الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق العدوان الصهيوني على قطاع غزة

محمود جديد

2023 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


=========================

لا يزال الهدف من إنشاء الكيان الصهيوني مستمراً ، والتحالف الإمبريالي - الصهيوني حقيقة مجسّدة أمام كل ذي بصيرة ، وقد ترسّخت أكثر فأكثر عقب طوفان الأقصى ، وشاهدنا كيف أسرع قادة الغرب الاستعماري لزيارة تل أبيب للتعبير الواضح الجليّ عن دعمهم لحكومة نتنياهو الفاشية في حربها مع حماس ، وكيف حرّكوا أساطيلهم استعداداً لدعمها ، ولردع أي طرف آخر عن نجدة حماس. وبالمقابل فإنّ جرائم الكيان الصهيوني في غزة والضفة الغربية التي لامثيل لها في التاريخ قد حرّكت وجدان كلّ حر شريف في العالم ، ووسّعت دائرة المتعاطفين مع القضية الفلسطينية.. ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل ستتوسّع الحرب في غزة لتصبح إقليمية ؟

تفدير موقف موجز :على الصعيد العربي والإقليمي، والدولي :

1 - وجود سلطة فلسطينية مدمنة على التنسيق الأمني مع الكيان الصهيونى، وترفض العمل المسلّح ضدّه، ولا تزال متمسّكة باتفاق أوسلو المشؤوم ، وهي في أعماقها تتمنّى الهزيمة لحماس ، وموقفها الراهن أقل من المطلوب، ويقال عن مصادر إسرائيلية إنّ /حسين الشيخ / المسؤول عن التنسيق الأمني أبلغ العدو باستعدادات حماس قبل طوفان الأقصى .. ولكنّ الموقف الحقيقي الواضح لرئيس السلطة سنسمعه بعد وقف إطلاق النار ، وكم سيهاجم قادة حماس إذا استطاع العدو تحقيق بعض أهدافه ، غير أنّ الشعب الفلسطيني العظيم في الضفة الغربية بأغلبيته الساحقة جاهز للتضحية والفداء من أجل قضيته، ونجدة غزّة ، وقد قدّم 227 شهيداً ، واعتقال أكثر من ثلاثة آلاف من الشباب الفلسطيني حتى الآن ، فكل شاب فلسطيني مستهدف باعتباره مشروع مقاوم ، وفي ظلّ هذه الأوضاع ، والتطورات في غزة تجعل الظروف مهيّأة لانتفاضة عارمة في الضفة .. أمّا الفلسطينيون في المناطق المحتلة منذ عام 1948 فدورهم الإيجابي أكيد عند نشوب حرب واسعة ..
وبالنسبة للدول المجاورة لفلسطين المحتلة، فنرى مصر الدولة العربية الأقوى عسكريّا كيف أخرجها اتفاق /كامب ديفيد الخياتي / من دائرة الصراع العربي الصهيوني ( مع الأسف والمرارة ) ، وتحوّلت إلى وسيط، إضافة إلى وجود سلطة فيها لا تتمتّع بالمواصفات المطلوبة القادرة على نجدة الشعب الفلسطيني، غير أنّ فظاعة مايجري من جرائم ، والضغط الشعبي المصري العظيم على قيادتها ، وربّما بعض أوساط الجيش أيضاً ، قد يجبر السيسي على اتخاذ موقف ضاغط متصاعد على حكومة نتنياهو الفاشية من أجل وقف إطلاق النيران …
أمّا في الأردن الذي له حدود طويلة مع فلسطين المحتلة، وذات طبيعة طبوغرافية ملائمة للكفاح المسلّح ، فهو مكبّل أيضاً باتّفاق وادي عربة ،وأُقيم نظامه من الأساس ليشكّل حاجزاً لحماية الكيان الصهيوني ، وهو لن يسمح بدخول متطوعين أردنيين، أو غيرهم من العبور إلى الضفة الغربية المحتلة،على الرغم من موقف الشعب الأردني المساند بقوة للنضال الفلسطيني، ولكنّ النظام الأردني قد يرفع سقف التهديدات من قِبَل مسؤوليه، ويتخذ بعض الخطوات الضاغطة على الكيان الصهيوني . .
وفي سوريّة نجد أربعين بالمائة من أراضيها محتلة في السنوات الأخيرة ، إضافة إلى الجولان المحتلّ منذ 1967 ، والسلطات الحاكمة تقف عاجزة عن الدفاع عن نفسها تجاه الاعتداءات المتكررة من الكيان الصهيوني ، كما أنّ الوضع المعيشي المأساوي بسبب الفساد، وتدمير البنية التحتية، والحصار الظالم المفروض عليها .. الخ وبالتالي، فهي غير مستعدة - حسب تقديري -لخوض حرب واسعة ، ولكنّها قد تغض الطرف عن إجراء عمليات فصائل مقاومة ضد العدو الصهيوني من حدودها ، ولكن إذا نشبت تلك الحرب فلن تستطيع الوقوف على الحياد .
وأخيراً في لبنان نجد السلطات فيه والجيش ، والأغلبية الساحقة من الشعب لا يريد الدخول في حرب واسعة، كما يعيش ظروفاً سياسية واقتصادية بائسة ، ولذلك فالمقاومة الإسلامية في موقف صعب جدّا في خياراتها ، واكتفت باستنزاف العدو ومتدرّج بالتصعيد ونوعية الأسلحة المستخدمة، ممّا أربك العدو في الشمال ، وجمّد قسماً كبيراً من قواته على هذه الجبهة ، وقد قدّمت حوالي 80 شهيداً حتى الآن ، وفي الوقت نفسه، ساعدت كتائب القسام ، وسرايا القدس على إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية وصلت إلى القرب من حيفا ، ومن المحتمل أن يكون قد زودها بهذه الصواريخ من ترسانته الصاروخية .. كما أنّ كلّ الاحتمالات واردة إذا احتاجت كتائب القسام في غزة لذلك، وهنا أرجّح تصعيد الموقف باتجاه منازلة صاروخية تطال أعماق فلسطين المحتلة إذا شعر أنّ المقاومة في غزة أصبحت في وضع حرج ..
وهناك حكومة صنعاء التي أجمعت أطرافها ، وجماهير شعبها على الإسراع في نجدة غزّة ، وهي مستمرة في ذلك.. أمّا الدول الخليجية فمعظمها مطبّعة مع الكيان الصهيونى ، أو بحكم المطبّعة، ولا يؤمل منها خيراً في المنظور القريب أكثر من تقديم المساعدات الإنسانية، والتحركات السياسية من أجل وقف إطلاق النيران ..
وفي العراق فالسلطات الرسمية قد لا تكون متحمّسة للمشاركة في البداية بأيّة حرب ، ولكنّ موقفها قد يصبح أفضل لاحقاً إذا جدّ الجدّ ، غير أنّها غضّت الطرف عن تنظيمات إسلامية تشارك فعلياً ضد القواعد الأمريكية في العراق وسورية ،وأخيراً وصلت صواريخها إلى إيلات وهذا على غرار حكومة صنعاء ( أي التنظيمات ).
أمّا الدول العربية في أفريقيا ، فالجزائر هي الدولة الوحيدة المؤهلة حكومة وشعباً لتلبية نداء واجب نجدة فلسطين ، ولكن ماهي الطرق والأساليب لتحقيق ذلك دون موافقة مصر .. غير أنّ هناك احتمال كبير في قدوم متطوعين منها للانضمام إلى أي حرب واسعة طويلة ضد الكيان الصهيوني ..
2 - وهناك الدول الإقليمية ، حيث توجد إيران التي لعبت دوراً سابقا مهمّا في دعم المنظمات المقاومة في غزة ، ولبنان بالمال والسلاح والتدريب، والخبرة ، ولكنّها لن ترسل قوات مسلّحة نظامية للمشاركة في أي حرب ، غير أنّ فيلق القدس ، وفصائل شيعية تشارك في القتال داخل سورية مؤهّلة لنجدة الشعب الفلسطيني في حرب واسعة .. أمّا بالنسبة لبقية الدول الإسلامية الإقليمية فلن تشارك في حرب واسعة ، ولكن قد يشترك متطوعون من أبناء شعوبها عند نشوب تلك الحرب .
3 - وعلى الصعيد الدولي : فالغرب الاستعماري بقيادة أمريكا إضافة إلى ماورد في المقدمة ، فإنّ ( إسرائيل ) هي بمثابة حاملة طائرات متقدمة في الشرق الأوسط، كما وصفها روبيرت كندي جنيور في معرض إبراز أهميتها، وهذا الغرب لن يتخلّى عن الكيان الصهيونى ، على الرغم أنّه لا يريد توسيع الصراع ، ولذلك قد يبتدئ بالضغط على الحكومة الصهيونية كي توقف عدوانها بعد فشلها في تحقيق هزيمة حماس خلال شهر ونصف ، وهاهو وزير الدفاع الأمريكي متواجد الآن في تل أبيب ربّما لتقدير الموقف الراهن ، وكبح جماح نتنياهو المسعور .. كما أنّ الضغط الشعبي في دول الغرب الاستعماري قد يملي عليها بعض المواقف ( الإنسانية ) تجاه عزة .. ولكن عند نشوب الحرب الواسعة فستتدخل لنجدة العدو الصهيوني ..
أمّا روسيا فموقفها المساند للعرب سيبقى محصوراً داخل مجلس الأمن ، وبالموافقة على بيع بعض الأسلحة ، وتقديم المساعدات الإنسانية ، هذا إضافة إلى أداء دور نشط على الصعيد السياسي الدولي لإيجاد الحلول ..
4 - العدو الصهيوني : إنّ طوفان الأقصى أذلّه ، وأنزل به خسائر كبيرة بالجنود والضباط والأسرى ،وفي يوم أحد لم يشهد له مثيلاً في تاريخه منذ عام 1948 ، وقد وصفه نتنياهو بأنّه يوم أسود في تاريخ ( إسرائيل )، ولذلك أسرع في إعلان الحرب ، واستدعاء 360 ألف من قواته الاحتياطية ، وهو لم يستطع حتى الآن تحقيق أهدافه من العدوان الإجرامي على غزّة، وفي الوقت نفسه، فإنّ ضغوط التناقضات الداخلية ، وموضوع استرجاع الأسرى، وقضايا الفساد تلاحقه، ومصيره متوقّف على تحقيق أيّ إنجاز من عدوانه على غزة يحفظ به ماء وجهه .
وعلى كلّ حال وكيفما تطورت الأمور ، فإنّ مقاومة غزة صنعت عدة معجزات وهي :
- إقامة شبكة الأنفاق ( 500 كم ) معجزة بتخطيطها ، وحفرها ، وعمقها ، وكمية الإسمنت المسلّح اللازمة ، وخاصة أنّ إدخال هذه المواد تمّت تحت قيود ورقابة صارمة في ظلّ الحصار المفروض على غزة .. وجرى هذا كلّه بسريّة .
- القدرة على التزوّد بالسلاح والصواريخ ، وثمّ صناعتها محليّاً ، وتطوير ماحصلت عليه من الأطراف الداعمة لها ، وتكديس كميات كبيرة منها تكفيها لأشهر .
- معجزة تنفيذ عملية طوفان الأقصى التي لا مثيل لها في التاريخ ، وما حققته من خسائر بالعدو الصهيوني، وما حصلت عليه من وثائق سرية لاتُقدّر بثمن، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من الأسرى والمخطوفين، وهذا كلّه في أقل من يوم واحد.. إضافة إلى نتائجها السيكولوجية السلبية العميقة على نفوس الإسرائيليين .
- معجزة الصمود أمام وحشية وهمجية وفاشية العدوان الصهيوني ، واقترافه كلّ أنواع الجرائم طيلة هذه المدّة ، على الرغم من حجم الخسائر بالأرواح والممتلكات والبنية التحتية التي لحقت بقطاع غزة ،.
وأخيراً ، نستطيع القول : إنّ توسّع الحرب مرهون بالوضع الميداني في غزة ، ومدى قدرة كتائب القسام على الصمود، ومدى الضغوط العربية والدولية الرسمية والشعبية على حكومة الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار .
أمّا موضوع الشروط اللازمة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر والذي هو قادم، ولكن لم يأتِ أوانه بعد ، ( ولا ألوم أحداً على الاستعجال ، لأنّ عواطفنا ورغباتنا جميعاً قد تقفز أحياناً فوق الواقع الموضوعي ) وهذا ماسأتابعه بمقال مستقّل آخر ..
في 22 / 11 / 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات