الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيانة العظمى ... والكذبة العظمى

جيلاني الهمامي
كاتب وباحث

2023 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


قرر مكتب مجلس النواب في اجتماعها أمس الأربعاء 15 نوفمبر الجاري تأجيل النظر في "مشروع قانون عدد 14/2023 المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه" الى ما بعد الانتهاء من مناقشات الميزانية.
للتذكير كانت جلسة عامة انعقدت يوم 2 نوفمبر للنظر في المشروع ومرت الى تناول المشروع فصلا فصلا بعد الاستماع الى تقرير اللجنة ذات النظر وبعد الحسم في مطلب بإعادة مشروع القانون الى اللجنة بأغلبية الأصوات وصادقت الجلسة العامة على الفصلين الأول والثاني قبل أن يعلن الرئيس عن رفعها بتعلة التشنج على ان تستأنف أشغالها من الغد.
وقد احتج عدد من النواب مكثوا تحت قبة المجلس متمسكين بضرورة عودة الجلسة العامة لأعمالها دون انتظار او تأجيل معتبرين ان ما قام به الرئيس مخالف لأحكام النظام الداخلي والإجراءات المعمول بها. ولكن دون جدوى.
لقد كان قرار بودربالة، رئيس المجلس، واضحا وهو ان لا سبيل الى مرور هذا القانون. لماذا؟ وكيف لشخص معروف بميولاته القومية ان يقف في وجه قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني؟
حتى لا نظلم الرجل القرار لم يكن قراره بل هو قرار "عرفه" وولي نعمته قيس سعيد الذي عينه في ذلك الموقع الذي ما كان يحلم يوما في حياته باعتلائه.
ومن تابع اعمال المجلس يومها يشاهد بجلاء التناقض بين ما جاء في تدخل بودربالة عند افتتاح الجلسة حيث قال "واهم من يعتقد انه يمكن أن يفرض على الشعب التونسي سياسة الخنوع والهزيمة فموقف الشعب التونسي من القضية الفلسطينية ثابت وهي قضيته المركزية وهو ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني وضد الاعتراف بشرعية هذا الكيان ويعتبر ان فلسطين يجب ان تتحرر من النهر الى البحر وانه يجب استرجاع كامل الأرض وقيام الدولة الفلسطينية عليها وعاصمتها القدس الشريف" وبين ما قاله في تدخله الثاني اثناء الجلسة حيث قال "اكد رئيس الجمهورية بالحرف الواحد أن مقترح القانون سيضر بالمصالح الخارجية لتونس وان الامر يتعلق بالاعتداء على امن الدولة الخارجي وبأن المسألة اتخذت طابعا انتخابيا لا أكثر ولا أقل" مؤكدا ان نائبيه سوسن المبروك وأنور المرزوقي شاهدين على هذا الكلام بما انهما كان قد حضرا معه للقاء مع رئيس الدولة واستمعا مثله الى هذا الكلام من قبل رئيس الجمهورية.
الفرق واضح بين محتوى التدخل الأول ومحتوى التدخل الثاني.
ففي الأول كان يلمح الى الضغوط التي مورست عليه من قبل أوساط سياسية خارجية أمريكية وأوروبية وكان هو نفسه صرح بذلك للنواب وقد جرى تداول تصريحات لنواب في هذا الباب. وأصر على هذا الكلام "القوي" لأنه المسكين لم يصله بعد نبأ التحولات التي طرأت على الموقف الرسمي في قصر قرطاج.
وفي الثاني ذكر ما استمع اليه من عند رئيس الدولة ليبرئ نفسه وكما قال ليتحمل كل مسؤولياته.
انعقد بعد كل هذا مكتب المجلس وقرر تأجيل النظر في القانون وفق سيناريو موضوع مسبقا غدا سنعود للحديث عنه.
فالقرار ليس قراره كما سبق قوله وإنما هو مكلف بمهمة لدى رئيس الدولة يؤدي وظيفة ويغير وجهته الى حيث تتجه الريح.
فبعد الخطاب القومي الناري، سبحانه مغير الأحوال، أصبح الخطاب قانونيا ناريا واتضحت ان قولة "التطبيع خيانة عظمى" هي مجرد مسألة ذلت "طابع انتخابي لا اكثر ولا اقل" لا بل انكشفت على حقيقتها كذبة عظمى.
وبعد كل هذا ما الغرابة في وصف البرلمان بـ"مجلس الدمى"؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30