الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- طوفان الأقصى -ومصالح الفلسطينيين في مآلات الحرب الممكنة في سياسات القوى المتحاربة !

نزار فجر بعريني

2023 / 11 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أين مصلحة الفلسطينيين في مآلات الحرب الممكنة في مصالح وسياسات القوى المتحاربة؟
هل يعطي نهج مقاومة الاحتلال أيّة قوة عسكرية / سياسية حصانة ضد النقد السياسي ؟
في ضوء تجارب شعوب المنطقة، هل تتراجع في أولويات قيادات قوى المقاومة المصالح السياسية الخاصة لصالح القضايا الإنسانية والوطنية؟
بعيدا عن التخندقات "الإيدولوجية "، وبناء على أرضية عوامل واقعية، لنحاول إدراك طبيعة مصالح الفلسطينيين في المآلات الممكنة للحرب الراهنة على غزة، من خلال قراءة الأهداف السياسية الحقيقية للقوى المنخرطة مباشرة في الحرب على غزة-المقاومة البطولية التي تقودها "حماس"، بسلاح مقاتليها وتضحيات ملايين الفلسطنيين، في مواجهة حرب شرسة، يقودها جيش الاحتلال الإسرائيلي واجهزته السياسية والامنية ، المدعومة أمريكيا:
إذا كان واضحا أنّ الهدف التكتيكي لحكومة الحرب الإسرائيلية هو تجيير عواقب هجوم طوفان الأقصى البطولي من أجل إحداث أكبر قدر من القتل والتهجير بين المدنيين الفلسطينيين، وتدمير شروط الحياة الإنسانية- في سياق تحقيق أهداف استراتيجية، ترتبط بتقويض شروط قيام" تسوية سياسية" للصراع التاريخي،وقد باتت استحقاقا في سياق تقدّم خطوات التطبيع الإقليمي الأمريكية ، سواء وفقا لمشروع الجامعة العربية، الذي يقوم على أرضية القرار لعام ١٩٦٧،٢٤٢، أو وفقا لاتفاقيات أوسلو وما عُرف "بحل الدولتين "،أوّلا؛
وإذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة قيادة الحركة وعوامل سياق تحوّلها إلى قوّة مقاومة رئيسيّة،ثانيا (١)؛ وحيثيات هجوم طوفان الأقصى الفلسطينية، المرتبطة باستمرار سياسات القمع والتهويد الإسرائيلية وما توجّبه من ضرورات المقاومة المسلّحة ، ثالثا؛
وطبيعة الشروط الإقليمية، رابعا ؛(٢) واستمرار النزاع بين حماس والسلطة على تمثيل الشعب الفلسطيني، وما ينتج من خشية قيادة حماس ان يصل الإسرائيليون والسلطة إلى تسويات سياسية أو أمنية دون مشاركتها، ودون الأخذ بيعين الاعتبار قوتها العسكرية؛ فأين الغير طبيعي في أن تبادر القيادة السياسية لحماس بشكل منفرد ولحساباتها الخاصة (٣) إلى شن هجوم عسكري كبير، غير مسبوق،يُعيد ترتيب أوراق التسوية السياسية الفلسطينية، ويضع الجميع أمام مخاطر حرب إقليمية،وضرورة التعامل مع القوّة العسكرية لحماس وأخذ وجودها، وقدراتها، ومصالحها في عين الاعتبار،و الاعتراف بها كمحاور سياسي وأمني لا غنى عنه، ولايمكن تجاهله؟
بناء عليه، وفي ضوء المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل للوصول إلى صفقة تهدئة مؤقتة للهجوم الإسرائيلي على غزة ، تعززها جهود الجامعة العربية، وأوراق الضغط الأمريكية والعالمية، وفي ظل استنفار حربي إقليمي غير مسبوق، وفرضية نجاح خطّة حماس على الصعيد التكتيكي في تركيز جميع أوراق القوة التفاوضية في يدها، كيف يمكن لنا قراءة مآلات نهاية الحرب وتقييم أداء حماس من وجهة نظر مصالح الفلسطينيين، بشكل عام ؟
١بقاء سلطة حماس على ركام مادّي وبشري هائل، وتحدّيات إزالة آثار الحرب، وهي أبعد من إمكانيات سلطة أمر واقع ميليشياوية ، نجحت تاريخيا فقط في تثبيت سلطتها المحلية في مواجهة السلطة الوطنية الفلسطنية من خلال إدارة لعبتي "الاشتباك" مع جيش الاحتلال، و"التشبيك" مع قوى "محور المقاومة"(٤)،وتنجح راهنا في إدارة لعبة المفاوضات على هدنة إنسانية مؤقّتة، قد لا تعطيها أوراق تمثيل الشعب الفلسطيني في مفاوضات سياسية قادمة ، كما تريد !!
٢ توفير شروط عودة السلطة الفلسطينية إلى الحالة التي كانت عليها قبل ٢٠٠٧، عبر مرحلة انتقالية، سواء بالمشاركة بدور سياسي لحماس، أو من خلال قوات "سلام عربية"، تقوم بمهام سلطة انتقالية، وتعمل على توفير شروط عودة السلطة الفلسطينية، وبالتالي فرض شروط إعادة إحياء عملية حل الدولتين في إطار مسار التطبيع الإقليمي، وفي مواجهة جميع إجراءات الإحتلال الإسرائيلي الإجهاضيّة .
إذا كان في الخَيار الاوّل مصلحة واضحة لحماس ولسلطة الإحتلال وللعرّاب الخارجي الإيراني ، فأين مصلحة الفلسطينيين؟
بناء عليه، أعتقد أنّ بقاء سلطة مقاومة، "فاشلة / تابعة" لحماس ...تمنع مسارات الحل السياسي وإعادة توحيد غزة والقطاع تحت سلطة واحدة، كأساس لقيام "حل الدولتين" وبناء مشروع وطني، تسعى باستمرار لفرض الاعتراف بشرعية تمثيلها للفلسطينيين من خلال هجمات عسكرية، تُعطي حكومة الاحتلال وجيشها مبررات إضافية لاستباحة الأرض والأمن الفلسطينيين، وتبقي حياة المدنيين تحت رحمة لعبة الاشتباك السابقة، وفقا لمصالح وسياسات لعبة الصراع الإقليمي، قد يكون مصلحة إسرائيلية وإيرانية، علاوة على كونه مصلحة حمساوية، لكنّه لن يمكّن الفلسطينيين من الخروج من دوائر ألعاب السيطرة الحمساوية والصراع الإقليمي، إلى آفاق بناء شروط الحدود الدنيا المتاحة من مشروع تحرر وطني.
إذا كنّا نستطيع فهم جميع جوانب العلاقة الجدلية بين نهج المقاومة الذي تمارسها حماس، ونهج الردع الإسرائيلي، خاصة المرتبطة بلعبة "التخادم المتبادل"، ندرك مكامن الخطر على مصالح الفلسطينيين في أن لاتؤدّي الجولة الراهنة، الأكثر تدميرا لشروط التسوية السياسية، إلى كسر قواعد الاشتباك الثلاثي، الحمساوي /الإسرائيلي/ الإيراني.
المسار الأخطر على الشعب الفلسطيني ليس فقط إعادة احتلال غزة، بل أيضًا أن يتم تحت أيّة يافطات دعم وترويج المآل الذي يؤدّي إلى إعادة تأهيل "حالة السيطرة التشاركية بين حماس وسلطة الاحتلال" التي كانت قائمة منذ ٢٠٠٧ و لعبة الهجوم، والهجوم المضاد، والتشبيك الإقليمي ... التي تصنع صيرورة تدمير مقوّمات الحياة الكريمة، وتقطع سبل أيّة مسارات سياسية أخرى.
مَن يشكّك بواقعية هذه الرؤية، ما عليه سوى إعادة إجراء قراءة موضوعية لتجارب مشاريع أنظمة "المقاومة" العربية، وما انتهت إليه سلطويا، دون أن ينسى دروس التجربة الواقعية التي تصنعها "المقاومة الإسلامية اللبنانية" منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي.
ما قدّمه الفلسطينيون من تضحيات تجعلهم يستحقون رؤية ضوء ما في آخر النفق ، فلتكن رؤيتنا واضحة ، إذا كنّا حقا دعاة وانصار قيام تسوية سياسية عادلة .
----------------------------------
(١)-
"حركة المقاومة الإسلامية" ولدت ١٩٨٧ في ظروف بطولات الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، وترعرعت، وتحوّلت إلى سلطة حاكمة في غزة ٢٠٠٧،في موازاة صعود اليمين المتطرف لإسرائيلي، في سياق شروط مؤاتية، صنّعتها سياسيات حكومية وأمنية إسرائيلية محدّدة، وكان يمكن لمصالح وسياسات مختلفة أن تصنع مآلات سياسية وعسكرية متناقضة على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، وعلى صعيد العلاقات البينيّة . هي الحقيقة الابرز التي لاينبغي تجاهلها ، إذا كنّا نبتغي الموضوعية .
بعد اغتيال " بطل السلام " الإسرائيلي، رئيس الوزراء أسحاق رابين ١٩٩٥،اتبع خليفته، اليميني الإرهابي نتنياهو ومجموعته السياسية والامنية المعارضة لمسار السلام مع الفلسطينيين، سياسات إجهاض شروط الحل السياسي، عبر تصعيد وسائل العنف العنصري ضدّ جميع أطياف قوى الشعب الفلسطيني وسياسات التهويد والضم وبناء المستوطنات وانتهاك حرمة الأماكن المقدّسة، وما توفره من بيئة جاذبة للتعصب الديني ، والتطرف السياسي ، وبالتالي تعزيز شروط إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية شروط صعود حماس ، التي تقاطعت رؤيتها الإيدولوجية ونهجها السياسي مع أهداف وسياسات قوى اليمين الصهيوني المتطرف، الرافضة لقيام تسوية سياسية وفقا لمسارات أوسلو، وقد بررت، خاصة بعد ١٩٩٣، وسائل المقاومة الحمساوية العنيفة ردود أفعال إسرائيلية انتقامية ، متشابهة في النهج والأدوات، وضعت موضوعيا قوانين "لعبة اشتباك" سياسي وعسكري، خلقت شروط تساوق صعود حماس وتحوّلها إلى قوّة عسكرية وسياسية أولى في ميزان قوى الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، وصعود اليمين المتطرف لإسرائيلي وتحوّله إلى العامل الرئيسي في صنع القرار الرسمي الإسرائيلي.
(٢)- المرتبطة أوّلا بجهود التطبيع الإقليمي التي أعقبت "اتفاقيات ابراهام للسلام" خلال ٢٠٢٠، وما نتج خاصة عن "منتدى النقب" خلال ٢٠٢٢من خطوات وإجراءات تطبيع شامل بين إسرائيل ودول "سلام إبراهام"، ثمّ تعثّر مسار التطبيع الإقليمي عند عقدة العلاقات "السعودية / الإسرائيلية"، وما تمارسه الولايات المتّحدة من ضغوط على الحكومة الإسرائيلية لفرض تسوية سياسية فلسطينية تلبّي شروط قيام تطبيع كامل مع السعودية؛ والمرتبطة ثانيا بتجاهل جميع المفاوضات السياسية والأمنية التي قادتها واشنطن في لقاءات عمان والقاهرة بين "إسرائيل" و السلطة الفلسطينية لوجود حماس، وتنكّرهم لأي دور "سياسي/ أمني" يمكن أن تلعبه في إطار الصفقات السياسية الجاري ترتيبها برعاية أردنية مصرية، ودعم سعودي، سواء لجانب السلطة الفلسطينية أو كبديل عنها، وتجاهلهم لوقائع سيطرة حماس على غزة، وما تملكه من قوّة عسكرية، ودعم إقليمي، تجعل منها طرف رئيسي في المفاوضات، و وضع ترتيبات تسوية سياسية.
(٣)- هل نجحت قيادة حماس في تفادي الضغوط التي تمنع تنفيذ هجوم طوفان الأقصى ،سواء من خلال عدم التنسيق مع شركائها في طهران والضحية البيروتية ، أو من خلال مباغتة العدو ؟ لقد ذكرت مصادر إيرانية رفيعة المستوى عدم معرفة القيادة الإيرانية بتوقيت وطبيعة الهجوم ( وهو ما أكّدته تصريحات الرئيس بايدن)،كما أكّد السيد حسن نصر الله أن قرار الهجوم كان " فلسطينيًا "
(٤)- لقد نجحت "لعبة الاشتباك" التي تُديرها مع جيش الإحتلال منذ مطلع ٢٠٠٨، وما تؤدّي إليه من نوبات متتالية من الحروب الغير متكافئة، في انتزاع شرعية سلطتها الفلسطينية على قطاع غزة، أكثر مما نجحت في تحرير وبناء شبر واحد من التراب الوطني الفلسطيني، كما ونجحت لعبة "التحالفات- التشبيك" التي نسجتها مع أنظمة المقاومة الإقليمية في تثبيت سلطتها في مواجهة السلطة الفلسطينية "العميلة" وبالتالي تعزيز شروط تقسيم الفلسطينيين بين كيانين سياسيين متصارعين على التمثيل السياسي الوطني، وبرّرت سياسات دولة الاحتلال الرافضة لقيام حل سياسي، وحرمت الفلسطينيين من بناء سلطة سياسية موحّدة، و سبل بناء مقوّمات مشروع وطني ديمقراطي محلّي يوفّر للفلسطينيين شروط الأمن والحياة الكريمة، وحصرت سقف حلم الفلسطيني بالعمل كأجير داخل الخط الأخضر. لقد أدّى ربطها لقضية الشعب الفلسطيني المركزية، الوطنية التحررية والديمقراطية، بمشروع "إسلامي" عابر للحدود إلى تهميش الطابع الوطني الديمقراطي للقضية الفلسطينية، وإضعاف روابط وشروط بناء الهوية الوطنية والقومية للفلسطينيين، وسمح للقوى الإقليمية "الإسلامية" بتجيير تضحيات الفلسطينيين وحقوقهم المشروعة لصالح أهدافها الخاصّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة متفاقمة للفلسطينيين وتعثر التهدئة بسبب مواقف نتنياهو 


.. مصرع المئات بعد فيضانات مدمرة في أفغانستان ?




.. مشاهد لنسف الجيش الإسرائيلي بقايا مطار ياسر عرفات الدولي شرق


.. حزب الله: هاجمنا 3 أهداف إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة وثك




.. يوم ملتهب في غزة.. قصف إسرائيلي شمالا وجنوبا والهجمات تصل إل