الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس فكرة.. لكن أهل غزة يدفعون الثمن!!

سليم يونس الزريعي

2023 / 11 / 17
القضية الفلسطينية


من الصعب تصور أو قبول أن على أي شعب أن يفتدي حزبا مهما كان هذا الحزب، كون المعادلة الصحيحة هي أن الحزب هو في خدمة الشعب، وليس أن يفنى الشعب من أجل أن يحيا الحزب، أهمية هذه المقاربة لها علاقة بحرب الإبادة التي تستهدف أهل غزة من قبل الكيان الصهيوني وواشنطن تحت عنوان القضاء على تنظيم حركة حماس، كبنية عسكرية وسياسية وسلطة حكم في غزة.
حتى بدا وكأنه من الطبيعي أن يدفع أهل غزة هذا الثمن غير المسبوق.
ومع أننا نعتقد أنه من غير المنطقي والإنساني ترك أهل غزة دون حماية في مواجهة المحرقة، فإننا نرى أن تنفيذ هذه الجريمة الموصوفة بذريعة القضاء على حماس هي ذروة الوهم. فواهمة أي قوة تتصور أن بإمكانها تصفية حركة حماس في قطاع غزة أو الضفة الغربية، ربما تُوجه ضربه قوية لحماس تتعلق بهذه البنية المسماة " حماس" كبنية سياسية وعسكرية وأدوات حكم في غزة، لكن لا يمكن تصفية حركة حماس كحركة إخوان مسلمين التي هي الإطار الفكري والسياسي والتنظيمي الذي أنتج حماس لضرورة مؤقتة وربما متغيرة لها علاقة بالقضية الفلسطينية والصراع مع كيان الاحتلال الصهيوني.
ولو سلمنا جدلا بمكنة ذلك من الناحية النظرية، ، هنا يجب أن نميز في جسم حماس بين نواة حماس الصلبة المنتشرة على مساحة التوزع الديمغرافي الفلسطيني، وفي كونها امتدادا لفرع تنظيم الإخوان المسلمين، ثم أعضاء جسم حماس التنظيمي والعسكري ، وأنصارها، وبعد ذلك أصحاب الارتباط المالي الذين ارتبطوا بحماس ليس لأسباب أيديولوجية أو سياسية وإنما لأساب مالية وعلاقتهم بحماس علاقة ـ"عمل"، وهنا يبدو مفيدا العودة إلى الوراء قليلا ، إلى سنة 1988 عندما أعلنت حركة الإخوان المسلمين فرع فلسطين، ميلاد حركة حماس ممثلا لها لما تعتبره تصويب واقع الثورة الفلسطينية التي لم تكن راضية عنه لأسباب أيديولوجية وسياسية: عبر الالتحاق بالنضال الوطني الفلسطيني، ممثلا في ظاهرة الكفاح المسلح الممتد منذ ما بعد النكبة عام 1948، الذي تفجر بشكل عاصف في ثورة مسلحة بعد هزيمة حزيران 1967. من جسر المسافة بين انطلاق الثورة، وتوقيت قرارها الالتحاق بها كتعبير وطني فلسطيني بكل امتدادها كمشروع فكري متعد للأوطان ببعده الأممي وفق رابطة الدين التي تشكل أساس الانتماء الدائم المتعدي للأوطان.وهو ما أكده ميثاقها الذي رافق انطلاقتها عام 1988. الذي نصت مادته الثانية على أن: "حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث".
هذا الانتماء لحركة الإخوان يشكل في مثل هذه الظروف التي تشهد هجمة غير مسبوقة على حماس كعنوان للتحريض والاستعداء ميزة تجعل من امتدادها الفكري حاضنة وحصنا في إثبات وجودها السياسي الكفاحي في المشهد الفلسطيني.
وعلى هذا الأساس الأيديولوجي هناك بعض الدول والتنظيمات والأحزاب والجمعيات الدينية التي تتبنى حماس كمشروع وفكرة، كامتداد معنوي لتلك القوى، باعتبارها شأنا داخليا لها من جانب وممثلا لها في المشهد الفلسطيني، وهذا يعني أن حماس ستجد في تلك القوى الحاضنة الاستراتيجية التي تستطيع أن تساعدها في إعادة تشكيل قوة حماس مجددا طالما أن المصدر الأم لحماس هو فرع حركة الإخوان في فلسطين والعالم الذي ينفتح على دول مثل إيران بعكس تلك القوى الدينية التي تناصب إيران الفكرة والتجسيد العداء من منطلق أيديولوجي كان للغرب دورا في تأجيجه، كما أن لحركة الإخوان المسلمين حضورها في فلسطين سواء في الشكل التنظيمي ممثلا في حماس أو في فكر حركة الإخوان الذي لا يمكن تجاهل حضوره القوي ، وهو وجود يمثل حاضنة حماس الطبيعية، وهي التي تستطيع التكيف مع الظروف عبر التقية كما فعلت سابقا ، عندما التحقت بالعمل الوطني عام 1988، بعد 21 عاما من بدء الكفاح الفلسطيني المسلح عشية هزيمة حزيران 1967. عندما رأت أن اللحظة التاريخية مناسبة.
وتستطيع حماس أن تعيد بناء قدراتها بشكل يتوافق مع واقع ما بعد الحرب على قطاع غزة، وهي تجيد ذلك، وأي قراءة لمسار حماس السياسي والفكري يمكنه أن يلحظ أنها تجيد التكيف مع شرط اللحظةـ فمن مواقف أيديولوجية حادة جدا تجاه منظمة التحرير ومن الحل السياسي، انتقلت من مربع التحرير دون قيد أو شرط إلى تبني رؤية منظمة التحرير حول الدولة الفلسطينية في وثيقتها عام 2017، وهي مرونة تعكس حيوية وقدرة على قراءة المتغيرات ، وهي أحد سمات فكر حماس، ولعل ما يعكس هذه القراءة هو إعلان إسماعيل هنية زعيم حماس في أول شهر نوفمبر 2023 عن استعداد حماس للدخول في مسار سياسي وصولا لدولة وعاصمتها القدس، الذي قُرء على أنه هروب من مأزق الحرب عليها ونوايا الكيان الصهيوني والولايات المتحدة والغرب باستهدافها سياسيا وعسكريا وكبنية لسلطة تحكم غزة ، جراء تنفيذها عملية طوفان الأقصى التي كانت بمثابة زلزال دمر الكثير من الأفكار حول مناعة الكيان الصهيوني.
صدمة الكيان تحولت إلى تسونامي اجتاح غزة ناشرا الخراب والدمار وعشرات آلاف الضحايا من أهلها بذريعة إنهاء ظاهرة حماس كبنية عسكرية وسياسية وإنهاء حكمها وعدم عودتها للسيطرة على القطاع مرة أخرى، وهو توجه أمريكي وصهيوني وأوروبي مشترك، يعني أن ما كان قبل 7 أكتوبر لن يعود مرة أخرى، وإنه لثمن باهظ لا يمكن لفلسطيني قبوله أن يكون القطاع محل وصاية أجنبية، ليكون السؤال الأهم عندئذ ليس مستقبل حماس فقط، ولكن أيضا مستقبل الشعب الفلسطيني وفي المركز منه ، مستقبل أهل غزة الذين كانوا هم الضحيةـ لأن حماس هي أولا جزء من هذا الشعب، وهي ثانيا فكرة لا يمكن القضاء عليهاـ كونها موجودة أينما وجد الفلسطيني.. في حين بات القطاع وأهله للأسف في بؤرة الاستهداف الصهيوني الإمبريالي.دون حماية في محرقة متواصلة حتى تاريخه، وتلك هي في ظني المشكلة الأهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها