الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة تكشف عورة وسائل الاعلام التقليدي

نعيم مرواني

2023 / 11 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


شكّل بروز الاعلام الاجتماعي في نهاية تسعينيات القرن العشرين وتداعياته الفكرية والقانونية اللاحقة صداعا شديدا للدول ومؤسساتها الحكومية الراسخة، إذ صار معولا بيد العامة تهد به البناء الفكري والايديولوجي وحتى الاقتصادي الذي دأبت الحكومات على صيانته من خلال استغلال الاعلام التقليدي لتوجيه وادارة الرأي العام المحلي والدولي.
حتى ظهور الاعلام الاجتماعي، كانت وسائل الاعلام التقليدي (قنوات/برامج تلفويونية وأفلام سينمائية وصحف ومجلات) تمثل الآلة التي تسخرها الدول لاستمرار هيمنتها الثقافية (Cultural Hegemony) وتوجيه الرأي العام لشعوبها. ذلك لان في الدول التي تتبنى نظام السوق الحر ويوجه حكوماتها اساطين القطاع الخاص كأمريكا وبريطانيا واستراليا وكندا وغيرها، تتركز ملكية وسائل الاعلام بايدي تكتلات معدودة لشركات مملوكة من قبل رأسماليين تستوجب مصالحهم إدامة النظام السياسي والاقتصادي لتلك الدول للاستمرار بالتمتع بالامتيازات بما فيها الدعم المالي المباشر من خلال قروض ميسرة وتخفيض او اعفاء من الضرائب وزيادتها على الطبقات الدنيا لسد النقص واستنزاف الميزانيات الحكومية ( التي يأتي جلها من الضرائب المفروضة على الطبقات الدنيا) من خلال مايطلق عليه باقات تحفيزية Stimulus Packages) ) كلما ادعت تلك الشركات انها خسرت أو انها لم تحقق الارباح المخطط لها وتكفلها ماليا كلما اوشكت على الافلاس من خلال ما يسمى (Bailout)، كفالات تستحصل أموالها من دافعي الضرائب أيضا.
الشركات الاعلامية الكبرى في الدول الراسمالية (Corporate Media) هي جزء من النظام الراسمالي وهي وبقية الشركات الكبرى الاخرى (ذوات التخصصات المالية والتجارية والصناعية والاستشارية المختلفة) تشكل العمود الفقري للنظام الراسمالي العالمي وبالتالي فلايمكن فصلها عنه نهائيا.وما تظاهر المؤسسات الاعلامية التجارية التقليدية بالحيادية في نقل الحقائق واحترام حرية التعبير عن الرأي الا كذبة لم تعد تنطلي على الغالبية العظمى من الشعب الامريكي، إذ فتح الاعلام الاجتماعي ( او وسائل التواصل الاجتماعي) اعينهم على ذلك من خلال استمراره بكشف عورة الاعلام التقليدي وخطابه الموجه يوما بعد اخر.
حسب استطلاع جالوب الامريكي (Gallup)، انخفضت نسبة الامريكان الذي يثقون بمصداقية الاعلام التقليدي الى أدنى مستوياتها منذ سبعينيات القرن العشرين حيث أكد34 بالمئة فقط انهم نوعا ما يثقون بالاخبار التي ينقلها الاعلام المذكور وفقط 7 بالمئة يثقون بها ثقة مطلقة. وكشف الاستطلاع ان ثقة الأميركيين بوسائل الإعلام (أخبار تلفزيزنية وصحف) كانت هزيلة طيلة ما يقرب من عقدين من الزمن، والنتائج الأخيرة توثق انعدام الثقة هذا.إن المستوى الحالي لثقة الجمهور في نقل وسائل الإعلام الكامل والعادل والدقيق للأخبار متدني جدا بما في ذلك مراسلو التلفزيونات والصحف فقد كان تقييمهم منخفض جدا فيما يتعلق بالأمانة والمصداقية في نقل الخبر.
عدم الثقة بوسائل الاعلام التقليدية واعتماد الناس على وسائل الاعلام الاجتماعي والتخندق الحزبي وفشل امريكا من تحقيق اهدافها في حربيها في افغانستان والعراق واتساع الفجوة الطبقية وتزايد الديون الخارجية الامريكية، كل هذه الاسباب مجتمعة جعلت تعبئة الشعب الامريكي واستحصال دعمه لاي سياسة خارجية (عسكرية أكانت ام اقتصادية) شبه مستحيلة، وبدأت نسبة الانعزاليين (Isolationists) تزداد (وهم نسبة من الشعب الامريكي تطالب الحكومات الامريكية بالانسحاب من الساحة الدولية وصراع النفوذ والتوقف عن لعب دور الشرطي الذي يحافظ على النظام العالمي لانهم يعتقدون، محقون، أن أمريكا قادرة على الاكتفاء الذاتي لما لديها من موارد طبيعية وقدرات تكنلوجية وطاقات بشرية وهي محمية لان البحار تحيط بها وقوية بما يكفي لردع كل من تسول له نفسه الاعتداء عليها).
صارت الغالبية العظمى من الشعب الامريكي تدرك ان من يستفيد من الحروب الامريكية الخارجية هم الطبقة العليا من شركات اسلحة ومعدات وشركات لوجستية واستشارية متعاقدة مع وزارة الدفاع تستفيد على حساب الطبقات الدنيا لانها تستنزف الميزانية الامريكية وتاليا تؤدي الى مضاعفة الديون الخارجية فترتفع الضرائب على الطبقات الدنيا يتبعها ارتفاع بأسعار المواد الضرورية للحياة. وحتى من هكذا ازمات تتضاعف ارباح الشركات التي ساهمت اصلا في خلقها.
نفس الضغط الشعبي الذي دفع حكومة بايدن الى التعجيل من الانسحاب من افغانستان بطريقة اعتبرها كثيرون مذلة، نفس هذا الضغط يقف الآن بالضد من افتعال اعذار لشن حرب على ايران، الحرب التي يحاول نتنياهو ان يدفع امريكا اليها منذ أن برز نجمه في دوائر التطرف السياسي الاسرائيلي.
يمر حاليا اللوبيان العالميان المتحالفان الصهيوني والراسمالي بمرحلة حرجة جدا اذا وجدا نفسيهما غارقين في بحر لجلاج من الاخبار والمعلومات التي لايمكن غربلتها للتخلص من غير المرغوب فيه وتسويق الملائم فقط، فمارسا ضغوطا على المؤسسات الاعلامية التقليدية (حكومية واهلية) لمضاعفة ضخ المعلومات المزيفة لكنها لم تستطع كبت طوفان الحقائق التي تنقلها مواقع التواصل الاجتماعي حية من مواقع الاحداث.
وقد نجح ثلاثة مشاهير يناصرون القضية الفلسطينية بمافشلت في فعله مؤسسات اعلامية دولية عريقة ودوائرة دبلوماسية عتيدة. شكرا للاعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان – وان كان يمينيا ومهما كانت غايته- لانه التقاهم في برنامجه ووفر لهم وسيلة أخرى لايصال آرائهم ،التي كشفت زيف الاعلام الاسرائيلي، الى ملايين المتحدثين باللغة الانجليزية. شكرا للكوميديان المصري الدكتور باسم يوسف والبريطانيين محمد حجاب وكريم دنس (الملقب لوكي).
وأخيرا فكل الارهاصات تشير الى خسارة الفلسطينين لمعركتهم العسكرية ضد اليمين الاسرائيلي المتطرف المدعوم غربيا لكنهم انتصروا انتصارا عظيما في المعركة الاعلامية مما اكسبهم تعاطف شعوب العالم ليس في الدول التي تحكمها احزاب اليسار بل حتى الشعوب التي تحكمها احزاب متحالفة مع حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة