الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن سبارتاكوس

سعيد مضيه

2023 / 11 / 17
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تأمل جون بيلغر، صحفي التقصي الأسترالي، ومخرج الأفلام الوثائقية، في مقالة نشرها في 13 نوفمبر، مشهد عالم منقسم بين طغاة وضحايا ، على أرضية فيلم سبارتاكوس ، قائد ثورة العبيد في العصور القديمة. في سردية بيلغر نقرأ " إسرائيل، ’الكلب الفالت مسلحا حتى الأسنان تحظى بحصانة تاريخية‘ و ’ زعيم حزب العمال يمنع الماء والطعام عن اطفال فلسطين‘". يطوف بالعالم ثم ينثني الى بلده أستراليا، حيث المحامي ديفيد ماكبرايد يقدم للمحكمة بتهمة إفشاء أسرار الدولة ، وماهي تلك الأسرار؟ بيلغر يقدم شهادته . في نهاية التأمل يفرز بيلغر "جوليان[اسانغ[ وديفي [ماكبرايد] كل منهما سبارتاكوس. الفلسطينيون سبارتاكوس. البشر الذين يملآون الشوارع حاملين الأعلام والمبدأ والتضامن هم سبارتاكوس . كلنا سبارتاكوس إن اردنا ان نكون".

الحروب تغذي الفاشية والنازية الجديدة

رواية سبارتاكوس اخرجت فيلما عام 1960 في هوليوود. كنب الرواية سرا هوارد فاست ، الوارد اسمه في القائمة السوداء ، وكتب السيناريو دالتون ترومبو ، أحد ’10 في هوليوود ‘ منعوا من ممارساتهم السياسية ’المعادية لأمريكا ". الرواية عظة للمقاومة والبطولة تخاطب زمننا بلا تحفظ .
الكاتبان شيوعيان وضحايا بيت الأنشطة المعادية لأميركا التي تزعمها جوزيف مكارثي، والتي دمرت، أثناء الحرب الباردة ، أعمال وأحيانا حيوات كوكبة من المبدئيين على قدر من الشجاعة بحيث تحدوا الفاشية المتنامية داخل الولايات المتحدة.
كتب آرثر ميلر في مجلة كروسيبل، ’هذا زمن المضاء... نحن لم نعد نعيش ما بعد ظهر اسود، حين مزج الشيطان نفسه بالطيب وحير العالم‘.
يوجد في الوقت الراهن مستفز واحد "بالتحديد‘؛ واضح اننا نرى أولئك الذين يريدون ان يرونه ويتنباون بأفعاله؛ عصابة من الدول تقودها الولايات المتحدة هدفها المعلن ’ الهيمنة على نطاق كامل‘. روسيا لم تزل الدولة المكروهة ، والصين الحمراء دولة تبعث الخوف . من واشنطون ولندن لا حدود للخبث؛ إسرائيل المفارقة الكولنيالية، والكلب الفالت للهجوم مسلحة حتى الأسنان وتحظى بحصانة تاريخية بحيث ’أننا‘ نحن الغرب نتكفل دماءً ودموعا في فلسطن لا تجف. أعضاء البرلمان البريطاني ممن تجرأوا وطالبوا بوقف النار في غزة تم نفيهم ، وأغلق زعيم حزب العمال بوجوههم الباب الحديدي للحياة السياسية المكونة من حزبين في بريطانيا، زعيم حزب العمال يمنع الماء والطعام عن اطفال فلسطين .
في فترة مكارثي وجدت اماكن تحتمي فيها الحقيقة ؛ الانعزاليون في ذلك الحين بانوا مرحبا بهم الآن؛ وكانت توجد صحافة سرية في مشهد انسجام كاذب . الصحفيون المعارضون طردوا من الصحافة "الرئيسة "( كما كتب المحرر العظيم ديفيد باومان)؛ وكانت مهمة الميديا تشويه الحقيقة ودعم وهم الديمقراطية ، بما في ذلك ’صحافة حرة‘.
تقلصت الديمقراطية الاجتماعية الى عرض ورقة السيجارة تفصل ما بين الحياة السياسية الرئيسة للحزبين الكبيرين؛ من يمدهم بالأموال هو عبادة الرأسمال، الليبرالية الجديدة والفقر المفروض وصفهما مفوض خاص بالأمم المتحدة بأنهما ’عدم الاعتدال لدى شطر هام من الجمهور البريطاني ‘.
الحرب هذه الأيام ظل لا يتحرك؛ حروب الامبريالية ’المستدامة‘ باتت تعتبر امرا طبيعيا؛ العراق ، كنموذج ، تم تدميره بكلفة مليون وفاة وتدمير ممتلكات ثلاثة ملايين. بلير، الذي قام بالتدمير ، اغتنى شخصيا وكثر النفاق في التعامل معه في مؤتمرات الحزب بالفوز في الانتخابات ؛ بلير وخصمه الأخلاقي ، جوليان اسانغ، عاشا متباعدين 14 ميلا ، واحد في مانسيون ريجينسي والثاني داخل زنزانة ينتظر الترحيل الى جهنم .
وطبقا لدراسة أجريت بجامعة براون، مات على أيدي أميركا واتباعها، منذ 11 أيلول، حوالي ستة ملايين رجل وامراة وطفل في ’ الحرب ضد الإرهاب‘؛ ينوون في واشنطون بناء تذكار لهؤلاء الضحايا ’ احتفاءًا‘ بهذه الاغتيالات الجماعية؛ وشكلت لجنة لهذا الأمر يرأسها الرئيس الأسبق جورج بوش، راعي بلير . أفغانستان، حيث بدات الحرب على الإرهاب ، تركت أخيرا للضياع عندما سطا الرئيس بايدن على احتياطياتها البنكية.
تكرر مثال أفغانستان في بلدان عدة؛ كرس ويليام بلوم نفسه لتلفيق جدوى لإرهاب الدولة الذي ندر ان سمي باسمه الحقيقي، يستدعي التكرار مموها:
خلال حياتي حاولت الولايات المتحدة الإطاحة او أطاحت ب 50 حكومة ، معظمها ديموقراطية؛ تدخلت في الانتخابات الديمقراطية لثلاثين بلدا؛ ألقت قنابلها على الناس في 39 بلدا ، معظمهم صحاياها فقراء لا يدافعون عن أنفسهم . قاتلت من أجل قمع حركات التحرر في 20 بلدا، وبذلت محاولات لا غتيال عدد لا يحصى من القادة.
ربما أسمع البعض يقول : ذلك كاف؛ بينما تجري إذاعة حية للحل النهائي لغزة على الملايين، التصقت الوجوه الصغيرة للضحايا بردم الأنقاض. مؤطرة بين الدعاية التلفزيونية للسيارات والبيتزا ، اجل، ذلك كاف بالتأكيد؛ كم هي دنسة تلك الكلمة ’كاف‘؟
كانت أفغانستان حيث أرسل الغرب الشبان، غرر بهم بطقوس ال ’محاربين‘ كي يقتلوا الناس ويستمتعوا بالقتل. نعرف البعض من هؤلاء يستمتعون بالقتل من بينات المرضى النفسيين في عيادات أستراليا، بما في ذلك صورة فوتوغرافية وهم يشربون من أحد الاطراف الاصطناعية لرجل أفغاني.
لم توجه التهمة على واحدة من هذه التصرفات وعلى جرائم مثل ركل رجل من على صخرة ، إطلاق النار على أطفال كتأديب، قطع الرقاب؛ لم ترتكب واحدة من هذه الجرائم ’في معركة‘. ديفيد ماكبرايد محام عسكري سابق خدم مرتين في أفغانستان ، كان، باخلاقه وسماته المحترمة، ’مؤمنا صادقا‘ بالنظم ؛ كان لديه أيضا إيمان دائم بالحقيقة والإخلاص. بمقدوره توصيفها بما لا يستطيعه سوى القلة ؛ في 31أكتوبر قدم للمحكمة بمدينة كانبيرا بتهمة مجرم مزعومة.
يقول كيرات بيندر ، ’ استرالي ناشر أسرار‘ ان محاميا كبيرا بالمركز القانوني لحقوق الإنسان في استراليا ’[سوف يواجه] محاكمة لأنه كشف عن أخطاء بشعة. من الظلم الوخيم ان أول من قدم للمحاكمة على جرائم الحرب في أفغانستان هوكاشف الأسرار وليس مجرم حرب متهم ‘.
يمكن ان يحكم على ماكبرايد بالسجن مائة عام على فضح الجريمة الكبرى في افغانستان؛ حاول تجريب حقه الشرعي ككاشف أسرار بموجب قانون الكشف عن الصالح العام، الذي يقول عنه المدعي العام الحالي ، ماكبرايد درايفوس انه’ يقدم بناء على وعدنا لتعزيز الحماية لكاشفي أسرار القطاع العام‘. ومع هذا فإن درايفوس هو الذي وقع وهو وزير العمل ، على محاكمة ماكبرايد عقب انتظار أربع سنوات وثمانية أشهر منذ إلقاء القبض عليه في مطار سيدني . انتظار أعطب صحته وصحة أسرته.
كل من عرف ديفيد ويعرف الجور البشع النازل به يملآ شارعه في بوندي قرب البلاج على شاطئ سيدني بمظاهرة تلوح تشجيعا لها الرجل الطيب والمستقيم ؛ هو بطل في نظرهم وفي نظري .
ماكبرايد أهين مما وجده بالملفات، إذ تلقى امرا بالتفتيش فيها؛ هنا بينة على جرائم متسترٌ عليها . نقل مئات الوثائق السرية الى هيئة الإذاعة الأسترالية وصحيفة سيدني مورنينغ هيرالد. قام البوليس بغزوة على مكاتب هيئة الإذاعة الأسترالية بينما وقف المنتجون والمحررون مصعوقين، واجهزة الكومبيوترخاصتهم يصادرها البوليس الفيدرالي. المدعي العام ، درايفوس، الذي يعتبر نفسه إصلاحيا وصديقا لكاشفي الأسرار، هو الوحيد الذي امتلك سلطة إيقاف محاكمة ماكبرايد. حرية البحث في نقل المعلومات، وهو ما قام به في هذا الاتجاه، تبعث لامبالاة هل هو رجل بريء يتعفن ام لا.
ليس بمقدورك ان تدير ديمقراطية مكتملة الأركان مع حرب كولنيالية؛ الأولى توحي باللياقة، والثانية أحد أشكال الفاشية، بغض النظر عن ادعاءاتها المظهرية. انظر الى ميادين القتل في غزة ، تقذف دولة الأبارتهايد الإسرائيلية القنابل لدرجة تفتيت المباني أغبرة؛ ليس مصادفة ان يجرى في بريطانيا الغنية ، ومع ذلك مفقرة، ’استجواب’ في الوقت الراهن في قيام جنود بريطانيين بإطلاق الرصاص في أفغانستان على 80 رجلا ، كلهم مدنيون، بينهم زوجان بالفراش. الظلم البشع النازل بديفيد ماكبرايد نسخة حديثة من الظلم الذي يستهلك مواطنه جوليان أسانغ . كلاهما صديقان لي ؛حيثما أراهما اتفاءل ’ تبهجني ‘ اقول لجوليان أسانغ وهو يرفع قبضته متحديا مع انتهاء فترة زيارته؛ وأقول لديفيد في المقهى الذي نرتاده في سيدني، ’ انت تشعرني بالفخر‘. شجاعتهما سمحت للكثيرين من بيننا ، الذين قد ينتابهم اليأس، كي يدركوا معنى المقاومة التي نتشاركها جميعا إذا أردنا الحيلولة دون هزيمتنا ، وهزيمة ضمائرنا واحترامنا لذواتنا ، إن فضلنا الحرية والاستقامة على الخنوع او التواطؤ. في هذه السجايا كلنا سيبارتاكوس.
كان سبارتاكوس القائد الثوري لعبيد روما خلال الفترة 73- 71 قبل الميلاد؛نجد لقطة مبهجة في فيلم كيرك دوغلاس ، سبارتاكوس ، حين يطلب الرومان من رجال سبارناكوس ان يدلوهم على قائدهم كي يصدر عفو عنهم ؛ بدلا من الكشف عن سبارتاكوس وقف المئات من رفاقه ورفعوا قبضاتهم تضامنا وصرخوا ، ’انا سبارتاكوس‘! الثورة مستمرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام