الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث البيدق/ طوفان الأقصى.. حتى لا ننسى (4)

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


“كل النبوءات التي أرسلها الأنبياء على وشك أن تتحقق"
عزرا ياشين، جندي احتياط؛95 عاما.

"اهزموهم واقضوا عليهم ولا تبقوا على أحد. اقضوا عليهم وعلى أهلهم وأمهاتهم وأطفالهم".
بروح الإبادة الجماعية صريحة العبارة يصدر هذا الكلام؛ و فيه ما يتبع:
"هذه الحيوانات لم تعد قادرة على العيش. اليوم ليس لدينا أي سبب لعدم القيام بذلك".
بدت الرؤية تضيق على أفق الصهاينة؛ لم يعد في وسعهم الركون إلى ما ما بات فرط إنساني؛ تجاوز "إنسانيتهم" المدخولة. تركتهم خلفا بدرجات؛ و راحوا يتجرعون مرارة إنسانية بمعيار أمثل مركزه نقاء عرق ممسوخ. و منه يضيف.
"غدا يمكن لحزب الله أن يهاجمنا بضربة جوية، ويمكن للعرب هنا أن يهاجمونا. لذلك ليس لدينا أي عذر".
بات الاعتقاد الخاطئ محمولا على وضع؛ متروك لصلف يلعب بعبهم. و فاتهم أنهم أينما ولوا وجوههم؛ فالعربي الشهم على أبوابهم و لن يكل من اخذ أرضه السليبة بيده. و لا عزاء لمن انبطح.
بهكذا كلام يمتح من حقد دفين؛ بات جبلة لا يرتفع؛ خاطب المجند المخضرم عزرا ياشين وهو يغالب ثقل المرض والعمر، "زملاءه" الأصغر سنا من جنود الاحتياط الإسرائيلي ؛ بعد أن تم استدعاؤه رسميا لرفع الروح المعنوية و يكون مصدر إلهام لمن جرى حشدهم للحرب،
و يدفع بهم تغريرا على خط المواجهة.
فهل في تحديه كبر سنه، و قيود متاعبه الصحية؛ جرعة من دوغمائية دعائية حقيقية خدمة لشعب إسرائيل.أم هي شجاعة صهيونية مخذولة بجرف الطوفان؛ أم تحصيل لوعي؛ أربك من رعب قادم؛ تفرسه من واقع؛ خبره حصاد العمر؟
تلكم تساؤلات على وجوه؛ لا تني تراجع عقيدة صهيونية أشرفت على نهايتها. و ما حضور هذا المسن؛ الفاعل إلا كشاهد أخير قبل الانهيار الكبير. و تذكير باهت منه بما فعله الأجداد من إجرام لا يسقط بالتقادم.
و انظره و هو يزيد محرضا:
"يجب على كل يهودي يحمل سلاحا أن يخرج ويقتلهم. إذا كان لديك جار عربي، لا تنتظر، اذهب إلى منزله وأطلق النار عليه. هاجموهم ولا تنتظروا أن يشنوا غارات جوية علينا، القبة الحديدية يجري تفعيلها، فهاجموهم قبل ذلك. نريد أن نغزو ليس كما كان في السابق، نريد أن ندخل وندمر كل شيء في طريقنا، وندمر المنازل وكل شيء آخر. بكل القوة، إبادة كاملة وغزو وتدمير".
لم تكن هذه اللهجة في التعبير لتخفي ما يدور بخلد هذا الجندي الإسرائيلي المخضرم؛ فقد كان عضوا في صباه في منظمة "ليهي" الصهيونية السرية المعروفة أيضا باسم "شتيرن" في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين. 1948، وكان ذلك قبيل الإعلان عن قيام دولة إسرائيل. فهو أسوأ خلف لاستعمار سلف. مايزال يراوده الحنين في عناقه.
الجندي العجوز في جعبته الكثير؛ فقد زاد نافثا من سمه :
"كما ترون، سوف نشهد شيئا لم نحلم به أبدا. دعوهم يرمون القنابل عليهم ويمسحونهم من وجه الأرض. "
"كن منتصرا، أنهيهم، ولا تترك أحدا خلفك، امحوا ذاكرتهم، امحوهم وأهاليهم وأمهاتهم وأطفالهم فلم يعد مسموحًا لهذه الحيوانات بالعيش”.
“يجب على جميع اليهود المسلحين أن يخرجوا ويقتلوا الفلسطينيين، إذا كان لديك جار عربي، فلا تنتظر، اذهب إلى منزله وأطلق النار عليه، فجميع التنبؤات التي أرسلها الأنبياء على وشك أن تتحقق".
لم يكن مستبعدا هذا الاحتفاء بالإبادة الجماعية و التطهير العرقي و اجتثاث البشر و الحجر من أرض أصحابها؛ فقد كان عزرا ياشين متورطاً في مذبحة دير ياسين في 9 أبريل 1948، عندما هاجمت الميليشيات الصهيونية التابعة لجماعتي ليهي/ Lehi و الارغون منزلاً بعد منزل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص في القرية الفلسطينية الصغيرة القريبة من القدس، مع أنهم كانوا قد وافقوا سابقاً على اتفاق هدنة وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال والمسنين.وأدت المذبحة، من بين فظائع أخرى، إلى الطرد القسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم فيما أصبح يعرف باسم النكبة.
و بعناد القاتل الذي لم ترتو أحقاده بدماء الأبرياء المسفوكة؛ تبجح عزرا صادعا:
"هذه أرضي، وسأدافع عنها حتى أنفاسي الأخيرة، لقد شاركت في العديد من الحروب ونجوت من الموت مئات المرات. ولم أشعر بالخوف أبدا".
إنه يريد البقاء مع المقاتلين ليتدارك قهرا صادر عن عجز؛ جسده المتهافت يكابره قسرا. مما جعله يقر أن تجنيده لم يكن بهدف القتال إنما بهدف "رفع الروح المعنوية" للجنود و كان خليقا به أن يكاشفهم بحقيقة أن عقولهم سلبت الرجاحة و باتوا ضحايا التغرير بهم.
و الآن انظر؛ فمن يتبجحون بتحريضهم؛ ها واحد منهم يتنكر له و لمن شحنوه حقدا . فبمجرد ما وقع الجندي الإسرائيلي أسيرا في قبضة حماة فلسطين أجهش بالبكاء. فقدا راح مقرا؛ و أجاب على تلك العنجهيات الصهيونية بواضح العبارة.
"أرجوكم لا تقتلوني؛ نحن شعب مجرم لا يفهم"
المشهد من الدلالة شاهد عصر على زمن ولى؛ يجب سنين من الصلف؛ ياشين العجوز؛ و بحسرة تعتصره؛ سترى تلك العين المتبقية في رأسه النازي حتما ما يرعبها.
فما عاش له عمرا و رعاه أمدا؛ ها أركانه تتهاوى. فمشروع الصهيونية غدا عنوان اندحار؛ يكلل ما وطنه الحقد الدفين؛ و عمل على تحقيقه إرضاء لمركبات نقص مرضية لم ينل منها تبكيت ضمير.
و اليوم؛ جبهة الكيان داخلية؛ عبثا تلهت وراء استدعاء صورة نصر على أبواب غزة العزة؛ بعد أن جرفها طوفان الأقصى.
ذلك الأسير المرتجف رعبا؛ زاد و الكلام من قلبه المنفطر صادر؛ فقد شع منه اليقين أخيرا؛ بعد طول عهد؛ تجرع فيه إلى حد التخمة أراجيف الصهيونية الكاذبة و أساطيرها المؤسسة.
"إذا تركتموني أذهب أعدكم إني سوف أغادر بلدكم إلى آخر بلد في العالم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا