الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلفيات الحرب الاجرامية على غزة ......!!!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2023 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الحرب الوحشية وغارات القتل والتدمير الهمجي التي تُشن على قطاع غزة ليست صدفة عشوائية أو وليدة لحظتها من الصراع القائم بين عرب فلسطين وجيش الاحتلال الصهيوني , وهي ليست بالتأكيد نتيجة حتمية لا مفر منها كنتيجة للتوتر والحصار والقتل والدمار والعدوان العسكري المُتقطع الذي شهده القطاع على مدى العقدين الاخيرين , بل هي حرب تآمرية خُطط لها بإحكام وبتوقيت مدروس من قبل أطراف تآمرية معروفة لا تخفى على كل من يتـابع ما يجري في المشرق العربي ومغربه من تخطيط ونهج تدميري مُتواصل تشهده المنطقة العربية منذ إندلاع الثورات والانتفاضات الشعبية الغاضبة التي شهدتها العديد من الدول العربية مع بداية العقد الثاني من القرن الحالي ولا سيما في مصر وتونس واليمن والتي امتدت بعد ذلك بشكل مقصود الى ليبيا وسوريا .. لتنتشر بعد ذلك بدرجات اقل حدة نحو العراق والاردن والجزائر والمغرب لتُختتم أخيراً بما شهده السودان من قتال دموي وتدميري شامل بين قادة المكونات العسكرية في السودان الذين يتبعون لتحالفات وصراعات إقليمية ودولية تحمل في طياتها أصابع التآمر الغربي والخليجي وحتى الانخراط والتدخل المصري والروسي .
وهنا لنسأل أنفسنا ما هو الهدف من كل ما جرى ويجري في قطاع غزة من قصف وحشي مُتواصل شمل حتى المستشفيات مع إبادة جماعية وتدمير همجي شامل لا يتوقف في ظل حصار شديد لمنع كل مقومات الحياة عن القطاع .... ما هو الهدف ..؟؟؟
وهنا أليس من الواضح أن ما يحدث منذ السابع من شهر أكتوبر هو مُؤامرة خُطط لها بإحكام ..؟؟وتمت بتواطؤ استخباراتي سري شاركت فيه استخبارات اليمين الديني المُتطرف في الكيان الصهيوني بالتنسيق مع النظام القطري وبعض القيادات السياسية في حماس من المقيمين في فنادق الدوحة وإستانبول والذين قاموا بدورهم بإعطاء الضوء الاخضر لقيادة الجناح العسكري في غزة للقيام بعملية طوفان الاقصى ... فهنالك أحتمال كبير أن هذه المُؤامرة قد تمت بإشراف وتوجيه استخباراتي غربي وصهيوني "
لأن الخلل الاستخياراتي الهائل والعجيب على الحدود مع قطاع غزة في ليلة طوفان الاقصى .. من الواضح أنه مقصود ومُخطط له مُسبقاً ..؟؟ , لا سيما أنه شمل جميع أجهزة التنصت والتصوير والكامرات الالكترونية والاقمار الصناعية المُنتشرة على كل متر من الحدود مع قطاع غزة .. هذا عدا عن عشرات مواقع الحراسة الليلية للجيش الاسرائيلي على طول الحدود مع القطاع ... والذي يُؤكد إحتمالية أن هذا الخلل الاستخباري العجيب مُخطط له هو استمراره لساعات طويلة قبل مجيئ جنود الاحتلال لنجدة المستوطنات
لذا فالهدف النهائي المنشود من هذه المُؤامرة التي تم التخطيط لها بإحكام وسرية مُطلقة هو إبادة وقتل وتهجير أكبر عدد مُمكن من سكان قطاع غزة وتصويره كرد فعل انتقامي على عملية طوفان الاقصى ..ليتم بإسلوب أشد فتكاً وإجراماً من كل ماشهدته المنطقة العربية من حروب ودمار ومؤامرات وحصار وتشريد وتجويع وتهجير قسري وغير قسري ...الخ .
وبالتالي ما جرى من انتقام بعد هجوم عناصر حماس على المستوطنات المُحيطة بقطاع غزة لم يكن سوى رد فعل مسرحي إجرامي مُخطط له مُسبقاً وتطلب بحكم الضرورة التضحية بحياة المئات من مواطني الاحتلال الصهيوني وتسهيل اختطاف عشرات أو مئات من الاسرى المدنيين والعسكرين من أجل إستكمال الحلقة الهامة والرئيسية من مسرحية القتل والانتقام والتآمر الاجرامي على غزة , ولمُتابعة مُسلسل الموت والدمار والحصار والفقر والتجويع والتهجير الذي تتعرض له مُجمل شعوب المنطقة سواء في المشرق الغربي أو في مغربه .
وما جرى ويجري في قطاع غزة والمنطقة تستمر إسرائيل المُتابعة فيه بكل إجرام في ظل سكوت جميع الانظمة الخليجية وغيرها من الانظمة العربية الخانعة والمُطبعة .. كما يتم في ظل تواطؤ واضح من قبل الانظمة الاقليمية الرجعية المُتآمرة وعلى رأسها النظام الاخواني في تركيا والنظام المذهبي الرجعي في إيران الذي يدعي بكل وقاحة بانه يقود محور المُقاومة في المنطقة في الوقت الذي فشل طيلة سنوات عديدة في الرد على عمليات وغارات العدو الصهيوني ولو بصاروخ واحد .
وهنا يُمكننا إيراد الملاحظات الهامة التالية حول نتائج ما يحدث في غزة :
أولاً : القمة العربية والاسلامية التي عُقدت في الرياض لإدانة العدوان الهمجي على قطاع غزة والمُطالبة بوقف فوري لاطلاق النار .. هذه القمة عُقدت للاسف تحت قيادة بعض الانظمة الخليجية المعروفة بتاريخها التآمري على المنطقة وفي خضوعها لحماية الغرب والتطبيع مع الكيان الصهيوني . بالاضافة لبعض الانظمة العربية الاخرى المُطبعة كالمغرب والسودان ومن هذه الدول العربية من لها علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني وعلى راسها مصر والاردن ... ورغم الادانات التي تبجحت فيها بنفاق جميع هذه الانظمة , إلا انها لم تجرؤ حتى على إغلاق السفارات الاسرائيلية ولو بشكلٍ مُؤقت ... وقد مضي على نهاية هذه القمة اكثر من اسبوع دون تحقيق أي نتائج تُذكر .
ثانياً : فشل محور المقاومة منذ دخول أيران وميليشياتها على خط قيادة محور المقاومة بعد تراجع الدور القيادي الناجح لسوريا في قيادة هذا المحور منذ سبعينات القرن الماضي ولغاية بدء المُؤامرة الكونية الكبرى التي تعرضت لها سوريا منذ ربيع عام 2011 .. وهذا ما جعل النظام المذهبي الرجعي في ايران ( ولا سيما منذ وفاة الخميني ) يقوم على نحوٍ مكشوف بحرف المسار الحقيقي لمحور المقاومة العربية والفلسطينية وتحويله الى مقاومة اسلامية فاشلة ومُتآمرة بقيادة إيران والتي هي في النهاية دولة دينية مذهبية لا تنتمي للعروبة ولا حتى للقضية الفلسطينية .. وذلك على خلاف الدور الذي لعبته سوريا قبل ذلك في قيادة محور المقاومة على الصعيدين الفلسطيني واللبناني ... وهذا الفشل الايراني تمثل بوضوح ليس فقط في رفع راية المقاومة الاسلامية وكأن الصراع في المنطقة هو صراع ديني وليس حركة تحرر وطني , بل تمثل أيضاً في تراخي فصائل المقاومة " الاسلامية " وتحديدا في لبنان والعراق في تشتيت العدوان الاسرائيلي على غزة بفتح جبهات أخرى حقيقية وساخنة للتخفيف عن قطاع غزة , ولا سيما جبهة الجنوب اللبناني وجبهة الجولان .
ثالثاً : لعبت بعض الدول العربية ولا سيما مصر والاردن وحتى الدول الخليجية دوراً تآمرياً في رفض دخول المواطنين من قطاع غزة الى سيناء في مصر أو الى الاردن هرباً من القتل والابادة الجماعية في ظل استمرار القصف الهمجي ومنع دخول كافة اشكال المساعدات الانسانية والطبية والغذائية .. وكانت حجتهم القذرة والغبية في ذلك هو منع إسرائيل من تصفية القضية الفلسطينية .. وكأن قتل وإبادة معظم سكان غزة سيمنع تصفية القضية الفلسطينية .. أو ربما اهل غزة ليسوا عرباً ولا علاقة لمصر والاردن بمصيرهم .. وبالتالي فحكام مصر والاردن مُتورطون في التآمر مع الكيان الصهيوني بشكلٍ غير مُباشر , وذلك في تسهيل إبادة اهالي غزة من الاطفال والنساء والشيوخ ومنعهم من الدخول الى مصر للنجاة بحياتهم والبقاء على قيد الحياة .. رغم أن قطاع غزة كان خاضعاً للحكم والادارة المصرية منذ عام 1948 ولغاية عام 1967 .. ولكن مصر السيسي تتنصل بمنتهى العمالة من مسؤولياتها تجاه قطاع غزة .
رابعاً : فشل المُجتمع الدولي وجميع المنظمات الانسانية والحقوقية والقضائية عموماً ولا سيما الدول الخمس العظمى في مجلس الامن ليس فقط في الوصول الى قرار لوقف فوري لاطلاق النار (وهذا أمر يتحمل مسؤوليته الغرب المُساند لاسرائيل ) , بل فشلها أيضا في القيام بجهود إضافية وتهديدية صارمة خارج مجلس الامن للضغط على الكيان الصهيوني بالقوة لوقف عدوانه الاجرامي على غزة وتسهيل دخول المساعدات الانسانية والطبية والغذائية الى داخل القطاع , والعمل على فرض حلول تفاوضية إنسانية وعادلة على حكومة الطوارئ الاسرائيلية التي يترأسها السفاح المُجرم نتنياهو .
خامساً : بناءاً على التاريخ الطويل والكارثي والمأساوي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل , والوضع الصعب والشائك والمُعقد للغاية الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية , يتوجب علينا كمفكرين ومثقفين ومناضلين فلسطينيين وعرب إعادة التفكير بحلول واقعية وعقلانية للقضية الفلسطينية بعيداً عن العواطف ولا سيما التي تُنصف الشعب الفلسطيني في الداخل وفي مُخيمات اللجوء خارج فلسطين وليس بالضرورة للعرب الفلسطينيين الذين ينعمون بالاستقرار في مُختلف دول المهجر ... وهذه الحلول العقلانية يجب أن تخضع للدراسة والحوار , وقد لا تُعجب الكثيرين . وهنا علينا أن نضع بعين الاعتبار أن الاستيطان الصهيوني على ارض فلسطين قد أفرز للاسف " الشديد " واقعاً ديموغرافياً لا يُمكن تجاهله بأي حال من الاحوال ... فالاحتلال الصهيوني لارض فلسطين ليس إحتلالاً تقليدياً كما هو الحال بالنسبة للاحتلال الفرنسي للجزائر أو تونس وليس أيضاً كالاحتلال الايطالي لليبيا وليس كالاحتلال البريطاني لفلسطين والاحتلال الفرنسي للبنان وليس كالاحتلال الامريكي لفيتنام او لافغانستان والعراق أو الاحتلال الياباني للصين ...الخ فهذه الاحتلالات لدول استعمارية تقليدية حلولها سهلة وهي برحيل حكومة وقوات الاحتلال الى بلدهم من خلال المقاومة الوطنية كماحدث في الجزائر وليبيا والعراق وافغانستان وفيتنام والصين ...الخ أما في فلسطين فالمُشكلة في غاية الصعوبة والتعقيد بسبب وجود اجيال عديدة من مواليد الكيان الاسرائيلي الذين لا يعرفون ماهو بلدهم الاصلي ويعتقدون أن أرض فلسطين هي بلدهم الاصلي والتاريخي كما روج لهم الاحتلال وهم في المراحل الاولى من التعليم ... والمُشكلة هنا أن المستوطنون الاوائل من اليهود قدمو لفلسطين من مُختلف بقاع الارض ومعظمهم قدموا من روسيا والمانيا وبولندا ورومانيا والعديد من الدول الاوروبية وبعضهم جاؤوا الى فلسطين من دول أفريقية وآسيوية ... وقد ولد الملايين منهم في فلسطين المُحتلة منذ اجيال عديدة فالهجرات اليهودية الاولى لفلسطين بدأت منذ عشرينات القرن الماضي أي منذ ما يقرب من مئة عام ... وهنا ترسخت اللغة العبرية للاسف بين مواطني الكيان الصهيوني واصبحت لديهم أيضاً ثقافة عبرية شبه قومية .. كما نشات في فلسطين المُحتلة للاسف الشديد أجيالاً مُتتالية عديدة من المُستوطنين لعشرات السنين .. وأصبح من الصعب جداً طرد هذه الاجيال العديدة وهذا الكم الهائل من ملايين الاسرائييين أو دفعهم بالقوة للعودة الى بلدهم .. لانهم للاسف وبكل بساطة لا يعرفون سوى فلسطين كبلد لهم .. وهنا يظهر لنا التعقيد الشديد الذي يتمثل في القضية الفلسطينية ... وبالتالي ما هو الحل الواقعي ياترى للقضية الفلسطينية الشائكة والمثعقدة .. هنالك حلاً وضعته منظمة التحرير الفلسطينية منذ ستينات القرن الماضي وهو إقامة دولة ديمقراطية علمانية في فلسطين يعيش عليها الفلسطينيون العرب من مسلمين ومسيحيين ويهود إضافة الى سكان الكيان الاسرائيلي من اليهود المستوطنين .
سادساً : ما يهم الآن هو اسقاط حكومة نتنياهو وجميع حكومات اليمين الفاشي والديني المُتطرف بالتعاون مع الجهات والمنظمات المُعتدلة في الكيان الاسرائيلي وتحديداً أحزاب اليسار الاسرائيلي وحركة السلام الاسرائيلية التي تتصاعد بقوة في المجتمع الاسرائيلي مع ظهور موجة مُتصاعدة من المنظمات اليهودية اليسارية لدعم القضايا الفلسطينية وكذلك عدد من المُنظمات الاسرائيلية العديدة التي تُساند الشعب الفلسطيني كالشبكة اليهودية العالمية المعادية للصهيونية ومنظمة النداء اليهودي ضد الصهيونية ....الخ .. لذا فالطريق امام الشعب الفلسطيني في الداخل قد يبدو طويل وصعب ومُعقد ولكنه ليس بالمستحيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في