الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الألم والمجد2019(بيدرو المودفار): ارهاصات حياة رجل في لحظاته الأخيرة

بلال سمير الصدّر

2023 / 11 / 11
الادب والفن


علم التشريح:
وبدات اعرف جسدي من خلال الألم والمرض،لقد عشت الثلاثين سنة الاولى من حياتي في فقدان نسبي للوعي،لكن سرعان ما أكتشفت أن رأسي وما كان بداخله،بالاضافة الى كونه مصدرا للمتعة والمعرفة قد نسي احتمالات لاحصر لها من الألم،سرعان ما عرفت الأرق والتهاب البلعوم المزمن والتهاب الأذن وارتجاع المريء والقرحة والربو داخلي المنشأ،كذلك عرفت آلام الاعصاب بشكل عام والوركية بشكل خاص...انني اعاني من جميع آلام العضلات القطنية والظهرية والأوتار وكلا الركبتين والكتفين...هذا هو الطنين واعاني منه ايضا...هو الأزيز (الرنة) واعاني منه ايضا،وبالاضافة الى الطنين والأزيز فأنا متخصص في انواع الصداع،الصداع النصفي وصداع التوتر والصداع العنقودي،وكذلك آلام الظهر الناجمة عن عملية دمج العضلات والتي شلت الحركة في اكثر من نصف ظهري،الأمر الذي يجعلني اتمحور حول عمودي الفقري واعيا بكل فقرة في ظهري وبكمية العضلات والاربطة التي تشكل اسطورتنا ككائنات حية لذا، كما هو الحال لدى الآلهة اليونانية،فإن الشكل المتفرد لعلاقاتنا يكون من خلال التضحية....
ولكن ليس كل شيء يكون ماديا يمكن توضيحه،فانا اعاني كذلك من عقوبات مجردة،لدي آلام روحية كالهلع والقلق والتي تتناوب بطبيعة الحال مع سنوات من الاكتئاب.
في الليالي التي تهجم علي فيها عدة آلام معا،في تلك الليالي اؤمن بالرب وأصلي له...
أما في تلك الأيام التي لا أعاني فيها سوى من نوع واحد من الآلام...أكون ملحدا
المتحدث هو سلفادور (انتونيو باندرياس)،مخرج ستيني تقريبا متقاعد،يعاني من شتى الآلام المذكورة اعلاه،وفي هذه اللحظة...هذه اللحظة التي تبدو قريبة جدا من النهاية يبدأ الماضي بالعودة من ناحيتين:
يبدأ المخرج بالعودة الى لحظة كانت مهمة في مساره الفني....فيلم ادمان قبل ثلاثين عاما
في تلك الايام حقق نجاحا فنيا،لكنه خسر شخصا رربما غير قادر على نسيانه...ربما لا يزال يشعر بشيء من تأنيب الضمير اتجاهه...ألبيرتو وعودة الى الماضي من ناحية
سلفادور:يعجبني بأنك لازلت تحتفظ بملصق الفيلم هنا...
البيرتو:لقد استغرقني الأمر اثنين وثلاثين سنة شاقة للتصالح مع هذا الفيلم...
في يوم ما،هجر سلفادور ألبيرتو لأنه كان مدمنا أثناء تصوير فيلم ادمان...وها هو الأن يتعلم الأدمان من صديقه المهجور القديم ألبيرتو....
ولكن هناك قطع في الأحداث يعود بنا الى ماضي أكثر بعدا...يعود بنا الى ماضي سحيق بالنسبة الى عمر الانسان...إنه ماضي الطفولة...ماضي الحياة في كهف
جاستيا (بينلوب كروز) الفقيرة جدا لدرجة الحياة في كهف وهو شيء كان تقليدي في قرية كانت تعيش جميعها في كهف...
هي متدينة جدا لدرجة ان الهواجس الدينية لازالت تلاحق سلفادور وهو في أوائل الستين من عمره...وبالرغم من كل النجاح الذي حققه في حياته مع هذا الجسد المريض إلا ان الأم...الأم الكبيرة لم تكن راضية عن هذا الابن
الفيلم هو الماضي...هو عن الماضي بكل ما تعنيه الكلمة...عن انبثاق الواقع الحاضر من خلال الماضي...من خلال نتائج الماضي ...من خلال حتمية الماضي غير ممكنة التغيير
الماضي لحظتان:
ماضي عميق يعبق بالذاكرة يعود الآن قسريا لامكان فيه لتغيير الاحتمالات-الطفولة
ماضي اقل عمقا...أقل كهفيا...فيلم ادمان والاحتمالات منذ تلك اللحظة قائمة قابلة للتغيير ولكنها غير قابلة للمحو من الذاكرة أبدا
هناك شيء مختلف في هذا الفيلم..زهناك شاعرية مبطنة...هناك شيء يحلق من فوق بيدرو ألمودفار وفظاظته التي لا يمكن نكرانها...أفلام بيدرو المودفار عامرة بالفوضى...بحركة عبثية فوضوية جنسية للشخصيات من الممكن منها جعل بيدرو ألمودفار مخرجا فوضويا.
ولكن،وكنقطة أولى،فالعنصر الأنثوي غير بارز هنا
وكنقطة ثانية-اقل حدة-من الممكن القول عن الفيلم بأنه فيلم عن السينما نفسها....
لطالما ارتبطت فكريته عن السينما بنسائم ليالي الصيف...كنا لانشاهد الأفلام سوى في فصل الصيف
وكنقطة لايمكن اثباتها هناك شيء...لابد ان هناك شيء من ذاتية بيدرو ألمودفار ينطق داخل الفيلم
المجد والألم عنوان يحمل المعنى الثنائي...المعنوي والحقيقي...المعرفي والاسترجاعي...لكن هناك الحقيقة التأملية الخاصة:
تثير الحياة حنقي كوداع عديم النفع،وذلك عندما اشعر برؤية واضحة مدى سهولة الهرب من كل هذا الملل لو أنني أتحمله فقط بما يكفي من القوة لأتخلص منها...
تعود في ذاكرته لحظات استعداد امه للرحيل وتمسكها بالتراث الفكري الشعبي الخاص بها...
أريد ان أرحل حافية،وإذا ربطو قدماي لدفني فحل الرباط وقل لهم انني طلبت ذلك...اربد الوصول بخفة حيث اذهب
لكنها تموت وحيدة في غرفة العناية المركزة...
هناك احتمال ورم،ولكنه ليس ورم،ولكنه لاينفي ايضا بان الفيلم هو عن ارهاصات حياة رجل في لحظاته الأخيرة...هل جملة ذكريات حياة رجل في لحظاته الأخيرة أدق واوضح...نفضل استخدام لفظ ارهاص عن لفظ ذكريات.
29/06/2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا