الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معمعة التخبُّط والمتاهات: الكيان الصهيونيّ أنموجًا.

ازهر عبدالله طوالبه

2023 / 11 / 10
القضية الفلسطينية


الكيان المُحتَل، كغيرهِ مِن الكيانات السياسيّة، يُحاول أن يوجِدَ مؤسّساتٍ إعلاميّة، تكون على درجةٍ عاليةٍ مِن المهارة والإتقان، مع إدراكه التّام، أنّ لا مهارةَ ولا اتقان مُطلَق. فالإعلام، لا يُمكِن أن يكونَ، دائمًا، قادِرًا على تقديمِ سرديّة تُمكّنه من احتضانِ الرأي العام الدوليّ، وتجعلهُ بمثابةِ أرجوحة، يُحرِّكها كُلّما مالَت الرّيح اتّجاهه.
وبالفعل، لقَد أصبحَ إعلام الكيان، اليوم، مُتأرجحًا، غير قادرٍ على أن يكونَ مُتوازنًا، بل أصبحَ كإعلامٍ كمبتدئٍ ، لا يعرِف على ماذا يُركِّز ولا مَن هي الفئة التي يتوجَّب عليهِ أن يُركِّزَ عليها.
فها هو، بعدَ أن ظنَّ أنّهُ وضعَ الرأي العام الدوليّ تحتَ إبطه، لما كانَ ينشُرهُ (بعد ٧ أكتوبر) مِن دعاياتٍ، ويختَلِقهُ مِن أكاذيب، بدأ يفقِد ماكينتهُ الدعائيّة، وبدأ يعيش حالةً من التّيه الإعلاميّ، الذي خسّرهُ المعركةَ دوليًّا، بعد أن كانَ قريبًا ( لهُنيهنات) مِن كسبها، وهو الّذي اعتادَ على كسبِ حُروبهِ تحتَ ذرائع المظلوميّة.

اليوم، لم يعُد خافيًا على أحد، كُلّ تلكَ المجازِر والإبادات التي يرتَكبها الكيان بحقّ المدنيّينَ في غزة، كما لَم يعُد أمرًا مُستساغًا مِن قبل الرأي العالميّ الدوليّ، على صعيد الشّعوب، قصفه للمُستشفيات، ولدور العِبادة، ولأماكنِ الإيواء، التي بذاته، تحتَ ذريعة أنّها مناطق آمنة، طلبَ من المدنيّينَ أن ينزَحوا إليها. فلقَد تكشَّفت كُلّ الحقائق، وبانَت كُلّ الإدعاءات الزّائفة، ونُزعَ اللّثام عن وجهِ الإنسانيّة العالميّة، بعدَ كانَت الكيان، بكلّ مؤسّساته وأدواته، يسعى إلى ألّا يُنزع هذا اللّثام. لكن، اليوم، وبفضلِ المُقاومة، والغزيّين الذينَ صبروا، ورابطوا، وقدّموا كُلّ ما بوسعِهم مِن تضحيات، فُضحَ الكيان، وبانَت عوراته، وكُلّه عورات. فانقلبَ عليهِ، مِن الشّعوب، مَن نّاصروه، وتركهُ منهُم، مَن أعلنَ مؤزارته لهُ، وكلّ هذا، جاءَ بعدَ أن دخلَ موجة التخبُّطات والمتاهات، وفقدَ سيطَرته،
داخليًّا وخارجيًّا، على كُلّ شيء.

هذا الأمر، أي دُخول الكيانِ في معمَعة "التخبُّط والمتاهات"، دفعَ بشعوبِ العالم إلى الشّوارع، وبدلًا مِن أن تكونَ يدهُ الّتي يضرِب بها في الغَرب، أصبحَت اليَد التي يُضرَب بها، واليَد الّتي تصفعه الصّفعة تلو الأُخرى.
هذه الشُّعوب، مِن خلال مُظاهراتها، ومُناصرتها للغزيّينَ ( مِن جانبٍ إنسانيّ) أصبحَت سلاحًا ناعِمًا في مواجهة حُكوماتها، التي أظهَرت كُلّ أوجهِ النّفاق الغربيّ، وأكَّدت على أنَّ هذه القيادات، هي قياداتْ صُهيونيّة، ولولا ذلك، لما كَانت مِن ضمنِ القيادات للدُول الغربيّة، المُتحكَّم بها مِن قبلِ اللّوبيّ الصهيونيّ...وما يهمّنا في ذلك، أنَّ هذه الشّعوب، ولو بالقدَر اليسير، تمكَّنت مِن توجيهِ طلقاتها نحو حكوماتها، ودفعَت بها إلى تُغيِّر مِن خطاباتها الدوليّة، على الأقل، أنّها بدأت تنظُر للهمجيّة الاسرائيليّة، كما يتوجَّب أن يُنظَر لها.

قَد يسأل البعض : ما الفائدة مِن هذا الكلام؟!
أقول له:
أولًا: الحَركات الشعبيّة، إذا كانَت جادّة، حازِمة، صارمة، كفيلة بأن تُغيِّر الموقفَ الرسميّ بأيّ دولة، وكفيلة بأن تنقُلَ نظام الدّولة مِن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والعكس.
ثانيًا: مِن شأن هذه الحَراكات أن تعملَ على زيادةِ الوعي في الشّارع، وبالتّالي، تأثير هذا الوعي على موقف الدّولة مِن القضايا المُتعلّقة بالإنسانيّة.
ثالثًا: الفائدة مِن هذا، تكمُن، بأنَّهُ مِن المُهمّ، الآن، وفي ظلّ تخوّف العالَم مِن انعكاسات الحَرب عليه، أن تُسلَّط كُلّ الأضواء على الرّواية الفلسطينيّة، بعدَ أن سادَت الرواية الاسرائيليّة، وأخذَ بها الشّرق والغَرب، ونتيجةً لذلك، قُتِّل وهُجِّر من الفلسطينيينَ ما لا يُعد ولا يُحص.

إنَّ المجازِرَ والإبادات التي يرتَكِبها الاحتلال ضدّ الغزيّينَ، ما هي إلّا امارات مؤكَّدة على أنّ هذا الاحتِلال يرتَكب جرائم، أقلّ ما يُقال عنها، أنّها جرائم "إبادات عرقيّة". وارتِكابه لهذه الجرائم، لا يعني شيئًا ؛ بقَدر ما يعني أنّهُ فقدَ كُلّ طلقاته، التي كانَت يزوَّد بها مِن أوروبا وأميركا، ليقومَ بوضّعها بسلاحِ المظلوميّة (الهلوكوستيّة) التي ظنَّ أنّهُ ستُعطيها تميُّزا دائما، ومُطلقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و