه ينبغي أن يدمر، الوقود لم يصل المزيد منه بعد، والموجود لا يكفي لعودة الآلات" ص57، وإذا أخذنا النهج الآخر، نهج الفدائي الحر سنجده نقيض تماما لهذا الواقع.
السلام
بما أن هناك حرب، فلا بد من الحديث عن السلام، يقدم السارد رؤيته للسلام من خلال هذا الطرح: "أي سلام يا منظمي المؤتمر مع هذه المعارك يالسكاكين؟!
"لم يحدث أي تقدم نحو السلام، بعد عام من وقف القتال.، ولن يحدث أبدا يا رجال الكلمات، حتى يقول السلاح كلمته، لا بد للجسد الحي أن يطرد الجزء الغريب عنه، مهما طالت مدة زراعته فيه، أو يهضمه بصورة يفقد معها كيانه الخاص، الجسد الحي وحده يا عربي يفعل ذلك" ص94، رغم أن الرواية كتبت قبل عام 1969 إلا أن هذا القول، هذه الحقيقة تؤكد صواب ما جاء في الرواية، فهذا الكيان لا يمكن أن يكون معه أو به سلام، وما فعله من مجازر منذ أن نشأ وحتى عدوانه على غزة الآن، إلا تأكيد لهمجية العدو اتجاه كل مع غير صهيوني، وهذا ما يجعلنا نقول أن الأدب أبقى من البيان السياسي، الذي ينتهي مع انتهاء زمن الحدث، بينما العمل الأدبي يبقى حاضرا ومؤثرا رغم طال الزمن.
العدو
لم يكتف السارد بالحديث عن الفدائي وبطاولاته، فقدم صورة العدو وكيف يقاتل: "أنهم يقاتلون جيدا، طالما كانوا في دبابة، أو طائرة، أو خلف جداران كهده الجدران،...تدريبهم أكثر من جيد، لكنهم يترددون في لحظة المواجهة، خوفا من الموت"ص46، هذه الصورة لا زمت جنود العدو في كافة المعارك التي خاضوها، فهم يقاتلون وهم متحصنين، وفي حالة المواجهة يكونوا ضعاف لا يحسنون فعل أي شيء، حيث تصدمهم رهبة الموت الآتية مع المقاتلين المواجهين لهم. 50
الرواية من منشورات دار الآداب، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى1969.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05