الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب غزة: أسباب وتداعيات الصراع والطريق إلى السلام

إسلام أشرف عطية
(Eslam Ashraf Attia)

2023 / 11 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


شهدت منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة أحداثًا مؤسفة. بدأت بهجوم حماس على إسرائيل، وردت إسرائيل بإعلان حالة الحرب للمرة الأولى منذ ٥٠ عامًا. واستدعت ٣٦٠ ألف جندي احتياطي، وشنت هجمات جوية وبرية وبحرية على قطاع غزة. وهدف إسرائيل المعلن هو القضاء على قدرات حماس العسكرية.
أدى ذلك إلى مقتل وإصابة وأسر اعداد كبيرة من الطرفين، معظمهم من المدنيين الأبرياء. وتم تهجير ما يقرب من ١.٥ مليون شخص في قطاع غزة.
وعلى الرغم من احتجاز حماس لعدد كبير من الرهائن، أعلنت إسرائيل أنها ماضية في معركتها ضد حماس مهما كلف الثمن.
من خلال هجومها الإرهابي، منحت حماس لإسرائيل المبرر لأجتياح غزة، ومنحتهم الفرصة للتنكيل بالأسرى في السجون الإسرائيلية باعتبارهم مقاتلين غير شرعيين.
والفرق بين حماس وإسرائيل، هو ان حماس عبارة عن تنظيم ارهابي، أما إسرائيل فتتظاهر بأنها دولة تحترم القوانين الدولية، ولكن على ارض الواقع، جيشها لا يفرق بين إرهابي ومدني.
ولم تكتفى حماس بتسببها فى حرب يدفع ثمنها شعب كامل، وفشلها فى توفير الحماية للشعب، بل دعتهم لمهاجمة المدنيين الإسرائيليين، وللأشتباك مع الجيش الإسرائيلي.
إن استهتار حماس وأنصارها بأرواح البشر يدل على تشددهم.
ويبدو من تصريحات قياداتهم «المتغطرسة» أنهم يعيشون في عالم منفصل عن الواقع.
ونلاحظ ان المتشددين العرب يغيب عنهم المبدأ الواضح والموقف الثابت، فهذا ما نلاحظه في موقفهم من قتل المدنيين، ففي البداية رحبوا بقتل المدنيين الإسرائيليين، وبعدها أشادوا بأخلاق تنظيم حماس وطريقة تعاملهم مع الأسرى والمحررين.
وبالرغم من الازمة التى تتطلب تنحية الخلافات جانباً، لم يسلم مقاتلي حزب الله من تكفير المتشددين لهم، فهم لا يعتبرونهم شهداء بل قتلى.
وهذا يدل على غباءهم السياسي، وفشلهم في إدراك أهمية الوحدة في مواجهة الأزمة.
أنا لم ولن انتظر شيئًا من صنف يتهم اكثر نصف المجتمع بالكفر، ويحارب النماذج المتفوقة، ولا يستحي من الشماتة علنًا فى وفاة او مرض اى إنسان مختلف عنه، ويحرم ابسط مظاهر الحياة، ويحدد من سيدخل النار ومن سيدخل الجنة.
وهذا ما يحدث عندما يعتقد الإنسان إن معتقداته هى الحقيقة المطلقة، وإنها الطريقة الوحيدة الصحيحة للعيش، وأن الأشخاص الذين يختلفون معه ضالون.
وما أشبه ضيق خيال رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوج الذى قال: «المدنيون في غزة كلهم ضالعون في الأمر، وكانوا يستطيعون رفض تولي حمـاس السلطة في القطاع عبر الانتفاضة»، لتبرير قتل الفلسطينيين، بضيق خيال «المتشدد العربي» الذى يقول ان كل مواطن في إسرائيل فردًا فى الجيش، او بمعنى اخر، لا يوجد إسرائيلي مدني، لتبرير قتل الإسرائيليين.
وسبب الازمة هو القومية والتشدد الدينى.

الشتم والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة في خدمة القضية؟

يعتقد بعض العرب، أن الشتم، والتضليل، ونشر الأخبار الكاذبة، من وسائل الدفاع عن قضيتهم، لكن في الحقيقة، هذه الأساليب تضر بالقضية أكثر مما تنفعها. الشتم يثير الاشمئزاز والكراهية. وهو علامة علي الضعف والقهر. والتضليل يؤدى إلى فقدان الثقة فى القضية.
مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز تلك الظواهر السلبية. فعلى هذه المنصات، يمكن لأي شخص نشر آرائه ومعتقداته بسهولة وسرعة كبيرة.

البحث عن عدو

تجتاح الكراهية بعض الدول العربية، ولا عجب في ذلك. فعندما تعاني الشعوب من الفقر والجهل والبطالة، فإنها تصبح عرضة للتعصب والتطرف. وتبحث عن عدو لتنسب إليه كل مشاكلها، وتتحول مشاعر الغضب والإحباط إلى كراهية تجاه الآخر.

مستقبل الديمقراطية فى الدول العربية

إن احتفاء بعض شعوب المنطقة العربية بجرائم حماس، هو أمر خطير يهدد صورة العرب أمام العالم. فهذا سيؤكد الصورة النمطية عن العرب، بأنهم شعوب همجية مشحونة بالكراهية وغارقة في الجهل.
وهو أيضًا تهديد لمستقبل الديمقراطية في المنطقة.
فمن الذي سيدعم تأسيس أنظمة ديمقراطية فى دول تبتهج شعوبها بجرائم مثل قتل المدنيين الأبرياء؟.
فعندما نرى شعبًا يبتهج بقتل أبرياء، فهل يمكننا أن نتوقع منه أن يختار قادة يحترمون حقوق الإنسان ويحرصون على حماية المدنيين؟
بالتأكيد لا. إن الشعوب التي تبتهج بجرائم القتل هي شعوب تعاني من اضطرابات نفسية وأخلاقية عميقة. وهي شعوب لا تصلح للديمقراطية، لأنها لن تختار سوى قادة يمثلونها في انحرافها وفسادها.

هجوم حماس يوحد صفوف الإسرائيليين

من تبعات هجوم حماس الإرهابي، هو انتهاء حالة الغضب فى إسرائيل. وتحول موقف الشعب من المعارضة للحكومة بقيادة نتنياهو، إلى التأييد للقضاء على تنظيم حماس.
وقال يائير لابيد زعيم المعارضة في وقت سابق: «سنتحد ضد أعدائنا».
واعتقد ان اختيار حماس هذا التوقيت لشن الهجوم كان قرارًا مدروسًا.
محلياً، مرت إسرائيل بواحدة من اكبر التحديات فى تاريخها بسبب خطة «الانقلاب القضائي»، ففى وقت سابق اعلن ١١٤٢ جندياً في سلاح الجو الإسرائيلي وقف خدمتهم في جيش الاحتياط. وتوقف ٦٠٠ ضابط احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي عن الخدمة «نهائياً». وامتنع ١٠ ألاف عسكري احتياط عن الخدمة. وتظاهر أكثر من مليون شخص أمام المحكمة العليا في القدس ضد مشروع الإصلاح القضائي.
لكن بعد هجوم حماس سوف يتراجع عدد كبير من افراد الجيش الإسرائيلي عن قراراتهم.
وسوف يتطوع عدد كبير من الإسرائيليين فى الجيش للانتقام من حماس.
عالمياً، واجهت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، أكبر داعمين لإسرائيل، أزمة في مخزون السلاح بسبب الحرب في أوكرانيا.
فقد قدمت هذه الدول مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة والمعدات الثقيلة، مما أدى إلى انخفاض مخزوناتها الخاصة.
كما أن هذه الدول منشغلة بالقضاء على روسيا، مما يقلل من قدرتها على تقديم الدعم العسكري لإسرائيل. لكن وبرغم ذلك، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: "نستطيع الوقوف إلى جانب إسرائيل وسنفعل، حتى ونحن نقف إلى جانب أوكرانيا".

الموقف الدولي

تضامنت الدول الغربية مع إسرائيل، وذلك لأسباب عدة، أهمها أن إسرائيل دولة ديمقراطية، ليبرالية، وحليفة استراتيجية لأمريكا.
تؤمن الدول الغربية بالديمقراطية والليبرالية كقيم أساسية، وتعتبر إسرائيل دولة تتوافق مع هذه القيم. فإسرائيل دولة ديمقراطية، كما أنها دولة ليبرالية تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
تعتبر الولايات المتحدة إسرائيل حليفاً استراتيجياً لها لعدة أسباب
أهمها أن إسرائيل تقع في منطقة حساسة من العالم، وهي منطقة الشرق الأوسط.
وتشترك إسرائيل مع الولايات المتحدة في العديد من القيم.
على الجانب الآخر، تعاطفت الأنظمة الاستبدادية كالصين وأيران وروسيا مع الفلسطينيين. وتضامن تلك الأنظمة مع الشعب الفلسطيني لا يضيف شيئاً، بل يضعف الموقف الفلسطيني.
فالدول الاستبدادية لا تؤمن بفكرة التعايش السلمي واحترام الاخر، ولا تتمتع بشرعية أخلاقية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي لا تحترم هذه الحقوق في بلدانها. كما أن تضامنها مع الفلسطينيين يهدف إلى إثارة الاضطرابات في المنطقة، وتحدى الدول الغربية، وليس إلى حل القضية الفلسطينية.

تزايد جرائم الكراهية

شهدت الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في جرائم الكراهية في العديد من دول العالم، وذلك بسبب الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
ففي مصر، قام فرد شرطة بقتل سائحين إسرائيليين ومرشد سياحي مصري، وأصاب آخر.
وفي الولايات المتحدة، قام مالك عقار بطعن وقتل صبيًا يبلغ من العمر ٦ سنوات وأصاب والدته، واكد المحققون أنه استهدفهما لأنهما يعتنقان الديانة الإسلامية.
وفي فرنسا، قام شخص بقتل مدرس طعناً وأصاب اثنين آخرين بجراح خطيرة، وقال شهود عيان إنه هتف "الله أكبر" خلال الهجوم.
جرائم الكراهية ظاهرة خطيرة تهدد السلام الأهلي والأمن المجتمعي، ومن الضروري اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمكافحتها.

الطريق إلى المستقبل الأفضل

ارتكبت إسرائيل جرائم لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال، ويجب أن تحاسب عليها أمام المجتمع الدولي.
ويجب عليها إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومنح الفلسطينيين حقوقهم الوطنية المشروعة. فالعزم على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمان.
ومع ذلك، ينبغي ألا نغفل عن حقيقة أن حماس تنظيمًا إرهابيًا يتجاهل حياة الفلسطينيين ويستغلهم في أجندته السياسية.
ينبغي للعرب أن يسعوا جاهدين لتحقيق حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يجب أن تتمثل الجهود العربية في تعزيز الحوار والتفاوض المباشر بين الأطراف المعنية، والسعي لإقامة حل دائم وعادل يلبي مطالب الشعبين.
يجب أن يدرك البعض أن السباب والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة أساليب غير أخلاقية وغير فعالة للتعبير عن الرأي أو تحقيق الأهداف.
وينبغي على الأفراد أن يكونوا حذرين ونقديين تجاه المعلومات التي يتلقونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يجب أن يتعلموا كيفية التحقق من صحة المعلومات والتأكد من مصداقيتها قبل أن ينشروها أو يؤمنوا بها.
انتشار الكراهية والانحطاط الأخلاقي في بعض الدول العربية هو نتيجة طبيعية لعوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية. ولكي نعالج هذه المشكلة، يجب تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير فرص العمل وتحقيق التوزيع العادل للثروة. كما يجب أن نركز على تعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية لدى الشباب، من خلال التثقيف. ويجب تعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الحماية القانونية لجميع أفراد المجتمع.
من المهم تعريف الناس بمخاطر القومية، والتشدد الديني.
ويجب أن نكافح هذه الأفكار عن طريق تشجيع الحوار بين الناس من مختلف الثقافات والأديان، إن اردنا بناء مجتمعات أكثر سلامًا وعدلًا.
وواجب علينا أن نثقف الأفراد حول أهمية الحياة وقيمتها، ونعمل على بناء مجتمع يشجع التعاون والتعاطف بين الناس، ويعزز السلام والاستقرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم