الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية للفتيان الغابة طلال حسن

طلال حسن عبد الرحمن

2023 / 11 / 10
الادب والفن


رواية للفتيان







الغابة




طلال حسن



شخصيات الرواية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






















" 1 "
ـــــــــــــــــــ

هزته المربية العجوز برفق ، وقالت : أحمد ، صاح الديك ، انهض .
وفتح أحمد عينيه ، وتساءل : الديك !
وابتسمت المربية العجوز ، وقالت : هذا ما طلبته مني ليلة البارحة .
واعتدل أحمد في فراشه ، ومازال النعاس يغرق عينيه ، وأنصتت المربية العجوز ، وهي تعد سفرة طعام الفطور ، وقالت : هيا انهض جاءت الحمامة .
ومن الخارج ارتفع صوت كهديل الحمام : أحمد .
والتفتت المربية العجوز إلى أحمد ، وقالت : انهض ، وتناول بعض الطعام ، قبل أن تذهبا إلى الغابة ، فاليوم سنتغدى فطراً لذيذاً .
واندفعت الفتاة إلى داخل الكوخ ، وما إن وقعت عيناها على أحمد ، حتى اقتربت منه ، وصاحت : انهض ، الشمس تكاد تشرق .
ونهض أحمد ، فقالت المربية العجوز : لم يأكل طعام الفطور بعد .
وجلس أحمد إلى سفرة الطعام ، وقبل أن يقول للفتاة : تفضلي .
جلست إلى جانبه ، وعيناها تلتهمان الطعام ، وقالت : سأساعدك على الانتهاء من الطعام ، حتى لا نتأخر ، رغم أني تناولت طعام الإفطار قبل قليل .
وكما توقعت المربية العجوز ، فقد اختفى الطعام في دقائق ، وكان معظمه طبعاً من نصيب الفتاة ، ونهض أحمد ، وقال : هيا ، لقد أشرقت الشمس .
وخرج أحمد من الكوخ مسرعاً ، وتبعته الفتاة ، وهي مازالت تلوك الطعام في فمها ، ووقفت المربية العجوز بباب الكوخ تودعهما ، وقالت : لا تتأخرا ، وإلا تناولتما الغداء عند غروب الشمس .
انطلقا نحو الغابة ، والشمس تصعد شيئاً فشيئاً من وراء الأفق ، ولحقت الفتاة بأحمد ، وتوقفت في مواجهته وقالت : لنتسابق حتى تلك الشجرة .
وأشارت إلى شجرة ضخمة ، ترتفع على بعد حوالي " 200 " متر منهما ، فتوقف أحمد ، وقال : لا أريد أن أسبقك يا ..
ووقفت الفتاة إلى جانبه تستعد للسباق ، وقالت : أنت لم تسبقني حتى الآن مرة واحدة .
ووقف أحمد إلى جانبها متحفزاً ، وقال : الذنب ذنبك ، سأسبقكِ اليوم ، أعطي الإشارة .
وانطلقا بأقصى سرعتهما ، بعد أن أعطت الفتاة الإشارة ، وحاول أحمد جهده أن يسبقها ، ويصل إلى الشجرة الضخمة قبلها ، لكنها سبقته هذه المرة أيضاً ، وإن كان الفارق بينهما قليل جداً .
ووقف أحمد مبتسماً ، فقالت الفتاة : لن تسبقني لا في الركض ، ولا حتى في المصارعة .
ونظر أحمد إليها ، فتحفزت للمصارعة ، وقالت متحدية : هيا .. جرب .
فتراجع أحمد قليلاً ، وقال : أعقلي .
وتحركت الفتاة مقتربة منه ، وقالت : حاول ، لعلك تقاوم قليلاً هذه المرة .
وقبل أن يرد أحمد عليها ، انقضت عليه ، وطوقت خصره بقوة ، وحاولت إلقاءه على الأرض ، لكن أحمد قاومها ، ثم سحبها بقوة ، وألقاها على الأرض ، وارتمى فوقها .
وبدل أن يشعر بالانتصار ، فقد كانت هذه هي المرة ، التي يغلبها فيها ، ويلقيها على الأرض ، ابعد عينيه عنها محرجاً ، حين رأى أن الثوب قد انزاح قليلاً عن صدر الفتاة ، وكأنه يكتشف لأول مرة بأنها فتاة .
وهب أحمد واقفاً ، حين تناهى إليه وقع حوافر جواد من بين الأشجار ، ونهضت الفتاة ، وراحت تنفض الغبار عن ثوبها ، فقال أحمد ، دون أن ينظر إليها : أصغي .. أحدهم قادم على حصانه .
وتواريا وراء الشجرة الضخمة ، حين برز من بين الأشجار ، رجل في حوالي الأربعين من عمره ، يمتطي حصاناً متعباً ، ونظر أحمد إليه ، وقال : انظري ، لا يبدو أنه حطاب .
ونظرت الفتاة إليه ، وقالت بصوت خافت : ولا يبدو أيضاً أنه صياد .
وسحب الرجل لجام حصانه ، توقف على مسافة أمتار منهما ، وراح يتلفت بحذر حوله ، وكأنه سمع ما يريب ، لكنه لم يرَ شيئاً ، فلكز حصانه المتعب ، ومضى في طريقه ، حتى توارى بين الأشجار .








" 2 "
ــــــــــــــــــــ

قبيل الغروب ، لاح للفارس ، قريباً من الطريق ، كوخ صغير ، يجثم بين الأشجار ، وخيط من الدخان الأزرق ، ينبعث من مدخنته .
وتوقف أمام باب الكوخ ، وترجل عن الحصان ، وتلفت حوله ، لكنه لم يرَ أحداً في محيط الكوخ ، فتقدم من الباب ، وطرقه ثلاث طرقات .
وفتح الباب بعد قليل ، وأطل منه رجل عجوز ، وما إن رأى الفارس ، حتى تهلل وجهه ، ورحب به قائلاً : أهلاً ومرحباً بالضيف ، تفضل .
ولبث الفارس صامتاً ، فقال الرجل العجوز : إنني وحيد اليوم في الكوخ ، والظلام بدأ يخيم على الغابة ، ابقَ الليلة عندي ، وواصل طريقك غداً .
وأشار الفارس إلى حصانه ، وقال : حصاني متعب ، ولا أستطيع أن أبقيه في العراء .
فقال الرجل العجوز : بقرتي في تلك الزريبة ، خذه واربطه إلى جانبها .
وأخذ الفارس حصانه إلى الزريبة ، وربطه إلى جانب البقرة ، وقدم له بعض العلف ، وجردلاً من الماء ، ثم قفل عائداً إلى الكوخ .
ورحب الرجل العجوز به ثانية ، وأغلق الباب ، وقال وهو يشعل القنديل : يبدو أنك جئت من بعيد .
وأضاء القنديل وجه الرجل العجوز ، وبدت آثار الزمن وشظف العيش على ملامحه الجافة ، فقال الفارس : نعم ، أنت محق .والتفت الرجل العجوز إليه ، وقال : لابد أنك جائع ، سأعد بعض الطعام ، ثم نجس ونتحدث إذا أردت ، حتى يغلبنا النوم .
وأعد الرجل العجوز بعض الطعام ، ووضعه أما الفارس ، ثم جلس قبالته ، وقال : هذا طعام متواضع ، فنحن هنا فقراء ، أرجو أن يعجبك ، تفضل .
ومدّ الفارس يده ، ودسّ لقمة في فمه ، وقال وهو يمضغ الطعام : طعام لذيذ .
فابتسم الرجل العجوز فرحاً ، وقال : هذا يفرحني .
ودس الفارس لقمة ثانية في فمه ، وقال : ليتك تحدثني عن بعض ما تعرفه عما يجري في المدينة والقصر الملكي .
ورد الرجل العجوز ، وهو يمضغ طعامه بصعوبة : نحن الفقراء لا يهتم بنا أحد ، ولا يسأل عن أحوالنا ، في الوقت الحاضر ، ولهذا قلما نهتم نحن بهم .
وصمت لحظة ، ثم نظر إلى الفارس ، وقال : منذ أن ذهب الملك السابق إلى الحرب ، ولم يعد ، لا هو ولا معظم جنده ، تغير الوضع .
ونظر الفارس إليه ، ثم قال : لكن زوجة الملك ، على ما أعرف ، امرأة حكيمة ، عادلة ، خيرة ، ولابد أنها واصلت مسيرة زوجها الغائب .
وهز الرجل العجوز رأسه ، وقال : هذا لو بقيت على رأس الملك ، بعد اختفاء الملك .
وحدق الفارس فيه مستغرباً ، وقال : لو بقيت .. !
وتابع الرجل العجوز قائلاً : بعد أن اختفى الملك ، يقال أن الملكة مرضت ، ثم توفيت ، ولا يعرف أحد بالضبط ، ما الذي جرى للأمير الصغير .
وتوقف الفارس عن تناول الطعام ، ونهض واقفاً ، فنهض الرجل العجوز بدوره ، وقال : أنت لم تأكل شيئاً ، اجلس وأكمل تناول طعامك .
والتفت الفارس إلى الرجل العجوز ، وقال : لم تقل لي ، من يحكم الآن ، بعد اختفاء الملكة .
فقال الرجل العجوز : قلت لك ، أنا لا أعرف الكثير ، ولا أهتم بما يجري ، لكن ما عرفته ، منذ اختفاء الملك ثم الملكة ، أن أخت الملك ، وهي امرأة قاسية ، راحت تدير شؤون المملك ، وتعد ابنها الأرعن ليكون هو الملك ، بعد أن يبلغ سن الرشد .
وقف الفارس جامداً في مكانه ، فنظر الرجل العجوز إليه حائراً ، ثم قال : أنت متعب ، سأعد فراشك ، لعلك تنام قليلاً ، وترتاح .
وبدل أن يرد الفارس عليه ، فتح الباب ، وخرج إلى الليل ، ووقف جامداً تحت سماء قاتمة ، تحتدم فيها غيوم مجنونة قاتمة ، حبلى بالبروق والرعود .

















" 3 "
ـــــــــــــــــــ

منذ الفجر ، امتطى الفارس حصانه ، وبعد أن شكر الرجل العجوز وودعه ، انطلق عبر دروب الغابة ، متوجهاً إلى المدينة .
وخرج من الغابة ، قبيل منتصف النهار ، واجتاز عدة حقول ، تتمايل فيها سنابل الحنطة والشعير ، خضراء ريانة ، وترعى على جنباتها الخرفان والماعز بهدوء وسلام ، وخفق قلب الفارس تأثراً ، فقد مرت عليه سنوات عديدة ، منذ أن رأى هذا المشهد .
ولاحت للفارس من بعيد ، أسوار المدينة المرتفعة ، تتلامع أبراجها تحت أشعة الشمس ، فحث حصانه المتعب ، وانطلق به نحو أحد الأبواب ، الذي اكتظ بالناس الداخلين إلى المدينة والخارجين منها .
ودخل الفارس المدينة ، وسار على حصانه ، عبر الدروب المزدحمة بالمحلات والمتاجر والمباعة والمشترين ، من مختلف أنواع الناس .
وترجل الفارس عن حصانه ، أمام بوابة القصر ، وتصدى له أحد الحراس ، حين أراد أن يدخل ، فحدق فيه بحدة ، وقال : ابتعد .
لم يبتعد الحارس ، بل ردّ عليه متردداً : توقف ، من أنت لتقول لي ابتعد ؟ أنا حارس هنا .
وانتبه إليهما حارس في حدود الخمسين ، فالتمعت عيناه ، وأسرع إلى الحارس ، وأبعده بشيء من الخشونة ، وانحنى للفارس ، وقال : مولاي .
وتراجع الحارس الأول خائفاً مضطرباً ، وهو يتمتم : مولاي !
وحدق الفارس في الحارس الثاني ، وقال : من في الداخل الآن ؟
أجاب الحارس الثاني : الملكة .
وتساءل الفارس : الملكة !
فهز الحارس الثاني رأسه ، ثم أجاب متردداً : وولي العهد ، يا مولاي .
فقال الفارس ، وهو يمضي إلى داخل القصر : خذني إليهما .
وهرول الحارس الثاني أمام " مولاي " ، وهو يقول : أمر مولاي ، تفضل .
وسار " مولاي " عبر ممرات القصر ، بخطوات قوية وثابتة ، والحرس ينظرون إليه مذهولين ، حتى وصل إلى قاعة العرش ، وأراد أحد الحرس أن يعترضه ، فأسرع الحارس الثاني ، وأبعده بخشونة ، وهو يقول : أيها الأحمق ، ابتعد ، إنه مولاي .
ودفع " مولاي " الباب ، ودخل القاعة ، وإذا به يرى أخته ، التي تكبره بأعوام ، على العرش ، وإلى جانبها يقف فتى ، في حدود السادسة عشرة من عمره .
وهبت الملكة مذهولة ، وتمتمت بصوت مضطرب مرتعش : مولاي !
وتمتم الفتى ، وهو يقلب النظر بين الملكة و " مولاي " ، وهو يتمتم : مولاي!
وحدق الملك فيها بحدة ، وقال بنبرة اتهام : نعم ، يا أختي ، مولاي .
واقتربت الملكة منه على حذر وتردد ، وقال : حمداً لله على عودتك سالماً .
ثم التفتت إلى الفتى ، الذي كان يتابعهما مذهولاً ، وقال محاولة التظاهر بالفرح : بني ، تحقق حلمي ، لقد عاد الملك ، عاد الملك .
وتقدم الفتى متردداً بضعة خطوات من الملك ، ثم توقف ، وقال بصوت متردد : أهلاً مولاي .
لم يلتفت الملك إليه ، وحدق في الملكة بحدة ، ثم قال : أنت الملكة اذن ؟
وهمت الملكة أن ترد ، لكن الملك استطرد قائلاً : وابنك ولي العهد .
وقالت الملكة بصوت مرتعش منفعل : مولاي ، دعني أوضح لك الأمر .
فأشار لها الملك أن تصمت ، فلزمت الصمت خائفة مترقبة ، فقال الملك : أنت وابنك ستلزمان جناحكما ، تحت الحراسة ، حتى أتحقق من الأمر .
والتفت إلى الحارس الثاني ، وقال بصوت حازم : خذوهما إلى جناحهما ، وليبقيا هناك ، تحت الحراسة المشددة .
وأخذ الحارس الثاني الملكة وولي العهد ، وخرج بهما من قاعة ، ووقف الملك لحظة ، ثم جلس على العرش ، وقد إغرورقت عيناه بالدموع .












رواية للفتيان






الحداد






طلال حسن







"1 "
ـــــــــــــــ


من بعيد ، والشمس تميل للغروب ، رآه يتسق الجبل ، بخطوات ثقيلة متعبة ، متجهاً نحو الكهف ، حيث كان يقف ، مستنداً إلى عكازه .
وحين انتهى إليه ، توقف لاهثاً ، رحب به قائلاً : أهلاً ومرحباً ، أعانتك الآلهة الرحيمة .
فردّ الرجل قائلاً بصوت لاهث : وأعانتك أيها الكاهن ، فنحن جميعاً بحاجة إلى عونها .
وتمعن الكاهن العجوز فيه ملياً ، ثم قال : يبدو أنك تعرفني .
وحاول الرجل أن يلتقط أنفاسه اللاهثة ، وقال : ولهذا قصدتك ، يا سيدي .
وقال الكاهن العجوز ، وهو يتقدمه إلى داخل الكهف : ، متوكئاً على عكازه ، تعال إلى الداخل ، وارتح قليلاً ، فلابد أنك متعب وجائع .
ودخل الرجل الكهف ، متحاملاً على نفسه ، فأشار الكاهن إلى فراش متواضع على الأرض ، وقال : تمدد هنا ، ريثما أعد وجبة طعان نأكلها .
وتمدد الرجل ، وأغمض عينيه ، ولا يدري كيف أغفى ، واستغرق في نوم عميق ، وحين أفاق وجد الكاهن العجوز يجلس قبالته ، وأمامه سفرة من الطعام .
واعتدل الرجل بشيء من الصعوبة ، فنظر الكاهن العجوز إليه ، وقال : لم أشأ أن أوقظك ، فأنت على ما يبدو ، قد جئت من مكان بعيد .
وقال الرجل بصوت ينضح بالتعب : نعم أ أنا جئت من مدينة نينوى .
فقال الكاهن العجوز : أنت الحداد ..
ونظر الحداد إليه مندهشاً ، فقال الكاهن العجوز : عرفتك منذ البداية ، وهذا ما أثار دهشتي ، فما الذي يأتي بحداد مثلك إلى هنا .
ونظر الحداد إليه ، وقال : ربما كان السبب ، هو ما أتى بك ، يا سيدي .
وقال الكاهن العجوز : أنت متعب وجائع ، كل الآن ، وسنتبادل الحديث فيما بعد .
ومدّ الكاهن العجوز يده ، وبدأ يأكل ببطء ، وكأنما أراد أن يترك الفرصة للحداد أن يأكل حتى يشبع ، وراح الحداد يأكل ، مغالباً رغبته في التهام الطعم ، رغم أن السفرة كانت متواضعة حد الفقر ، فلم يكن فيها سوى حليب ، وفاكهة ، وما يشبه الخبز ، وابتسم الكاهن العجوز ، وقال : عفواً ، هذا ما لدي من طعام ، وهذا ما آكله عادة كلّ يوم ، فأنا لا آكل اللحوم .
ووضع الحداد لقمة أخرى في فمه ، وقال : لكن الآلهة ، كما تعرف ، أحلت لنا أكل اللحوم .
ونظر الكاهن العجوز إليه ، دون أن يتفوه بكلمة ، فقال الحداد : هذا ما يقوله الكاهن الأعظم .
فقال الكاهن العجوز : أنا أيضاً ، وقبله ، كنت الكاهن الأعظم ، ولم أسمع إلهاً يقول ذلك .
وصمت الكاهن العجوز لحظة ، ثم قال : الكائنات الحية جميعها ، بما فيه الإنسان ، لها أرواحها وحياتها ، وليس من حق أحد ، تحت أي ذريعة ، أن يسلبها حياتها ، ويحرمها من فرصتها في الحياة .
وتوقف الحداد عن تناول الطعام ، فقال الكاهن العجوز : كل ، يا صديقي ، أنت لم تأكل شيئاً يذكر .
فقال الحداد : أشكرك ، لقد شبعت .
ونهض الكاهن العجوز ، ورفع بقية الطعام ، ووضعه جاناً ، ثم نظر إلى مدخل الكهف ، وقال : الليلة دافئة ومقمرة ، سأجلس قليلاً بباب الكهف .
وصمت لحظة ، ثم قال : نم أنت إذا أردت .
ونهض الحداد ، وقال : لا ، لقد نمت قليلاً ، أريد أن أجلس معك بباب الكهف .
وسار الكاهن العجوز ، متوكئاً على عصاه ، وقال : هذا أفضل ، تعال .
وجلسا صامتين بباب الكهف ، يحف بهما الليل والقمر والأيام الماضية ، والتفت الحداد إلى الكاهن العجوز ،






















مسرحية للفتيان







فتاة الغابة






طلال حسن




فسحة وسط الغابة ،
كوخ في جانب المسرح


أغنية عن الغابة









صمت ، يدخل الملك
ومعه حارسه الشاب

الملك : هذا مكان منعزل .
الحارس : لكنه رائع ، يا مولاي .
الملك : تقول هذا لأنك ولدت في الغابة .
الحارس : نعم ، فأبي حطاب .
الملك : وكان مثلك يحب الغابة .
الحارس : وبقي فيها حتى النهاية ..
الملك : " ينظر إليه " ....
الحارس : قلت له ، بعد أن رحلت أمي ، تعال
وعش معي في المدينة .
الملك : لم يأتِ طبعاً .
الحارس : نعم ، يا مولاي ، لم يأتِ ، بل وقال لي ،
لا أستطيع أن أعيش في السجن .
الملك : " يبتسم " وجئت بك إلى السجن .
الحارس : إنني حارسك الأول ، يا مولاي .
الملك : وستبقى حارسي ، مادمت تريد ذلك .
الحارس : " يطرق رأسه " أشكرك ، يا مولاي .
الملك : يلمح الكوخ " انظر .
الحارس : " ينظر إلى الكوخ " هذا كوخ حطاب ،
يا مولاي .
الملك : مثل الكوخ الذي ولدت فيه .
الحارس : " تقريباً ، يا مولاي .
الملك : " يتجه نحو الكوخ " تعال نتفرج عليه .
الحارس : " يتبع الملك " لعل صاحبه في الداخل .
الملك : لن ننهبه .
الحارس : عفواً مولاي .
الملك : " يتوقف " اطرق الباب .
الحارس : أمر مولاي " يطرق الباب "
الملك : لا أحد يجيب .
الحارس : لعله نائم .
الملك : أطرقه ثانية .
الحارس : " يطرق الباب ثانية " ....
الملك : لا أحد في الداخل ، على ما يبدو .
الحارس : لعله في الجوار .
الملك : وربما رآنا ، فخاف ، واختبأ في مكان
قريب .
الحارس : من يدري ، يا مولاي .
الملك : دعنا ندخل الكوخ ، ونرَ ما فيه .
الحارس : " ينصت " ....
الملك : " يهم ّ بالدخول " ....
الحارس : " بصوت خافت " مولاي .
الملك : " يتوقف منصتاً " ما الأمر ؟
الحارس : أحدهم قادم ، يا مولاي .
الملك : لعله الحطاب .
الحارس : لا أظن ، يا مولاي ، فهذا وقع أقدام
خفيفة ، وربما معها أيضاً وقع أقدام غزالة
صغيرة .
الملك : " يبتسم " أنت ابن غابة حقاً .
الحارس : " بصوت خافت " اسمع ، يا مولاي ،
وقع الأقدام يقترب .

تدخل فتاة شابة ، ومعها
غزالة ، تفاجأ بالملك والحارس

الفتاة : " تتوقف خائفة " آه .
الملك : لا تخافي ، اهدئي .
الفتاة : " تتلفت حولها خائفة " ....
الحارس : " يتقدم خطوة منها " اطمئني ، لن
يؤذيك أحد .
الفتاة : " تتراجع حائرة " ....
الحرس : " يتوقف " لا تذهبي ..
الفتاة : " تتوقف " ....
الحارس :" يشير إلى الملك برأسه " الملك ..
الفتاة : " مذهولة " الملك !
الملك : " يهز رأسه " نعم ، الملك .
الحارس : وأنا .. الحارس .
الملك : " يشير إليها " تعالي ..
الفتاة : " تبقى في مكانها حائرة " ....
الملك : تعالي ، لا تخافي .
الفتاة : " تزداد حيرة لكنها لا تتحرك " ....
الملك : أيها الحارس .
الحارس : مولاي .
الملك : اذهب وانتظرني في مكان قريب .
الحرس : " ينظر إليه " ....
الملك : اذهب .
الحارس : أم مولاي " ينظر إلى الفتاة ثم يخرج "
....
الملك : الآن نحن وحدنا ، تعالي .
الفتاة : " تبقى في مكانها " ....
الملك : مادمت لا تأتين " يقترب منها " أنا
سآتي .
الفتاة : " تهم بالتراجع " ....
الملك : لا ، لا ، ابقي .
الفتاة : " تتوقف " ....
الملك : " يتأملها " أنت فتاة شابة ..
الفتاة : " محرجة " ....
الملك : وجميلة ..
الفتاة : " تزداد حرجاً " ....
الملك : في قصري جوار عديدات ، لكن أياً
منهن ليست في جمالك وشبابك .
الفتاة : " تطرق رأسها " ....
الملك : ما اسمك ؟
الفتاة : اسمي ...
الملك : اسم جميل ، وأنت أجمل
الفتاة : " تطرق خجلة " ...
الملك : " يتلفت حوله " لا أظن أنك هنا وحدك
، فهذا مكان منعزل .
الفتاة : بل أنا وحدي ، فقد ماتت أمي قبل أشهر.
الملك : وأبوك ؟
الفتاة : رحل قبلها بعام تقريبا .
الملك : أوه يا للأسف .
الفتاة : " تبدو متأثرة حزينة " ....
الملك : لا عليك ، أنت واحدة من رعاياي ،
ومن واجبي أن أحميك ، وأرعاك .
الفتاة : " تنظر إليه " ....
الملك : تعالي معي إلى قصري ، وستكونين
واحدة من جواريّ معززة مكرمة .
الفتاة : " تنظر إليه جامدة " ....
الملك : هذا تكريم لكِ ، ما بعده تكريم ، فأنا
الملك .
الفتاة : " تهز رأسها " ....
الملك : موافقة طبعاً .
الفتاة : لا .. لا .
الملك : لا !
الفتاة : سأبقى هنا .
الملك : سآخذك لتعيشي في قصري .
الفتاة : " تهز رأسها " ....
الملك : أنت مجنونة ، فليس هنا غير هذا الكوخ
والأشجار والحيوانات و ..
الفتاة : أريد أن أبقى هنا .
الملك : اسمعي ، يا نور .
الفتاة : " تنظر إليه " ....
الملك : استطيع أن آخذك كرها ، فأنا الملك ..
الفتاة : " مازالت تنظر إليه " ....
الملك : لكني سأتركك تفكرين ، وستقتنعين
بنفسك بأنّ ما أريده لك هو الخير .
الفتاة : " تطرق رأسها " ....
الملك : " يبتعد عنها " أيها الفارس .
الفارس : " يدخل " مولاي .
الملك : " للفتاة " ادخلي الكوخ ، سأناديك بعد
قليل .
الفتاة " تدخل الكوخ دون أن تتفوه بكلمة " ....
الملك : تلك الفتاة اسمها نور ..
الفارس : نعم ، مولاي .
الملك : إنها جاهلة حمقاء ، لكنها ..
الفارس : " ينظر إليه " ....
الملك : أريدها جارية في قصري .
الفارس : " ينظر إليه مندهشاً " ....
الملك : لكن الحمقاء تريد أن تبقى هنا .
الفارس : يا للعجب .
الملك : لا أريد أن أكرهها على ترك هذا المكان
، والمجيء معي إلى قصري الملكي ،
أريد أن تأتي بقناعتها ، وإن كنت أستطيع
أن أكرهها على ذلك .
الفارس : هذا حقك ، يا مولاي .
الملك : أريد منك أمراً .
الفارس : مرني ، يا مولاي .
الملك : سآخذ الحرس بعد قليل ، وأواصل
الطريق إلى المدينة .
الفارس : " ينظر إليه صامتاً " ....
الملك : ابقَ أنت هنا ، ولا تلحق بنا إلا بعد أن
تقنع الفتاة بالمجيء إلى القصر .
الفارس : أمرك ، يا مولاي .
الملك : " يتأهب للخروج " حسن ، سأذهب ،
ابذل جهدك ، فأنا أريد هذه الفتاة جارية
لي .
الفارس : أمر مولاي .
الملك : " يتجه إلى الخارج " لا تتعجل ، ابقَ
حتى تقنعها ، فهي على ما يبدو عنيدة
حمقاء .
الفارس : أمر مولاي .
الملك : " يخرج " ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط