الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يمكن قوله عن الرقية والسحر والشعوذة 1.. / أذ. بنعيسى احسينات - المغرب

بنعيسى احسينات

2023 / 11 / 20
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


ما يمكن قوله عن الرقية والسحر والشعوذة 1..

(تجميع لنصوصي "الفيسبوكية" القصيرة حول الموضوع أعلاه، من دون ترتيب، التي تم نشرها سابقا، أود تقاسمها مع القراء الكرام لموقع الحوار المتمدن الكبير المتميز.)

أذ. بنعيسى احسينات – المغرب




يشكل التعاطي للسحر والشعوذة والرقية الشرعية، ظاهرة غير صحية في المجتمع العربي الإسلامي اليوم، لأنها تعلم الغش والنصب الاحتيال، واستغلال ضعف الناس. فالعيب ليس كله في ممارس الرقية، بل بالخصوص، في الذين يلجئون إليه، طلبا للعلاج أو التدخل. فكيف يثقون في أوهام شخص لا يفيدهم بشيء، إلا أنه يتكلم باسم الله؟

إن الإيمان بالسحر وممارسته، لا يختلف عن الإيمان بالشيطان والعمل بوسوسته. فالممارس للسحر، اختار طريق الشيطان بكل موبقاته. فكيف يعتقد المرء بالسحر ويعمل به، وهو يؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه وباليوم الآخر، ومطالب أن يعمل صالحا ليكتمل إيمانه؟ وكيف يمكن الجمع بين الكفر والإيمان وبين الضلالة واليقين؟

السحر ثاني السبع الموبقات بعد الشرك بالله. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات". فكيف يسمح المرء لنفسه، ارتكاب هذه الموبقات، ومع ذلك يعتبر نفسه مسلما؟
قال رسول الله (ص): "من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزِل على محمد". أمام هذا الحديث الشريف، يجب أن يخجل المسلم من نفسه، وهو يضحي بإسلامه لمجرد زيارة كاهنا أو عرافا وصدقه فقط. إلا أن هناك "مسلمين"، يمارسون السحر تحت غطاء الدين، حيث يلجأ إليهم ثلة من المؤمنين، طمعا في جلب المنافع الواهية.

إن الممارس للسحر من أجل النصب والاحتيال، واللاجئ إليه لاكتساب منافع وحل مشاكل لا حل لها، يعتقدان أن بابه مفتوح لهما للاغتناء والاستفادة من خدماته. فالتفكير في هذا السحر العجيب، يجعلنا ننتبه لكونه من الموبقات السبع، التي أمرنا الله ورسوله بتجنبها. وهو مجرد وهم وتخيل، كحبال وعصي سحرة فرعون، التي تلقفتها عصا موسى.

ذَكَر الله السحر في القرآن بالسلب، ويقرن بعمل الشيطان. فكيف يكون مقبولا وهو يمارس في الخفاء؟ لقد جعل نهايته على يد سيدنا موسى، في تحديه الإلهي مع سحرة فرعون، إذ تلقفت عصاه حبالهم وعصيهم، التي تخيل الناس أنها تسعى. فكان القضاء على السحر تماما. وتبين بالملموس، قوله تعالى: "ما جئتم به السحرُ إن اللهَ سيُبطِلُه".

كيف لأمة وشعوب، في القرن الواحد والعشرين، لا زالوا يؤمنون بالسحر والشعوذة؛ بأدواتها وطقوسها، التي لا تعرف تغيرا يذكر، رغم أنها محرمة دينا وأخلاقا. إذ تنتمي إلى آلاف السنين خلت؟ هذا يعني أن عقل هؤلاء لم يحدث عليه أي تغيير، رغم ما عرفته الإنسانية من تطور وتقدم، في العلم والبحث وفي التكنولوجيات الحديثة.

يظهر أن هناك سكوت مطبق أو تواطؤ مبطن، مع ممارسي الشعوذة والسحر والرقية الشرعية، رغم أنها تمثل خطرا على سلامة صحة وإيمان المواطنين. ففي كل راق من الرقاة، ساحر ومشعوذ بالقوة. فهو يمارس بالفعل، كل هذا دفعة واحدة، للنصب على زُبنائه ضعاف النفوس، خارج الضوابط الدينية والقانونية.

إن تشجيع كل ما يُضبع المواطنين، بدعوى تقديم العلاج لهم، أمسى أمرا اعتياديا، يستقبله الناس بشكل عادي، ويعملون على ترويجه بينهم، كقدر وواقع ومصير. هكذا يشكل تعاطي للسحر والشعوذة والرقية الشرعية، ظاهرة غير صحية في مجتمعاتنا اليوم، لأنها تعلم الغش والنصب الاحتيال، واستغلال ضعف الناس.

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم، بالبحث العلمي والصناعة والتكنولوجيا، فإن العالم العربي الإسلامي، منشغل بخلق الخرافات وممارسة الشعوذة والسحر والرقية الشرعية وترويجها. إن تراجع وعي الناس في مجتمعنا، تعود إلى نسبة المتعاطين لهذه الممارسات. فأغلب الناس من العامة والخاصة، يلجئون إلى خدمات هؤلاء.

بعض الناس، المحسوبين على رجال الدين، يروجون لآيات قرآنية كريمة، بدعوى كونها صالحة لجلب الرزق والنجاح، تشجيعا على الكسل والاتكالية. فهؤلاء هم الذين يمارسون السحر والشعوذة والرقية الشرعية، مستغلين تخلف وعي الناس، ويحاربون كل تقدم علمي يسعى إلى تحرير الناس من الجهل والتخلف.

ممارسو الشعوذة والسحر والرقية، لا يخضعون للتنظيم والمراقبة. إنهم غير مهيكلين، لا مهنيا ولا دينا ولا قانونا. فمن يحمي الناس ويقيهم من هؤلاء؟ في الغالب نجد من يقف بجانبهم، بل يقومون بحمايتهم والدفاع عنهم. لأنهم يساهمون في "تَضْبيع" المجتمع وتخلفه من جهة، ويحققون منافع مادية لمناصريهم من جهة أخرى.

ما يساهم في تخلف المجتمعات العربية الإسلامية، هو استعمال الشعوذة والسحر والرقية الشرعية، لسلب أموال الناس و"تضبيعهم"، وهم في حالة ضعف وقلة الحيلة. فأين دور المجالس العلمية؟ لقد أصبح التعاطي للرقية الشرعية اليوم، مهنة لمن لا مهنة له، بل طريق للغنى الفاحش، من غير رقيب أو حسيب، على حساب ضعاف النفوس.

إن اللجوء إلى السحر والشعوذة، رغبة قي قضاء مآرب يصعب الحصول عليها، يسمح لصاحبه باللجوء إلى الشيطان لقضاء حاجاته، وينسى أن هذه الأمور محرمة دينا وشرعا. فإذا كنت تؤمن بالله ورسوله، عليك أن تتجنب هذه الموبقات، التي تضر ولا تنفع. بل هي شرك من عمل الشيطان. قال تعالى: "ولا يفلح الساحر حيث أتى".

كيف يتم لعنُ الشيطان وخزيه علانية، ويُمارَسُ السحرُ والشعوذة في الخفاء؟ كيف تُؤدى الصلاةُ في أوقاتها في المساجد وخاصة الجمعة منها، وتُمارَسُ الفاحشةُ في الظلام؟ كيف يُذكرُ اللهُ والصلاةُ على النبي أمام الناس، ويُطعَنُ في ظهرهما، تارة بالنميمة والكذب، وأخرى بالنفاق والغش وما إلى ذلك؟ أسئلة كثيرة وغيرها، تؤرق عقول المؤمنين والراسخين في العلم باستمرار.

فكرة السحر قديمة قدم الإنسان في الوجود. لقد كان شكلا من أشكال الوعي الإنساني، والوسيلة الوحيدة للتحكم في كل شيء. إنه علم عصره بامتياز، لكن مع تطور العلم الحق خلال التاريخ، تقدم العلم وتخلف السحر. لذا قيل: "السحر علم فاشل، والعلم سحر ناجح". لقد أخبرنا الله تعالى عنه في القرآن، لكن جعل له حدا في مبارزة موسى، مع سحرة فرعون، لكونه لا يفلح أبدا.

إن السحر شرك بالله، وهو مرتبط بأعمال الشيطان. فالله هو الرزاق الوهاب الرحمن الرحيم، عليه التوكل لوحده، ما عداه شرك. يقول تعالى: "إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا". وعن رسول الله (ص) قال: " من عقدَ عُقدةً ثمَّ نفثَ فيها فقد سحَرَ، ومن سحرَ فقد أشرَكَ، ومن تعلَّقَ شيئًا وُكلَ إليْهِ ".

فمهما تم ترجيح التخيل والوهم والباطل، بواسطة السحر والشعوذة والرقية، فإن الحقيقة الموضوعية ميدانيا، لا بد أن تظهر وتسطع كالشمس. لذا نجد أن هذه الممارسات الثلاثة، لا تُحضا بنجاح يذكر. لأن الغش والخداع يخالطها من كل جانب. وتمارس فقط في الخفاء وفي الظلام. على هذا قال تعالى: "ولا يفلح الساحر حيث أتى".

عندما يعجز الإنسان عن التفكير السليم، والبحث عن أسباب موضوعية، يلجأ إلى السحر والشعوذة، لتبرير أو إيجاد حل لأي شيء يحدث له، ذلك على حساب عقله. فالسحر حق والعين حق، لكن هذا لا يعني أنهما قادران على تغيير حياة الإنسان خارج مشيئة الله. فالسحر لا يفلح أبدا، والعين لا تجدي نفعا بالمرة.

كيف نخشى السحر ونخافه ونحن مسلمون مؤمنون؟ فكل ما يحدث لنا، فبإذن الله وحده، وليس بفعل فاعل. فما محل السحر والسحرة من الإعراب هنا؟ ففي قوله تعالى: "ولا يفلح الساحر حيث أتى"، دعوة صريحة لتجنب السحر والسحرة، كيف ما كان وبأي طريقة كانت، حتى نكون حقا مسلمين. فالسحر محرم دينا وسنة وشرعا على كل مسلم.

لقد انتهي زمن السحر، في مبارزة سيدنا موسى مع سحرة فرعون. لقد تبين آن ذاك، أن السحر مجرد تخيل وتهيؤ، وتم القضاء عليه بعصاه وانتهى الأمر. كما أن العلاقة مع الجن، انتهت مع سيدنا سليمان عليه السلام، الذي كان يستخدمهم، بأمر من الله. وبعد موته عادت الأمور إلى طبيعتها، ولكل عالمه الخاص. فهم من نار والبشر من طين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله