الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يهتم بأمرها أحد الجزء الثاني

رياض رمزي

2023 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تمت المشاركة مع أصدقاؤك
لم يهتم بأمرهما أحد. الجزء الثاني
رياض رمزي
في معارك الهداية يجمع الله شتيت شمل شهدائه على شكل جديلة شعر تنقلها الملائكة إليه فينهض المتعالي، يهبط من عرشه في بياض الغسق ويزرعها بيده فيما يسمى جنينة صغيرة يطلق عليها اسم دوام الصيت.
رياض رمزي
مساحة لا تتعدى الكيلومترات لا يستمعون لما قيل لهم أن يرضوا بما كُتب لهم، وأن لا يقتربوا من حافة الحمم البركانية. هم لم يقبلوا قول ناصح يمرره تحت ذريعة موازين القوى. قيل لهم: من له حاجب أهلب ووحمة في الوجه وحتى عرجٌ في الرجل وحين يمر تتخلف منه رائحة عرق ودخان، أمر شائن له طلب السكنى في تلك الجنينة. لم يسبب لهم الكلام كربا أنهم في موقف غير مريح. لكنهم، في غمرة غضبهم، وهم يستمعون لما قيل لهم تذكروا تاريخ قومهم، فقرروا، كي لا يراودهم ضيق، أن لا يجولوا في لغو معاد بل الدخول في مسابقة دوام العلى. تذكّروا أن نبيهم شرّع له الخالق أبواب سمائه وهو يتيم وحين بلغ الأربعين ظل يتراسل معه من خلال ملائكة يهبطون من السماء في منبلج الصباح ويعودون في أناء الليل دون أن يبلهم الإعياء وهم يبلغونه على لسان المتعالي رسالة أنه أعطى أمته لقب خير أمة أخرجت إلى الناس، وأنه سينهي معجزاته في عمر الستين ليستريح في جنات النعيم وسط أشجار معمرة ينث عليها رذاذٌ اسمه ماء المعجزات في عالم يشيخ وهم شباب يخاطبهم النبي" بنداء يا نبرة رجائي" فقام الخالق بتجريدهم من سماتهم الأرضية ومنحهم صفات ملائكية، زيارات ابن آمنة الدائمة لهم جعلتهم أحياء على الدوام. كان النبي يطوف على أمهاتهم اللواتي رجونه أن لا يطلبوا منه شيئا غير أن يعدهم برجاء الخالق أن يعيد أبنائهم إلى الحياة ، هناك بدأ النبي يخاطبهم" يا موئل رجائي".
علّمهم النبي أن يحيوا على يقين أن "الإخفاق خيار"، فقرروا أن ألّا يكونوا شحيحين في جهدهم ولا يروّضوا خيالهم ويمنعوه من الانطلاق. العيش في الذل دفعهم لتأمل وضعهم. قرؤوا ليس تاريخه بلادهم فحسب، بل سنن نبيهم فلم يعودوا يقولون لهفي على تلك الأيام، لأنهم هم من واصلوا السير على ملاحم أجدادهم، حتى أن الملائكة صرخت، وهي تستمع لصرخة الخالق بعد سبعة أيام من اطلاق مسيرة الخلق" ليكن هناك نور"، قالوا" ليمتنا الله أن لم يكن هذا الشهر شبيها بزمن تلك الصرخة".
إلهام عنوانه: حين حلّ يوم السابع من أكتوبر قال النبي للملائكة المكلفين بتبليغ رسالة "الإيمان قشةٌ واحدة وترجح الميزان". حفظوا الكلمات المجنحة على شكل نيران، تتقدمهم وهم منطلقين في سرورهم وأمامهم، خفق رايات يخرج من كل منها لسان يقول" من يحلم ليس بنائم، نحن ننتمى لعصبة اليد العليا شعارها إن أمنتم بأنفسكم فلا غالب لكم، إن امتنعتم عن الرقاد ووضعتم أيديكم على الزناد فلن تضربوا جباهكم من شدة خيبتكم، لأن آلام الندم أشد الآلام، وأن لعق الجراح ليس دواء شافيا لأنه نتيجته القيح وقطع اليد". قبل الهجوم على قلعة الأعداء بدأت تترى عليهم الأحلام وراحوا مثل شاعر يعيش على وقع سور شعرية تبدأ بكلمة" ويلٌ" وهم في أعلى جهوزيتهم. راح يرسمون لوحة. ولم يكونوا بحاجة لغير ريشة، لون، وضوء: الريشة كلمات موصوفة بدقة في القرآن " إن ينصركم الله فلا غالب لكم"، اللون تعريض الوجه لشمس لاهبة تمدهم بإحساس بالذات وتزيد قدرتهم على تحمل شواظ جهنم العدو، الضوء: لون أسود يتحول إلى بنفسجي ثم وردي يشبه لونا شاهدَوا أجداد أجدادهم الفرسان يرتدونه وهم على ظهور خيولهم، وأفيال أبرهة وقد تحولت إلى بغال تهرب أمام جمالهم. تعلّم الفلسطيني من أجداده كيف تتحول بطولة الأستثنائي إلى فعل عادي، تعلموا من الخالق أنه حين قرر طرد أحد أبنائه الذي أرتكب معصية اختار ملاكا وكلفه بمهمة طرده، فاستاقه وكلفه بمهمة القصاص. يقال أن الله بنى، للملاك المكلف بطرد العاصين بمهمة، جبلا فرض عليه العيش هناك كي يتعود على مناخ القمم ويتغذى على عشبة الخلود، وخلق له ثورا ليألف هيجانه، يناطحه ليقف على جلية أمر هيجان الثيران فلا تظهر عليه أعراض التراجع ولا يتثاقل في إقدامه وهو يناطح أي ثور. علمه إعادة قراءة السور المكية المليئة بالوعيد كي تستحثه وهو يتقدم، بقدر ما يؤتى من العزم، مثل جيش لا تعوزه الذخيرة. لم يستشعر الملاك المهمة، وهو يتصفح ما كُتب في اللوح المحفوظ، وراح يردد سور الوعيد المكية، لا قشعرية الشتاء ولا حمارة القيظ، بل ببزوغ ضوء من واد مثابر جمع كل نقطة من ماء وردت إليه فتحولت إلى سيل قاده نوتي حولها مياها، لا تستريح في سدها، إلى وابل من شرر تحوّل إلى ضوء أخفى الظلام وأركنه في دائرة ظله.
مكمن تفوق النبي "العناد، لو وضعوا القمر في يميني..." وهي جملة نبع وجود التاريخ منها، جعلت من اعتراض عمّه عليه عقيما، أقل ما كان لأبي طالب قوله هو الصمت، انسحب وهو يقول" فكّرْ يا ابن أخي أكان ينبغي.. هل ثمة داع..؟". أدرك العم أن كلمات ابن أخيه خرجت من طيات قلبه وباتت حقيقة حين قال له ردا على جبروت قريش" يا عم الله لا يخلق أشجارا تفوق قدرة تحليق العصافير". ثم ردّد ابن الأخ العظيم كلمات أشجع العرب عنتره:
لله درّ بني عبس لقد نسلوا/ من الأكارم ما قد تنسل العرب.
فتى يخوض غمار الحرب متبسّما/ وينثني وسنان الرمح تختضب
سمع ابن الأخ عمه يقول" أية غدران فاضت وأنْسلت هؤلاء الأبطال الذين حولوا الماء إلى وابل من شرر؟. لماذا لم يستبينوا مكامن الخطر تمام الاستبانة ويقدروه تمام التقدير؟. لماذا لم يعطوا ظهورهم لمهب العواصف بل استداروا واقفين بوجه هبوبها؟". عندما عاد العم إلى بيته تحلّق حوله أسياد قريش يستعلمونه عن تنازلات ابن الأخ وإن كان الوعيد قد أحدث فيه ضعفا تدنت معه قواه؟ وهل هو قابل للاسترداد؟ ولم لا يقيم وزنا لقوتهم؟ وما هي طباع هذا الذي لم نعهدها في أنس وجن من قبله؟. قال العم" شيءٌ فيه طي الكتمان،هناك شفرة سرية تحوي معلومات موثوقة يتنادى بها قلبه مع من أشار إليه أن لا يقيم وزنا لمن يفوقه اقتدارا، لأن هناك- كما قال- رؤى يستدل بها في أحكامه، ويتعامل بها ابن أخي هذا". سأله أحد أكابر قريش: ألم يكن بوسعك الاستدلال عليها؟. أجابهم" الاستدلال عليها دربٌ غير نافذ لي". " كيف؟" سأله كبير قريش. قال "هو يسمع قرعا قويا على أبواب قلبه فيصيبه تعرقٌ ودوار، تخرج منه رائحة أبهى وأرق من خلاصة جوز الطيب، ثم يبوح بما يصل إليه مثل طفل يسعد بهدية يفضّها ويزداد صوته ضراعة وهو يردد" اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ .عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم"." قال العم من أين لي أن أعلم ما لا يعلمه غيره؟. عندما سألوه كيف؟ قال لهم أن الله اجتباه وعلمه تأويل الأحاديث. كيف؟. ذكر لهم ما سمعه من فم عائشة "أول ما بدئ يه رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم. فكان لا يرى رؤية إلا جاءت كفلق الصباح". "ماهي الرؤيا؟". سألوه كبار قريش؟. قال لهم ما قاله الوحي" لن تضيع حياتك في الصبر والانتظار في هذه الجهة، بل سنعجّل عبورك نحو الجهة الأخرى حيث يخلق الرب من أتباعك نسخا على شكلك يحققون ما قطعه الرب لك من وعد بعبارات قطعية يجب أن تتحقق". قال العم أن المتعالي وضع على لسان نبيه صيغة أمر" تكاثروا فأنني مباهٍ بكم الأمم". نهض أكابر قريش ليقولوا ضاحكين: سيحمل لك الغد خبرا من النوع الذي يجفف حليب المرضعات. لم يطلب العم منهم الرأفة بابن أخيه، لأنه، كما قال، سيستنجد بسور مثل الاسمنت تضفي قوة على قناعاته. ثم جاءه الخبر في اليوم السابع من أكتوبر، وهو اليوم الذي تضعضع فيه وقار كفار قريش وثقتهم بأنفسهم. لم يفهم سادة قريش أن الشجاعة ليست صنوا للجنون ، بل توأما لشدة صفاء العقل. أن تتقدم نحو الهاوية لتأكد لنفسك والآخرين ليس جنونا، بل شجاعة تكليف من ينتدب نفسه ليوضّح أن الدرب المروّع ما أن تجتازه حتى يكف أن يكون مروّعا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل