الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثر الكاتب -في داخلي- الحسن اوموج-

رائد الحواري

2023 / 11 / 12
الادب والفن


" في داخلي كلُّ شيءٍ قد ٱنطَفَأ
و ٱنغَلَق
و ٱنْعَلَق
و ٱنـكَـفَأ
*****
في خارجي كُلُّ شيءٍ قد تَفَفَّــهَ
و رَخُص
و نَقُص
و تَـسَفَّهَ
*****
في داخلي كلُّ شيءٍ قد تَجَدَّد
و نَهَـض
و نَـبَض
و تَمَـدَّد
*****
في خارجي كلُّ شيءٍ قد ٱختلَط
و سَمُج
و خَمِج
و ٱغْتلَط"

ما يجري في غزة ينعكس علينا، فحجم القتل والتدمير الذي يمارسه العدو لم يعد يحتمل، كما أن تخاذل النظام الرسمي العربي يزيد من ألمنا، حتى أصبح المواطن لا يدري (منين يتلاقها) من الأعداء أم من الحكام.
ضمن هذا الواقع يأتي دور الأدباء، الكتاب الذين يعبرون عنا، عما نحس به، حتى أننا نشعر فيبدو وكأن ما يكتبونه كأننا نحن من كتبه، أو كنا نريد أن نكتبه، ما كتبه "الحسن أوموج" في داخلي، نموذج على هذا الأمر:
" في داخلي كلُّ شيءٍ قد ٱنطَفَأ
و ٱنغَلَق
و ٱنْعَلَق
و ٱنـكَـفَأ"
اللافت فيما قدمه الشاعر التراكمية التي فيه: أنطفأ ـ أنغلق، أنعلق، أنكفأ" فهذه الألفاظ تخدم معنى القسوة، كما أنها متماثلة في شكل كتابتها: "أنطفأ/أنكفأ، أنغلق/أنعلق" وهذا يجعل فكرة القسوة تصل إلى المتلقي بأكثر من طريقة، المضمون/المعنى الذي تحمله الألفاظ، والشكل الذي قدمت به، كما أن طريقة لفظها توصل فكرة الألم، فكرة الشدة والقسوة للمتلقي، فوجود الهمزة في آخر "أنطفأ، أنكفأ" تحمل فكرة الألم، كما أن لفظ حرف القاف في أنغلق، أنعلق" يحمل من الشدة والقسوة ما يجعل المتلقي يشعر أن هناك فكرة/شيء قاسي/ موجع.
وإذا ما أخذنا معنى الألفاظ نجدها بمجملها متعلقة بما هو داخلي، بما هو ضيق، محبوس، وهذا ما يجعل القارئ يشعر أن الكاتب لا يكتب بقلمه، بل بقلبه، يكب ألمه بما يشعر به، من هنا تنشأ الألفة بينه والقارئ لما في النص من صدق وتماهي بين الكاتب وما يكتبه.
"في خارجي كُلُّ شيءٍ قد تَفَفَّــهَ
و رَخُص
و نَقُص
و تَـسَفَّهَ"
وعندما يتحدث عما هو خارجي، نجده فيه معنى الفض/البعد/الكره من هنا نجد "تففه ـ رخص، نقص، تسفيه" وكما جاء التناسق التكامل في المعنى، والتماثل في شكل كتابة اللفظ في ما هو داخلي، جاء بما هو متعلق بالخارجي : "تففه/تسفه، رخص/نقص" وبهذا يمكن للمتلقي أن يجد التقارب والتماثل والتكامل في قدمه الشاعر، حتى أن لفظ حرف الهاء الذي يأتي بعد الفاء ويبدو كأنه (بزق) على ما هو حاصل "تففه، تسفه"
هذه الحالة/المشاعر جاءت بعد مشاهدة ما جرى للأطفال في غزة، وما تسببه من إحباط ألم للمشاهد.
في داخلي كلُّ شيءٍ قد تَجَدَّد
و نَهَـض
و نَـبَض
و تَمَـدَّد"
لكن بعد سماع "أبو عبيدة" الناطق الرسمي للمقاومة الفلسطيني تكون المشاعر بحلة أخرى مغايرة، فالأمل يكون حاضرا، والشعور بالنصر يحصل: من هنا نجد الشاعر يقدم ألفاظا مغايرة وجديدة تخدم حالة الفرح/الأمل التي يمر بها: "تجدد/تمدد، نهض/نبض" نلاحظ التكامل والتواصل في المعنى وفي اللفظ الذي يحمله: "تجدد/تمدد" فبدا لفظ تكرار لفظ حرفي الدال وكأنه صدى للخير القادم، وكأنه الرعد الذي يحمله الإله السوري "هدد"
لكن اللافت في حالة الفرح/الأمل أن الشاعر يقدم ألفاظا تحمل معنى الانطلاق/التحرر وليس الانغلاق/الحبس كما جاء في حالة الألم/القسوة، وهذا يقودنا إلى أن الشاعر لا يكتب من خلال العقل، بل بما يحمله في العقل الباطن، لهذا جاءت الألفاظ الداخلة تحمل معنى الانطلاق، فبدا الشاعر وكأنه يريد أيصال فرحه/سعادته لنا نحن المتلقين.
" في خارجي كلُّ شيءٍ قد ٱختلَط
و سَمُج
و خَمِج
و ٱغْتلَط"
لكنه عندما يتحدث عما هو خارجي يؤكد القسوة/القبح/الفساد التي جاءت أول مرة: "اختلط/اغتلط، سمج/خمج" وكأنه يريد أن يقول إن داخله يتغير/يتبدل بما يشاهده ويتأثر به، لكن ما هو خارجي يبقى قبيح/قاسي/مؤلم.
النص منشور على صفحة الشاعر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع




.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح




.. عوام في بحر الكلام - إلهام أحمد رامي: أم كلثوم غنت في فرح با