الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنوان الموضوع: دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والشريعة الإسلامية ح 3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 11 / 21
دراسات وابحاث قانونية


أقسام اليد (المعنوية):.
لقد قسم الفقهاء اليد المعنوية في اصطلاحهم إلى قسمين: يد ضمان و يد أمانة.
فأما يد الضمان فهي (يد الحائز للشيء بدون إذن مالكه عدوانا كالغاضب والسارق، أو بإذنه ولكن بقصد تملكه، كالقابض على سوم الشراء والملتقط بنية التملك)، وحكم هذه اليد الضمان أي غرم ما يتلف تحتها من أعيان مالية مطلقا أيا كان سبب هلاكها أو ضياعها وعليه رد المثل التالف إن كان مثليا وقيمته إن كان قيما، وقد جاء في شرح الحموي على الأشياء والنظائر "الضمان عبارة عن رد مثل الهالك إن كان مثليا وقيمته إن كان قيماً ".
وأما يد الأمانة: فهي يد الحائز للشيء بإذن صاحبه – لا بقصد تملكه –لمصلحة تعود لمالكه ( كالوديع والوكيل والأجير الخاص والولي والوصي على مال اليتيم والناظر على الوقف وبيت المال) أو مصلحة تعود للحائز كالمستأجر والمستعير والمرتهن والقابض على سوم النظر) أو مصلحة مشتركة بينهما ( كالمضارب والشريك والمزارع و المساقي ).
وقد جاء في م ( 762 ) من مجلة الأحكام العدلية في تعريف الأمانة بأنها "هي الشيء الذي يوجد عند الأمين، سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أو كان أمانة ضمن عقد كالمأجور والمستعار، أو دخل بطريق الأمانة في يد شخص بدون عقد ولا قصد، كما لو ألقت الريح في دار أحد مال جاره، فحيث كان ذلك بدون عقد، فلا يكون وديعة، بل أمانة فقط، وحكم هذه اليد أنها لا تتحمل تبعة هلاك ما تحتها من الأول ما لم تتعد أو تفرط في المحافظة عليها، فإن وقع شيء من ذلك صارت ضامنة ولزمها غرم بدل التالف لمالكه، المثل في المثليات، والقيمة من القيميات، وقد جاء في المادة ( 768 ) من مجلة الأحكام العدلية " والأمانة لا تكون مضمونة"، يعني (إذا هلكت أو ضاعت بلا صنع الأمين ولا تقصير منه فلا يلزمه الضمان).
ومن هذا يتضح لنا أن يد الشريك المنتفع في الشيوع على الأغلب الأعم هي يد أمانة طالما لم يعترض أو ينبه أو يعلن الشريك الأخر عن حقه في الأنتفاع أو إزالة الشيوع أو أن هذا الأنتفاع يسبب له حرمان في أستحصال منفعته الخاصة، إذا لا خلاف بين الفقهاء في أن يد الوديع والمستأجر والمضارب والشريك والرسول والأجير الخاص والوكيل بغير أجر والوالي والوصي والقيم والملتقط بقصد التعريف ومن ألقت الريح في بيته متاعا لغيره .. كلها أيد أمينة فلا تضمن من غير تعد ولا تفريط لأن الأصل في هذه الأيدي – في الجملة الإرفاق والمعونة، فلو اعتبرت ضامنة مطلقا لزهد الناس في قبول موجباتها ورغبوا عنها وامتنعوا، وفي ذلك تعطيل لمصالح الناس. إذا في دعاوى أجر المثل التي تقام أمام المحاكم المدنية والمسماة دعاوى أجر المثل ووفقا لما سطرته أحكام الشريعة الإسلامية على مبدأ جلب المنافع هو أنها من دعاوى غرم الضمان بشرطيها:.
أولا _ التنبيه والإنذار والإعذار للمستفيد أو الشريك المنتفع بشكل قانوني وأصولي كي يبدأ ميعاد الضمان وأن يعلم المستغل مركزه القانوني، فـ (لا مطالبة بدون طلب ولا دعوى بدون أستدعاء).
ثانيا _ أن لا يكون المطالب أيضا متعديا في المطالبة أو قاصدا الضرر بالشريك خاصة في الأعيان الغير قابلة للإستغلال المشترك أو التي لا تقبله أصلا، وتقدر المطالبة بالحد الأدنى الذي يمثل حلا وسطا بين حقين على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار).
ثالثا _ أن لا يكون المطالب بغرم الضمان مقصرا أو متسببا في فعله في أنتفاع الغير خاصة عندما تكون العين المشتركة بحاجة للإستغلال كالأراضي الزراعية والبساتين والدور السكنية، فلو ترك الشركاء الإستغلال تخرب العين ويتهدم البناء أو يتضرر مما يسبب ضررا جماعيا لكل الشركاء.
رابعا _ أن تكون المطالبة جادة وأمام القضاء وفيها مصلحة مشتركة جادة ومعلومة وأن لا تتخذ ذريعة لإفقار الشريك أو إجباره على الضمان المرهق خاصة عندما تترك المطالبة لمدة طويلة ثم يفاجئ الشريك بالمطالبة التي قد يعجز من أدائها فيفقد جزء من مركزه المالي بسببها.
هذه أهم الفرق والتوصيفات بين دعوى أجر المثل الشائعة في القضاء وبين دعوى غرم الضمان التي أبتكرها الشرع الإسلامي، فالأولى قائمة على مبدأ الملكية المادية التي لا تعتني بمراعاة حقوق الشركاء والروابط التي تربطهم مع بعض، وإنما تركز على مبدأ سلطان الحق المجرد، أما في الدعوى الثانية فتقوم على مبدأ أن الملكية وإن كانت سلطانا وحق فأنها أيضا رابط أجتماعي وإنساني يشد المجتمع إلى بعضه وأنها ليست سيف مسلط على الأخرين، خاصة إذا ما علمنا ولو على سبيل الأفتراض أن العين المشتركة التي يتركها كل الشركاء دون أستغلال لسبب ما أو عذر وتخرب من جراء الترك، لا يتصور لا قانونا ولا شرعا أن يطالب أحد شركاءه أو بعضهم بأجر مثلها أو التعويض عن الإهمال، والسبب يعود على أن المقصر لا يحق له أن يدعى حقا هو ساهم في ضياعه وتطبيق قاعدة (الغرم بالغنم).

ب . الغصب:.
يعرف الغصب فقها بأنه (صورة من صور الفعل الضار المستمر و الذي يبدأ بمجرد الاستيلاء دون سند قانوني أو شرعي على حق الغير أو ماله، أو بمجرد منع الغير من الانتفاع بذلك الحق و وضع اليد على المغصوب، و يكون الاعتداء فيه مستمرا و متجددا ببقاء اليد غير المشروعة على المغصوب، لأن إرادة الغاصب قد اتجهت إلى الاستمرار في الغصب و التعدي، خلافا لباقي صور التعدي على المال)، فلم يعرف القانون المدني العراقي الذي هو المرجع في تحديد المفهوم القانوني للمصطلح أي معنى ثابت أو قياسي، وهذا واحدا من أسباب الأختلاف في القضاء عند تحديد معنى الغصب، ولكنه أشار إلى المفهوم بدلالات حكمية في المواد (192 إلى المادة 201) منه، مقدما صور عملية وليست تعريفية عن الغصب، لكن القاسم المشترك المستفاد منه في تحديد مفهوم الغصب يعتمد على ما يلي:.
1. أن لا يكون الغاصب مالكا أو صاحب سلطة ما على المغصوب كلا أو جزأ (المادة 192 ) _ يلزم رد المال المغصوب عیناً وتسلیمه الى صاحبه.
هنا يجب أن تكون يد الغاصب يد أجنبية على العين المغصوبة ولا يحق لها التصرف بها بدون سند قانوني، فلو تصرف بها تحت عنوان سند قانوني أخر لا تكون يد غاصبة لها، بل متعديا في أستخدام الحق بشرط وجود معارضة حقيقية للتعدي، فلا يفترض الغصب أفتراضا وأبتداء علينا بل الرجوع للقاعدة وهي الأصل (البراءة) التي تعني "الإباحة الأفتراضية" طالما لم تتم المعارضة القانونية الأصولية بناء على قاعدة (السكوت في معرض الحاجة بيان)، وأن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم تثبت الوقائع خلاف ذلك.
2. الشرط الثاني والمتصل بما سبق أن يؤدي الغصب إلى حرمان المالك أو صاحب حق التصرف أو الشريك من حقه في الأنتفاع برغم المطالبة.
المطالبة وحدها هي التي تكشف صيغة الغصب وتنشئها وبذلك تمنح المغصوب منه حق المطالبة لأنهاء حالة والكشف عنها، وهنا تبدأ حقوق المغصوب منه وليس قبل ذلك، أي يجب أن يثبت المغصوب منه أنه طالب بحقه وفقا للأوضاع القانونية التي تؤهله للأنتفاع، إلا أن الغاصب هو الذي حرمه بفعله "الغصب" من الأنتفاع، فلا غصب مع عدم المطالبة أو التراخي بها، وقد يعتبر ذلك إذنا ضمنيا بقبول الحالة وبالتالي أنتفاء الغصب، فالغصب مشروط بالمنع أو الأمتناع.
أما الغصب بالمفهوم اللغوي والذي يعتمده شراح القانون كما يعتمد أساسا لفهم المقاصد والدلالات منه عبر تأطير كعنوي كامل وكلي، فقد ورد الغصب على أنه (أخذ الشيء ظلما، يقال: غصب الشيء يغصبه غصبا واغتصبه فهو غاصب، وغصبه على الشيء بمعنى: قهره وغصبه منه. والاغتصاب مثله والشيء غصب ومغصوب. وبالمعنى الشرعي هو: «أخذ مال الغير ظلما وعدوانا». أو هو: «أخذ مال قهرا تعديا بلا حرابة».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية