الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واثقيات 25 للشاعر واثق الجلبي .. منمنة العشق وقارورة الشهد

واثق الجلبي

2023 / 11 / 21
الادب والفن


قراءة / جبو بهنام بابا
حين نقرأ نصا او قصيدة وتدغدغ أفكارنا ، وتحرك إحساسنا ، نشعر اننا في حالة اخرى من حيثيات الروح الإنسانية ، نسفر إلى عوالم اخرى، بغير مركبة او منصة فضائية ، روحنا التواقة الى السعادة تجتاحنا في تلك اللحظة ، وترسم فينا شعوراً مرفّهاً لخلايا اجسادنا ، وكأننا نشاطر فرحاً عميقا داخل فكرنا الذي يسعى دوماً إلى ابتكار كوكب من كواكب هذا الكون لنسافر بعمق الفضاء ، عندئذ نشاطر تلك اللغة التي تسعدنا ، أن نرى منها السعادة من خلال تلك الصور الرائعة المعنى ، يقول الأديب الجلبي: (منمنمة العشق يا دميتي ترين احتراقي على قطتي وتخفين أمري عن الأخريات بلهفة حب وقارورةُ الشهد بين الثنايا أريدُ من البدر كل البقايا) حين يسامرنا بعض الضوء ، بين اقاصي الأرض تنتابنا رعشات ونوبات لم نكن نتصوّرها ، تمتص رحيق الأمنيات التي تقتنص كل لحظة صمت من بين ثنايا زوايانا، فتمتص من أقاولنا لغة الشفاه المريبة التي نستعين بها، لعلّنا نغيّر بعض مآسينا التي تجتاحنا بين الفينة والفينة ، نتآلف معها ، نرسمها في مخيّلتنا، نعانقها بشغف مضني ، لتعدو إليك في كل الظروف : (وقارورةُ الشهد بين الثنايا أريدُ من البدر كل البقايا وتخفين في صدرك رعشة تريدُ امتصاصك حتى الزوايا فتمضين بين الشفاه التي ) حين تنادي لأمر ما ، في هذا الكون ، ترسم لقصتك لوحة فنان مازال يعاني من شظف الحب ،أو الفراقن أو شغف الأمنيات،هكذا نحن نعانق افكارنا ، وحين تغادرنا تلك الدمعة لتنزّ بحرارة الإشتياق ، صمت اللقاء ، ذلك الإشتياق المبهي الذي يشتهي القلب ليكون لوناً بهيجاً في بستان الربيع ، إليك المشتهى والملتقى يانبع الروح ويامجبر اللقاءات الجميلة ، في ليال غاب عنها القمر، ليأتي الإنتظار بعد طول الغياب وظهور فصل الجمال وبهاء اغانيه ووروده الحمراء المزيّنة بإقحوان الياسمين : (أيا قطتي ويا قصتي ويا دمعة الوصل والإشتهاء لأنت الصباح وعمقِ المساء وأنت ككأسٍ من الأحجيات أحيطك حبا فتبكين شوقا وتغفين حتى يصيحُ الربيع) وصف بديع يرتكز بعمق خلاب ، ونفحات ترسل لنا موجات سعادة ، لنكتشف في قلوبنا أننا مازلنا نحب الحياة ، نعانق نسمات الضوء فيها ،ذلك الوصف البديع للحب الذي يدغدغ لغة الفكر واشتهاء اللقاء مابين العيون ولغة الأمنيات الحارة التي تجعل ان يقف بمزايا، تلك الشفاه الفستقية المستدامة بألق مفعم، بأشواق مزخرفة من بين ثنايا لوحة موناليزية من شمع ومن حري، هكذا يعانق الشاعر أحلامه التي فاضت بعبق الكلمات : (أيا شُعلة الحُسنِ ويا شهوة الروح أشمُ الأنوثة من شفتيك ومن خدك ومن كل أرجائك والعيون ) هناك تطور مسترعي للنظر. كلمات في غاية الرقة والشفافية والوضوح ، متراصة كأنها حبات عقد منظوم ، تتناغم فيها الحروف وكأنها نوتات موسيقية، وهذا ماجعل القاريء باعتقادي تذوق النص لجمال الكلمة وعذوبتها وسحرها: ( فأرمي بقلبي وأصطادُ قربا وينعمُ بالوصل هذا العشيق فذاك المدى وكل الخطا تعودُ إليك .. لأنك يا قطتي المُنتقاة ) يوميء الشاعر الى طريق مفعم بالجمال ، يودّ الدخول إلى ذلك الخدر الليلكي الذي قال الشاعر امرؤ القيس ( ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة فقالت لك الويلات إنك مرجلي ) كلمات منحوتة من قلب ظاميء يحدده الجمال إلى حد الشغف، تأخذه البراري والقفار والبحار كما كان عنتر يبحث عن عبلة، للبحث عبر الأزمان البعيده، ليلتقي بكفّها اللطيف كأنه ذلك الحديث الذي يتشوّق إلى رؤيته البضّة : ( طريقُ الطريق وصوتٌ من الخدرِ الأجملِ على صدرك البض كأن البحار وصوتُ القفار يحنُ إلى لمسةٍ من يديك ) يرحل ويعود أدراجه كأنه بوصلة يرغب الوقوف الى ذلك المسار، حيث يؤشر السهم يقف هناك ليرى مايهمّ اليه قلبه ، دخان أعواد البخور يغفو على أريجها ويشتهي الخشوع في محرابها، ويغفو بعد أن تخور قواه من البحث ، تعب ومنهك من البحث ، أنّاته تملأ صدر الكون، وذارياته تطوف في صحراء تغور في داخله ، ينطلق كالرماح تميمة في صدره ، ففي كل ليلة يؤطر صمته بغياب روميو وجوليت فلا عودة منه إلاّ الرحيل : ( فمنك انطلقتُ إليك أعود وأنفذ من عمق ذاك المسام كعود البخورِ ألفُ اشتهائك حدّ الخشوع تخورُ قوانا ونبدأ غفوتنا كل يوم وآهاتك تملأ الذاريات أنيناً على صدريّ المتعبِ كوحيٍ تغورين في داخلي يقولُ اغتصبني تقولين اندفع كالرماح وفي كل ليلة تموتين ألفا أزيدُ عليها وما بين قتلي وقتلك .. قتلة ) النص فيه من الشفافية المفعمة بالعشق الأزلي الذي يدغدغ افكار وروح القاريء ، نص ابداع وجمالي اجاد الشاعر واثق في رسم الخطوط البيانية لعملية بناء القصيدة الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟