الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة العراقية بين الحل السياسي والحل العسكري

حكيم أحمد حميد

2006 / 11 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ الأيام الأولى لتولي حزب البعث العربي الأشتراكي السلطة في العراق بأنقلاب عسكري دموي في 17-30 تموز من عام 1968 , كانت تعيش هاجس الخوف من فقدانها السلطة وتكرار تجربتها الفاشلة في 8 شباط عام 1968 , لذلك أتبعت سياسة القبضة الحديدية والتصفيات الجسدية لكل الأشخاص والجماعات التي كانت ترى في وجودها وأستمرارها تهديدآ لتثبيت سلتطها , لذلك لم تكن تتردد في أتخاذ قرارات عمليات التصفية أو في تنفيذها , وكثيرآ ما طالت عمليات التصفية أعضاء من السلطة الحاكمة نفسها , وبدأتها بتصفية مجموعة من الذين شاركوا في عملية الأنقلاب , وهي في أسبوعها الثاني في الحكم . أن هذه السياسة الدموية , أصبحت ممارسة دائمة للتعامل مع المعارضين لسلطتها طيلة سنوات حكمها .
كان لصدام حسين الدور الرئيسي والقيادي في عمليات التصفية , تمهيدآ لحكم فردي دكتاتوري , ومن أجل ذلك قام بتأسيس عدد من الأجهزة الأمنية القمعية , كل واحدة مستقلة عن بعظها الآخر ومراقبة لها , حتى وصل الأمر بأن أصبحت هذه الأجهزة هي الحاكمة الفعلية في العراق , لا توجد من يردعا على كل ما تقوم بها من جرائم قتل وترهيب دون محاكمات , بحيث أصبحت فوق الدستور والقانون والمحاسبة .
هذه السياسة القمعية ولدت وزرعت الى حد كبير يأسآ في نفوس العراقيين بكافة أطيافها , بأستحالة التخلص من النظام بالأرادة الذاتية , وخصوصآ بعد محاولات فاشلة لعمليات الأطاحة بالنظام , سواء من داخل المؤسسة العسكرية او من داخل القيادة السياسية لحزب البعث نفسها , بحيث أصبح تغيير النظام حلم من الأحلام الوردية الغير قابلة التحقيق للعراقيين .
أن أستمرار النظام السابق لأكثر من ثلاثة عقود , ومع وجود هذا الأحساس باليأس من أمكانية التغيير , جعل من أطراف المعارضة التي نشطت كثيرآ في أعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991 , جعل همها وتفكيرها الوحيد تتركز في هدف رئيسي وهو أسقاط النظام , دون التركيز لما بعد السقوط , لذلك كانت تفتقر لبرنامج عمل سياسي واضح لما بعد التغيير والأوضاع التي تتولد عن هذا التغيير . وجاء التغير بتدخل خارجي عن طريق غزو مباشر وحصلت من أوضاع, ما لم يكن متوقعآ للعراقيين وحتى للأمريكان نفسهم .
( ما لا يمكن الحصول عليه على طاولة الحوار , يمكن الحصول عليه عسكريآ ) , أن الأنفلات الأمني والقتل على الهوية والصراع الطائفي وكل ما يجري على الساحة العراقية من جرائم أرهابية , تعود الى فشل العملية السياسية برمتها , فالأطراف الداخلة في العملية السياسية ومن هم خارجها يلجأون الى العنف والأرهاب عندما لايحققون أجندتهم السياسية , لعلهم يكسرون شوكة المقابل ويحصلون على المزيد من التنازلات من الطرف الآخر , وهكذا تستمر العنف والعنف المضاد , والتي أحرقت الأخضر واليابس وباتت تهدد العملية السياسيى برمتها وحتى مستقبل لعراق .
أذا كان لا بد من الخروج من هذه الدوامة على الأطراف العراقية , أن تغير من العقلية السياسية التي تسيطر عليها في تعاملها مع المشكلة العراقية , هذه العقلية التي تعتمد وتحافظ على أجندة ومصالح خارجية , أكثر مما هي عراقية , أن هذا التغيير يجب أن يشمل كل مكونات الأطياف العراقية , فالعرب الشيعة في العراق ما زالت تعمل ضمن برنامج عمل قائم على حقهم في أسترجاع والأحتفاظ لحقهم المسلوب للسلطة منذ أكثر من ثمانية عقود , بل أن من فيهم يعود به الى أبعد من ذلك بكثير , الى أيام الأمام علي والحسين , وفيهم من ينتظر الأمام المهدي ليعيد الأمور الى نصابها وينشر العدل والمساواة . أما العرب السنة ما زالوا يعيشون تحت وطأة فقدانهم السلطة التي أستحوذوا عليها منذ أكثر من 80 عامآ في ظروف دولية خاصة راعت فيها مصالح دولية أكهر من مراعاتها لمصالح كونات العراق , وطيلة عمر الدولة العراقية مارست السلطة بشكل بعيد عن العدالة والتسامح.
أما الأكراد , ونتيجة للظلم التأريخي التي وقع عليهم , أخذوا ولأول مرة في أستغلال الظروف الدولية المناسبة نسبيآ , لكي يستعيدو ولو قليلآ بعض من حقوقهم التأريخية على أرضهم و ما زالوا في حالة ترقب من التغيرات القادمة للقيام بخطوات أكثر جرأة , والتي تعتمد على ما تصل اليه العملية السياسية بين الطرفين الرئيسيين , العرب السنة والشيعة .
للعراق أبوابآ مفتوحة على دول كثيرة طامعة وحاقدة عليها , ولا تريد لها الأستقرار , وأخذت تستغل معظم الأطراف العراقية , للتدخل في شؤونها الداخلية بحجة حمايتها , في الحقيقة فأن هذه الدول لا تسعى الآ الى تحقيق الأطماع والمصالح الخاصة بها و نتيجة لذلك أصبح العراق ساحة لتصفية حسابات كثير من هذه الدول , وللأسف يساهم كثير من الأحزاب العراقية في تنفيذها على حساب مصالح وحياة العراقيين .
لذلك وبعد أكثر من ثلاث سنوات من العنف والصراع الطائفي , ويعد أن وصل الى ما وصل ليه العراق , أعتقد أن على كافة الأطراف السياسية فيها , أن أرادت أن ترى العراق دولة قابلة للحياة والأستمرار , وأن تخطوا أولى خطواتها نحو السلام وأعادة البناء , عليها أن تعترف بأن مشكلة العراق سياسية وليست أمنية , وان الأنفلات الأمني ما هي الآ نتيجة لفشل العملية السياسية , وأن الحل العسكري سوف تزيد من عمق المشكلة , لذا على هذه الأطراف أن تفتش في سياسي تؤمن بالتعايش و تقبل الآخر , وأن يتخذوا من العراق وطنآ للجميع ويتعايشوا فيه كمواطنيين متساويين , بعيدآ عن معايير الأقلية والأكثرية , وحق مسلوب وحق مكتسب , وأن يبتعدوا عن ممارسات تخدم أجندة خارجية . والآ فالطريق الوحيد أمامهم ومجبرين عليه , يل يفرض عليهم من الخارج , هو حل التقسيم والأنتهاء من هذه الدولة التي لم ترى الأستقرار والسلام منذ تأسيسها , وأعتقد يأن هذا التقسيم - على الأقل في المنظور القريب – لا يخدم أي طرف , وحتى الأكراد الذين هم أكثر ما عانوا من الأضطهاد في ظل هذه الدولة نتيجة الألحاق القسري , والذي يبدو بأنهم الوحيدين المستفيدين من هذا التقسيم , حتى هم يمكن وفي ظل الظروف الأقليمية والدولية الراهنة أن يفقدوا كل كل ما حصلوا عليه منذ 15 عامآ .

18-11-2006
النرويج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش