الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مش خايف .. عن حلم أطفال فلسطين

مريم الحسن

2023 / 11 / 10
القضية الفلسطينية


يقول للكاميرا وهو الخارج من مجزرة ارتكبها الاحتلال بعائلته وأودت بحياة والديه : أنا مش خايف .. أنا قوي.

صدقته و أنا المرعوبة من هول ما يحل به و بأطفال غزة من جرائم أخافتنا جميعاً بقدر ما أغضبتنا و نحن الآمنين في منازلنا في البعيد عنها .. فما بالك به؟
كلماته المرتجفة فطرت قلبي لكن أقنعني بها بأنه مش خايف فصدقتها .. صدقت صرخة شجاعتها التى طغت بحضورها على حضور الصدمة المولولة مع كل رعشة من ارتعاشات جسده الغض وبارتجاف صوته الصغيروالمتلعثم والذي لم يتقن لفظ الكلمات بعد .. فعمره لا يتجاوز الثلاث سنوات.

لذا صدقت أنه مش خايف وأنه قوي .. وأيقنت حينها أن أعداءه هم الخائفون منه .. الاسرائيلي خايف و المطبع معه خايف .. و الساكت عن جريمة اغتيال أطفال فلسطين و حقهم بالحياة خايف .. بس هو مش خايف لأنه قوي .. نعم الاسرائيلي يخاف هذا الطفل الذي سيكبر يوماً ليهدد كيانه بالزوال لذا يتعمد قنله أو إعاقته لكن الطفل الصغير مش خايف .. هو سوف يكبر و سيشتبك مع عدوه من المسافة صفر ليقتلعه من ارض أجداده .. أسلافه الذين شجروا فلسطين بالبرتقال وباللوز والتين والزيتون منذ قرون مضت.. سيكبر ليُرجع السارق القاتل إلى بلاده التي أتى منها.

اسرائيل سقطت عند قدم هذا الطفل الصغير الشجاع و أقدام أترابه و باتت مند اليوم أقرب إلى الزوال من أي وقت مضى.. لأنها غرقت في مستنقع توحشها و خسرت و خسر معها شركاؤها المطبعون معركة الرأي العام حين انفضح وجهها الحقيقي للعالم أجمع .. و حين بانت على حقيقتها: وحش يختزل في وجوده كل شر ممكن أن يتخيله أو يمارسه مجرم

كل من لديه طفل فلينظر إليه و لينظر إلى هذا الطفل و ليقارن بينهما .. حينها فقط سيفهم كيف ينشأ المقاوم و لماذا وعلى ماذا يكبر و ما هو هدفه أو حلمه

(على هامش القضية وفقط للتوضيح)
القصة الحقيقية ليست قصة مقدسات و مسجد أقصى موجود و هيكل سليماني مزعوم و حرب بين طائفتين على أحقية وجود هذين المبنيَين الحجرييَن كما يحاول المتدينون تصويرها و الترويج لفكرتها ومعهم بعض المثقفين المطبعين المناديين بفكرة الحل السلمي و التعايش الديني على مبدأ تقاسم الأرض المقدسة بين المسلمين و اليهود و المسيحيين .. لا.. فهذه الأرض حملت فوقها التنوع الديني و التعايش السلمي لقرون .. اليهود كانوا أخوة في المواطنة للمسلمين والمسيحيين في كل المشرق و المغرب العربي وهم عاشوا كذلك بسلام حتى يوم النكبة .. فباستثناء المتطرفين الذين يعادون الله قبل خلقه وهم يعتقدون بأنهم يحبونه و يخدمونه بالتباغض و معاداة حتى مَن هم مِن نفس طائفتهم و مذهبهم, ما مِن مؤمن مشرقي معتدل مسيحياً كان أو مسلماً يكره أي يهودي لطائفته أو ينكر عليه حقه بالوجود ..لا .. فالمؤمن الحق يحب الخالق وجميع خلقه من دون استثناء .. بغض النظر عن أجناسهم أو معتقداتهم و انتماءاتهم.. والمؤمن الحق لا يكره إلا الظلم و لا يبغض إلا الشر والأذى .. لكنه كأي شريف حر يعادي و يقاتل حتى الموت أي سارق ومغتصب وقاتل يعتدي عليه و على أرضه و يُقتّل أبناءه و يمنع عنهم الحياة.. لذا المعركة ليست مع اليهودي الذي كان يوماً و ما زال (إذا أراد) أخاً لنا بالمواطنة بل مع ذاك اليهودي المستوطن الغريب السارق والمتصهين والآتى من خلف البحار مع وعد بلفور ليقتل و يظلم و ينهب ما ليس له

(أعود ألى هذا الطفل الشجاع في الفيديو)
هذا الطفل لا يعرف المهدي المنتظر و لا المسيح العائد و لا يفهم حتى فكرة الله وأنبيائه و لا فلسفتها و لا تاريخ ضرورة نشأتها ولا أسباب وجودها في وجودنا .. هو يعرف فقط أنه موجود في هذا الوجود في حضن اسرة تسعده و تمنحه الأمان.. أب و أم و أخوة و مدرسة و رفاق .. و أنه يريد ان يضحك و يلعب و يعيش .. و أن يحلم بالسكاكر والأطايب وبمغامراته مع أبطاله المتخيلين في أحلامه, و يتوسع حلمه ليصير أنه سيكبر يوماً ليصبح تماماً كما الكبار .. يحصل على ما يريد بعمله و بماله الخاص من دون إذنٍ مفروضٍ عليه ما دام صغيراً.. هذا هو حلمه .. هو يريد فقط أن يحيا في هذا العالم بأمن و سلام لا أكثر و لا أقل .. هذه هي عقيدته و فلسفته الوجودية بكل بساطة.. غير أن هذا الحالم الصغير والفيلسوف الكبير ذي المعتقد السليم و البريء يولد ليكبر (ومنذ يومه الأول في هذه الحياة) على كابوس قتلٍ يومي يلاحقه .. وعلى وحش فيه يلاحق أحلامه ليدمرها واحداً تلو الأخر ليحرمه من تحقيق أكثرها بداهة و بساطة .. أن يحيا الحياة بأمن و سلام و بحضن أسرة

فماذا سيصبح بعدها؟ و ما سيصبح عليه حلمه؟ و كيف سيكبر؟ هذا إن بقي على قيد الحياة و لم يُقتل؟ .. هكذا ينشأ المقاوم .. و هكذا يتحول حلم طفل صغير بالسكاكر وبأن يصبح ذات يوم ما يريده إلى حلم بالقتال حد الاستبسال و الموت .. فقط لاستحقاق حياة آمنة بسيطة حُرم منها .. ولاسترداد حق بالوجود ممنوع عنه و لينهي امتهانٍ يومي لكرامته .. لأن الحالم الصغير كبر و هو يرى الوحش يترصده و يلاحق حياته ليسحقها, و يلاحق احلامه ليقهرها .. كبر وهو يراه يحسب عليه حتى أنفاسه .. فيحرمه منها حيناً و يسمح له بها حيناً آخر لكن بشروط .. بشروط مذلة و باحتقار و ضمن سجن كبير.. فرأى الحل و عرفه .. و أيقن استحالة التعايش بسلام مع وحش يتحين الفرص إما لقهره و إذلاله وإما لقتله والقضاء عليه لاستكمال سرقة أرضه وأرض أجداده ..هكذا نشأ المقاوم .. و ما اللبوس الذي ارتدته مقاومته مع الأيام من تنظيمات سياسية و حركات جهادية على اختلاف مسمياتها و أشكالها و تاريخها بنضالاتها و اخفاقاتها و أخطائها و حتى ضلالها و تصارعها فيما بيتها إلا وسائل مؤقتة لتحقيق حلم هذا الطفل الصغير .. وهي ستضمحل حكماً أو ستتلاشى مع الوقت لتتبدل بأخرى غيرها و بحلم آخر أصوب و أجدى و أنفع بعد تحقق الهدف الأول منها .. بعد استرداد الأرض و استرداد الحق بالحياة و الحق بالوجود الحر والآمن .. الحق بالحياة لأن المقاوم يحب الحياة أيضاً على عكس ما يُشاع عنه .. والحق بالوجود الحر لانه منحة الخالق لكل خلقه إلا من ارتضى منهم الانسياق والتدجين.

هذا الصغير (المش خايف) والذي حتماً سيتبدل حلمه المتواضع بالسكاكر إلى حلمٍ بالقتال (لأنه قوي) سيتعلم اليوم من صدمة محاولة اغتياله و قتل أبويه أن سبيله إلى الحياة و الحق بالوجود لا يتحقق إلا باستعادة أرضه المسلوبة .. أي استعادة حريته باستعادتها.. سيتعلم مع الوقت أن الحرية قيمة إنسانية تستحق بذل الأرواح في سبيلها و سيعمل على ذلك بكل جد.. و سيجتهد ما استطاع ليتمكن من الاشتباك مع عدوه (من المسافة صفر) ليهزمه .. و ليعيده الى بلاده التي اتى منها من خلف البحار .. و سيستعيد ارضه التي عليها ما يستحق الحياة .. لأنه يحب الحياة إذا ما استطاع إليها سبيلا .. و لأنه أكتشف وعن تجربة أن سبيله إلى هذه الحياة هو المقاومة
اسرائيل سقطت عند قدميه

رابط فيديو الطفل الشجاع
https://www.youtube.com/watch?v=zFaKomMei6s








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا