الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابتزاز فنلندي لروسيا على حساب اللاجئين

آصف ملحم
باحث وكاتب

(Assef Molhem)

2023 / 11 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


يبدو أن العديد من الأطراف الغربية غير قادر على التأقلم مع فكرة أن روسيا حققت نصراً ساحقاً عليهم مجتمعين، و أقصد بذلك (الغرب الجماعي). ففي هذه المواجهة المستمرة منذ قرابة العامين، توعّد الغرب روسيا، و أرعد و أبرق، و أرغى و أزبد، إلا أنه لم يحصد غير الفشل!
تكمن المفارقة الكبرى، التي لا تستقيم في عقل أي حكيم أو محلل، في إصرار الغرب على اتهام روسيا بكل ما يحل به من مصائب و كوارث!
نعم، قد يستطيع الغرب إقناع الناس غير المطلعين على خفايا المسألة بأن روسيا قامت بـ (غزو غير شرعي) لأوكرانيا. ولكن كيف يمكن إقناع هؤلاء الناس بأن روسيا هي السبب في فشل السياسات الأوروبية المتبعة في مواجهة هذا (الغزو الروسي غير الشرعي)؟
روسيا لا تتدخل في إقرار ما تتخذه الدول الأوروبية من إجراءات أو تطبقه من عقوبات عليها، و هذا واضح. كما أن المسألة لم تبدأ مع بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة، بل بدأت منذ عام 2014. لذلك يبرز السؤال الجوهري، الذي قد يطرحه كل مراقب:
ألم يحن الوقت كي يتعلم الأوروبيون من أخطائهم؟
يبدو بوضوح أنهم لم يتعلموا، أو أنهم لا يريدون التعلم؛ فبدلاً من البحث عن حلول تنهي حالة التوتر و تحقن دماء الناس في أوكرانيا، بدأوا بإثارة القلاقل و المشاكل بهدف تسجيل أهداف وهمية في المرمى الروسي؛ وهذا يذكرنا بحال من خسر منازلة ما فهرب بعيداً عن الحلبة وهو يشتم خصومه كنوع من التعويض النفسي عن مرارة الهزيمة.
يرتبط الموضوع الذي نريد مناقشته هذه المرة بقرار فنلندا إغلاق 4 معابر حدودية مع روسيا ابتداءً من 18 نوفمبر الجاري؛ 3 معابر تقع على الحدود مع مقاطعة لينينغراد الروسية، و واحد يقع على الحدود مع جمهورية كاريليا الروسية. كما أن فنلندا أعلنت عن استعدادها لإغلاق كافة المعابر مع روسيا. ادّعت فنلندا أنها اتخذت هذا القرار لمعالجة مسألة تدفق المهاجرين غير الشرعيين من روسيا!
في الواقع، تدفق اللاجئين من روسيا إلى أوروبا عبر الحدود الروسية-الفنلندية لم يتوقف في السنوات الأخيرة. وهؤلاء المهاجرون من جنسيات شرق-أوسطية و أفريقية، و تحديداً من: سورية، العراق، الصومال، اليمن... إلخ. إذا تشير التحقيقات الصحفية إلى أن المهاجرين يستخدمون هذا الطريق، على الرغم من أنه أطول و أكثر كلفةً، لأنه طريق بري، فهو أكثر أماناً من العبور إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط. فلقد كان مصير الكثير من القوارب المبحرة إلى أوروبا الغرق في عرض البحر.
في هذه المرة، تتهم هلسنكي، على لسان الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو، موسكو باستخدام المهاجرين "لزعزعة استقرار" جارتها، و أن حرس الحدود الروسي يساعدون اللاجئين على عبور الحدود الروسية الفنلندية! وزارة الخارجية الروسية بدورها وصفت هذه الاتهامات بأنها "غريبة للغاية". وأعرب الكرملين عن أسفه إزاء "ابتعاد هلسنكي الواعي" عن "المستوى الجيد في العلاقات الثنائية".
في الواقع، لا يمكن لموسكو أن تمنع الراغبين بالعبور إلى فنلندا، إذا كان هؤلاء يقيمون على الأراضي الروسية بشكل قانوني. في الوقت نفسه، لا يبدو واقعياً أن تقوم روسيا بدفع الأجانب المقيمين على أراضيها إلى الهجرة إلى أوروبا.
لذلك، فإننا نعتقد أن دعوى هلسنكي لا تخلو من الابتزاز المقصود لموسكو؛ ففي السنوات الأخيرة لاحظنا طغيان العامل النفسي وغياب العقلانية في الكثير من القرارات الأوروبية حيال روسيا؛ وخاصة العقوبات، التي أضرّت بأوروبا قبل أن تؤثر على روسيا.
ما يعزز هذا الاستنتاج هو أزمة الهجرة في صيف و خريف عام 2021 بين بيلاروسيا وجاراتها، بولندا وليتوانيا ولاتفيا. فلقد حاول المهاجرون بشكل جماعي العبور من بيلاروسيا إلى دول الاتحاد الأوروبي. وقتها اتهمت الدول آنفة الذكر مينسك بإرسال اللاجئين إليها عمداً، بهدف شن (حرب هجينة) للضغط على الاتحاد الأوروبي. نفى الرئيس ألكسندر لوكاشينكو هذه الاتهامات، لكنه أوضح أن السلطات البيلاروسية لن توقف تدفق المهاجرين المتجهين إلى الدول الأوروبية.
المشهد بعينه يتكرر هذه المرة مع روسيا، فلم يكتفي الجانب الفنلندي بتوجيه الاتهامات، بل أن بعض الشخصيات دعت إلى التجمع و الاحتجاج أمام السفارة الروسية في هلسنكي في يوم 19 نوفمبر الجاري. وعلى الرغم من أن عدد المحتشدين لم يتجاوز العشرات، إلا أن ما يثير الانتباه هو طبيعة اللافتات التي رفعها المتظاهرون؛ إذ أنها كانت موجهة ضد شخص الرئيس بوتين، معتبرين أن سبب كل ما يجري هو (التأثير الهجين) على أوروبا من طرف روسيا.
علاوة على ذلك، فإن الموقف الفنلندي لا يخلو من ازدواجية في المعايير، لأن السلطات الفنلندية نفسها تتعامل مع اللاجئين القادمين من أوكرانيا بطريقة مختلفة، فهؤلاء مرحب بهم دائماً مقارنة مع المهاجرين من جنسيات أخرى. و هذا يُبرَز بوضوح أن السبب لا يكمن في الهجرة غير الشرعية بل في مسائل أخرى، تتمحور بشكل أساسي حول محاولة تشويه سمعة روسيا و ابتزازها.
فضلاً عن ذلك، يغيب في موقف هلنسكي احترام حقوق الإنسان و حقوق اللاجئين، التي يطالبون بها كل دول العالم وعلى كل المنابر الدولية، لا بل إن الغرب استخدم (حقوق الإنسان) كورقة لغزو الدول الأخرى، و الحروب التي خاضها الغرب في العقود الأخيرة خير دليل على ذلك.
ختاماً، أعتقد أن البحث في هذا الموضوع يتطلب كتابة عدة مقالات، و ما أوردناه في الأعلى تكفي للإضاءة على هذه المسألة و البرهان للقارئ الكريم طبيعة المواقف و السياسات اللاعقلانية في أوروبا. فجميعنا يعلم أنه يمكن حل أي مسألة إذا توفرت النية لذلك، فكان الأجدر بفنلندا أن تدعو روسيا لمناقشة الموضوع بروية و تأنٍ بدلاً من هذا التحريض، الذي لا طائل منه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النصر الساحق حققه صدام قبل بوتين
د. لبيب سلطان ( 2023 / 11 / 21 - 01:54 )

عبارتان للكاتب تستحق التوقف
الأولى ان روسيا احزت انتصارا ساحقا على اوربا وها هي بريطانيا والمانيا وفنلندا ..الخ تنهار بسبب صمود روسيا لسنتين وهي تخوض عملية خاصة ( تسمية اطلقها بريجنيف على غزو افغانستان واستمرت عشر سنوات ) ..انه تماما مثل تصريح لطيف نصيف وجلاوزة البعث بعد حرب ايران ان العراق انتصر، كيف ؟ الرئيس لايزال باق في السلطة ..بوتين قتل 400 الف من الشعبين خلال سنتين..وها هو نصر ساحق..كنا نعتقد ابواق صدام حالة خاصة ولكنها يبدو. انها سمة للنظم الديكتاتورية وابواقها
الثانية ان الغرب مطالب بالبحث عن حل لحقن الدماء..وليس بوتين هو المطالب بذلك وانهاء غزوته الاجرامية لبلد مجاور..وهل من يقاتله غير الشعب الاوكراني دفاعا عن ارضه ..وهل المطلوب من الغرب ان يخضع ويوافق على غزو دكتاتور واحتلال بلد مجاور له ما يعني تقويته للتوسع الامبراطوري لثمانية دول صغيرة محيطة به..
منطق اعوج في كل جوانبه ..سياسيا وانسانيا . وقانونيا ..انه منطق المطبلين للديكتاتوريات التي ظن العالم انه تخلص منها..ولكن هاهي وادواتها امامنا.ان من يساند عدوانية بوتين يساند ناتنياهو..كلاهما يعتدي على شعب مجاور والغاء كيانه


2 - ردي على تعليق د. لبيب سلطان
الدكتور المهندس آصف ملحم - كاتب المقال ( 2023 / 11 / 21 - 02:35 )
كعادتك، قرأت ولم تفهم معنى الكلام، لا بل يبدو أنك غير مستعد لمحاولة الفهم، لأن قلبك مليء بالحقد مسبقاً
شرشرة الاتهامات المجانية على الناس لا تليق بالباحث و المفكر، لذلك سأكتفي بالقول
لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه


3 - محرقة اوكرانيا وغزة هما من صناعة الفاشي بايدن
حسين علوان حسين ( 2023 / 11 / 21 - 05:36 )
الذبابة مانه تحولت إلى بوز مهانة. حرب أوكرانيا هي حرب تاجر الحروب الفاشي بايدن لأبادة الشعبين الروسي والأوكراني عندما أمر جرذه زيلنسكي بعدم تنفيذ اتفاقية منسك التي وقعها هذا المأفون النازي السلفي الصدامي الشمولي. لذا صرح ترامب مرارا وتكرارا بأنه لو كان قد فاز بالرئاسة لما سمح لهذه الحرب بالاندلاع، كما قال ان بوسعه انهاؤها بمكالمة هاتفية واحدة. بعد شهر من بدء الحرب توصل الجانبان الروسي والاوكراني الى اتفاقية للسلام، تنسحب بموجبها روسيا من الدونباس لقاء منح الحكم الذاتي لها ضمن اوكرانيا. عندها ارسل جرذ الحرب الارهابي الصدامي الشمولي بايدن فرخه جونسن الى زيلنسكي النازي الصدامي الشمولي السلفي لمنعه من ابرام ذلك الاتفاق مع روسيا، مؤكدا له ان العاهر الليبرالي النازي بايدن والغرب الفاشي سيزودونه بكل الاسلحة المطلوبة مجانا، وبالخبراء العسكريين وبالدعم اللوجستي، وبالهبات المليارية لمواصلة الحرب. كما أطلعه على خطط الغرب لتدمير الاقتصاد الروسي بالعقوبات وتفكيك تحالف روسيا مع جيرانها من الداخل. حرب تدمير اوكرانيا - مثل حرب ابادة أهل غزة - هي حرب الصدامي بايدن سيد الذبابة حانه ومانه ومنيرة الحقيرة.


4 - توضيح للسادة المعلقين
الدكتور المهندس آصف ملحم - كاتب المقال ( 2023 / 11 / 21 - 10:55 )
نحن في هذه المقالة نناقش موضوع وصول اللاجئين إلى فنلندا عن طريق روسيا، و محاولة فنلندا اختلاق مشكلة مع روسيا في هذه المسألة، كنوع من الانتقام السياسي منها
شكراً للجميع ولكن يا حبذا التركيز على هذه النقطة و ابداء الرأي فيها
لكي نفهم طبيعة الموقف الفنلندي منها


5 - الموقف ضد الحروب يستلزم موقفا انسانبا
منير كريم ( 2023 / 11 / 21 - 13:59 )

اشكر الدكتور اصف ملحم
من يقف ضد الحروب عليه ان يكون انسانيا وحساسا ومؤدبا وانت يا صاحب التعليق 3 عكس ذلك تماما
اذن لابد من دوافع اخرى وراء هذه العدوانية
اسف لخروجي عن الموضوع


6 - عن اي حقد تتحدث..
د. لبيب سلطان ( 2023 / 11 / 22 - 04:17 )
السيد الكاتب
ناقشت كلماتك من مقالتك نفسها ..تدافع فيها عن ديكتاتور يشن حربا على مدنيين..وانت تدعوه انه انتصر انتصارا ساحقا ..على من ؟ على اميركا او على بريطانيا، انه انتصر على مدنيين لشعب مجاور لاغير ..دمر مدنهم وهجرهم وقتل مئتي الف من رجالهم ..لولا الحياء لكتبت بشكل اخر
بوتين ينكر ان اوكراينا شعب ودولة ..و ناتنياهو .. ينكر ان الشعب الفلسطيني كيان ويستحق
دولة..كلاهما يدمر المدن ويقتلا المدنيين ..كلاهما ديكتاتور قومي يميني متطرف
وضح للقارئ الفرق بين الشعب الفلسطيني والاوكراني ..وحاول ان تبرهن ان هناك فرقا بين بوتين وناتنياهو ..او بوتين وصدام ..وهنا اتت المفارقة ..بوتين يدعي وكما على لسانك انه انتصر انتصارا ساحقا.. ..كما ادعى صدام بعد غزو جارته الضعيفة الكويت .. وعند طرده منها وفقدان200 الف عراقي حياتهم انه انتصر...كيف حافظ على كرسيه
نعم انا حاقد ..على نوعين من البشر ..الديكتاتوريين وعلى اتباعهم والمدافعين عنهم ومجمليهم ..وعداها فاني لا اعرف معنا للحقد .. انه هروب العجزة عند مواجهة الحقائق والوقائع والبدء بسب من يواجههم بها ..عيب مرتين الاولى لتجميل ديكتاتور قاتل والثانية السب


7 - جواب التعليق 7 - د. لبيب سلطان
الدكتور المهندس آصف ملحم - كاتب المقال ( 2023 / 11 / 22 - 07:39 )
أكرر ما كتبته في التعليق رقم 5
نحن في هذه المقالة نناقش موضوع وصول اللاجئين إلى فنلندا عن طريق روسيا، و محاولة فنلندا اختلاق مشكلة مع روسيا في هذه المسألة، كنوع من الانتقام السياسي منها
شكراً للجميع ولكن يا حبذا التركيز على هذه النقطة و ابداء الرأي فيها
لكي نفهم طبيعة الموقف الفنلندي منها
ـ
تركتَ الموضوع الأساسي للمقالة و التقطت عبارة واحدة ثانوية، و هذا يدل على رأي مسبق كامن عندك، مع العلم أنني أنا كتبت بوضوح
(قد يستطيع الغرب إقناع الناس غير المطلعين على خفايا المسألة بأن روسيا قامت بـ (غزو غير شرعي) لأوكرانيا. ولكن كيف يمكن إقناع هؤلاء الناس بأن روسيا هي السبب في فشل السياسات الأوروبية المتبعة في مواجهة هذا (الغزو الروسي غير الشرعي)؟)
ـ
الدول الغربية أيضاً أعلنت أنها ستحقق نصراً استراتيجياً على روسيا، وعندما فشلت في ذلك، بدأت تلجأ لطرق الابتزاز عبر قضايا تافهة كاللاجئين
ـ
و للتذكير فقط أوكرانيا و الدول الغربية المعادية لروسيا تدعم إسرائيل في حربها ضد الشعب الفلسطيني، بالمقابل روسيا استخدمت الفيتو لإحباط قرار أمريكي في مجلس الأمن لصالح إسرائيل
لذلك أراك غير منصف في تقييمك للموضوع


8 - جواب التعليق 6 - السيد منير
الدكتور المهندس آصف ملحم - كاتب المقال ( 2023 / 11 / 22 - 07:47 )
شكراً لك أيضاً
أعتقد أن إدارة الموقع هي من حذفت تعليقك المعنون بـ لا بد من فاصل كوميدي
للأسف سيدي كل حواراتنا السياسية العربية أصبحت شروي غروي
لذلك الأمة العربية فاشلة في كل شي
دائماً مهما كانت درجة موضوعية المقالة ينتهي النقاش بكيل الاتهامات بين الأطراف المتحاورة


9 - أحسنت القول سيدي الكاتب
حميد فكري ( 2023 / 11 / 22 - 12:47 )
لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه.

اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك