الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوى أجر المثل بين الشركاء في العقار بين القانون المدني والشريعة الإسلامية ح4

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 11 / 22
دراسات وابحاث قانونية


أما شرعا فقد عرف الغصب على ما يؤخذ من الإجماع الفقهي على المفهوم هو (الغصب هو أخذ حقّ الغير بغير حقّ)، فهو إذا حق محمي مأخوذ جبرا وقهرا وظلما وعدوانا، وبالتالي هنا كما في القانون يشترط أولا في إظهار المغصوبية هو المطالبة بالحق كشرط لبيان حالة الغصب، فالسكوت أو عدم الرغبة في المطالبة تعني شيء واحد وهو القبول بالحالة التي تنفي حالة الغصب، إذا الغصب هو (إذًا هو حقّ يتملّكه مالك معروف وظاهر ومدعي بحق له بسند شرعي، قد تعب فيه حتى حصّله، وأتى آخر جريء لا يراعي حدود الله ولا حقوق العباد وتعدّى على ما ليس له بحقّ فأخذه ظلمًا وعدوانًا)، ومن تعريف الحق شرعا نجد أنه بمعنى (سلطان المالك على ملكه في أستعماله بدون معارضة أو تعدي)، فلو عورض الملك لجأ للقضاء للفصل فيما عورض به وأولها المطالبة برد المغصوب حتى لا يقال أنه تركها عن طيب نفس ، وهنا يكون حكم القضاء أما تأييد حق الملكية للمالك وإثبات واقعة الغصب، أو تعديل أو تبديل أو تغيير نوع الحق طبقا للأوضاع التي يكشفها حكم القضاء.
من التعريف الشرعي الفقهي نستخلص أن الغصب هو من الأفعال المحظورة والمحذورة كونها تقع في دائرة المحرم الشرعي المؤكد، ولأنه يقع أيضا بين دائرة الظلم والباطل ودائرة أخذ مال الغير بدون وجه حق، فيكون الغصب إذا حرام شرعا لا يبرئ منه إلا الرد مع التعويض أو الرد مع العفو أو البراءة من المالك، وحتى يكون وصغ الفعل بالحرام يشترط أن يكون أولا أن الغاصب غير غافل عن فعله بتنبيهه من قبل المالك أو المطالب بالحق، والشرط الأخر أن يمتنع عن الأستجابة والرد، هنا يشترك أيضا المفهوم الشرعي مع المفهوم القانوني واللغوي بشرط المطالبة والتنبيه وإلا لم يعد غاصبا ولا يحق للمالك أو صاحب الحق المطالبة بأجر المثل إلا من تاريخ ثبوت المطالبة بالحق المغصوب، فهنا أوجب القانون عندها قيام مسؤولية الغاصب عن الضرر الذي ينشأ عن غصب حق أو مال الغير، وهو وجوب تحقق الضرر المباشر في المال و حرمان صاحبه من الانتفاع به، إذ قرر الشرع والقانون إلزام الغاصب برد المال المغصوب عينا بحالته التي كان عليها عند الغصب وفي مكان غصبه، وضمان رد منافعه المتمثلة باجر مثله، وضمان زوائده وأي تعويض آخر يكون له محل.
إذا طالما نحن نتكلم عن الغصب فذلك يعني أننا نشير لوجود ضرر يمس مالك أخر هو أما من غصبت ملكيته جزأ أو كلا أو تعدى العصب على حقوقه، مع هذه الحالة عندما نشير للصرر لا بد أن نرى كيف عالج القانون المدني العراقي صور الضرر الذي مس حق قانوني، والقاعدة الشرعية المعتمدة في القانون كما في الشريعة أن التصرفات التي يؤتيها أي شخص يجب أن لا اؤدي إلى ضرر وأن لا تنتج ضرار على صاحبها ومن باب أولى الضرر على الغير، فأساس مسؤولية الشريك المالك عن المضار التي تأت من الغصب أو أثاره على شركائه هي جوهر فضية الغصب، فقد اختلف الفقه بشأنها الى ثلاثة اراء:.
1. راي يرى فيها أنها ضمن ما يعرف بالتعسف في استعمال الحق.
2. وأخرون يرون أنها نتاج الخطأ الشخصي في التقدير.
3. وراي أخير يقوم على اساس أنها ضد التزام قانوني يفرضه القانون بعدم الاضرار بالشريك.
مثلا تقضي المادة (7 ) القانون المدني العراقي في "1- من استعمل حقه استعمال غير جائز وجب عليه الضمان"
2- ويصبح استعمال الحق غير جائز في الاحوال الاتية:.
ا- اذا لم يقصد بهذا الاستعمال سوى الاضرار بالغير.
ب- اذا كانت المصالح التي يرمي هذا الاستعمال الى تحقيقها لا تتناسب مطلقا مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
ج- اذا كانت المصالح التي يرمي هذا الاستعمال الى تحقيقها غير مشروعة "ويتبن من هذه المادة ان الحالات التي يعتبر الشريك المالك متعسفاً في استعمال حقه هي :
I. قصد الاضرار بالشريك: قد لا يقصد صاحب الحق من استعمال حقه تحقيق منفعة له وانما يقصد الاضرار بشريكه بما يكنه من سبب ما.
II. رجحان الضرر على المصلحة رجحانًا كبيراً قد يكون لصاحب الحق مصلحة في استعمال حقه لكن هذه المصلحة كعدم ترك الأرض الزراعية بدون زراعة أو إهمالها، هنا لا يبرر هذا الاستعمال حق الأخرين في الأنتفاع بالعين المشاعة أو المصلحة المشتركة إن أرادوا هم أيضا فعل ذات الشيء مع قدرتهم وجديتهم عليه ما لم يكن العقار أو العين غير مؤهلة للأنتفاع المشترك، فمصلحة شريك واحد مع حرمان بقية الشركاء مع أستعدادهم وقابلية العقار على ذلك تكون مصلحة فردية لكونها قليلة الاهمية الى ما يصيب شركائه من ضرر بسببها.
III. عدم مشروعية المصلحة التي يرمي صاحب الحق الى تحقيقها، وتعتبر المصلحة غير مشروعة اذا كانت مخالفة للقانون او النظام العام او الآداب العامة ،كأن يخصص الملك المشترك بما لا يتفق مع معتقدات أو أراء أو مصلحة الشركاء الأدبية والقانونية أو الأجتماعية.
وممن ما تقدم يرجح الفقهاء القانونيين العراقيين أن الصرر الناتج عن تصرف الشريك الغاصب في العين المشتركة أو المصالح المشاعة يقوم بشكل رئيسي على "تصرف ضد التزام قانوني يفرضه القانون عند وضع الملكية في دائرة الأحترام والحماية"، ولا يرى أن فيها خطأ شخصي أو بشكل أقل تعسفا في أستعمال الحق، فالنظرية الأخيرة يمكن فهمها أو تبريرها غي حالة كون المالك يمارس حقا قانونيا صرفا لكن أثاره تتعدى بشكل أو بأخر على شخص غريب عن هذا الحق كما في حالة ما نصت الفقرة الثانية من المادة (1091) مدني عراقي "ومع ذلك ليس للمالك ان يهدمه مختاراً دون عذر قوي ان كان يضر الجار الذي يستتر ملكه بالحائط" والمادة (1060) منه " لكل مالك ان يسور ملكه على ان لا يمنع ذلك استعمال حق لعقار مجاور" .
هذا التبرير الذي ينهض في القانون العراقي لمواجهة حالات الغصب الناشئة من التصرفات الجارية على الأعيان المشتركة أو المشاعة من قبل شريك أو مجموعة شركاء ضد شريك أو مجموعة شركاء تبنى على نص قانوني أو ألتزام فرضه القانون، أي تطبيقا لمبدأ لا مسئولية بدون إلتزام سابق أو ما يقابلها في القانون الجنائي "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" وبمقابلها الشرعي " ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، فالمسئولية عن الضمان عن الضرر المتأت عن غصب إذا يشترط لها المقومات التالية":.
أ‌. نص ملزم.
ب‌. تصرف مخالف للنص ينتج ضرر.
ت‌. علاقة بين الفعل والضرر.
ث‌. مطالة برفع الضرر أو التعويض عنه.
وكما بينا أشتراط النص قبل وقوع التصرف أساس وركن مهم ينعدم بإنعدامه ما ينتج عن مخالفته، أو تنشأ بسبب المخالفة حالة الضرر، أما التصرف الغصبي فقد تكلمنا عنه سابقا في أن يكون شرطه الوحيد أنه جاء بناء على مخالفة النص، ولا يخضع الضرر الناتج عن التصرفات الغير متعدية على النص أو مخالفته لهذا الحكم كما في تصور وقوع ضرر من مطابقة التصرف للجواز القانوني، فقد يكون الاستغلال الذي قام به المالك واضر بجاره مرخصاً به من جهة ادارية أو مسموح به قانونا أو مباح بشكل طبيعي، كما في إنشاء المحلات المقلقة للراحة او المضرة بالصحة او الخطرة، ان الترخيص الاداري لا يحول دون قيام مسؤولية المالك عن الضرر الفاحش الذي يلحق الجار مثلا، لان الترخيص لغرض ضمان توفر شروط معينة لمباشرة انواع معينة من الاستغلال.
الشرط الثاني بعد حصول التصرف المخالف للنص ونتيجته الموثقة أو البينة بدون شك أو أحتمال أو ظن، هو أن تكون هناك علاقة سببية بين الفعل أو التصور المخالف مع النتيجة التي تمثلت في حالة الضرر، وأن ترتبط به أرتباط العلة والمعلول السبب والمسبب، فلا يكفي فيها تقدير الظن أو الشك أو الأحتمال إلا إذا كان ذلك فعلا يؤدي إلى وقوع ضرر محتمل بشكل كبير أو منطقي، كما في حالات وجود بناء أيل للسقوط يمتنع المالك من إجراء ما يلزم له ألتزاما بالقانون لحماية الأغيار، هنا الضرر أحتمالي ويعود تقديره لأصحاب الخبرة وبموجب نزاع قضائي أصولي، كل ذلك لا يمكن أن يتدخل القانون والقضاء في الأمر ما لم يرفع إليه النزاع بناء على طلب المتضرر ولمصلحته دون أن يمنع القانون حالات منفردة من تدخل جهات غير مالكة أو غير متضررة لمصلحة جهة كما في قانون رعاية القاصرين.
عند أكتمال عناصر المسئولية التقصيرية عن مخالفة نص قانوني ملزم ويرفع الأمر للقضاء، تجري المحكمة تحقيقاتها على كل نقطة على جده وبالتسلسل المنطقي، لبيان وتقدير الحكم بناء على قواعد المصلحة والخصومة، ثم تعهد بذلك الأمر للجهة الفنية التي بخبرتها تقدير وقوع الضرر ومقدار الضمان التعويضي الذي هو محل تقدير كامل للمحكمة بسلطتها التقديرية أيضا، وعند ثبوت قناعة المحكمة في توجه محدد تصدر قرارها وفقا للأصول وأحكام القانون بالصيغة والشكل والأسلوب القانوني، وعند أكتساب القرار درجة " القطعية" الثبوت والنهائية، تكون المحكمة قد أعادت الحق لنصابه وفقا لما تخضع هي له أيضا من أصول وأحكام تنظيمية يجب مراعاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية