الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة تختطف مؤتمر الكاتدرائية للتضامن مع الانتفاضة (9) .. من البابا واللجنة الشعبية وتتمادى فى عرقلة نشاط اللجنة.

بشير صقر

2023 / 11 / 15
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


• أجهزة الأمن تفقأ عيون طلاب الإسكندرية وتقمع مظاهرات طلاب جامعتى القاهرة وعين شمس وتقبض علي 129 طالبا
• لعرقلة نشاط اللجنة: يجرى القبض علي أعضائها وتلفيق التهم لهم ونقلهم من مدينتهم لمحافظات نائية .
• مراكز حقوق الإنسان توثق وتحتج على وحشية أجهزة الأمن ، وتلفيق التهم والضغط علي الطلاب وتعترض علي مراوغات وانحياز السفارة البريطانية ضد علاج الطلاب.
،،،،،،،
 أولا : الدولة تختطف مؤتمر الكاتدرائية للتضامن مع الانتفاضة

في الثامن من إبريل 2002 وبعد اتصال معه وتحديد موعد .. التقي وفد من اللجنة الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة بقداسة بابا المسيحيين الأرثوذكس الأنبا شنودة الثالث بكاتدرائية العباسية ، ودار الحوار حول الانتفاضة الفلسطينية وسبل دعمها وما يرمز له ذلك . وموقف الشعب المصري والشعوب العربية المؤازر لها وتجلياته.

ولما كانت كنيسة المهد- بما تعنيه - وتعانيه من الاحتلال الصهيوني- تقبع في بيت لحم الفلسطينية بالضفة الغربية لنهر الأردن ولا يفصلها عن المسجد الأقصي بالقدس سوي 50 كيلومترا بينما كنيسة القيامة علي بعد مئات الأمتار منه ، كان ضروريا أن يعبر الشعب المصري بكل طوائفه عن موقفه ومشاعره إزاء شعب فلسطين ومقدساته وما يتعرضان له من عدوان وأن يكون ذلك التعبير متحققا علي منبر ورمز مصري مسيحي .

دار الحديث وتشعب وانتهي إلي اتفاق بضرورة عقد مؤتمر تضامني بمقر الكاتدرائية في أقرب فرصة، وأتذكر – حيث كنت ضمن الوفد - أن البابا أوْكَل تحديد الموعد والترتيبات لاثنين من مساعديه حضرا اللقاء. وانتهي الحوار علي وعد منه باتصال الكاتدرائية بنا يُحدد فيه الموعد
وتوضع اللمسات النهائية لذلك اللقاء الشعبي التضامني المنتظر.
(أنظرالعدد 29 من النشرة الإعلامية للجنة.. صـ 6 )– الباب الخامس – الفصل الثالث من كتاب 20 عاما على تأسيس اللجنة الشعبية لدعم انتفاضة 2000 – دار المرايا-23 ش عبدالخالق ثروت - القاهرة)

وبعد أيام فوجئنا بمن يخبرنا أن الدولة أقحمت نفسها في الأمر ووضعت تصورا للمؤتمر وتفاصيله العملية ، بل وقامت بالدفع في اتجاه توجيه ( دعوة محكومة ) لمن يحضرون المؤتمر وللمتحدثين فيه .. بل ولمواضع جلوس كبار المدعوين.. وبقية الحضور ووضعت بينهما عازلا واضحا وقويا.

ومن وقائع المؤتمر – الذي حضره بعض أعضاء اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة – أيقنا أن المؤتمر تم اختطافه رغم إرادة البابا واستبعِدت منه اللجنة الشعبية تماما سواء في تنظيمه ، أو مشاركة الكنيسة في الدعوة لمن يحضرونه ، أو في إلقاء كلمة فيه، أو حتي في أماكن الجلوس بالرغم من أن اللجنة هي صاحبة الفكرة وهي من بادرت بالاتصال بالبابا ولقائه والحديث معه بل والاتفاق النهائي حول عقد المؤتمر.

ولعل ذلك يؤكد للكثيرين ممن لم يثمنوا وزن وحجم نشاط اللجنة الشعبية وتأثيراته العميقة والواسعة درجة الهلع من مشاركتها كنيسة الأقباط الأرثوذكس في دعم الانتفاضة الفلسطينية من أهم مواقع المسيحيين الشرقيين في العالم ( كنيسة الإسكندرية المرقصية )..أو بمعني أدق من مقرها الإداري ( كاتدرائية العباسية ).. في حضور وبموافقة راعيها الأنبا شنودة الثالث.

 ثانيــــا : دور أجهزة الأمن المناهض لنشاط اللجنة الشعبية منذ عام 2000
واستخدام العنف ضد احتجاجات الطلاب علي التوحش الإسرائيلي

اندلعت مظاهرات الغضب الطلابي في جامعتي عين شمس والقاهرة في أعقاب الانتفاضة مباشرة ( سبتمبر 2000) ، وقد تعاملت معها أجهزة الأمن بعنف بالغ مما أصاب عديدا منهم إصابات خطيرة بعيونهم، وقامت بالقبض علي أعداد كبيرة من الطلاب .

وهو ما ألهب الرأي العام، فانعقدت المؤتمرات السياسية المنددة بالعدوان الإسرائيلي البربرى .. وبالوحشية التى واجهت بها أجهزة الأمن المصرية احتجاجات الطلاب .. مما دعا كثيرا من الدوائر لإدانة قرار النيابة العامة بالوايلي باستمرار حبس طلاب جامعة عين شمس.

• ومن ناحية أخري تحدث بيان اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة المؤرخ 23 مارس 2001 عن محاصرة قوات أمن شمال سيناء لقافلة الدعم - في ذلك اليوم - ومنعها من دخول مدينة العريش ؛ بل دفعت بها إلي مناطق معزولة خالية من السكان وسط كوردون أمني محكم .. آنذاك – وفي نفس اليوم- بمحاصرة عدد من مساجد المدينة ومنعت المصلين من مغادرتها لحرمانهم من استقبال قافلة الدعم القادمة من القاهرة، وهو ما أثار غضب جماهير العريش والوفد المصاحب للقافلة.

• وفي عام 2002 وتحديدا في أول إبريل ، 9 إبريل وفي أعقاب الهجوم الوحشي لقوات الاحتلال علي مدينتي جنين ونابلس بالضفة الغربية الفلسطينية تفجرت مظاهرات الطلاب المصريين في جامعة القاهرة والإسكندرية داخل الحرم الجامعي ، ثم تسربت إلي الشوارع المحيطة ، وقد تعامل معها الأمن في مدينة الإسكندرية بمقذوفات الرش مما أفضي لإصابة 129 ( مائة وتسعة وعشرين طالبا ) علاوة علي عدد من الفنانين منهم المخرج يوسف شاهين والمطربة لطيفة وحنان ترك ، والصحفيين حسين عبد الغني ومحمد منير كما جاء بتقرير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان المؤرخ 15/4/2002 ؛ علاوة علي القبض علي مجموعات من الطلاب في الجامعتين وتحررت لهم المحاضر الآتية:


1 -محضر لعدد 27 طالبا برقم 3833 / إداري جيزة في 1/4/2002 .
2- محضر لـ 31 طالبا برقم 3850 / إداري الجيزة في 3/4/2002 .
3- قضية لعدد 68 طالبا برقم4750 إداري باب شرق في 9/4/2002 .
وتضمن تقرير المنظمة بيانا بأسماء المصابين من رجال الشرطة وعددهم 12 بينهم ضابطان وعشرة جنود.


 ثالثـــا: المراكز الحقوقية تتهم أجهزة الأمن وبعض أطباء المستشفي الجامعي بالإسكندرية


ونظرا لما شاب مظاهرات الغضب لطلاب جامعة الإسكندرية من عنف أرسل مركز النديم- لعلاج وتأهيل ضحايا التعذيب بالقاهرة - وفدا طبيا من 3 طبيبات إلي المستشفي الجامعي بالإسكندرية لمعاينة الحالة الصحية للطلاب المصابين ؛ فعاملتهم إدارة المستشفي بجفاء شديد ثم بخشونة أشد وقد تبين لهم أن مجموعة من ضباط أمن الدولة مرابطون ليل نهار بعنابر الطلاب المصابين. هذا وقد تم منع وفد النديم من مقابلة الطلاب لكنه تحايل علي ذلك والتقي بهم لدقائق في العيادة الخارجية وعرف منهم ما يتعرضون له من معاملة سيئة وتهديد وضغوط لإجبارهم علي الاعتراف بالتخريب في المظاهرات ، وشاهد الوفد كيف تم تقييد الطلاب ببعضهم البعض أثناء خروجهم من حجرة العمليات .
• هذا وأفاد الطلاب بأن بعض أطباء المستشفي يهددونهم ويمنعون عنهم الزيارات ويحرمونهم من الالتقاء بذويهم.

• ورصد مركز النديم في بيان بتاريخ 19/4/2002 حالات الإصابات الخطيرة بين الطلاب والتي تحتاج علاجا سريعا في الآتي:
•طارق شتا محمد - ثانية .. تجارة / إسكندرية.
•محمود عبد الدايم عبد الستار - ثانية .. علوم / ،،.
•محمد فوزي أحمد - رابعة .. تجارة / ،، .
•صبري رفعت محمد - رابعة .. تجارة / ،، .
•أحمد السيد عبد اللطيف - معهد فني صناعي / ،، .
•محمد أحمد محمد - آداب / .... / ،، .
•هشام خالد عبد الواحد - حقوق / .... / ،،.

• كما تضمن بيان مركز النديم ما أدلت به والدة أحد الطلاب المصابين بأن قنابل الغاز وصلت إلي مدرجه بالكلية أثناء المحاضرة، ولتلافي الاختناق خرج الطلاب فقابلتهم مقذوفات الرش التي أصابت نجلها.. وبعدها تم القبض عليه مع آخرين.

• وأضاف البيان أنه رغم صدور قرار بالإفراج عن الطلاب إلا أنهم ظلوا محبوسين في العنابر بإرادة امن الدولة ، وتمارَسُ عليهم شتي الضغوط للاعتراف بالتخريب.
• وفي 10 إبريل 2002 أصدرت مجموعة من مراكز حقوق الإنسان والمرأة بيانا يدين أعمال العنف ضد الطلاب ويشجب مصرع الطالب محمد السيد السقا في احتجاجات 9 إبريل بالإسكندرية ، ويطالب بوقف التصدي للاحتجاجات الطلابية واحترام مشاعرهم في التعبير عن غضبهم من العدوان الاسرائيلي ؛ كما يطالب بمحاكمة المسئولين عن استخدام العنف ضد الطلاب محاكمة عاجلة ، والإفراج الفوري عن المحبوسين منهم .

• ومن جانب آخر أفاد مركز النديم - في بيانه المشار إليه - بوجود تضارب في تقرير الطبيب الشرعي الخاص بوفاة الطالب محمد السيد السقا ، وهو ما يثير المخاوف بشأن التلاعب في تقارير بقية الطلاب المصابين.

• ويشجب البيان مرابطة ضباط أمن الدولة بعنابر المرضي بالمستشفي الجامعي بالإسكندرية لحراسة المصابين- خوفا من التقائهم بآخرين ينشرون ما تعرضوا له من إصابات ومعاملة قاسية وتهديدات وضغوط مستمرة - وذلك بالتعاون الوثيق مع بعض أطباء المستشفي والتي يعتبرها النديم وصمة عار في جبين مهنة الطب.
• هذا وقد ضمّن مركز النديم كل هذه المآخذ والتخوفات والاتهامات في بلاغ مفصل للنائب العام بتاريخ 19/4/2002 .

• رابعـــا: معركة بين مركز النديم والسفارة البريطانية بالقاهرة :

وحيث قرر أطباء الرمد المعالجون للطلاب المصابين بالمستشفي الجامعي ضرورة علاج بعض الحالات في الخارج لتعذر علاجهم بمصر ، فقد صدر قرار رئيس الوزراء بسفرهم بريطانيا للعلاج في أحد مستشفياتها علي نفقة الدولة. وتنفيذا لذلك جري إبلاغ السفارة المصرية بلندن باتخاذ الإجراءات اللازمة للحجز في المستشفي البريطاني لأربعة من المصابين ، وعلي إثر ذلك تم التوجه للسفارة البريطانية في القاهرة للحصول علي تأشيرات الدخول . لكن السفارة رفضت بعد مماطلات فجة ومكشوفة.

هذا واضطر مركز النديم - وردا علي تصريحات هزلية للسفير البريطاني- لمواجهته برسالة صريحة ومباشرة تتضمن الآتي:
1-أن السفير أفتي برأي فني في مجال ليست له به دراية.

2-وأنه لم يكلف نفسه الحصول علي رأي فني من طبيب بسفارته أو بدولته.

3-أنه كذّب تقرير الأطباء المعالجين.

4-أنه لم يحترم التقرير الطبي للعلاج بالخارج ، ولا قرار رئيس الوزراء بالسفر ، ولا القيام بالحجز في إحدي المستشفيات البريطانية بل ولم يقنعه ذلك بمنح تأشيرة دخول الطلاب المصابين لبلاده.

5-وأخيرا اتهم مركز النديم السفير بأن رده يفتقر للياقة ولأبسط قواعد الديبلوماسية وأنه ضد العرب ، وضد الفقراء ، وضد مناصرة الشعب الفلسطيني .

6-وأنه تجاهل أن الارتباط بالوطن لا تحكمه فقط الضرورات الاقتصادية البحتة لأن له دوافع معنوية تسمي حب الوطن.

و راسل مركز النديم وزير الصحة ( د. عوض تاج الدين ) لحل المشكلة القائمة الخاصة بإصابات طلاب جامعة الإسكندرية.

• خامسا : المعوقات التي واجهتها اللجنة الشعبية:

 بخصوص التبرعات :
• لما كان جمع التبرعات النقدية دون تصريح من وزارة ( التضامن ) الشئون الاجتماعية محظورا ويمثل أحد الثغرات التي تعوق عمل اللجنة الشعبية ، فقد تحايلنا علي ذلك بإجراءات ثلاثة:
1- طباعة كروت مصورة - تتضمن مشاهد من الانتفاضة – متباينة الأحجام وبيعها للجمهور لتغطية التكاليف النثرية ومنها نقل وشحن وتخزين مؤقت وانتقالات لمسافات بعيدة وغيرها.
2- جمع اشتراكات شهرية من أعضاء اللجنة.
3- قبول تبرعات نقدية من أعضاء اللجنة.
• إلا أن بعض الأعضاء في لجان شعبية أخري لم يعبأوا بذلك في مدنهم وقراهم وسارعوا بجمع كل أنواع التبرعات ومنها النقدية وحتي بيض الدجاج لتغطية مصروفات التخزين المؤقت والنقل وتأجير شاحنات القافلة , وأبرز تلك الأمثلة ما قام به الراحل العم عطية الصيرفي في مدينة ميت غمر. ولذا قامت لجنة دقادوس ( ضاحية بميت غمر ) بتقديم شكوي للنيابة العامة ضد زميلنا الراحل صاحب الشعبية الجارفة بالمدينة ومحيطها القروي والذي يعرف سكانها تقريبا أسرة أسرة وعدد من أعضاء اللجنة الشعبية بالمدينة ومنهم د. محمد زارع وسيد عبد المغني.

• كذلك تم التحفظ علي بعض التبرعات العينية في مقر الحزب الوطني بدقادوس ، وبسريان التحقيق – الذي لم يسفر عن شئ ذي بال – حُفظت الشكوي وأفرج عن العم عطية الصيرفي وزملائه أعضاء اللجنة الشعبية بميت غمر ومنهم الصيدلي الراحل محمد زارع .


• وقد توّجَ عضوُ النيابة العامة تحقيقه مع العم عطية بتوجيه التحية التالية: ( يشرفني ويسعدني أن أحقق مع شخصية محترمة مثلك ).


 جماعة الإخوان المسلمين:

• من جانب آخر وفي قرية الماي مركز شبين الكوم التقيت بعدد من شبابها في أحد سرادقات العزاء وسُئلْت تفصيلا عن قصة اللجنة الشعبية وتبرعات الانتفاضة وكيفية المشاركة في ذلك النشاط. بعدها تم تشكيل لجنة بالقرية جمعت التبرعات ، وللأسف فوجئنا بعدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يتراجعون عن المشاركة ، بل ويحرضون أجهزة الأمن عليها ويحثون الجمهور علي عدم التبرع .

• وهو ما حدث تماما بإحدي قري الدقهلية حيث أفاد الزميل إبراهيم توفيق عضو اللجنة الشعبية بالدقهلية بواقعة مشابهة لواقعة قرية الماي تتمثل في الانسلاخ عن نشاط اللجنة ومهاجمة أعضائها والتشهير بأعمال اللجنة.


• كان ذلك إضافة إلي موقف الجماعة المذكورة من حملة جمع التوقيعات الذي أشرنا إليه سابقا والتي شاركت فيها الجماعة - ومثلها فرعها بالإسكندرية - ثم اختفت تماما مع مسئولها علي عبد الفتاح .. ولم ينسحبوا منها ويبدوا أسبابهم و يخطرونا بذلك.

• وتُفصح الوقائع الثلاث بمحافظات المنوفية والدقهلية والإسكندرية عن أن ممارسات الجماعة تركزت في التظاهر بالمشاركة في نشاط اللجنة الشعبية ( جمع توقيعات وتبرعات ) ثم الاختفاء تماما في محاولة لإحداث هزة في النشاط .. يعقبه تحريض أجهزة الأمن علي النشاط وتشهير به ومهاجمة له في صفوف الجمهور لكي يسفر انسحاب الجماعة من المشاركة عن هزة تقوّض ذلك النشاط.. لكن الخطة التي استخدمتها فشلت وصار أعضاؤها بعدها معزولين ووضعتهم قطاعات واسعة من الجمهور في صفوف المعارضين لدعم الانتفاضة وربما وضعهم آخرون في صفوف أعدائها.


• وهكذا شكلت بعض أجهزة الدولة وبعض لجان الحزب الوطني في عدد من المواقع وجماعة الإخوان في مواقع أخري حائط المعارضة لنشاط اللجنة الشعبية في العلن. ورغم ذلك لم يجرؤوا علي مواجهة اللجنة بوجهات نظرهم في أي موقف من المواقف.

 القبض علي عدد من أعضاء اللجنة بدأ بالعم عطية الصيرفى وفريد زهران..

بعد القبض علي العم عطية الصيرفى عضو لجنة ميت غمر.. واتهامه بجمع التبرعات دون تصريح ؛ وفي وقت لاحق تم القبض علي فريد زهران عضو اللجنة الشعبية بالقاهرة واحتجازه ما يقرب من الشهر إمعانا في التنكيل به وباللجنة وعرقلة أنشطتها .
• كان توقيت القبض علي فريد زهران هو أبرز المؤشرات علي موقف النظام الحاكم من اللجنة الشعبية وعلي ضجره منها ومن توسع نشاطها والتفاف الجمهور حولها.
وقد تم ذلك في أعقاب عدة أحداث هامة ذات دلالات قوية علي تصميم اللجنة علي مسارها الذي اختطته في توجهاتها السياسية والعملية منذ تأسيسها.
كان الحدث الأول محليا.. حيث تعيش اللجنة أوج تألقها وزخمها فقد سيّرت مظاهرة لميدان التحرير- أعدّ لها بإحكام – ضمت أعدادا كبيرة من القوي والأحزاب السياسية والجمهور المناصر لنشاطها في10 سبتمبر2001 ارتفعت فيها شعارات إدانة السياسة الأمريكية وانحيازها الكامل للعدو الصهيوني.
• وفي نفس الفترة كانت اللجنة قد أرسلت وفدا من أعضائها إلي السفارة الأمريكية بجاردن سيتي بالقاهرة للاحتجاج علي سياساتها المعادية وأرفقت ذلك بالتحذير من مخاطر تلك السياسات علي مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.. وهو ما أعطي التحذير مغزي يتجاوز بكثير الوظيفة المروَّجة عن اللجنة باعتبارها مجرد لجنة لدعم الفلسطينيين بالمعونات.
• أما الحدث الثالث فكان حدثا خارجيا .. حيث تم تفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك في 11 سبتمبر 2001 .. أي في اليوم التالي لمظاهرة التحرير المشار إليها .. وهو ما أكد علي إضفاء ذات المعني علي سياق نشاط اللجنة الشعبية الذي استهدفته منذ لحظاتها الأولي.
لكن المهم أن ذلك كله قد جري علي أرضية المناخ الذي خلقته القافلة المجمعة الشهيرة ( 29 /6/2001 ) إلي العريش ؛ والحالة المعنوية المرتفعة التي ظلّلت جملة أعمال اللجنة فيما بعد. لذا كان كسر المنحني الصاعد لذلك النشاط ضروريا من جانب النظام الحاكم ..
أولا : لإثبات الهيمنة .
وثانيا : للحد من" مخاطر " هذا النوع من النشاط ومحاولة لوضع خط أحمر لحدوده .. وبالتالي لآثاره.

وعليه تم القبض علي زميلنا - زهران - واحتجازه حوالي أربعة أسابيع إمعانا في إبراز موقف الدولة من حركة شعبية تتجاوز في عملها وآثاره حدود المجتمع المصري وتسعي للاستقلال عن المسارات الرسمية في قضية يراها الكثيرون مفصل قضايا العرب التحررية وهي القضية الفلسطينية.

• وفي حي دار السلام – جنوب القاهرة – ومنطقة المعادي المتاخمة:
كان لأعضاء اللجنة الشعبية بالحي نشاط كبيرشاركت فيه عضوتا اللجنة ( فاطمة الديساوى ، وإحسان محمد) ، اتسعت دائرته بتأسيس اللجنة ولذا شرعت مباحث أمن الدولة بتهديد بعض أعضاء اللجنة بالاعتقال إن أصروا علي إقامة معرض في شوارع الحي يدعو لدعم الانتفاضة. كما قامت فى وقت تال بالقبض علي جمال عبد الفتاح.. وأفرجت عنه بعد عدة أيام.

• وفي مدينة المطرية بشمال محافظة الدقهلية :
قامت مباحث أمن الدولة في 27 فبراير 2004 بالقبض علي سبعة من لجنة دعم الانتفاضة بالدقهلية عقب صلاة الجمعة بأحد مساجد المدينة بدعوي قيامهم بجمع تبرعات عينية ، كان من بينهم خمسة محامين هم ( أحمد طاهر وخيري فؤاد ومحمود علي وأحمد محمود وعلي عبد المتعال حسين) إضافة للمهندسيْن ( طلعت مأمون ومحمد عبد الغني فرج ). وقد تقدم عدد وافر من المحامين بمحافظة الدقهلية ببلاغ عاجل للنائب العام بشأن الواقعة مطالبين بالإفراج الفوري عنهم حيث أنهم يقومون بهذا العمل التطوعي من أكثر من 3 سنوات علي مرأى ومسمع من كل شعب المحافظة وأجهزتها . الجدير بالذكر أن البلاغ حمل ليس توقيعات المحامين فحسب بل وعدد أكبر من الشخصيات العامة وأساتذة الجامعة والسياسيين بالمحافظة. هذا وقد تم الإفراج الفوري عن المحامين واستمر حبس المهندسيْن عدة ساعات اخرى حتي أطلق سراحُهم.


 أما بشأن قوافل الدعم فحدث ولا حرج:
حيث كان الحصار والخنق ووضع العراقيل أثناء تحرك القوافل عادة دائمة لأجهزة الأمن المصرية.. ويجرى علي قدم وساق ؛ وهو ما اضطرنا لمراعاة التحرك في التوقيتات المناسبة والتي لا تتعارض مع غياب مسئولي الأمن عن خط سير القوافل، وحتي لا تضطر القوافل للانتظار ساعات طويلة لحين حضورهم. كان ذلك عادة ما يحدث عند نقطة مرور الميدان ( قبل العريش بـ 17 كم ) وبدءا من التاسعة صباحا. وعليه كنا نغادر القاهرة بين الساعة الثانية والثالثة صبحا إلي القنطرة شرق ونتوقف بعد عبور القناة في كافتيريا الشاويش حتي السادسة صباحا ، ثم نستأنف السير لنمرّ علي مدينة بالوظة ونصل إلي نقطة مرور الميدان علي تخوم العريش في السابعة أو السابعة والنصف، لنراجع أوراقنا ونستعد ليوم معاناة جديد.

• وإذا كانت وفود المصاحبين للقافلة كبيرة كان يتم احتجازها:
وتبدأ المفاوضات مع أجهزة أمن الدولة حول أعداد المسموح لهم من المصاحبين لدخول العريش إذا كانت هي المحطة النهائية للرحلة ، وتكون المساومات علي أشدها إن كانت رفح هي المحطة الأخيرة لأن رفح كانت تحت إشراف جهاز أمني آخر غير أمن الدولة. وعلي بوابة منفذ رفح الحدودي لا يُسمح إلا بدخول اثنين فقط من المصاحبين للقافلة عادة ما يكونون المسئولين عن إدارة القافلة. وداخل المنفذ يجري إنهاء الاجراءات الجمركية . هذا إن كان الوضع عاديا في داخل المنفذ.. أما إن كان مزدحما وجب أن تنتظر القافلة حتي تأخذ دورَها.

• وعند السماح لها بالتحرك في المسافة الفاصلة:
بين الحدود المصرية والفلسطينية بعد إنهاء الإجراءات الجمركية كاملة.. يأتي دور الجانب الصهيوني ، ورغم كون منفذ رفح يعتبر منفذا مصريا فلسطينيا لا دخل لإسرائيل به ولا بإدارته - حسبما تنص اتفاقية السلام المصرية / الإسرائيلية - إلا أن الأمن الإسرائيلي كان يرابط علي تخومه يرقب كل حركة وسكنة في منطقة المعبر . ورغم أن نفس الاتفاقية تنص علي عدم وجود أيام راحة أو إجازة تتعطل فيها أعمال المعبر باستثناء يوم واحد في السنة ؛ إلا أن السلطات الإسرائيلية بل والمصرية كانت تقوم بإغلاقه أياما دون أسباب أو تفسير أو توضيح .. وهو ما يتكرر كثيرا من الجانب الإسرائيلي . وقد تقوم السلطات الإسرائيلية بارتكاب ممارسات لتوتير الجو كما حدث يوم وصول القافلة الأولي للعريش في 26 نوفمبر 2000 حيث جرى إطلاق رصاص عشوائي أدي لقتل جندي مصري يحرس الحدود في منطقة رفح وتكرر ذلك مرة أخري إبان وصول احدي القوافل التالية.

• وداخل المنفذ :
تمر الشاحنة للمنطقة المحايدة الفاصلة وهناك يأتي دور الجانب الإسرائيلي ليقوم بتفتيشها بأجهزة كشف المتفجرات ؛ ولذا كانوا يضعون اشتراطات متغيرة دوما منها :
1- تحديد أبعاد كل كتلة ( طول ، عرض ، ارتفاع )من كتل المواد الموجودة علي الشاحنة ( مثلا رصّة أجولة الدقيق، أو شكائر السكر ، أو عبوات الأرز ، أو أكياس اللبن الجاف ).

2- ضرورة وضع كل كتلة علي وسادة خشبية " مخدة " أو( بالتّة ) لتيسير رفعها بالآلات وفرزها أو جسّها ، بالأجهزة الكاشفة للمتفجرات من جوانبها الستة ، ولدي ظهور أية بادرة لا تعجب أو لا تروق الجانب الإسرائيلي حتي في مظهر الشاحنة الخارجي يجري إعادتها.. وإخطار ضباط اتصال الجانب المصري ( جهاز أمني ) بالمآخذ المُبْداة علي الشحنة مع المطالبة بإعادة تجهيز الشحنة لتتمشي مع التعليمات الإسرائيلية.


3- بعودة السيارة – محل المؤاخذة والاعتراض- لساحة المنفذ يحدث الآتي:

*إنزال مكونات شحنة السيارة كاملة علي أرض المنفذ .
*الخروج من المنفذ لشراء أو تصنيع " بالتات "جديدة بأبعاد مختلفة عن السابقة.
*إعادة وضع كل كتلة دعم علي بالتة ورفع الشحنة كلها إلي السيارة.
*الحصول علي رقم اصطفاف جديد- غير السابق- في طابور الدخول .

• أما بالنسبة للسائقين فيجري الآتي :

*القيام بتفتيشهم تفتيشا دقيقا.
*قيام الأمن المصري بالكشف عن اسم السائق ومحل إقامته والتأكد من خلو سجله من أية قضايا أو أحكام قضائية من عدمه..؟ ومن أي نوع ..؟
*إن كان موقفه سليما.. يعتلي عجلة القيادة في سيارته ويتحرك فور حلول دور السيارة في الدخول للأرض الفلسطينية.
*مغادرة السائق للسيارة ، والدخول في حجرة صغيرة مغلقة الأبواب من الخارج ، ليظل فيها – عادة لعدة ساعات- حتي تنتهي السلطات الإسرائيلية من فحص وجسّ السيارة والشحنة كاملة .
*بعدها تتحرك السيارة إلي حيث يقف الجانب الفلسطيني ليجري تفريغ الشحنة ، ثم تعود السيارة بسائقها إلي مكانها الأول والعودة إلي ساحة المنفذ ومنه إلي خارجه حيث العودة للديار.

سادسا : بقرارات أمنية ..التربية والتعليم ، والأزهر.. يبعثران
اعضاء اللجنة الشعبية بالعريش ..علي محافظات الجمهورية

• بتاريخ 12 يناير 2002 أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارين بنقل كل من:

1- الزميل أشرف عبد الحميد أيوب (عضو مجلس نقابة المعلمين وعضو مجلس محلي محافظة شمال سيناء ووكيل المدرسة المعمارية) .. ( قرار62 / 2002 ) إلي ديوان مديرية التعليم بالدقهلية .

2- وكل من الزميلين ممدوح عبيد عايش (عضو مجلس نقابة المعلمين بالحسنة، وموجه اللغة الانجليزية بشمال سيناء، إلي ديوان مديرية التربية والتعليم بمحافظة الغربية.


3- وأشرف إبراهيم الحفني ( عضو مجلس نقابة المعلمين ، ومدرس الرياضيات بمدرسة الحسنة الثانوية بالعريش إلي ديوان محافظة الشرقية .. ( قرار رقم 82 / 2002) .

• كما أصدرت إدارة المعاهد الأزهرية قرارا مماثلا بنقل الزميل محمود محمد الشريف ( المدرس بالمعهد الأزهري الابتدائي بالشيخ زويد ) إلي محافظة القاهرة.

تعقيب: ونشير إلي أن القانون يحظر فصل أو نقل الأعضاء النقابيين من أماكن عملهم ونشاطهم النقابي إلي أماكن تمنعهم من ممارسة هذا الدور .. ولذلك نتوقع أن يحكم القضاء بعودة الثلاثة النقابيين لمواقعهم الأصلية إذا ما لجأوا إليه . أو أن تتراجع وزارة التعليم عن القرار لمخالفته القانون .. وهو ما حدث فيما بعد دون أن يقوم الأربعة المبعدون بتنفيذ النقل.

خاتمة :
لم تقتصر العراقيل التى وقفت في طريق نشاط اللجنة الشعبية لدعم انتفاضة عام 2000 علي الدولة وأجهزتها الأمنية بل تجاوزته إلي الحزب الحاكم الوطنى الديمقراطى؛ الذى شكل لجنة في ضاحية دقادوس/ مركز ميت غمر / دقهلية وعن طريقها جمع التبرعات واحتجزها .. فلم تعرف اللجنة مصيرها.. ليس هذا فحسب بل وقامت بإبلاغ النيابة العامة بمخالفة - العم عطية الصيرفى عضو اللجنة الشعبية بمدينة ميت غمر - للقانون والقيام بجمع التبرعات دون تصريح .. ومع ذلك أخلت النيابة سبيله بمجرد بدء التحقيق معه.

كما امتد الأمر إلى بعض القوى السياسية وكان أبرزها جماعة الإخوان المسلمين وكانت تتصرف مع اللجنة ليس بروح التنافس في دعم الانتفاضة بل بالرغبة في القضاء علي دور اللجنة لدرجة التظاهر بالمشاركة وتوفير كل وسائل التعاون والاختفاء في اللحظة الحرجة وقطع كل سبل الاتصال فضلا عن التشهير باللجنة والإبلاغ عنها بإطلاق الشائعات بمخالفة نشاطها للقانون.

كذلك ولأن اللجنة كانت تتقدم في العمل والانتشار والتوسع فقد ثبتت أقدامها وبدا للبعض إمكانية تحولها في المستقبل لكيان سياسى يختلف عن جميع الهيئات السياسية في مصر بالطابع الكفاحى العملي بعيدا مهاترات الكثيرين. وقد لعب الراحل الإعلامى حمدى قنديلدورا مميزا في هذا الشأن وكان من أبرز عوامل التعرف الشعبى علي اللجنة وإبراز دزرها الكفاحى والإنسانى وانتشارها.

لكنها وبكل أسف رُزِقت بعدد من القوى والأفراد التى كان قاسمها المشترك .. الدوجمائية والعصبوية وحب الظهور المتسم بطابع غوغائى ..وعدم القدرة علي فهم الأهداف المباشرة للجنة الشعبية لدعم الانتفاضة وكذا الجهل بطبيعة العمل الجبهوى( حيث كانت تضم كل ألوان الطيف السياسية ) ، وأسهم ذلك في عزوف الكثير من حسنى النية عن ذلك النوع من الصراع .. ورغم انسحابية هذه المجموعات المعرقلة التى غطت ابتعادها نهائيا عن اللجنة نظرا لقصر نفسها من ناحية .. ونتيجة هزيمة منطقها أمام إصرار الجانب الآخر علي ممارسة الشق العملى للنشاط والوفاء بأهداف اللجنة من ناحية أخرى ؛إلا أن آثار الخلاف كان دافعها الطارد والمفرق أقوى من باعثها الجامع والجاذب ؛ وبمجرد توقف الالنتفاضة عن القيام بدورها.. وبالتالى انتهاء دوراللجنة الشعبية لم تتحول لكيان سياسى - كما كان متصورا لدى البعض - لكن ما خلفته من آثار إيجابية كان كافيا لبث الحياة فيما جاء بعد ذلك من أنشطة وكيانات سياسية تجلت فى الست سنوات التالية وانتهت بثورة 25 يناير 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط




.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص


.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل




.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري